وبدا أهالي الجنوب العودة لقراهم وبلداتهم رغما عن الاحتلال الذي لا يزال جاثما على أراضيهم بدباباته محاولا انتزاع واقع جغرافي جديد وإقامة منطقة عازلة على حدود لبنان . فحصلت مناوشات بين الأهالي والاحتلال أسفرت عن إصابات في صفوف المواطنين في وقت تحاول حكومة لبنان الضغط دوليا من اجل ارغام إسرائيل على الانسحاب. يتزامن ذلك مع دخول هدنة غزة مرحلتها الثانية، في خضم مشهد سياسي وأمني معقد في المنطقة، يثير التساؤلات والهواجس .
ووفقا لمصادر إعلامية، واصل جيش الإحتلال الإسرائيلي خروقاته للاتفاق مع لبنان والتي بلغت أكثر من 1000 خرق منذ بدء سريانه. وصرّح رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، بأن لبنان لم يتلقى أي إشعار رسمي يفيد بعدم نية إسرائيل الانسحاب من الجنوب بعد انقضاء المهلة. وأكد ميقاتي، خلال مؤتمر صحفي عقب لقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن الحكومة اللبنانية تتابع الخروقات الإسرائيلية وتقدم الشكاوى اللازمة، مع وجود وعود بإنهاء هذه الخروقات مع انتهاء المهلة المحددة.
من الجانب الإسرائيلي، أفاد مصدر سياسي بأن الجيش لن ينسحب بشكل كامل من جنوب لبنان مع انتهاء مهلة الستين يوما. وأوضح المصدر أن الإحتلال يشترط إبعاد حزب الله من جنوبي نهر الليطاني، بالتزامن مع انتشار الجيش اللبناني في تلك المنطقة. وأشار إلى أن الانسحاب يجب أن يكون تدريجيا، مع ضرورة وجود انتشار حقيقي وفعّال للجيش اللبناني لضمان نجاح الاتفاق.
في هذا السياق ووفق تقارير إعلامية فقد أبلغت الحكومة اللبنانية كلا من الولايات المتحدة وفرنسا بضرورة الضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي اللبنانية التي توغلت فيها. من جانبه، تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمتابعة العمل ودعم الحكومة اللبنانية الجديدة، مع الاستعداد لدعم لبنان من خلال الصندوق الائتماني.
تحديات المرحلة المقبلة
مع انتهاء المهلة، يبقى الوضع معقدا، خاصة في ظل التصريحات المتضاربة والشروط المتبادلة بين الأطراف المعنية. يظل مستقبل الجنوب اللبناني رهين مدى التزام جميع الأطراف بتنفيذ الاتفاقات المبرمة، ودور المجتمع الدولي في ضمان تحقيق الاستقرار في المنطقة.
ووفق مراقبين يظهر هذا التطور استمرار التوترات بين لبنان وإسرائيل، ويعكس تعقيدات الصراع الإقليمي. إذ يشير عدم انسحاب القوات الإسرائيلية إلى تحديات أمنية وسياسية مستمرة، مما يستوجب من المجتمع الدولي تسهيل الحوار وضمان تنفيذ الاتفاقات ومراقبة التطورات المستقبلية لفهم تأثيرها على الاستقرار في المنطقة.
غزة: الهدنة تدخل مرحلتها الثانية
على صعيد متصل ومع دخول الهدنة في قطاع غزة أسبوعها الثاني أمس الأحد ، تتجه الأنظار إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي يهدف إلى إنهاء الحرب المستمرة في المنطقة. تأتي هذه المرحلة بعد نجاح تبادل الأسرى والرهائن في الدفعة الثانية، حيث أُفرج عن محتجزات إسرائيليات ونحو 200 أسير فلسطيني.
ووفقا لتقارير إعلامية، ستتولى ثلاث شركات أمنية اثنتان أمريكية، والثالثة شركة مصرية، مراقبة تنفيذ المرحلة الثانية من الهدنة. تشمل هذه المرحلة وقف إطلاق النار بشكل كامل وعودة النازحين إلى مناطقهم.
