منبــــر: إغلاق متحف باردو: فضيحة متواصلة وإثم لا يغتفر

أُغلق متحف باردو ليلة إعلان رئيس الجمهورية قيس سعيد عن الاجراءات الاستثنائية في 25 جويلية 2021 التي شملت تجميد مجلس النواب قبل أن يتمّ حلّه

في وقت لاحق ورفع الحصانة عن جميع أعضائه وذلك إلى جانب إجراءات أخرى، خشية الحفاظ على أمن الدولة من «خطر داهم» رآه سعيد ومن معه.
متحف باردو، سيئ الحظ، تلاصق بنايته بناية مجلس النواب، وهنالك باب مشترك بينهما، يعني يمكن أن تدخل إلى المجلس من باب المتحف والعكس صحيح.
والسؤال الملح اليوم، لماذا يتواصل إغلاق المتحف رغم زوال «مخاوف فلسفة إغلاقه، ورغم مراسلات المعهد الوطني للتراث لفتحه؟ في الحقيقة لا أحد يعلم السبب؟ ربما يمكن أن نستنتج لماذا أغلق منذ البداية؟ مع أنه لا يوجد سبب وجيه ومنطقي ومقنع لإغلاقه، فحتى بعدما تعرّض لهجوم إرهابي في 18 مارس 2016، لم يغلق، بل واصل نشاطه المعهود..
ربما يعود السبب الرئسي لإغلاقه هو خشية الرئيس المفدى ومن معه من تسللّ أعضاء وعضوات مجلس النواب المنحل عبر المتحف ودخولهم إلى مجلس النواب، وانتصاب المجلس، وقيام سيناريو لا ترتضيه فلسفة 25 جويلية، أو هاجس الرئيس الأكبر قبل أن يحلّ المجلس بأحد مراسيمه.. ألم يكن هذا السبب الرئيسي لإغلاق متحف باردو؟
وزيرة الثقافة قالت في أحد تصريحاتها الإذاعية القليلة جدا في هذا الغرض، «إن هناك ظروف تتجاوز الإطار الوزاري منعت استئناف نشاطه»، أيّ قاموس يمكن أن يفسّر كلامها هذا؟ ربما نسي الرئيس المفدى أمر متحف باردو.. وكذلك وجود متحف باردو أصلا؟ ألسنا خارج التاريخ وبعيدا عن الحضارة في تونس اليوم؟
لطالما قيل أن تونس أكبر من حكّامها ومسؤوليها، لا يمكن أن نتحدّث في تونس اليوم، لعدّة اعتبارات، عما يستحقّه التراث التونسي من إعادة للاعتبار من حيث هو مجال للتنمية الاجتماعية والاقتصادية.. تراثنا لا يمكن اختزاله في تعريف أو مفهوم واحد وحتى كلمة «تنوع» لا تكفي في وصفه، فالأمر معقّد شأنه شأن شخصية التونسي المعقدة والمتشعبة..
لا نتحدّث اليوم عن متحف باردو باعتباره المموّل الأوّل لميزانية وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية، (إضافة إلى قصر الجم والموقع الأثري بقرطاج)، لنتناسى عائداته المالية القيّمة مقارنة ببقية المتاحف والمواقع الاثرية في تونس، من سيعوّض خسائره المالية؟ هواجس الرئيس؟ أم ميزانية وزارة الثقافة المثقوبة منذ جائحة كورونا؟ لنتناس قيمة متحف باردو الإعتبارية وصيته العالمي، لنتناس أنّه وجهة الباحثين والطلبة من جميع أنحاء العالم لا من تونس فقط، لنتناس الضرر الناجم عن الإغلاق، لماذا يتواصل إغلاقه إلى اليوم؟ لماذا؟ ألا يوجد شرح رسمي للأسباب؟
متحف باردو الذي فتح أبوابه للعموم في 7 ماي 1888، أغلق بقرار عشوائي، غير مدروس ودون أساس علمي أو منطقي، متحف باردو أكبر المتاحف في شمال افريقيا، ومن أكبر المتاحف في العالم، يحوي ما يناهز 5 آلاف متر مربع من الفسيفساء، الفريدة من نوعها في العالم.. تاريخ تونس يخفي عند كل مرحلة من مراحله إرثا متنوّعا ومتعدّدا يشبه الفسيفساء إلى حدّ بعيد، متحف باردو يحتوي على أكبر مجموعة من لوحات الفسيفساء في العالم وهي بمثابة دليل على مختلف الحقبات التاريخية التي عاشتها تونس ووسيلة لمعرفة طرق العيش في الحقب المختلفة فضلا عن معرفة الأطر الإجتماعية والأيديولوجيا والثقافية...

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115