وسط ادانات دولية للمجازر ...تصاعد موجة النزوح الى الخارج هل ستنجو سوريا من لعنة الاقتتال الطائفي؟

أعادت الأحداث الأخيرة في الساحل السوري خلط الأوراق من جديد وبينت حجم الأزمات المتشابكة

والمخاطر المتصاعدة التي تستهدف سوريا. فهذا البلد الخارج حديثا من عشرية الحرب الأليمة ، يبدو أنه يدخل في مرحلة أشد وطأة وصعوبة . فالاضطرابات الطائفية تقوي نزعة الانقسام والانسلاخ عن الحكم المركزي في دمشق ،علاوة على المطامع الصهيونية بسوريا والتي تجاوزت كل التوقعات وكل المواثيق الدولية والأممية . كما أن أهم التحديات نابعة بالأساس من طبيعة الحكم الجديد في سوريا الذي كان الى حد قريب جزءا من التنظيمات التكفيرية المصنفة إرهابية عالميا .

في خضم ذلك تتعمق مخاوف السوريين بشأن المرحلة القادمة خاصة ان المجازر التي اقترفتها مجموعات تابعة او محسوبة على الحكم الجديد ضد الأقلية العلوية لطخت الإدارة الجديد بلعنة الطائفية .
وفي الوقت الذي يعقد فيه مجلس الامن جلسة حول الوضع في سوريا ، وصل أمس وفد أممي إلى الساحل السوري من الأمم المتحدة إلى محافظتي طرطوس واللاذقية.

وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع السورية العقيد حسن عبد الغني أعلن انتهاء العملية العسكرية في الساحل السوري بعد أن باتت المؤسسات العامة قادرة على بدء استئناف عملها وتقديم الخدمات الأساسية تمهيدا لعودة الحياة إلى طبيعتها والعمل على ترسيخ الأمن والاستقرار.
تشكيل لجنة للسلم الأهلي
وأصدر الرئيس السوري أحمد الشرع، قرارا بتشكيل لجنة للحفاظ على السلم الأهلي مكلفة بمهام بينها التواصل مع أهالي منطقة الساحل.
ونشرت الرئاسة السورية، عبر منصة "إكس"، قرارا رئاسيا جاء فيه: إننا في رئاسة الجمهورية العربية السورية نقرر تشكيل لجنة عليا للحفاظ على السلم الأهلي". وأضافت أن القرار يأتي "استنادا للمصلحة الوطنية العليا، والتزاما بتحقيق السلم الأهلي بين مكونات الشعب السوري".
وتناط باللجنة مهام "التواصل المباشر مع الأهالي في الساحل السوري، للاستماع إليهم، وتقديم الدعم اللازم لأهلنا في الساحل السوري، بما يضمن حماية أمنهم واستقرارهم، والعمل على تعزيز الوحدة الوطنية في هذه المرحلة الحساسة"، وفق القرار.
وتأتي هذه الاحداث بعد تنفيذ مجموعة محسوبة على النظام القديم هجوما هو الأكبر من نوعه منذ إسقاط نظام الأسد، مستهدفة دوريات ونقاطا أمنية بمنطقة الساحل؛ ما أوقع قتلى وجرحى من عناصر الأمن.
خطر التقسيم
كما حذر الشرع، من محاولات لجرّ بلاده إلى حرب أهلية بهدف تقسيمها، وأكد عدم التسامح مع فلول نظام بشار الأسد المخلوع الذين ارتكبوا جرائم.
من جهتها أدانت الإدارة الذاتية الكردية "الجرائم المُرتكبة" بحق السكان في غرب سوريا ، بعد اشتباكات بين قوات الأمن ومجموعات رديفة لها، ومسلحين موالين للرئيس المخلوع بشار الأسد قتل خلالها أكثر من ألف شخص بينهم مئات المدنيين العلويين، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأورد البيان "إنَّنا في الإدارة الذاتية الديموقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، نُدين بشدة الجرائم المُرتكبة بحق أهلنا في الساحل، ونؤكد أنَّ هذه الممارسات تُعيدنا إلى حقبة سوداء لا يريد الشعب السوري تكرارها"، مطالبة "بمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم".
دول الجوار تدعو لانسحاب إسرائيل
وبالتزامن دعت دول جوار سوريا، إلى انسحاب إسرائيل من البلد العربي، وأكدت تعاونها في مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات والسلاح. جاء ذلك في البيان الختامي للاجتماع الأول لتجمع "سوريا ودوار الجوار" بالعاصمة عمان، بمشاركة وزراء خارجية تركيا وسوريا والأردن ولبنان والعراق.
وأفاد البيان بأن الاجتماع "يدين العدوان الإسرائيلي، ويرفض محاولات التدخل بسوريا"، ويعتبره "خرقا فاضحا للقانون الدولي واعتداء على سيادة سوريا ووحدة أراضيها".
وحذر من أن " العدوان والتدخل الإسرائيلي" في سوريا يمثل "تصعيدا سيدفع باتجاه المزيد من الصراع".
ودعا المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى "القيام بدوره في تطبيق القانونين الدولي والإنساني، ووقف عدوان إسرائيل، وضمان انسحابها من كل الأراضي السورية".
وشدد الاجتماع على ضرورة "ضمان انسحاب إسرائيل من كل الأراضي السورية التي احتلتها، ووقف الاعتداءات عليها، واحترام اتفاق فك الاشتباك عام 1974".
ومنذ عام 1967 تحتل إسرائيل معظم مساحة هضبة الجولان السورية، واستغلت أحداث الإطاحة بنظام بشار الأسد، في 8 ديسمبر/2024 ، ووسعت رقعة احتلالها.
كما دمرت إسرائيل معدات وآليات وذخائر للجيش السوري عبر مئات الغارات الجوية، وترتكب انتهاكات شبه يومية للسيادة السورية.
أمن سوريا
الاجتماع أكد أن "أمن سوريا واستقرارها ركيزة للأمن والاستقرار في المنطقة" وأدان "كل المحاولات والمجموعات التي تستهدف أمنها وسيادتها وسلمها".
ورحب بـ"بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني السوري" في فبراير/ شباط الماضي، وأعرب عن تشجيعه السوريين على "إصدار الإعلان الدستوري الذي أعلن عنه المؤتمر في أسرع وقت ممكن".
وشدد على "إسناد سوريا في جهود إعادة الإعمار، وحشد الدعم الدولي لزيادة حجم المساعدات المستهدفة مشاريع التعافي المبكر وتعزيز قدراتها وتجاوز المعيقات".
كما أكد على ضرورة "رفع العقوبات عن سوريا لتعزيز قدراتها على إعادة البناء وتلبية متطلبات الشعب السوري".
تعزيز التعاون
وأكد الاجتماع "تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري والتعاون في بناء البنية التحتية وقطاعات الطاقة والنقل بين سوريا ودول جوارها". وشدد على "إدانة الإرهاب بكل أشكاله، والتعاون في مكافحته عسكريا وأمنيا وفكريا، وإطلاق مركز عمليات مشترك لمكافحة تنظيم داعش الإرهابي".
وأكد على "التعاون في محاربة تهريب المخدرات والسلاح والجريمة المنظمة العابرة للحدود، وتقديم الدعم والإسناد لسوريا في تعزيز قدراتها في هذا السياق". كما شدد الاجتماع على "العمل، بالتعاون مع دول المنطقة والمجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة، لتهيئة الظروف التي تتيح العودة الآمنة والمستدامة للاجئين السوريين".
وفي الوقت نفسه، دعا إلى "استمرار المجتمع الدولي في تحمل مسؤولياته كاملة إزاء اللاجئين في الدول المستضيفة إلى حين اكتمال عودة اللاجئين إلى سوريا".
وأعلن الاجتماع عن عقد "جولة ثانية من المباحثات في تركيا خلال أبريل (نيسان المقبل)، للبناء على مداولات عمان، واتخاذ القرارات اللازمة بشأنها".
وضم الاجتماع وزراء الخارجية ووزراء الدفاع ورؤساء هيئات الأركان ومدراء أجهزة المخابرات في تركيا والأردن وتركيا وسوريا والعراق ولبنان.
المواقف الخارجية
ومن أبرز ردود الأفعال على الأحداث الطائفية في سوريا ، صدرت عن الكرملين الذي قال امس الاثنين إنه يتعين أن ينتهي العنف في سوريا في أسرع وقت ممكن.

