حول الصيرفة الإسلامية مدنيّة الدّولة مجدّدا

بقلم معتز القرقوري
أستاذ محاضر بكلية الحقوق بصفاقس
أصدرت الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين قرارا مهما وهو القرار عـدد 04 /2016 بتاريخ 2 جويلية 2016 يتعلق

بمشروع قانون البنوك والمؤسسات المالية وتكمن أهمية هذا القرار في أنه تناول العديد من المسائل ذات الحساسية الاستثنائية سواء تعلق الأمر بالنواحي والمسائل الإجرائية البحتة أو بالمسائل الجوهرية غير أننا لن نتناول كل هذه المسائل لأن المجال لا يسمح بذلك ولأنه يقتضي دراسة معمقة ومستفيضة لهذا القرار غير أن ما جلب انتباهنا هو المطعن السادس الذي قدمه العارضون ورد الحكومة والهيئة الوقتية عليه حيث جاء في هذا المطعن كما لخصته الهيئة الوقتية ما يلي :

«مخالفة الفصل 54 من مشروع القانون لتوطئة الدستور والفصل 2 منه وينعى الطاعنون على هذا الفصل ما أكساه من صبغة دينية للعمليات البنكية للصيرفة الإسلامية وإخراجها من الصبغة الوضعية التي تم تحديدها بالقانون من خلال إعتماد هذه الصيرفة لمرجعية مغايرة للقانون المدني السائد وفي ذلك ضرب لوحدة المنظومة القانونية الوطنية. ويتأكد هذا التوجه في مشروع القانون حسب الطاعنين في تركيبة هيئة مطابقة معايير الصيرفة الإسلامية التي هي هيئة دينية بامتياز ويستنتج من كل ذلك في تقديرهم مخالفة أحكام الفصل 54 لتوطئة الدستور والفصل 2 منه التي تقر مدنية الدولة وأحكام الفصل 50 التي تحجر على الدولة ومؤسساتها ممارسة أي تمييز بين المواطنين ما يؤكد حجة التصريح بعدم دستورية الفصل 54 من المشروع».

أما رد الحكومة على هذا المطعن فكان كالآتي: « إن آراء هيئة مراقبة معايير الصيرفة الإسلامية تبقى مجرد آراء توجيهية ولن تحل محل القوانين ولم تسند لها مرتبة عليا وعلى أساسه تبقى العقود المتعلقة بالمنتجات التي تسوقها البنوك والمبنية على آراء الهيئة خاضعة لقواعد القانون الوضعي دون سواه من حيث أركان التعاقد وشروط الصحة والآثار القانونية، وتضيف الحكومة في ردها على ما رآه الطاعنون أن آراء الهيئة ملزمة بأن الفقرة الأخيرة من الفصل 54 في صيغتها النهائية المصادق عليها تجعل من مجلس الإدارة أو مجلس مراقبة البنك أو المؤسسة المالية هو من يضفي الإلزامية على قرارات الهيئة.

وفي ما يخص مرجعية معايير الصيرفة الإسلامية ترد الحكومة بأنها تستند إلى معايير متعارف عليها دوليا وهي معايير مالية تمثل مرجعية لكل الدول التي تنظم ممارسة عملية الصيرفة الإسلامية سواء كانت دولا إسلامية أو غيرها وهي لا تكتسي صبغة إلزامية على غرار المعايير المنظمة للصيرفة التقليدية وتضيف الحكومة بأن البنك المركزي يعد ضامنا بمقتضى هذا القانون لتوافق معايير الصيرفة الإسلامية مع القانون الوضعي».

إن رد الحكومة يثير بعض الملاحظات:
• الملاحظة الأولى : هو أن الحكومة تتمسك بأن الفقرة الأخيرة من الفصل 54 في صيغتها النهائية المصادق عليها يجعل من مجلس الإدارة أو مجلس مراقبة البنك أو المؤسسة المالية هو من يضفي الإلزامية على قرارات الهيئة. فالحكومة تقر صراحة بأن الهيئة تصدر «قرارت» والقرار في النظرية العامة للقانون لا يكون استشاريا بل يكون بالضرورة ملزما.

