هل تؤثر التطورات مع إيران على استعداد الاتحاد الأوروبي لمراجعة اتفاقية المشاركة مع ''إسرائيل'' !؟

امتدادا للانتقادات التي وجهها الرئيس الفرنسي " ماكرون " لحكومة الاحتلال والقيود

التي تفرضها على غزة ، أغلَقت السُّلطات الفرنسية أجنحة 5 شركات إسرائيلية رئيسية في معرض باريس الجوي «لوبورجيه»، والقرار جاء على خلفية رفض هذه الشركات الامتثال لمطالب إزالة الأسلحة الهجومية، رغم إخطارها مسبقًا. وقد اعتبرت إسرائيل الخطوة غير مسبوقة وتستند إلى دوافع سياسية وتجارية، متهمةً فرنسا بمحاولة إقصاء منتجاتها المنافسة للصناعات الفرنسية، علماً بأن ماكرون قد وصف منع دخول المساعدات الإنسانية يعد أمراً فاضحاً وكرر مطالبة بلاده بإعادة فتح المعابر أمام الإمدادات .

ومن أبرز تطورات التوتر الفرنسي الإسرائيلي ، منع باريس مشاركة عشرات الشركات الإسرائيلية بمعارض دفاعية في 2024 بعد الانتقادات الأوروبية لسلوكها العسكري ، والرئيس الفرنسي لديه ملاحظات على التدخلات العسكرية الإسرائيلية في غزة والضربات على إيران التي لم تُوصِي بها باريس ، وعلى الرغم أن فرنسا حليف تاريخي لإسرائيل، لكنها اتخذت مواقف أكثر تشدُّدًا بسبب الوضع الأمني والإنساني في غزة ، إذ صرح " ماكرون " بإعادة النظر في مسارات العلاقات مع تل أبيب إذا استمر هجومها على القطاع وعرقلة دخول المساعدات الإنسانية.
كما تشهد الفترة الحالية توالي التصريحات الأوروبية المنددة بسياسات حكومة الاحتلال ، وأصبح الخطاب الأوروبي الموجه لتل أبيب يتسم بالحدة ، وأخرها الانتقادات الموجهة لحكومة الاحتلال عقب احتجاز السفينة " مادلين " ، وما إلي ذلك من مؤشرات تجسد تغيُّر المزاج الأوروبي ، وتراجع الدعم الأوروبي لإسرائيل ، وبدأت بعض الدول - تتقدمهم هولندا - تدعم التوجه الخاص بمراجعة مدى امتثال إسرائيل المادة الثانية من اتفاقية المشاركة مع الاتحاد الأوروبي. ولا يفوتنا التنويه هنا بوجود إنقسامات داخل الاتحاد بين فريق ( بقيادة بلجيكا )يدعو لفرض عقوبات علي المستوطنين ، وفي حين تعرقل المجر فرض تلك العقوبات ، فإن السويد تدفع باتجاه فرض عقوبات علي بعض الوزراء في حكومة اليمين المتطرف لتشجيع على التوسع الاستيطاني غير الشرعي .
وبصرف النظر عن المواقف الأوروبية من إيران ، إلا أن استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة ورفض تل أبيب للمبادرات السياسية قد دفع أوروبا لإعادة تقييم سياساتها، مع تزايُد الأصوات الداعية لفرض عقوبات على دولة الاحتلال ، أو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو ما كان سيتجسد في المؤتمر الدولي حل الدولتين الذي كان مقرراً عقده هذا الأسبوع وتم تأجيله نظراً لتنامي التصعيد وانفجار الأحداث في الشرق الأوسط . كما يأتي القرار الفرنسي بإلغاء مشاركة الشركات الإسرائيلية ليزيد من الضغوط الاقتصادية والتجارية الأوروبية على دولة الاحتلال ، التي بلغت صادرات صناعاتها الدفاعية نحو 15 مليار دولار في 2024، كان أكثر من 50% منها إلى أوروبا .
في سياقٍ موازٍ ، كشفت وثيقة صادرة عن الكنيست في الأسبوع الأول من جوان الجاري أن إيطاليا قد أنهت عقوداً كانت قد أبرمتها مع شركة " باراغون " الإسرائيلية لبرامج التجسس ، وذلك بعد إتهامات للحكومة الإيطاليك باستخدام تقنيات الشركة لاختراق هواتف معارضين لحكومة مليوني وسياساتها ومن بينهم صحفي وأعضاء في جمعية خيرية لإنقاذ المهاجرين في البحر ، وعلى الرغم أن الحكومة الإيطالية نفت أي تورط لها في أنشطة غير مشروعة ، إلا أن تناول وسائل الإعلام لهذه المسألة بشكل سلبي دفع روما إلى إنهاء العقود التي تم إبرامها مع الشركة عامي 2023 و2024 .
إجمالاً ، التحرك الاستباقي من جانب نتنياهو تجاه إيران إرتكن إلى حسابات خاصة بالضغوط الدولية المتزايدة علي حكومته وهو ما دفعه إلي القفز علي المفاوضات بين واشنطن وطهران وصرف الإنتباه عن سياساته في غزة والتمدد الاستيطاني داخل الضفة الغربية ، ويجدر التحسب أن يؤثر استمرار المواجهات مع طهران علي تماسك مواقف الدول الأوروبية المنتقدة لحكومة نتنياهو ، استناداً إلى مواقف الحكومة الإيرانية الداعمة لروسيا في حرب أوكرانيا .

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115