Print this page

للحديث بقية بعد استهداف القواعد الأمريكية في الخليج ...الى أين تسير المنطقة؟

منذ الهجوم الأمريكي على المنشآت النووية الإيرانية وسعت طهران

نطاق أهدافها وتوعدت بـ"عمليات قوية وغير متوقعة" . كما هدّد عديد الساسة في ايران برد يتعدى كل الحدود بسبب الاعتداء الأمريكي على دولة ذات سيادة عضو في الأمم المتحدة .

ولم ينتظر الرد طويلا فأمس كانت ليلة حبلى بالمفاجآت الإيرانية ، ففي خطوة غير مسبوقة ضربت صواريخ باليستية قاعدة العديد الأمريكية في قطر بكل ما يمثله ذلك من اتساع لدائرة المواجهة في الإقليم ونقل ساحة المعركة بين طهران وتل ابيب الى باقي دول الاقليم .
وكان اللواء عبد الرحيم موسوي، رئيس هيئة الأركان الإيرانية، قد أكد أن الولايات المتحدة بهجماتها دفعت القوات المسلحة الإيرانية للقيام بأي عمل ضد المصالح الأمريكية، مشيرًا إلى أن الرد الإيراني لن يعرف حدودًا، وأن التراجع غير وارد بعد انتهاك السيادة. وواصلت ايران الزخم نفسه بهجمات جديدة من المسيرات المزوّدة برؤوس مضادة للتحصينات، ونجحت معظمها في إصابة أهداف داخل "الأراضي المحتلة" بحسب تقارير إخبارية ايرانية .
وبالتزامن أعلن الحرس الثوري الإيراني انطلاق الموجة الحادية والعشرين من الهجمات باتجاه أهداف عسكرية في "حيفا" و"تل أبيب"، باستخدام صواريخ تعمل بالوقود السائل والصلب وطائرات مسيّرة، مع تكتيكات لاختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية، فيما وصفت وسائل إعلام إسرائيلية هذا الهجوم بأنه "الأطول منذ بدء الحرب" . وفي المقابل شن جيش الاحتلال هجمات بطائرات مسيّرة على 6 مطارات إيرانية.
وداخليا تسعى ايران الى امتصاص حجم وتداعيات الضربة الأمريكية ولملمة البيت الداخلي الإيراني ومواجهة التغلغل الاستخباراتي الصهيوني عبر المسارعة في محاكمة المتهمين بالتعاون مع "إسرائيل"، لما لذلك من تأثير ردعي خاصةً في ظل ظروف الحرب القائمة . وقد تم الإعلان عن اعتقالات جديدة بتهمة التعاون مع العدو. ولعل التساؤل الذي يطرح نفسه هو هل أثرت الضربات الأمريكية على طموحات ايران النووية او على مشروعها النووي . فما صدر عن تصريحات عن عديد الساسة في ايران يؤكد بأن المشروع لم يمسّ وبانه تم نقله الى أماكن آمنة . وطالب مدير وكالة الطاقة الذرية رافاييل غروسي إيران بالكشف عن مكان نقل اليورانيوم المخصب بعد الضربات الأمريكية والإسرائيلية على مواقع نووية، مشدداً على ضرورة تفتيش دولي لتقييم الأضرار وضمان الالتزام باتفاق الضمانات.
اما عن وضع المنشآت التي تعرضت للعدوان، فقدم المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي أمام مجلس المحافظين ما لدى الوكالة الدولية من معلومات حول وضع المواقع النووية الإيرانية عقب الهجمات الأمريكية . وقال إنّه "تُرى الآن حفرٌ في موقع فوردو، الموقع الرئيسي الإيراني لتخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، ما يُشير إلى استخدام ذخائر خارقة للأرض. وهذا يتوافق مع التصريحات الأمريكية".
وأشار إلى أنّه "في الوقت الحالي، لا أحد، بما في ذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قادر على تقييم الأضرار الجوفية في فوردو بشكل كامل. ونظراً للحمولة المتفجرة المستخدمة، والطبيعة شديدة الحساسية للاهتزازات لأجهزة الطرد المركزي، يُتوقع وقوع أضرار جسيمة للغاية".
وبشأن موقع" أصفهان" النووي، قال غروسي، إنّ "مباني إضافية تضررت، وأكدت الولايات المتحدة استخدامها صواريخ كروز. وتشمل المباني المتضررة بعض المباني المتعلقة بعملية تحويل اليورانيوم. وفي هذا الموقع أيضاً، يبدو أن مداخل الأنفاق المستخدمة لتخزين المواد المخصبة قد تضررت".
أما في موقع "نطنز" للتخصيب، فتعرّضت منشأة تخصيب الوقود للقصف، وأكدت الولايات المتحدة استخدام ذخائر خارقة للأرض، وفق مدير الوكالة.
من جانبها، أبلغت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعدم وجود زيادة في مستويات الإشعاع خارج الموقع في جميع المواقع الثلاثة. مما يعني بأن الضربة لم تمس مباشرة عمق المشروع النووي الإيراني .
وتلعب ايران اليوم على مسارين إزاء العدوان الصهيوأمريكي المزدوج ، الأول مسار الضغط الدبلوماسي من خلال دعوة عباس عراقجي وزير الخارجية الايرانية في رسالة إلى أنطونيو غوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة، بإدانة فورية للضربة الأمريكية، معتبرًا أن الصمت الدولي سيفاقم الأزمة ويهدد الأمن العالمي.
ومسار ثان يخوضه الإيرانيون بالضربات العسكرية والهجمات الباليستية والتكتيك الاستراتيجي العسكري الذي لم يعد مقتصرا على ضرب الاحتلال بل تخطاه الى القواعد الأمريكية في العراق ومنطقة الخليج الذي يمثل رسالة قوية لن يكون قبلها كما بعدها .

المشاركة في هذا المقال