أن الحكومة الفلسطينية قدمت استقالتها لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ، بداية مرحلة جديدة في خضم الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر المنقضي والتي خلفت إلى حدود اللحظة أكثر من مائة ألف ضحية بين شهيد وجريح بالإضافة لأعداد غير معلومة من المفقودين . ووفق متابعين للمشهد الفلسطيني تأتي الخطوة وسط ضغوط أمريكية متزايدة عل لإجراء تغييرات في السلطة الفلسطينية وسط تكثيف الجهود الدولية لوقف القتال في غزة وبدء العمل على هيكل سياسي لحكم القطاع بعد الحرب.وتأتي هذه التطورات تعزيزا للأنباء التي رجحت موافقة حركة حماس، الأسبوع الماضي، على تشكيل حكومة تكنوقراط، مهمتها إعادة إعمار غزة وإعادة الأمن إليها بعد الحرب.ووفق تقرير نشرته "سكاي نيوز عربية" فإن هناك مؤشرات من حركة حماس على إنها وافقت على تشكيل حكومة تكنوقراط .
ويرى المراقبون أن تشكيل حكومة كفاءات غير حزبية هي من الأهمية بمكان من أجل إدارة المرحلة القادمة التي تتطلب حكومة قوية مقبولة داخليا وخارجيا قادرة الاستجابة لمتطلبات المشهد الفلسطيني خاصة بعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وقال اشتية في مستهل الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء "وضعت استقالة الحكومة تحت تصرف السيد الرئيس في الـ20 من فيفري الجاري واليوم أتقدم بها خطياً"، مؤكداً أن هذه الخطوة تأتي "على ضوء المستجدات السياسية والأمنية والاقتصادية المتعلقة بالعدوان على قطاع غزة والتصعيد غير المسبوق في الضفة الغربية والقدس وما يواجهه شعبنا وقضيتنا الفلسطينية ونظامنا السياسي من هجمة شرسة وغير مسبوقة".
وأكد اشتية أن المرحلة المقبلة تتطلب "ترتيبات حكومية وسياسية جديدة تأخذ في الاعتبار الواقع المستجد في قطاع غزة، ومحادثات الوحدة الوطنية والحاجة الملحة إلى توافق فلسطيني - فلسطيني مستند إلى أساس وطني، ومشاركة واسعة، ووحدة الصف، وإلى بسط سلطة السلطة على كامل أرض فلسطين".
وارتفعت حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى ما لا يقل عن 29782 فيما أصيب 70043 آخرون، وفق بيان محدث لوزارة الصحة في قطاع غزة اليوم. وأضافت الوزارة أن 90 فلسطينياً لقوا حتفهم وأصيب 164 في الضربات الإسرائيلية خلال الساعات الـ24 الماضية .
وقبل أيام قليلة أعلنت حركة حماس موافقتها بشأن تشكيل حكومة تكنوقراط، مهمتها إعادة إعمار غزة وإعادة الأمن إليها بعد الحرب-، مفترقا حاسما لترتيب البيت الداخلي الفلسطينية وإغلاق ملف الانقسام الذي ساهم في اضعف قضية فلسطين أمام المحتل . ووفق محللين يشكل قبول حماس المبدئي بالدخول إلى منظمة التحرير الفلسطينية، بشرط ارتباط ذلك بأفق سياسي واضح يفضى إلى دولة فلسطينية على حدود 1967. ويمثل هذا التطور منعرجا هاما في المشهد السياسي الفلسطيني ويعتبر ذلك من أهم انعكاسات حرب غزة وتأثيراتها على الساحة السياسية الفلسطينية . فيبدو جليا أن فصائل المقاومة الفلسطينية فرضت المقاومة المسلحة كخيار وحيد لاسترجاع الأرض ولمقاومة الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية على حدود 67 . وان الهدف اليوم من آية مباحثات سياسية داخلية وخارجية هو إقامة هذه الدولة على الحدود المنصوص عليها .وأكد تقارير في الغرض آنذاك التوافق على ورقة مبادئ عربية تقودها وتتابعها السعودية، التي تم تفويضها فلسطينيا وعربيا لذلك.وتتضمن ورقة المبادئ وفق نفس المصدر 3 نقاط، هي:أولا: وقف الحرب في غزة ووضع أفق سياسي لحل الدولتين.ثانيا: إعادة إعمار غزة ما بعد الحرب من خلال حكومة تكنوقراط تقود هذه المرحلة. ثالثا: متابعة الوضع الفلسطيني الداخلي وإتمام المصالحة، ودخول حماس إلى منظمة التحرير ضمن رؤية فلسطينية عربية واحدة.