على الرغم من التقدم المحرز، تواجه الهدنة صعوبات في التنفيذ. وتتعلق هذه التحديات بمدى التزام الأطراف ببنود الاتفاق، خاصة في ظل التوترات المستمرة والشكوك المتبادلة. إذ يعد ضمان عودة النازحين بأمان إلى مناطقهم وتوفير المساعدات الإنسانية اللازمة من أبرز الأولويات في هذه المرحلة.
وتشرف منظمات مثل الصليب الأحمر على عمليات تبادل الأسرى وتقديم المساعدات الإنسانية. كما تُسهم الدول الداعمة للسلام في المنطقة في تقديم الدعم اللوجستي والمالي لضمان نجاح الهدنة وتحقيق الاستقرار.
مع استمرار الهدنة، يأمل سكان غزة في تحقيق سلام دائم يضمن لهم حياة كريمة ومستقرة. يُعول الكثيرون على نجاح المرحلة الثانية من الهدنة كبداية لإنهاء الصراع المستمر وتحقيق التنمية والازدهار في المنطقة.
تعتبر المرحلة الثانية من الهدنة في غزة خطوة مهمة نحو تحقيق السلام، إلا أن نجاحها يعتمد على التزام الأطراف المعنية ودعم المجتمع الدولي لمواجهة التحديات القائمة.
نتنياهو بين خيارين
ومنذ اليوم الأول لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، شهدت الساحة السياسية الإسرائيلية تطورات دراماتيكية، حيث استقال وزير الأمن القومي اليميني المتطرف احتجاجا على الاتفاق، وهدد وزير المالية المتطرف بالاستقالة إذا تم المضي قدما في تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، المقررة بعد 42 يوما من بدء المرحلة الأولى.
هذه التطورات تضع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي أمام معضلة سياسية معقدة. فمن جهة، قد يؤدي التراجع عن الاتفاق إلى مواجهة مباشرة مع الإدارة الأمريكية، التي تضغط من أجل تنفيذ الاتفاق لتحقيق أهدافها الإقليمية. ومن جهة أخرى، فإن المضي قدما في تنفيذ الاتفاق قد يهدد تماسك الحكومة المتطرفة خاصة مع تصاعد التوترات الداخلية واستقالات الوزراء الرئيسيين.
تشير استطلاعات الرأي إلى أن غالبية الإسرائيليين يدعمون اتفاق وقف إطلاق النار، حيث يؤيده 72% منهم، بينما يؤيد 69% إجراء انتخابات مبكرة بعد انتهاء الحرب. هذا الوضع يثير مخاوف المطلوب للعدالة الدولية بنيامين نتنياهو ، في ظل تراجع شعبية حزبه وتحالفه الحاكم. فانسحاب المزيد من الشركاء اليمينيين من الائتلاف قد يؤدي إلى انهياره والدعوة لانتخابات مبكرة، وهو ما يسعى لتجنبه.
في هذا السياق، يجد رئيس الوزراء نفسه أمام خيارين صعبين الأول المضي قدما في تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق ،وهذا قد يؤدي إلى تفكك الائتلاف الحاكم والدعوة لانتخابات مبكرة، مما يضع مستقبله السياسي على المحك. ثانيا التراجع عن الاتفاق وهذا يتطلب ضواء أخضر من الإدارة الأمريكية، كي لا يؤثر ذلك سلبا على الدعم الأمريكي لإسرائيل في هذه المرحلة الحساسة. ووفق مراقبين فإن أي تراجع عن الاتفاق قد يؤدي إلى توترات مع هذه الدول الاقليمية، التي قد تواجه ضغوطا داخلية بدورها في حال تجدد الصراع.
عراقيل أمام التنفيذ
واصطدمت جهود تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بعقبات جديدة، إذ اعترضت إسرائيل على عودة مئات آلاف الفلسطينيين إلى شمال القطاع المدمر، بسبب خلاف يتعلق بالإفراج عن المحتجزة الإسرائيلية أربيل يهود.
