للحديث بقية الوعد الصادق 3 ...الانتقام الإيراني ومعادلات القوة

إنها الحرب الإيرانية الصهيونية والتي تأجلت مرارا خلال الفترة القادمة

انطلقت فجر الجمعة الماضي مع العدوان الصهيوني على أهم المنشآت والمراكز الإيرانية والذي طال أيضا كبار العلماء والقادة في ايران . فإسرائيل وبضوء أخضر أمريكي قررت توجيه الضربة التي لطالما حلم بها نتنياهو . ويبدو ان صمت المجتمع الدولي إزاء حربه المجرمة المتواصلة ضد غزة وعربدته في أرض سوريا وتمدده لما بعد الجولان واضعافه لدمشق ، وكذلك محاولته اضعاف جناح المقاومة في جنوب لبنان الحليف الرئيسي لطهران . كل ذلك دفع نتنياهو وحكومته المتطرفة المجرمة الى الانطلاق في الحرب التي بدأ التحضير لها طويلا مخابراتيا وعسكريا وأمنيا ومنذ سنوات. لكن المعادلات لم تكن هذه المرة وفقا لحسابات مجرم الحرب نتنياهو الذي ظن بأن الاختراق والتغلغل المخابراتي داخل الجمهورية الإسلامية الإيرانية -والذي تكشّف مع اغتيال الرئيس الإيراني ومرافقيه وكذلك إسماعيل هنية وغيرهم من القيادات المقاومة -، كل ذلك سيضعف ايران ويجعلها لقمة سهلة أمام الصواريخ الصهيونية المباغتة . لكن طهران كانت لها حسابات أخرى فكان الرد أكبر مما توقع البعض واحترقت تل ابيب أمام أنظار العالم في مشهد لم يسبق له مثيل في تاريخ الصراع مع الصهاينة . فقد استهدفت إيران بصواريخها الباليستية عديد المنشآت الاستراتيجية ومنها معهد "وايزمان" للعلوم في تل أبيب الواقع في مدينة "رحوفوت" وسط إسرائيل. ويعد هذا الاستهداف سابقة نادرة تمسّ مؤسسة بحثية كبرى داخل دولة الاحتلال.

ويشير استهداف إيران لمعهد بحثي بازر في تل ابيب إلى محاولتها إثبات قدرتها على الرد وتوجيه ضربات دقيقة داخل العمق الإسرائيلي. فالحكومة الإيرانية مطالبة أمام شعبها برد بحجم العدوان الصهيوني لتثأر لعلمائها وقياداتها ولكي تحافظ على هيبتها وعلى توازن الرعب في المنطقة باعتبار ان الحرب في جزء كبير منها نفسي وسياسي. وعلى صعيد متصل فإن ضرب أسطورة التفوق الصهيوني في المنطقة من شأنه ان يضعف كيان الاحتلال من الداخل ويدفع الى تعميق أزمة الهجرة العكسية للمستوطنين.
وقد جاءت هذه الضربة في خضم اتساع نطاق الضربات المتبادلة، فقد نفّذ سلاح الجو الإسرائيلي غارات استهدفت مصفاة نفط في طهران، ومستودعَي وقود استراتيجيين، إضافةً إلى مقر وزارة الدفاع ومعهد للبحوث الدفاعية.
في المقابل، أعلنت إيران استهدافها مصفاة حيفا ومستودعًا لوقود طائرات "إف – 35"، إلى جانب بلدية "بات يام"؛ ما تسبَّب في تضرُّر 61 مبنى.
كذلك كشفت وسائل إعلام إيرانية أن الصواريخ المستخدمة في قصف تل أبيب كانت مزوّدة برؤوس حربية يبلغ وزنها نحو 1.5 طن، ووجهت بدقة نحو أهداف حيوية.
وتنذر عديد المؤشرات بمواجهة مفتوحة ، فقد أفادت شبكة "سي إن إن" بأن "العملية العسكرية الاسرائيلية" ضد إيران يُتوقع أن تمتد "لأسابيع وليس لأيام معدودة". وذكر موقع "أكسيوس" أن إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة الانضمام إلى عملياتها ضد إيران. وتم رفع مستوى التأهب إلى الدرجة القصوى داخل كيان الاحتلال تحسبا لسيناريوهات تصعيد غير مسبوقة . فالتحول الجاري في أنماط الاستهداف لدى الجانبين يعزز المخاوف لدى بعض الأنظمة والدول من تنامي صور التصعيد المتبادل لتشمل منشآت مدنية وبنية تحتية للطاقة، الأمر الذي قد يفضي إلى صراع شامل واسع النطاق.
ويبدو ان ايران مستعدة لكل السيناريوهات بحسب ما أكدته المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية والتي قالت بأن العمليات العسكرية ضد إسرائيل ستتواصل طالما قررت القوات المسلحة ذلك، واعتبرتها "إجراءً عقابيًا" لاستعادة الحقوق الإيرانية . كما لوحت طهران باستخدام ورقة مضيق هرمز واغلاقه بكل ما يسببه ذلك من انعكاسات ونتائج على أسعار النفط والمبادلات التجارية العالمية . ودعا عضو في لجنة الأمن القومي بالبرلمان الإيراني إلى استهداف مفاعل "ديمونا" النووي برأس حربي يزن طنين، ردًا على استهداف منشآت نووية داخل إيران. أشار وزير الخارجية الإيراني إلى امتلاك بلاده وثائق تؤكد دعم القواعد الأمريكية في المنطقة للهجمات الإسرائيلية على إيران، معتبرًا الولايات المتحدة شريكة في هذه الهجمات ومحملًا إياها المسؤولية.
ويجري اليوم حراك دبلوماسي من عديد الدول مثل تركيا وعمان لتقييم سُبل خفض التصعيد. وفي خضم ذلك تتنامى المخاوف الأوروبية من دوامة العنف التي قد تؤدي إلى إشعال حرب إقليمية واسعة".

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115