في حين رفضت إيران امس الإثنين اتهامها بالضلوع في أعمال العنف في المنطقة الساحلية في غرب سوريا، وذلك بعد تقارير صحافية ألمحت الى دور لطهران في اشتباكات هي الأعنف في البلاد منذ الإطاحة بحليفها بشار الأسد.
من جهتها، دعت الصين امس الإثنين الى "الوقف الفوري" لأعمال العنف في المنطقة الساحلية بغرب سوريا، عقب اشتباكات أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان أنها أسفرت عن مقتل أكثر من ألف شخص بينهم مئات المدنيين العلويين.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ إن بكين "تتابع عن كثب الوضع في سوريا وهي قلقة من العدد الكبير للضحايا الذي تسببت به هذه الاشتباكات المسلحة".
نزوح 1476 عائلة إلى شمال لبنان
أفاد مسؤول لبناني امس الاثنين بأن الاحداث الأخيرة في سوريا أدت إلى نزوح 1476 عائلة نحو بلدات عكار في شمال لبنان.
وقال محافظ عكار عماد اللبكي ، في تصريح امس لـ"الوكالة الوطنية للاعلام" اللبنانية الرسمية ، إن "الأزمة الأخيرة في سوريا ، حصدت نزوحا كثيفا إلى سهل عكار وإلى جزء من منطقة الدريب، وغالبية النازحين من العلويين وقسم منهم لبنانيون، دخلوا من معابر غير شرعية ، وسكنوا في القرى العلوية في الجوامع والمنازل".
وأشار إلى أن مجموع العائلات التي نزحت من سوريا بلغ 1476 عائلة بينها 40 عائلة لبنانية و 1184 عائلة سورية، بحسب غرفة إدارة الكوارث في عكار.
وبدأ التوتر الخميس في قرية ذات غالبية علويّة في ريف محافظة اللاذقية الساحلية على خلفية توقيف قوات الأمن شخصا مطلوبا، وما لبث أن تطوّر الأمر إلى اشتباكات بعد إطلاق مسلّحين علويين النار، وفق المرصد الذي تحدث منذ ذلك الحين عن حصول عمليات "إعدام" طالت المدنيين العلويين.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115