واشترطت إسرائيل أن يُفرج عن يهود أولا قبل فتح محور نتساريم الذي يفصل بين جنوب غزة وشمالها، متذرعة بعدم التزام حماس بشرط غير معلن في الاتفاق يقضي بالإفراج عن الرهائن المدنيين أولا.
من جانبها، أكدت مصادر في حماس أن يهود على قيد الحياة وبصحة جيدة، وأنه سيُفرج عنها السبت المقبل.
وعلى منصّة نصبها مقاومو حماس وحركة الجهاد في ساحة فلسطين بغزة، تحيط بها شاحنات صغيرة محملة ببنادق من عيار كبير، جلس أحد موظفي الصليب الأحمر مرتدياً سترة شحن حمراء زاهية إلى جانب مقاتل ملثم من حماس يرتدي عصابة الرأس المميزة للجماعة والزي العسكري الخاص بها.
وبعدها بفترة وجيزة، خرجت الرهينات الأربع وسط صفارات وهتافات وصيحات من حشد الغزيين، بينما تجمع حولهم طاقم الكاميرات والمصورون.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه تسلّم الرهينات الإسرائيليات، وقال في بيان لاحق: " إن الرهينات دانييل جلبوع وكارينا أرئيف وليري ألباغ ونعمة ليفي الى اسرائيل حيث تم نقلهن في مروحية عسكرية إلى مستشفى في بتاح تكفا وسط إسرائيل برفقة أفراد عائلاتهم". .
احواء احتفالية
أما على الجانب الفلسطيني، فقد برزت أجواء احتفالية وسعادة بلقاء المفرج عنهم مع ذويهم في الضفة الغربية وقطاع غزة. وكان قرابة 121 من الفلسطينيين الذين أُطلق سراحهم هذا الأسبوع يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد.
وفي سياق متصل، وصل 16 أسيرا فلسطينياً -ضمن الـ 200 شخص المفرج عنهم- مساء السبت، إلى مستشفى غزة الأوروبي في خان يونس، بعد الإفراج عنهم خلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
كما وصل معبر رفح من الجانب المصري أيضاً 70 أسيرا فلسطينيا على متن حافلتين قدمتا من معبر كرم أبو سالم، جرى إخراجهم من الأراضي الفلسطينية وفقا لاتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والسجناء بين حركة حماس وإسرائيل.
وبحسب السلطات المصرية فإن السجناء المفرج عنهم سيظلون لمدة أسبوع داخل الأراضي المصرية ومن ثم يتم تحديد الوجهة التي يذهبون إليها بعد ذلك.
أطفال غزة: الضحية الأكبر في حرب مدمرة
تواصل الحرب في غزة إلقاء ظلالها الثقيلة على المدنيين، حيث يشكل الأطفال الحلقة الأضعف والأكثر تضررا من هذا الصراع. ووفقا لتقرير حديث صادر عن وكالة تابعة للأمم المتحدة، تجاوز عدد الأطفال الفلسطينيين الذين استشهدوا في الحرب 13 ألف طفل، في حين أُصيب حوالي 25 ألفا آخرين بجروح متفاوتة، وتم نقل أكثر من 25 ألف طفل إلى المستشفيات جراء معاناتهم من سوء التغذية.
وقد وصف جيمس كاريكي، نائب السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة، الوضع في غزة بأنه كارثي، وقال في جلسة أخيرة لمجلس الأمن: "غزة أصبحت أخطر مكان في العالم يمكن أن يعيش فيه الأطفال. هؤلاء الصغار لم يختاروا الحرب، لكنهم يتحملون العبء الأكبر من عواقبها".
من جهته، كشف مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أن من بين 40,717 جثة تم التعرف عليها في غزة حتى الآن، يشكل الأطفال ثلث الضحايا، أي ما يعادل 13,319 طفلا. وتشير الوكالة إلى أن هذه الأرقام تُظهر حجم الكارثة الإنسانية التي تعصف بالقطاع، حيث تعاني المنشآت الصحية من ضغط هائل في ظل نقص الموارد والمساعدات.