ثم أنه بالعودة إلى الفقرة الأخيرة من الفصل 54 نجد أنها تتناول موضوعا لا علاقة له أصلا بـ «إضفاء الإلزامية على قرارات الهيئة» فهذه الفقرة تتعلق بالواجبات المحمولة على أعضاء هيئة مراقبة مطابقة معايير الصيرفة الإسلامية.

أما إذا كانت الحكومة تقصد المطة الأخيرة من الفقرة الأولى من الفصل 54 فإنها لا تتعلق كذلك بما ذهبت إليه الحكومة في ردها من أن مجلس الإدارة أو مجلس مراقبة البنك أو المؤسسة المالية هو من يضفي الإلزامية على قرارات الهيئة حيث جاء في هذه المطة الأخيرة: ...»النظر في أية مسائل تتعلق بالصيرفة الإسلامية تعرض عليها من قبل البنك أو المؤسسة المالية». وهذه المطة لا علاقة لها بإلزامية «قرارات الهيئة».

 

• الملاحظة الثانية : هو أن الحكومة تقر في ما يتعلق بمرجعية معايير الصيرفة الإسلامية بأنها تسند إلى معايير متعارف عليها دوليا وهي معايير مالية تمثل مرجعية لكل الدول التي تنظم ممارسة عملية الصيرفة الإسلامية سواء كانت دولا إسلامية أو غيرها فإذا كانت هذه المعايير معروفة وموحدة فما الفائدة إذن من إنشاء هيئات مراقبة مطابقة معايير الصيرفة الإسلامية. ألم يكن من الأجدر أن يتولى البنك المركزي نفسه عملية المراقبة وتجنب البنوك كل مصاريف تكوين الهيئات الشرعية وهي ليست بالمصاريف الهينة حسب تقدير أغلب الدارسين للصيرفة الإسلامية، ثم ماذا عن البنوك أو المؤسسات المالية التي لم تختر تكوين هيئة مراقبة مطابقة معايير الصيرفة الإسلامية؟ فمن يراقب مدى احترامها لتلك المعايير؟ ألم يكن من الممكن تضمين المبادئ الأساسية للصيرفة الإسلامية صلب هذا القانون وبذلك نضمن تناسق المنظومة القانونية للدولة ونحمي مدنيتها من أي انتهاك حتى ولو كان مفترضا ؟

• الملاحظة الثالثة : أكدت الحكومة بأن البنك المركزي يعد ضامنا بمقتضى هذا القانون لتوافق معايير الصيرفة الإسلامية مع القانون الوضعي وهذا التبرير يبدو وجيها من الناحية المبدئية ولكن وإذا كان كان البنك المركزي يضمن التوافق بين معايير الصيرفة الإسلامية مع القانون الوضعي وهو توافق نستبعد تحققه بفعل اختلاف المنطلقات بين المالية الإسلامية من جهة المرتكزة على قواعد الشريعة الإسلامية والمالية التقليدية من جهة أخرى المرتكزة على قواعد القانون الوضعي المستمد من إرادة الشعب ألم يكن بإمكانه أن يضمن توافق المنتجات البنكية الإسلامية مع معايير الصيرفة الإسلامية؟

ثم إن الحكومة لم تكلف نفسها عناء إبراز الفصول التي تؤكد ضمان البنك المركزي لتوافق معايير الصيرفة الإسلامية (وهي معايير دولية حسب ما أكدته الحكومة أي أن البنك المركزي لا يتحكم فيها) مع القانون الوضعي واكتفت بالتأكيد على أن «البنك المركزي يعد ضامنا بمقتضى هذا القانون لتوافق معايير الصيرفة الإسلامية مع القانون الوضعي».

