في جولة جديدة لبحث ملف الهدنة على وقع تواصل حرب الإبادة الصهيونية التي تمارسها قوات الإحتلال الإسرائيلي ضدّ الفلسطينيين دون رادع أو رقيب ،وذلك رغم قرار محكمة العدل الدولية لوقف جرائم الابادة والدعوات الدولية المتعددة لوقف الحرب..
وتشمل جولة بلينكن السعودية ومصر وقطر وإسرائيل والضفة الغربية المحتلة. ومن المقرر أن يلتقي بلينكن كبار المسؤولين لبحث تطورات الحرب في غزة على نقل مقترح تقدمت به إدارة البيت الأبيض للإفراج عن إسرائيليين محتجزين في غزة، مقابل وقف الحرب الإسرائيلية على القطاع، وفق ما أعلنت الخارجية الأمريكية. وأشارت إلى أن بلينكن سيبحث هذا المقترح في قطر التي تقود إلى جانب مصر وساطة بشأن الإتفاق المطروح .
تأتي هذه الجولة في اطار مسار تفاوضي من أجل التوصل لاتفاق يضمن الإفراج عمّا تبقى من محتجزين، ويشمل هدنة إنسانية مؤقتة تسمح بإيصال مستمر ومتزايد للمساعدات الإنسانية لمدنيين في غزة . ولكن يبدو ان هناك انقساما إسرائيليا داخل الأحزاب الإسرائيلية بشأن التنازلات التي ستقدمها الصفة من الاحتلال .
تسارع الحراك الدبلوماسي
ويرى مراقبون أن تفجر الأوضاع وما تشهده المرحلة الراهنة من أوضاع مأساوية يعيشه الفلسطينيون نتيجة القصف الإسرائيلي الدامي واستمرار حملات الإعتقال والتهجير القسري ضدّ أصحاب الأرض ، كل هذا سرّع وتيرة الحراك الدبلوماسي الدولي خشية تفجّر الأوضاع وتوسع رقعتها نحو المنطقة خصوصا في ظلّ الهجمات المتفرقة التي تشنها المقاومة في كل من لبنان العراق اليمن وسوريا أيضا ، وما خلفه ذلك من ضربات أمريكية بريطانية ضد أهداف تقول أنها تابعة لجماعة الحوثي في اليمن . ووفق تقارير ينصّ مقترح الهدنة الجديد على وقف القتال لمدة ستة أسابيع مبدئيا، بينما تفرج حماس عن الرهائن مقابل أسرى فلسطينيين، وفق مصدر في الحركة الإسلامية.لكن حماس أكدت أنه لم يتم بعد التوصل إلى أي اتفاق بينما أعرب بعض المسؤولين الإسرائيليين عن معارضتهم لأي تنازلات.
وفي بداية جولته من المقرر ان يلتقي بلينكن أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، ويعقد لقاء مع محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية.وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، إن بلينكن سيواصل الجهود الدبلوماسية من اجل التوصل لهدنة .
ومؤخراً التقى مسؤولون قطريون ومصريون و"إسرائيليون" في باريس للتباحث في المقترح الذي من شأنه التوصل لاتفاق يضمن الإفراج عن محتجزين لدى حركة حماس. وكانت قطر قد أعلنت في وقت سابق أن حماس تلقت المقترح بشأن هدنة إنسانية في قطاع غزة.
وشدد بلينكن قبل الزيارة على ضرورة "الاستجابة بشكل عاجل إلى الاحتياجات الإنسانية في غزة"، بعدما دقّت مجموعات الإغاثة مرارا ناقوس الخطر حيال التداعيات المدمّرة للحرب التي تقترب من دخول شهرها الخامس، على الجيب المحاصر.
3 خيارات مطروحة
ويرى متابعون أن المرحلة الراهنة باتت تحمل خيارات محدودة للجانب الإسرائيلي الذي واجه ضغوطا خارجية إلى جانب ضغط الشارع الإسرائيلي على حكومة نتيناهو للإفراج عن المحتجزين . ووفق مراقبين فإن الخيارات باتت مقتصرة على سيناريو حكم غزة وهو سيناريو صعب التنفيذ بحكم حرب الإستنزاف التي تمارسها حركة المقاومة الإسلامية حماس ضدّ جيش الإحتلال ما يؤكد صعوبة نجاح الإحتلال في تنفيذ هذا السيناريو في وقت يفشل فيه إلى حد اللحظة في التوصل إلى مكان احتجاز الإسرائيليين . ووفق نفس القراءات يتمثل الخيار الثاني في رضوخ إسرائيل وقبولها المبادرة الأمريكية التي يحملها بلينكن إلى دول المنطقة ، أما الخيار الثالث فهو الإستمرار في الحرب الدائرة والدخول في مرحلة استنزاف كبرى ستؤثر على المشهد الإسرائيلي مع تراجع الدعم الأمريكي الذي رغم أنه لم ينقطع لكنه شهد تراجعا أثار مخاوف وانتقادات داخل إسرائيل.