أزمة صحية وإنسانية متفاقمة
إلى جانب الخسائر البشرية المروعة، يواجه الأطفال في غزة تحديات صحية غير مسبوقة، إذ يعاني الآلاف منهم من سوء التغذية بسبب نقص الإمدادات الغذائية وانهيار البنية التحتية. المستشفيات، التي تعاني أصلاً من شح في المعدات الطبية، تجد صعوبة متزايدة في تلبية احتياجات الأعداد المتزايدة من المصابين.
وفي ظل هذا الوضع المأساوي، يتزايد القلق بشأن مصير الأطفال الفلسطينيين الذين يُحرمون من أبسط حقوقهم الإنسانية، بما في ذلك الأمن والتعليم والرعاية الصحية.
مع استمرار القتال، تتعالى الدعوات لوقف إطلاق النار بصفة نهائية وتقديم المساعدات العاجلة لسكان غزة، وخاصة الأطفال الذين يدفعون الثمن الأكبر. وتطالب المنظمات الدولية والمجتمع الدولي باتخاذ إجراءات حاسمة لإنهاء الصراع وتخفيف معاناة المدنيين.
ورغم أن الأرقام تكشف عن حجم الكارثة، إلا أن المأساة الإنسانية في غزة تتجاوز الأرقام لتروي قصة مجتمع بأكمله يواجه مستقبلاً مجهولا في ظل حرب لا يبدو أن لها نهاية قريبة.
خطة ترامب
على صعيد ٱخر طرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطة لـ"تطهير" غزة، قائلاً إنه "يريد من مصر والأردن إخراج الفلسطينيين من القطاع في محاولة لإحلال السلام في الشرق الأوسط" وفق "بي بي سي".
وصرح ترامب للصحافيين "نتحدث عن مليون ونصف مليون شخص لتطهير المنطقة برمتها"، واصفاً غزة بأنها "مكان مدمر"، وقائلاً إن هذه الخطوة قد تكون "موقتة أو طويلة الأجل".
وفي وقت سابق , أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن "عدداً كبيراً من الأشياء" التي طلبتها إسرائيل من الولايات المتحدة، يجري تسليمها حالياً، وذلك رداً على تقارير صحفية أفادت بأن إدارته أفرجت عن شحنة قنابل يبلغ وزنها 2000 رطل (907 كلغ).
وكتب ترامب على منصته للتواصل الاجتماعي تروث سوشل: "الكثير من الأشياء التي كانت إسرائيل قد طلبتها ودفعت ثمنها، ولكن لم يُرسلها الرئيس السابق جو بايدن، باتت الآن في طريقها إلى التسليم".
وكانت إدارة الرئيس الديمقراطي السابق جو بايدن علّقت العام الماضي تسليم إسرائيل 1800 قنبلة تزن 2000 رطل في الوقت الذي كان الجيش الإسرائيلي يخطط فيه لشن هجوم واسع النطاق على رفح في جنوب قطاع غزة؛ المكان الذي لجأ إليه 1,4 مليون فلسطيني بسبب القصف والحرب الاسرائيلية.
وكان بايدن قد حذّر من أن استخدام هذا النوع من القنابل في مناطق كهذه سيتسبب في "مأساة إنسانية كبيرة".
وهذا النوع من القنابل الكبيرة التي يجري إسقاطها من الجو، دقيق وشديد التدمير، ويستخدم بشكل عام لإحداث أضرار واسعة النطاق ضد أهداف مثل المنشآت العسكرية ومراكز القيادة والبنية التحتية.
خلال فترة ولايته الرئاسية الأولى، كثيراً ما تباهى ترامب بأن إسرائيل "لم يكن لديها صديق أفضل منه في البيت الأبيض"، وهو شعور كثيراً ما كرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحديث عنه.