هذا في ما يتعلق بالحكومة أما الهيئة فإنها خصصت حيزا هاما من قرارها لهذا المطعن محاولة الرد عليه بإطناب ربما لتقديرها أن أهميته تتجاوز القرار الحالي إلى قرارات أخرى لاحقة قد يطرح فيها نفس الإشكال وقد جاءت في قرار الهيئة جملة من الحيثيات غير أننا سوف نقتصر علي حيثيتين نقدر أنهما مهمتان في رد الهيئة بدون أن يعني ذلك أن باقي الحيثيات ليست مهمة لكن قبل ذلك سوف نتعرض إلى تذكير الهيئة بمحتوى الطعن الذي تقدم به النواب :

«سادسا: مخالفة الفصل 54 من مشروع القانون المطعون فيه لتوطئة الدستور والفصل 2 منه بمقولة أن هيئة مراقبة مطابقة معايير الصيرفة الإسلامية تبدي رأيها في مدى مطابقة العمليات والمعاملات لمعايير الصيرفة الإسلامية وأن آراء الهيئة تغدو ملزمة للبنك مثلما يؤخذ من قراءة الفقرة العاشرة من الفصل 54 المشار إليه الأمر الذي يجعل من معايير الصيرفة المذكورة والمستمدة من الشريعة الإسلامية مصدرا شكليا للعمليات والمعاملات المالية وهو ما يعتبر مساسا بمدنية الدولة اعتبارا أن الشريعة ولئن كانت مصدرا ماديا للقوانين كالأحوال الشخصية والالتزامات والعقود إلا أنها لا ترتقي إلى أن تكون مصدرا شكليا باعتبارها لا تندرج ضمن سلم القانون الوضعي التونسي كما أن ذلك ينال من وحدة المنظومة القانونية باعتبار أن مجال المعاملات خاضع لمجلة الالتزامات والعقود وأن إخضاع المعاملات البنكية إلى الصيرفة الإسلامية سيؤدي إلى وجود معاملات بنكية خاضعة للصيرفة الإسلامية وهو ما يترتب عليه إحداث محاكم شرعية مختصة للبت في النزاعات الناشئة عن هذه المعاملات الأمر الذي يشكل ضربا للمنظومة القضائية التونسية ويؤدي إلى إخراج هذه المعاملات من منظومة القانون الوضعي كما يستنتج من تركيبة الهيئة وصلاحياتها أنها هيئة دينية وهو ما يتعارض مع مبدإ مدنية الدولة المكرس بكل من توطئة الدستور والفصل 2 منه والقائم بمقتضى الفصل 50 من الدستور على نظام تكون مرجعيته إرادة الشعب التي تمثل مصدرا لكل السلطات ويحجر أي تمييز بين المواطنين بسبب الاختلاف في الدين والجنس أو الموقع الاجتماعي أو الانتماء الجغرافي واعتبارا لذلك فإن إحداث هيكل مستقل عن هياكل البنك يعهد إليه بتطبيق قواعد تختلف عن تلك التي وضعها المشرع التونسي يؤسس لازدواجية في النظام القانوني والبنكي التونسي الأمر الذي يشكل خطرا على مدنية الدولة ووحدتها».

وبعد أن استعرضت الهيئة أجوبة الحكومة التي سبق التعرض لها حاولت الهيئة أن تقدم الإجابات القانونية المقنعة حول عدم تعارض الصيرفة الإسلامية مع الأحكام والمبادئ الدستورية وجاء في الحيثية الأولى ما يلي :
«وحيث أن أحكام الدستور لما كانت قائمة على مبدإ الإنسجام فإن ذلك ينفي أي تعارض بين الفصلين الأول والثاني من الدستور ذلك أن التنصيص على أن تونس دولة دينها الإسلام لا يعني بالضرورة أن تونس ليست دولة مدنية».
إن هذه الحيثية مهمة لأنها تكرس أولا مبدأ الانسجام في تأويل أحكام الدستور بناء على الفصل 146 من الدستور الذي جاء فيه «تفسر أحكام الدستور ويؤول بعضها البعض كوحدة منسجمة».

غير أن القول بوجود مبدأ الانسجام في قراءة أحكام الدستور قد يكون محل نظر فمن جهة أولى يجمع أغلب الفقهاء اليوم على أن الدستور التونسي الصادر في 27 جانفي 2014 يتضمن عديد الأحكام التي يصعب إيجاد الانسجام بينها بل إن بعض الفصول تتضمن عدم انسجام داخلها مثل الفصل 6 كما أن الأحكام الخاصة بالنظام السياسي يصعب ربطها بصورة منسجمة مع ما جاء بالتوطئة – وهي جزء لا يتجزأ من الدستور – من قيام النظام السياسي على مبدأ الفصل بين السلط والتوازن بينها.

