منبر: محاكاة تقنية لمقترحات تعديل القانون الانتخابي

بقلم: شوقي قدّاس
خبير في القانون والأنظمة الانتخابية

(الجزء الأول)

نقوم عادة بتعديل القوانين عندما يبرهن تطبيقها على أرض الواقع على عدم بلوغ الغاية من إقرارها. وهي وضعية الحال فيما يتعلق بالقانون الأساسي عدد 16 المؤرخ في 26 ماي 2014 المؤطر للعملية الانتخابية بالجمهورية التونسية والذي تم تطبيقه في ثلاث محطات انتخابية : في 2014 التشريعية والرئاسية ثم 2017 الانتخابات البلدية وأخيرا للتشريعية والرئاسية في 2019.

القاعدة في التعديلات التي تطال القوانين الانتخابية هي أنه يجب أن يصادق عليها بعيدا عن المواعيد الانتخابية وفي كل الأحوال وأقصاها على الأقل سنة قبل تاريخها المبرمج. وهو ما يبرهن الخيار الذي تم تكريسه بالفصل 106 للقانون الانتخابي الذي ينص على أنه «يتمّ تقسيم الدوائر الانتخابية ويُضبط عدد مقاعدها بالاستناد إلى قانون يصدر سنة على الأقل قبل الموعد الدوري للانتخابات التشريعية». وعدم احترام هذه القاعدة أدى في تاريخ تونس الحديث إلى تعطيل المصادقة على مشروع القانون الأساسي عدد 63 لسنة 2018 المتعلق بتنقيح القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 والمتعلق بالانتخابات والاستفتاء الذي صادق علية مجلس نواب الشعب يوم 18 جوان 2019 بموافقة 128 نائبا وأعتبر يوم 8 جويلية دستوري من قبل الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين، لكن رئيس الجمهورية امتنع على ختمه ونشره بالرائد الرسمي.

إذا اعتبرنا أن الموعد القادم للانتخابات التشريعية والرئاسية سيكون خلال شهر أكتوبر 2024 وإذا طرحنا أجل السنة الذي يجب أن يسبق هذا التاريخ يتبقى لإصدار القانون الذي يعدل القانون الانتخابي على أقصى تقدير ثلاثون شهر أو سنتين ونصف هذا في حالة أن الازمة السياسية الحالية لا تؤدي إلى حلّ البرلمان وتنظيم انتخابات سابقة لأوانها. في تلك الحالة يكون مشروع التعديل أكيدا جدّا ويلزم الطبقة السياسية الانكباب عليه حالا.

تبعا لكل ما سبق بيانه يكون اليوم الوقت مناسبا لطرح هذه الإشكالية ومحاولة إيجاد التوجهات الأساسية لبسط حلول قانونية لمساوئ نظام الانتخاب المطبق منذ 2011 والذي تم تكريسه من جديد في قانون 2014.

1. ملحوظات أولية منهجية
قبل الخوض في التحاليل يجب تقديم بعض الملاحظات المنهجية التوضيحية لهذه الدراسة:
• التحليل والتقييم والمقترحات لا تأخذ بعين الاعتبار في هذه الدراسة الانتماءات أو التوجهات السياسية. التمشي علمي موضوعي قائم على الأرقام والعمليات الحسابية والمحاكاة فقط.
• يتم تحديد مجال الدراسة على الانتخابات التشريعية التي تشكل في رأينا موقع المشكل المطروح اليوم في الساحة السياسية. إن البرلمان هو مركز السلطة وهو مرآة الحياة السياسية ويسمح بالتمثيلية للتيارات في المجتمع ويرجع له مراقبة العمل الحكومي وإصدار التشريعات التي تسمح بتقدم المجتمع وتحسين أوضاع المواطنين. هذا الخيار لا يحد في شيء من أهمية الانتخابات الرئاسية أو البلدية أو الجهوية، لكن الدراسة التي سنقوم بها حول الانتخابات التشريعية يمكن تطبيق مخرجاتها على كل انتخابات أعضاء مجالس تمثيلية.
• لن تتعرض الدراسة الى تغيير خيار 2011 في اللجوء الى التمثيل النسبي مع أكبر البقايا بانتخابات على القائمات لا الأفراد. نعتبر أن دراستنا للأنظمة الانتخابية التي كرستها ديمقراطيات قديمة وحديثة وسمحت بإيجاد مناح إيجابي للحياة السياسية يبرهن على قدرة هذا النظام الانتخابي على تطوير الحياة الديمقراطية التنافسية والبناءة في تونس. لكن أيضا ما يحملنا على الإبقاء على هذا النظام الانتخابي هو أنه تم تبنيه وفهمه من قبل المواطنين والطبقة السياسية والمجتمع المدني والصحافيين وهو معيار هام جدا يدفع الى الذهاب نحو الإبقاء عليه خاصة وأن المحاكاة للأنظمة الأخرى مع نفس النتائج التي تحصلنا عليها في 2011 و2014 لن تعطي مشهدا مختلفا.
• سترتكز المحاكاة على نتائج الانتخابات التشريعية لسنة 2019. في ما يتعلق بالنتائج السابقة قمنا بالدراسة على ضوء نتائج انتخابات 2011 وهي منشورة في مجموعة الدراسات المهداة إلى محمد مدون التي قامت بنشرها كلية العلوم القانونية والاجتماعية بتونس والمحاكاة على ضوء نتائج انتخابات 2014 تم نشرها بمجلة حقائق في إصدارها باللغة الفرنسية عدد 1506 بتاريخ 6 نوفمبر 2014.

