ترقب دولي لقرار ترامب بشأن الانضمام للحملة ضد إيران

تفاعلاً مع حالة الإرتباك والتناقض التي تسود المواقف الدولية صدر عن

المركز البحثي The National Interest تقريراً موجزاً يقارن بين مواقف الجنوب العالمي والدول الغربية فيما يتعلق بالتصعيد الجاري بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وإيران ، وأن دعم الغرب لإسرائيل - دون أدلة دامغة على تهديد إيراني وشيك - يعزز قناعة الجنوب العالمي بنفاق النظام الليبرالي، ويُضعف شرعية الأمم المتحدة والقانون الدولي. حيث أدانت الكثير من الدول - وقطاعات الرأي العام - في الشرق الأوسط الهجوم الإسرائيلي على إيران، فيما اكتفت دول كالهند وكينيا بالدعوة لضبط النفس، ما يعكس حذرًا من الانحياز الغربي لإسرائيل، ويُقوّض التحيز الصارخ مصداقية أوروبا كقوة معيارية ويدفع الجنوب العالمي نحو تكتلات بديلة مثل BRICS , وتستغل كل من الصين وروسيا الغضب الدولي لتقديم نفسيهما كوسطاء عقلانيين بدلًا من الغرب، مما يعزز نفوذهما في نظام عالمي متعدد الأقطاب.