ومن جهة ثانية فإن الانسجام يجب البحث عنه في الإرادة الحقيقية لواضعي الدستور بناء على كل النقاشات والمداولات وتوالي النسخ التي مر بها وضع الدستور والتي على أساسها يجب تأويل أحكامه والبحث عن الانسجام الفعلي وليس الظاهري والشكلي لأحكام الدستور، ففهم العلاقة بين الفصل الأول والفصل الثاني من الدستور وتأويل ما جاء بالفصل الأول من أن تونس «الإسلام دينها» يجب أن يأخذ بعين الإعتبار الصراع «المرير» الذي خاضه المجتمع المدني وجانب من المجتمع السياسي والنخب والتنازلات «المؤلمة» التي قدمتها بعض الأطراف السياسية للوصول إلى هذه الصياغة التوافقية – على الأقل ظاهريا – للفصلين 1 و 2 من الدستور وخاصة الاحتفاظ بما جاء صلب الفصل 1 من دستور 1 جوان 1959 كدليل على التواصل بين مقومات الجمهورية الأولى والجمهورية الثانية.
وأضافت الهيئة بأن التنصيص على أن تونس دولة دينها الإسلام لا يعني بالضرورة أن تونس ليست دولة مدنية. وإضافة إلى أن هذه الجملة من حيثية الهيئة فيها تحريف لما ورد صلب الفصل الأول من الدستور من أن «تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة الإسلام دينها...» وهذا التحريف لما ورد صلب الفصل الأول في علاقة تونس بالإسلام والذي نفترض انه غير مقصود قد تترتب عنه انعكاسات أكيدة في مستوى تأويل الفصل الأول من الدستور فمن المتعارف عليه اليوم أن الفصل الأول من الدستور الحالي ليس إلا نقلا لما جاء بالفصل الأول من دستور 1 جوان 1959 الذي تم تأويله بطريقتين مختلفتين ليس فقط من حيث المضمون ولكن وخاصة من حيث الاثار:

الإتجاه الأول يرى أن هذا الفصل يكرس نظرية «الإسلام دين الدولة» أي أن المنظومة القانونية للدولة من المفترض أن تكون متطابقة مع أحكام ما يعرف بالشريعة الإسلامية التي تعتبر على أقل تقدير مصدرا أساسيا للتشريع والقضاء ان لم تكن المصدر الوحيد.
الإتجاه الثاني وهو الغالب يرى بأن الإسلام هو دين دولة وهو معطى سوسيولوجي وحضاري- ثقافي أكثر منه معطى قانوني فبما أن غالبية التونسيين مسلمون فإن الدولة لا يمكن لها أن تتغاضى عن هذا المعطى الاجتماعي المرتبط بالهوية الوطنية التونسية.

ويبدو أن الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين عند استعمالها لمصطلحات «دولة دينها الإسلام». تحيي الجدل القديم- الحديث حول علاقة الدين – الإسلام بالدولة في تونس وتعطي أملا لمن ينادي بقيام دولة دينية على أساس تطبيق الشريعة الإسلامية كمصدر وحيد أو على الأقل مصدرا أساسيا من مصادر القانون.

وتضيف الهيئة في الحيثية الثانية «وحيث أن ما تضمنته توطئة الدستور بخصوص تمسك تونس بتعاليم الإسلام ومقاصده إنما يعزز هذا الإتجاه من ناحية أن إدماج الصيرفة الإسلامية في القانون الوضعي التونسي ينصهر في نطاق ضمان الدولة للمواطنين والمواطنات للحقوق والحريات الفردية والعامة وتهيئة أسباب العيش الكريم لهم وفق ما يضبطه الدستور بما في ذلك الحق في عمليات بنكية قائمة على غير أساس الفائدة.»