• الحلول التي سيتم اقتراحها ليست الوحيدة التي تمكن من تحسين أداء العملية الانتخابية. وضع قواعد فضلى لحوكمة وعقلنة عملية الترشح أو كيفية تنظيم ومراقبة العملية الانتخابية وتمويلها أو تطوير القضاء الانتخابي نحو أكثر نجاعة هي حلول تساهم في تطوير وتحسين العملية، لكننا لن نتطرق لها في هذه الدراسة.
• الغاية من الدراسة هي التوصل الى مقترحات تسمح بتحقيق هدفين أساسيين :
• تحسين التمثيلية في المجلس النيابي عبر إعادة النظر في التقسيم الترابي وتحديد عدد المقاعد لهدف تكريس أكثر عدالة بين المواطنين وخاصة أكثر انصاف بينهم وبين الجهات والمناطق إذ هو أساس الأنظمة التمثيلية.
• تركيز مجلس نيابي يسمح بعدد نوابه وتركيبته بضمان الاستقرار السياسي وإيجاد مناخ وآليات تسمح بحوكمة المجلس وذلك باجتناب تفتت الأصوات والمقاعد على عدد كبير من الأحزاب والقائمات المستقلة الهامشية والدفع إلى تكوين قطبين سياسيين.

2. تحقيق تمثيلية عادلة ومنصفة للناخبين
إن الأنظمة التمثيلية قائمة على تمثيلية المواطنين من قبل نواب يمارسون السياسية باسمهم. لذلك يكون المبدأ مساواة الأشخاص. كل مواطن مهما كان مكان إقامته وعمله يتمتع بنفس التمثيلية مع كل المواطنين. الأنظمة التي تقسي بعض الأشخاص أو أصناف من الأشخاص أو إسناد قيمة مختلفة للناخبين لم تعد مطبقة اليوم في العالم. في تاريخ التنظيمات البشرية كانت ممارسة الاقتراع مشروطة

النظام الانتخابي الحالي المتعلق بتقسيم الدوائر وتحديد عدد المقاعد في كلّ دائرة نظام انتقالي مؤقت منذ إصدار القانون الانتخابي. ينص القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 والذي يتعلق بالانتخابات والاستفتاء في فصله 106 أنه «يتمّ تقسيم الدوائر الانتخابية ويُضبط عدد مقاعدها بالاستناد إلى قانون يصدر سنة على الأقل قبل الموعد الدوري للانتخابات التشريعية». لكن القانون نفسه ترك إمكانية الإبقاء على هذه القواعد في 2011 دون تحديد المدة القصوى لسيران مفعول هذا الفصل الانتقالي المؤقت، إذ نص في فصله 173 أنه «إلى حين صدور القانون المتعلق بتقسيم الدوائر الانتخابية والمنصوص عليه في الفصل 106 من هذا القانون، يُعتمد نفس تقسيم الدوائر وعدد المقاعد الذي اعتمد في انتخاب المجلس الوطني التأسيسي».

أ. إعادة النظر في رسم الدوائر الانتخابية حسب قيمة المقعد النيابي
تقوم الأنظمة الانتخابية في العالم بتحديد عدد المواطنين الذين يجب تمثيلهم بنائب في المجلس النيابي. في تونس تم تحديد هذا الاجراء بمناسبة انتخاب المجلس التأسيسي في سنة 2011 وقام القانون الانتخابي الصادر في 2014 بتطبيق نفس القواعد في أحكامه الانتقالية مما سمح بالإبقاء على عدد النواب للمجلس التأسيسي للانتخابات لسنة 2014 وسنة 2014.
وينص المــرسـوم عدد 35 لسنة 2011 المؤرخ في 10 ماي 2011 والمتعلق بانتخاب المجلس الوطني الـتأسيسي في قصله 31 أنه «يُضْبط عدد أعضاء المجلس الوطني التأسيسي وعدد المقاعد المخصّصة لكلّ دائرة انتخابيّة على قاعدة نائب بالنسبة لكلّ ستين ألف ساكن».
وهو ما ألزم بإدراج في إطلاعات الأمر عدد 1088 لسنة 2011 المؤرخ في 3 أوت 2011 والمتعلق بتقسيم الدوائر الانتخابية وبضبط عدد المقاعد المخصّصة لها لانتخابات أعضاء المجلس الوطني التأسيسي أن العملية تمت على ضوء «الجدول المتعلق بإحصائيات المرسمين بالقائمات الانتخابية بالخارج والتي أعدتها الإدارة العامة للشؤون القنصلية بوزارة الشؤون الخارجية».