حكومة "وحدة وطنية مؤقتة"
في الأثناء دعا أمين عام حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، الاثنين، إلى تشكيل حكومة وطنية مؤقتة من أجل "التصدي لمخططات الاحتلال الإسرائيلي".
وقال البرغوثي وفق "الأناضول" إن "استقالة حكومة اشتية يجب أن تؤدي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية مؤقتة مقبولة من جميع القوى الفلسطينية".وطالب بأن تعمل الحكومة الجديدة على "التصدي لمخططات (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو لتكريس احتلال غزة، وتضمن وحدة الضفة والقطاع، وترمم جراح غزة، وتعد لإجراء انتخابات حرة ديمقراطية".
وأضاف: "الشعب الفلسطيني أحوج ما يكون للوحدة الوطنية في ظل مؤامرات التهجير والتطهير العرقي الإسرائيلية، وتهديدات نتنياهو بارتكاب مجزرة وحشية لا سابق لها في رفح".وشدد على أن "أهم شيء الآن تشكيل قيادة وطنية فلسطينية موحدة، تنبثق عنها حكومة وحدة وطنية مؤقتة تستجيب لمطالب الشعب الفلسطيني وليس لأية إملاءات خارجية".
تحذيرات أممية
في الأثناء، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن هجوماً إسرائيلياً على رفح سيوجه ضربة قاضية لبرامج المساعدات في غزة، حيث لا تزال المساعدات الإنسانية "غير كافية على الإطلاق".
وقال غوتيريش في كلمة أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، إن هجوماً شاملاً على المدينة الواقعة في جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر "لن يكون فقط مروعاً بالنسبة إلى أكثر من مليون مدني فلسطيني لجأوا إلى هناك، بل سيكون بمثابة المسمار الأخير في نشع برنامج مساعداتنا" وفق ''اندبندنت عربية''.
كما عبر الأمين العام للأمم المتحدة عن أسفه لفشل مجلس الأمن الدولي في وقف الهجوم الإسرائيلي في غزة والهجوم الروسي على أوكرانيا. وقال إن هذا قوض سلطة المجلس "ربما بشكل قاتل".
وقال "افتقار المجلس إلى الوحدة في شأن الغزو الروسي لأوكرانيا، والعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة في أعقاب الهجمات الإرهابية المروعة التي شنتها (حماس) في السابع من أكتوبر كل هذا قوض سلطته بشدة وربما بشكل قاتل". وأضاف أن "المجلس يحتاج إلى إصلاح جدي لتركيبته وأساليب عمله".
تدهور الوضع الإنساني
ويستمر الوضع الإنساني في التدهور في قطاع غزة، إذ بات نحو 2.2 مليون شخص، هم الغالبية العظمى من سكانه، مهددين بخطر "مجاعة جماعية"، وفق الأمم المتحدة، قدم الجيش الإسرائيلي خطة "لإجلاء" المدنيين من "مناطق القتال" في غزة بحسب ما أعلن أمس الإثنين مكتب رئيس وزراء الإحتلال بنيامين نتنياهو.وتوعدت إسرائيل بشن هجوم بري على مدينة رفح المكتظة في جنوب القطاع على رغم المفاوضات الجارية للتوصل إلى هدنة جديدة في الحرب ضد "حماس".وقال مكتب نتنياهو في بيان مقتضب اليوم إن الجيش "قدم لمجلس الحرب خطة لإجلاء السكان من مناطق القتال في قطاع غزة، فضلاً عن خطة العمليات المقبلة"، من دون أن يخوض في تفاصيل.