إن هذه الحيثية حبلى بالأفكار- ما قيل منها وما لم يقل ولكن يمكن إستنتاجه عند التأمل فيها وغور خباياها- فمنذ البداية تمت الإحالة إلى التوطئة في ما يتعلق بتمسك تونس بتعاليم الإسلام ومقاصده لربطها بالفصل الأول من الدستور ومحاولة التأكيد على أن وجود مؤسسات أو هيئات تطبق أحكام الشريعة الإسلامية هو أمر مطابق للدستور وغير متناف مع مدنية الدولة وهي قراءة بطبيعة الحال قابلة للنقد.

وإن إدماج الصيرفة الإسلامية التي من بين مقوماتها الأساسية حسب المختصين في هذا المجال تعيين هيئات رقابة شرعية والخضوع للمعايير الشرعية المستمدة كليا من «الشريعة الإسلامية» (بدون الخوض طبعا في مفهوم الشريعة الإسلامية) وأخيرا إنشاء هيئات قضائية شرعية مختصة للبت في النزاعات الناشئة عن هذه المعاملات لا تمثل خطرا على وحدة المنظومة القانونية وتماسكها فهذا الإدراج يأتي وفقا لحيثية الهيئة في نطاق ضمان الدولة للمواطنين والمواطنات للحقوق الفردية والعامة وتهيئة أسباب العيش الكريم لهم وفق ما يضبطه الدستور بما في ذلك الحق في عمليات بنكية قائمة على غير أساس الفائدة.

إن هذه الحيثية تثير بعض الملاحظات:
• الملاحظة الأولى: هو أنه يصعب مبدئيا إيجاد العلاقة القائمة بين القبول بمبادئ وآليات الصيرفة الإسلامية وضمان الدولة للمواطنين والمواطنات للحقوق الفردية والعامة وخاصة تهيئة أسباب العيش الكريم لهم فهل أن تكريس آليات الصيرفة الإسلامية يساعد على تمتع المواطن بحقوقه الفردية والعامة؟ وهل أن عدم تكريسها يستنقص من ممارسته تلك الحقوق والحريات؟ ثم ما علاقة تهيئة أسباب العيش الكريم بآلية الصيرفة الإسلامية؟

هل أن اعتماد آليات الصيرفة التقليدية هي التي كانت سببا في عدم تمتع أغلب التونسيين اليوم بأسباب العيش الكريم؟ وهل أن إعتماد الصيرفة الإسلامية سوف ينقل المواطن التونسي من ضنك العيش إلى العيش الكريم؟

• الملاحظة الثانية: هو أن الهيئة تحيل صلب هذه الحيثية إلى «الحق في عمليات بنكية قائمة على غير أساس الفائدة» وإضافة إلى أنه يصعب منهجيا تصنيف هذا الحق الجديد ضمن الأجيال التقليدية وحتى الحديثة لحقوق الإنسان فإن اعتبار الهيئة أن الدستور يكفل الحق في عمليات بنكية قائمة على غير أساس الفائدة وأن القانون جاء ليكرس وينظم هذا الحق ولينظم ممارسة المواطنين للحقوق والحريات الفردية والعامة يجعل من هذا القانون مندرجا بصورة آلية ضمن مجال تدخل القوانين الأساسية طبقا للفصل 65 من الدستور الذي فيه:...

تتخذ شكل قوانين أساسية النصوص المتعلقة بالمسائل التالية:

«الحريات وحقوق الإنسان».
والحال أن القانون المعروض على هيئة والمتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية اتخذ شكل قانون عادي.

وعموما فان القرار الذي أصدرته الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين يعد قرارا مهما بالنظر إلى حساسية المسائل التي تناولها في علاقة خاصة بمدنية الدولة ذلك أن مفهوم المدنية لم يتبلور بعد وبصفة واضحة في الأذهان ولكل تأويله لهذا المفهوم وهو ما يؤكد مرة أخرى بان فكرة التوافق التي طبعت ومازالت العديد من مراحل الانتقال الديمقراطي في بلادنا تبقى نسبية النجاعة كلما كانت التوافقات غير مبنية على قناعات وإنما على حسابات سياسية وحزبية ضيقة.

إن التوافق على محتوى الفصل الأول من الدستور لم يكن مقترنا بتوافق حول مدلوله وهو ما يفتح المجال واسعا للتأويل الذي من المفترض أن يأخذ بعين الاعتبار مسار وضع الدستور وظروف والغاية من وضعه .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115