بايدن خلال خطاب "حالة الإتحاد" أمريكا تعلن إنشاء ميناء عسكري في غزة.. الدلالات والتداعيات "تعبئة دولية لإدخال مساعدات إلى قطاع غزة "

أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن قبل يومين في خطابه عن حال الاتحاد

أن الجيش الأمريكي سيبدأ بمهمة طارئة لإنشاء ميناء في غزة من أجل نقل مزيد من المساعدات الإنسانية عبر البحر إلى القطاع المحاصر ، في خطوة اعتبرها مراقبون تعميقا للخلاف بين الإدارة البيضاوية وحكومة الإحتلال بخصوص الأوضاع في قطاع غزة . يأتي ذلك بعد وصول محادثات القاهرة إلى طريق مسدود، ومغادرة وفد حركة حماس العاصمة المصرية، بعد مشاورات بشأن وقف لإطلاق النار في غزة بوساطة مصرية، قطرية وأمريكية.وأكد بايدن الذي تزامن خطابه مع مظاهرات شعبية داعمة لغزة، أنه لن تكون هناك قوات أمريكية على الأرض، وقال إن من شأن هذا الرصيف البحري أن يتيح زيادة هائلة في المساعدات الإنسانية التي تصل إلى غزة . ولاقى المقترح ترحيبا إسرائيليا.

هذا أنزلت عدة دول، من بينها الولايات المتحدة، طرودا غذائية جوا في غزة للسكان المهددين بالمجاعة والذين تقصفهم إسرائيل بلا هوادة، مع تراجع الآمال في إبرام هدنة بعد خمسة أشهر من بدء حرب الإبادة التي ينفذها جيش الإحتلال في غزة. ورغم عمليات الإنزال الجوي الجارية والتي تقوم بها عدة دول، إلا أنها تبقى غير كافية لسد الاحتياجات هائلة.في هذا الإطار، قال نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي كارل سكاو "نحن بحاجة إلى كميات هائلة من المساعدات الإنزال الجوي ليس خيارا لتجنب المجاعة"، مشددا على ضرورة الضغط على إسرائيل للسماح باستخدام ميناء أسدود الإسرائيلي الواقع إلى الشمال من غزة.
خطوة جريئة وخطيرة
ويرى متابعون أنّ خطوة واشنطن لإنشاء ميناء قبالة ساحل غزة تعد خطوة جريئة لكنها محفوفة بالمخاطر ، وسط خشية دولية من أن يكون القرار متأخرا في ظلّ الوضع الإنساني الكارثي في القطاع الذي يواجه سكانه خطرا المجاعة . من جهة أخرى يرى متابعون أن هناك مخاوف أكثر أن يخدم الميناء مصالح إسرائيل أكثر من غزة .
وعلى صعيد متصل يرى شق آخر أن الميناء الذي من المتوقع أن يتطلب إنشائه أسابيع إضافية لن يكون بديلا كافيا للطرق البرية والمعابر في نقل المساعدات الكافية للفلسطينيين ، وأيضا سيواجه الميناء بدوره مشكلة أساسية تتمثل في توزيع المساعدات داخل غزة في ظل تواصل القصف الإسرائيلي العنيف.
وفي ما يتعلق بإعلان بايدن ، أوضح المسؤولون الأمريكيون أن إنشاء "الرصيف المؤقت" سيستغرق عدة أسابيع، مؤكدين عدم نشر جنود أمريكيين على الأرض في غزة.وستغادر المساعدات المعنية، بحسب هؤلاء المسؤولين، من مدينة لارنكا في قبرص، الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي الأقرب جغرافيا إلى غزة التي تزورها الجمعة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين.تأتي التعبئة الدولية بعد تحذيرات الأمم المتحدة من "مجاعة واسعة النطاق" في غزة حيث يحاصر المدنيون في القتال والضربات الإسرائيلية، بينما تعثرت المحادثات بشأن الهدنة وفق "بي بي سي ".
ووفق تقارير إعلامية خلفت حتى الآن 30800 قتيل في غزة غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة في القطاع التي أعلنت مقتل 83 شخصا في آخر أربع وعشرين ساعة.كما تسببت الحرب في كارثة إنسانية بغزة، حيث صار 2,2 مليون من أصل 2,4 مليون ساكن مهددين بالمجاعة، ونزح حوالي 1,7 مليون عن بيوتهم، وفق الأمم المتحدة.
بايدن: نتانياهو "يضر إسرائيل أكثر مما ينفعها"

وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن إنّ رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتانياهو "يُضرّ إسرائيل أكثر ممّا ينفعها" بطريقة إدارته الحرب في غزّة، مدليا بتصريحات غامضة بشأن ما إذا كان هناك من "خطّ أحمر" سيُحدّده الأمريكيّون لاسرائيل. واعتبر بايدن في مقابلة مع قناة "إم إس إن بي سي" أنّ "من حقّ (نتانياهو) الدفاع عن إسرائيل ومواصلة مهاجمة حماس. لكن يجب أن يكون أكثر حذرا حيال الأرواح البريئة التي تزهق بسبب الإجراءات المتّخذة"، مضيفا "في رأيي هذا يضرّ إسرائيل أكثر ممّا ينفعها".

وسئل بايدن خلال المقابلة عمّا إذا كان هناك من "خطّ أحمر" يجب على إسرائيل ألا تتجاوزه في هجومها. وسأله الصحافي خصوصا ما إذا كان هجوم إسرائيلي واسع النطاق في رفح بجنوب القطاع الفلسطيني سيُشكّل "خطّا أحمر".
وقال بايدن "هذا خطّ أحمر لكنّي لن أتخلّى عن إسرائيل أبدا. الدفاع عن إسرائيل يبقى ذا أهمّية قصوى. فلا خطّ أحمر أريد من خلاله وقف شحنات الأسلحة بالكامل"، إذ عندها لن يكون الإسرائيليّون "محميّين بالقبّة الحديد".
وتُعدّ المساعدة التي تقدّمها الولايات المتحدة ضروريّة لتشغيل هذا الجهاز الدفاعي واعتراض الصواريخ والقذائف.
واستدرك بايدن قائلا "هناك خطوط حُمر... فمن غير الممكن أن يموت 30 ألف فلسطيني آخرين".
وحاول بايدن من جهة ثانية تجنّب الردّ بوضوح على سؤال بشأن إمكان توجّهه قريبا إلى إسرائيل التي سبق أن زارها في أكتوبر بُعيد هجوم حماس.

"الأمم المتحدة: لا بديل عن الممرات البرية "

من جانبها أعلنت منسّقة الأمم المتّحدة للشؤون الإنسانية في غزة سيغريد كاغ أنّ إرسال المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني عن طريق إلقائها من الجو أو إيصالها عبر البحر لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يشكل "بديلاً" عن إيصالها عن طريق البرّ.
وقالت كاغ للصحافيين في ختام جلسة مغلقة لمجلس الأمن الدولي في نيويورك "لقد تحدثت عن أهمية تنويع طرق الإمداد البرية. هذا الحل يبقى الأمثل، لأنّه أسهل، وأسرع، وأرخص، بخاصة وأنّنا نعلم أنّنا بحاجة لمواصلة إيصال المساعدات الإنسانية لسكّان غزة لفترة طويلة من الزمن".
وتعليقاً على المساعدات الإنسانية التي تمّ أخيراً إلقاؤها من الجوّ فوق القطاع الفلسطيني قالت كاغ "أعتقد أنّ هذه العمليات هي رمز لدعم المدنيين في غزة. إنها شهادة على إنسانيتنا المشتركة، ولكنّها مجرد قطرة في محيط، وهي ليست كافية على الإطلاق".
وشدّدت الوزيرة الهولندية السابقة التي عيّنها مجلس الأمن الدولي في ديسمبر في منصب "كبيرة منسقي الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة" على أنّ "الجو والبحر لا يمكن أن يشكّلا بديلاً عمّا نحتاج لإيصاله عبر البرّ".لكنّ كاغ لفتت إلى أنّ "أيّ (مساعدات) إضافية، في هذا المنعطف الحرج، ستكون مهمة للغاية".
ورحّبت المسؤولة الأممية أيضاً بالقرار الذي اتّخذه الرئيس الأميركي جو بايدن لتوّه ويعتزم الإعلان عنه في خطابه السنوي حول حال الاتحاد لجهة إنشاء ميناء مؤقت في غزة لإيصال المساعدات إلى القطاع عن طريق البحر، مشيرة إلى أن "دولاً كبرى" أخرى ستنضمّ إلى هذا "الممرّ البحري" الذي سينطلق من قبرص.
من جهته، قال السفير الياباني يامازاكي كازويوكي الذي تتولّى بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الأمن في شهر مارس الجاري إنّ "أعضاء المجلس أكّدوا من جديد على أهمية الاستجابة للاحتياجات الإنسانية الملحّة في غزة بكل الوسائل الممكنة".وردّاً على سؤال بشأن أبرز العقبات التي تحول دون إيصال المساعدات إلى سكّان غزة، دعت كاغ إلى فتح المزيد من المعابر البرية، مشيرة بالخصوص إلى تعقيدات عمليات تفتيش الشاحنات على المعابر.
من ناحيته، أوضح ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنّ الشاحنات التي تصل إلى معبر رفح المصري يتمّ تفتيشها ثم تفريغها ثم إعادة تحميلها عند دخولها القطاع في شاحنات تكون في كثير من الأحيان أصغر حجماً وعددها غير كاف.وتؤكد منظمات إغاثة أن المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة تبقى شحيحة جدا. وتخضع قوافل المساعدات التي تدخل برا لموافقة مسبقة من إسرائيل.