يأتي ذلك في وقت قال فيه نتنياهو أمس الأول وفق قناة "سي بي أس" الأمريكية إن التوصل إلى اتفاق هدنة لن يؤدي إلا إلى "تأخير" الهجوم على مدينة رفح التي يتجمع فيها ما يقرب من مليون ونصف مليون مدني على الحدود المغلقة مع مصر، وفق أرقام الأمم المتحدة.وصرح نتنياهو "إذا توصلنا إلى اتفاق، فستتأخر (العملية) إلى حد ما، لكنها ستتم"، مضيفاً "إذا لم يحصل اتفاق، فسنقوم بها على أي حال. يجب أن تتم، لأن النصر الكامل هو هدفنا، والنصر الكامل في متناول اليد - ليس بعد أشهر، بل بعد أسابيع، بمجرد أن نبدأ العملية".
محادثات الهدنة
وبينما تستمر المحادثات في قطر، يحتدم القتال بين الجيش الإسرائيلي وحماس خصوصاً في مدينة خان يونس المدمرة، على بعد بضعة كيلومترات شمال رفح. وأحصت وزارة الصحة التابعة لـ"حماس"، الأحد، سقوط 86 قتيلاً خلال 24 ساعة في أنحاء القطاع الفلسطيني.
وكشف مسؤول إسرائيلي عن أنه من المتوقع أن يصل وفد إسرائيلي إلى قطر، أمس الإثنين، لإجراء محادثات حول اتفاق جديد لوقف إطلاق النار، وفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز".
وأضافت الصحيفة نقلاً عن المسؤول قوله إن المحادثات في قطر ستكون مكثفة وسيشارك فيها الوسطاء بغية تضييق هوة الخلافات في وجهات النظر في شأن التوصل إلى اتفاق موقت لوقف إطلاق النار مع "حماس" وإطلاق سراح المحتجزين في قطاع غزة.
"إسرائيل تضرب في عمق لبنان "
ميدانيا قالت مصادر في لبنان إن إسرائيل شنت غارات جوية في وادي البقاع أمس الاثنين مما أسفر عن مقتل اثنين على الأقل من أعضاء حزب الله، في أكثر هجماتها عمقا داخل لبنان حتى الآن منذ اندلاع الأعمال القتالية مع الجماعة المتحالفة مع إيران في أكتوبر الماضي.
وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن طائراته الحربية قصفت دفاعات جوية لحزب الله في وادي البقاع ردا على إسقاط الجماعة طائرة مسيرة إسرائيلية في وقت سابق. ويشكل هذا تصعيدا للأعمال القتالية التي تدور تزامنا مع الحرب في غزة مما يهدد بمزيد من التصعيد بين الجانبين اللذين خاضا حربا آخر مرة في عام 2006.وأصابت الغارات الإسرائيلية منطقة تبعد نحو 18 كيلومترا عن مدينة بعلبك المعروفة بآثارها القديمة والمدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) لمواقع التراث العالمي.
والمنطقة متاخمة لسوريا ومعقل سياسي لحزب الله.وقالت المصادر إن إسرائيل نفذت غارات متزامنة في المنطقة. وقال مصدر أمني لبناني ومصدر آخر مطلع على الأمر إن اثنين من أعضاء حزب الله قتلا.وبثت قناة تلفزيون الجديد اللبنانية صورا لأعمدة دخان تتصاعد من المنطقة.
ويشن حزب الله حملة من الهجمات ضد إسرائيل منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول انطلاقا من غزة، فيما وصفه بأنه محاولة لدعم الفلسطينيين الذين يتعرضون للنيران الإسرائيلية في القطاع.وتركزت الأعمال القتالية إلى حد كبير في المناطق القريبة من الحدود اللبنانية الإسرائيلية، لكن نطاقها اتسع الأسبوع الماضي عندما ضربت إسرائيل منطقة جنوبي مدينة صيدا الساحلية.
وقال حزب الله في وقت سابق أمس الاثنين إنه أسقط طائرة مسيرة إسرائيلية من طراز هرمز 450 فوق الأراضي اللبنانية بصاروخ أرض جو، وهي المرة الثانية التي يعلن فيها إسقاط هذا النوع من المسيرات.