ووفق تقارير إعلامية فإنّ مبادرة أمريكية إقليمية واسعة ستعرض قريبا على ''إسرائيل''، مبادرة تتضمن العناصر التالية: صفقة تحرير مخطوفين مقابل وقف نار وتحرير سجناء فلسطينيين، وموافقة سعودية على تسوية علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل في إطار اتفاق سلام (أو تطبيع)، وموافقة "إسرائيلية" على إعادة السلطة الفلسطينية إلى غزة – بهذه الصيغة أو تلك، وكبديل عن حكم حماس – وموافقة أمريكية على حلف دفاع أمريكي سعودي يتضمن أيضا موافقة على مشروع لتخصيب اليورانيوم لأغراض مدنية على الأراضي السعودية، وصفقة سلاح كبرى وفق مانقلته صحيفة ''إسرائيل اليوم''.
كارثة إنسانية
على صعيد ميداني حذّر الهلال الأحمر الفلسطيني من "كارثة إنسانية" في مستشفى الأمل في خان يونس "بعد 14 يوما من الحصار"، مشيرا إلى "نفاد مخزون الطعام للنازحين" و"نفاد بعض المستهلكات الطبية والأدوية".
ويعيش سكان غزة في ظروف إنسانية قاسية، وقالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عبر منصة التواصل الاجتماعي ''إكس''إن "هناك محدودية شديدة في الوصول إلى المياه النظيفة والصرف الصحي وسط القصف المستمر".
على صعيد المساعدات، حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في مقال الأحد من أن وقف تمويل أونروا على خلفية اتهامات إسرائيلية لعدد صغير من موظفيها في هجوم 7 أكتوبر، سيكون "غير متناسب وخطيرا" و"يعرض حياة مئات الآلاف من الأشخاص للخطر".
وأكد خبراء ومجموعات حقوقية وفق فرانس براس أن القوات الإسرائيلية تدمّر بشكل ممنهج المباني الواقعة قرب الحدود في محاولة لإقامة منطقة عازلة داخل الجيب الفلسطيني.ولم تؤكد إسرائيل الخطة التي قالت نادية هاردمان، الخبيرة في حقوق اللاجئين في منظمة هيومن رايتس ووتش، إنها "قد ترقى إلى جريمة حرب".وأضافت هاردمان "نرى أدلة متزايدة على أن إسرائيل يبدو أنها تجعل أجزاء كبيرة من غزة غير صالحة للعيش".
وأدت الحرب إلى تصاعد التوتر الإقليمي، مع تزايد الهجمات التي تشنها فصائل مدعومة من إيران في المنطقة بحجة دعم الفلسطينيين.وأعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا قصف عشرات الأهداف في اليمن السبت ردا على هجمات متكررة للحوثيين على سفن في البحر الأحمر أدت إلى تعثر التجارة العالمية.كما أعلنت القيادة العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط (سنتكوم) تنفيذ ضربة جديدة صباح الأحد ضد صاروخ مضاد للسفن تابع للحوثيين كان معدّا للإطلاق باتّجاه البحر الأحمر.
وكتب المتحدث العسكري باسم الحوثيين العميد يحيى سريع على منصّة إكس الأحد أن "هذه الاعتداءات لن تثنينا" عن مساندة غزة، بينما نددت إيران بالضربات الأمريكية والبريطانية باعتبار أنها "تتعارض" مع هدف واشنطن ولندن المعلن بتجنّب "اتساع رقعة الحرب والنزاع في المنطقة".كما يجري تبادل يومي للقصف على الحدود الإسرائيلية اللبنانية.وقال الجيش الإسرائيلي الأحد إنه دمر مواقع يعتقد أن حزب الله، أحد حلفاء حماس الإقليميين، أطلق منها صواريخ، ومواقع مراقبة تابعة للحزب في جنوب لبنان وفق الأناضول.
جولات خارجية
والتقى وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، في أول جولة له في الشرق الأوسط منذ توليه المنصب، بنظيريه في مصر والأردن، وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن هناك حاجة إلى "إطلاق تحرك دولي فوري" من أجل "وقف الحرب في غزة".
كما أبلغ سيجورنيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي برغبة فرنسا في "وقف إنساني لإطلاق النار في غزة واستئناف المحادثات من أجل حلّ الدولتين".وكان القيادي في حماس أسامة حمدان قد أعلن السبت من بيروت أن الحركة تحتاج إلى مزيد من الوقت لدراسة مقترح الهدنة حتى "نعلن موقفنا تجاهها مع التركيز على أن موقفنا سيكون مستندا إلى تقديرنا لمصالح شعبنا وحرصنا على وقف العدوان عليه بأسرع وقت".
انتقادات داخلية
في إسرائيل، رد نتانياهو على انتقادات من داخل حكومته للولايات المتحدة.وأكد رئيس الوزراء "نحن نقدر بشدة الدعم الذي تلقيناه من إدارة (الرئيس جو) بايدن منذ اندلاع الحرب".
وكان وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير قد صرح لصحيفة وول ستريت جورنال "بدلا من أن يقدم لنا دعمه الكامل، ينشغل بايدن في تقديم المساعدات الإنسانية والوقود (لغزة) الذي يذهب لحماس".والولايات المتحدة هي الحليف الرئيسي لإسرائيل، وتقدم لها دعما عسكريا سنويا بمليارات الدولارات.
لكن واشنطن تشدد في الأسابيع الأخيرة على توفير حماية أكبر للمدنيين في قطاع غزة بالإضافة إلى إقامة دولة فلسطينية.