"جريمة حرب"

ميدانيا حذّر مفوّض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك الجمعة من أن توسيع المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة يشكّل "جريمة حرب" ويحمل خطر القضاء على "أي إمكانية عملية" لقيام "دولة فلسطينية قابلة للحياة".
وأفاد تورك مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بأن بناء ومواصلة توسيع المستوطنات يعني نقل إسرائيل سكانها المدنيين إلى أراض محتلة، وهو ما "يرقى إلى جريمة حرب" بموجب القانون الدولي.
ولفت تقرير أممي يغطّي الفترة الممتدة من الأول من نوفمبر 2022 إلى 31 أكتوبر 2023 إلى أن "عنف المستوطنين والانتهاكات المتعلقة بالاستيطان وصل إلى مستويات جديدة صادمة، تهدد بالقضاء على أي إمكانية عملية لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة".وقال تورك في بيان نُشر بمناسبة صدور التقرير "إن التقارير التي وردت هذا الأسبوع بأن إسرائيل تخطط لبناء 3476 منزلاً إضافيًا للمستوطنين في معاليه أدوميم وإفرات وكيدار تتعارض مع القانون الدولي".
وأضاف البيان أن "حجم المستوطنات الإسرائيلية القائمة حاليًا توسَّعَ بشكل ملحوظ خلال الفترة التي يغطيها التقرير مع إقامة حوالي 24300 وحدة سكنية داخل المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية خلال هذه الفترة، وهو أعلى مستوى مسجل منذ بدء الرصد في عام 2017".وتابع البيان "شمل ذلك زهاء 9670 وحدة في القدس الشرقية".
ولفت التقرير إلى أن "إنشاء المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية والتوسيع المستمر للمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية، يسيران إلى جانب تهجير الفلسطينيين عبر عنف المستوطنين الإسرائيليين والدولة، وكذلك من خلال عمليات الإخلاء القسري والامتناع عن إصدار تصاريح البناء وهدم المنازل والقيود المفروضة على حركة الفلسطينيين".ومنذ اندلاع الحرب في غزة، زادت حدة العنف بالضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967.
وفي ديسمبر 2023، طالبت الأمم المتحدة إسرائيل بـ"وضع حد لعمليات القتل غير المشروع وعنف المستوطنين" بحق الفلسطينيين منددة بـ"التدهور المتسارع" في وضع حقوق الإنسان في الضفة الغربية منذ بدء الحرب في غزة.

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك حينها إن "استخدام التكتيكات العسكرية والأسلحة في سياقات إنفاذ القانون، واستخدام القوة غير الضرورية أو غير المتناسبة، وفرض قيود واسعة على الحركة هي أمور مقلقة للغاية" مؤكدا أن "شدة العنف والقمع أمر لم نشهده منذ سنوات".

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115