وفي خضم متابعة الأفكار التي يتم الترويج لها بشأن الشكل الحالي والمستقبلي للنظام الدولي وتبادل الرؤى حول تأثيرات تولي دونالد ترامب منصبه لفترة ثانية على الصيغة التي سُيحكم بها كوكبنا لعقود قادمة ، نرى ان الكوكب يتطلع إلى نظام دولي متعدد الأقطاب ودول العالم وشعوبه تدفع باتجاه قوة دولية واحدة مهيمنة علي المشهدين السياسي والاقتصادي. فالكل يترقب اتخاذ ترامب قرار توجيه ضربة لإيران من عدمه ، تحليلات وتقارير وغير ذلك من إصدارات تركز على استنباط المنهج الذي يتبعه ترامب في تحديد أولوياته وتوجهاته الغامضة . فالطاقم الجديد لا يملك تأثيراً فاعلاً على الرئيس وقراراته ، والتقارير الإعلامية تتفاخر بأن ترامب لم ينصت لتقييم مديرة الاستخبارات بأن إيران لا تسعي بقوة لامتلاك سلاح نووي. وأفصح موقع "أكسيوس" عن قيام الرئيس "ترامب" بدراسة جدوى شن ضربة جوية على منشأة "فوردو" النووية الإيرانية باستخدام قنابل خارقة للتحصينات، لكنه لم يقتنع بعد بضرورة أو فعالية الهجوم. وأنه رغم تأكيد "البنتاغون" أن القنابل الأمريكية قادرة على تدمير الموقع، يخشى "ترامب" من أن يؤدي الهجوم إلى تورط طويل في حرب بالشرق الأوسط، وهو ما يعكس لنا قدر من الإنسانية والاتساق مع النفس ولو للحظات قليلة قبل أن تتبدل حالته المزاجية وتجعله يتحدث للصحفيين عن الأزمة الجارية في الشرق الأوسط ، بينما يقف خلفه - بالبيت الأبيض - فريق يوفنتوس الإيطالي ورئيس الفيفا!!
في الوقت نفسه، تستمر محاولات دبلوماسية خلف الكواليس مع إيران، بينما تواصل تل أبيب الضغط وتتحدث عن بدائل عسكرية مثل العمليات الخاصة، والتماهي مع نتنياهو وتطلعاته التوسعية يبدو أنه الأكثر إغراءاً لترامب ، الذي يبحث عن إنجاز يعوض عدم النجاح في وضع نهاية للحرب الروسية الأوكرانية، ولكن تَرْك ترامب لإسرائيل زمام المبادرة في حربها مع إيران، أدى إلى وضع واشنطن في موقع «المتابع» لا «القائد»، ما قد يقوض قدرتها على صياغة النتائج، ويضر بمكانتها ويهدد نظام منع الانتشار النووي، وهو ما شرحه تقرير Chatham House حول غياب الدور القيادي لواشنطن في الحرب الإسرائيلية الإيرانية . وقد خلص التقرير إلى ملاحظات حيوية في مقدمتها تذبذب ترامب بين الدبلوماسية والتصعيد، فبينما كان يسعى لاتفاق نووي، لم يمنع إسرائيل من شن هجوم يهدد بإفشال أي تسوية ويطرح تساؤلات حول من يُحدد سياسة أمريكا الخارجية: «ترامب» أم «نتنياهو»؟ وتلويح حكومة اليمين الإئتلافية بتغيير النظام في إيران، وهو ما يعارضه ترامب علنًا على الرغم من أنه يحمل مخاطر متنوعة ، فإذا نجح الهجوم في إسقاط النظام دون استعداد أمريكي، فقد تواجه المنطقة تداعيات كبيرة. كما نبه التقرير إلى استمرار دعم ترامب غير المشروط لإسرائيل ، مع غياب دوره القيادي ، يهدد بتحوّل شركاء واشنطن في المنطقة ضدها، ويُرسّخ صورة الولايات المتحدة كقوة تتبع لا تقود، وهو نقيض شعار «أمريكا أولًا».
ومع مرور أسبوع تقريباً على الهجوم الإسرائيلي على إيران ، وصف تقرير صحفي صادر عن " Foreign Policy “ تدخلات أمريكا السابقة في العراق وأفغانستان وليبيا بأنها كانت كارثية، وأي تدخل في إيران قد يكرر نفس المآسي ويفجر المنطقة، وحتى إذا نجحت الضربات الأمريكية في تدمير المنشآت النووية، فإن المعرفة والخبرة الإيرانية لا تُمحى بالقصف، مما قد يدفع طهران لتسريع برنامجها النووي سرًا. كما يفترض واضع التقرير أن إسقاط النظام قد لا يؤدي إلى نظام ديمقراطي، بل إلى ظهور سلطة أكثر تطرفًا ، أو تفكك الدولة إلى كيانات متناحرة، مما يثير مخاوف من انتشار الفوضى عبر الحدود، معتبراً أن اتخاذ ترامب قرار الحرب بناءً على «الحدس» لا على أساس مؤسسي يُكرّس مفهوم الرئاسة المطلقة، ويهدد النظام الدستوري الأمريكي، وقد يدفع ملايين الأمريكيين للاحتجاج ضد هذا التوجه السلطوي.
من جهة أخرى، حذرت وكالة التصنيف العالمية " ستاندرد آند بورز " من أن الحرب المطوّلة مع إيران والتصعيد الحاد قد يعرضان التصنيف الإئتماني لإسرائيل لمزيد من التخفيضات. ويدرك مسؤولو الوكالة أن التطورات في الشرق الأوسط تختبر الافتراضات السابقة للوكالة حول زيادة المخاطر السلبية واحتمالات تنامي التصعيد ، ولم تغفل " وكالة فيتش " الدخول على خط الترجيحات السياسية والتقديرات الاقتصادية ولكن بوجهة نظر مغايرة لـS&P ، إذ نشرت تقرير متخصص عن الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران ويفترض التقرير أن القتال سيقي محصوراً بين الغريمين وأنه لن يستمر لأكثر من بضعة أسابيع ، ونظراً لامتلاك إسرائيل وسائل دفاع قوية فربما لم يكن للضربات الإيرانية تأثير اقتصادي ملموس. وأغلب الظن أن فيتش تقاريرها مسيسة وموجهة وأياً كانت التطورات الميدانية لن يلفت نظر الوكالة والقائمين عليها حجم الضرر الذي يلحق بدولة الإحتلال واقتصادها ، وتقارير الوكالة لتقييم الاقتصاد الإسرائيلي يشوبها علامات استفهام حيث قامت بتخفيض تصنيف إسرائيل في 2024 ، ثم قامت في أفريل الماضي بتثبيت التصنيف عند مستوي A مع الحفاظ على النظرة المستقبلية السلبية. وبالتوازي مع تقارير الوكالات الدولية فإن الشارع والرأي العام في دولة الإحتلال لديه تصور مغاير لما تروج له الحكومة وتصدير مشاهد عادية تناسب أجواء المواجهات العسكرية ، فعبر ملاك المحلات التجارية الكبرى عن معاناتهم بشكل مكثف وتناقلت وسائل إعلام ما يلوحون به بأنهم أمام خيارين إما الإغلاق التام أو تسريح الموظفين .

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115