وهذه الطريقة في تحديد عدد النواب لكل دائرة وارتباطه بعدد السكان يؤدي مع مرور الزمن إلى ارتفاع عدد النواب الذي يوازي الارتفاع النظري على الأقل للسكان بالدائرة الانتخابية. الجدول الموالي يحدد عدد السكان بالولايات في 2011 عند تحديد تركيبة المجلس الوطني التأسيسي حسب توقعات المعهد الوطني للإحصاء وعدد السكان في 2019 عند تنظيم انتخابات مجلس نواب الشعب الحالي.

تبرز هذه الأرقام أن تطور عدد السكان من 2011 الى 2019 كان يؤدي إذا أعدنا احتساب المقاعد بإضافة مقعد في 4 دوائر ومقعدان في ثلاثة أخرى بمجموع عشرة مقاعد. كما يمكن أن نتوقع فقدان بعض الدوائر الى مقعد عند التخفيض من عدد سكانها كما تنبئ بذلك الأرقام السلبية لتطور السكان في الشمال الغربي وبالتحديد بجندوبة وسليانة والكاف.
ويكون من المفيد على ضوء الاحصائيات المقارنة تحديد موقع البرلمان التونسي بالنسبة لأمثاله في العالم. الاحصائيات تبرز أن المعدل الذي يبرز من دراسة 187 برلمان هو مقعد على 105 آلاف مواطن.

إذا كان المعدل العالمي كما تم بيانه فإن القرار السياسي التقني في تحديد قيمة المقعد 60000 مواطن مبالغ فيه خاصة وأن الاحصائيات المتعلقة بالشعب التونسي وخاصيته الشبابية تنبئ بتطور عدده مما سيؤدي الى ارتفاع عدد المقاعد بمجلس نواب الشعب.
كما أنه على مستوى ظروف عمل النواب بالمجلس منذ سنة 2011 يستخلص أنهم يفتقدون إلى الظروف المادية اللازمة للسماح لنائب شعب للقيام بمهامه على أحسن وجه. عددهم المبالغ فيه حرمهم من التمتع بمكاتب ومساعدين برلمانيين.

نظرا لكل ما سبق بيانه يكون من المستحسن الترفيع في معيار تحديد عدد المقاعد مما سيسمح بالضغط على عدد النواب وتحسين وضعية ممارسة مهامهم وخاصة توفير الظروف اللازمة لحوكمة هذا الهيكل موقع القرارات السياسية الهامة. لذلك تمت محاكاة تحديد عدد المواطنين للحصول على مقد في الدوائر الانتخابية وهو ما سمح بالحصول على الجدول التالي :
يكون تبعا للأرقام المبينة بالجدول أنه إذا تم تحيين عدد النواب قبل انتخابات 2019 على ضوء الاحصائيات للمعهد الوطني للاحصاء كانت تركيبة المجلس النيابي ستكون من 236 نائب إذا ارتفاع بقرابة عشرين نائب وخيرنا عدم القيام بالمحاكاة لسنة 2024 تاريخ الانتخابات القادمة. وتبقى الخيارات المتاحة هي بالترفيع في المعيار من 60000 إلى 70000 أو مواطن للمقعد الواحد 80000.

كما يجب التأكيد أن هذه المحاكاة ستسمح بالضغط أيضا على عدد الدوائر. حيث إذا ما حافظنا على معيار 60000 في 2019 مع تحيين توزيع المقاعد فكان من اللازم تطبيق القاعدة المنصوص عليها بالمــرسـوم عدد 35 لسنة 2011 المؤرخ في 10 ماي 2011 في فصله 33 : «وتكون كلّ ولاية دائرة أو عدّة دوائر، على أن لا يتجاوز عدد المقاعد المخصص لكل دائرة العشرة». وبهذه الطريقة كان من الضروري تقسيم ثلاثة دوائر إلى دائرتين لكل واحدة منها وهي تونس وصفاقس ونابل، لكن التحيين كان قد يضيف لهم سوسة وفي 2014 أريانة وبن عروس. بالعكس إذا تم الترفيع في المعيار إلى 80000 ساكن سنبقى على عدد الدوائر لسنة 2011.

ب. التخلي عن التنفيل غير العادل في توزيع المقاعد النيابية
الإشكالية الثانية المطروحة والتي تحدّ من قاعدة توزيع المقاعد على الدوائر مع احترام العدل والانصاف في ذلك هي إرساء في 2011 عملية التنفيل في توزيع المقاعد في إطار الدوائر الانتخابية.
لقد نص المــرسـوم عدد 35 لسنة 2011 في الفقرة الثانية والثالثة من الفصل 33 أنه «ويُسْند مقعدان إضافيان للولايات التي يقلّ عدد سكانها عن مائتين وسبعين ألف ساكن.
ويسند مقعد إضافي للولايات التي يتراوح عدد سكانها بين مائتين وسبعين ألف وخمسمائة ألف ساكن».

وهو ما أدي إلى اسناد بعض الدوائر عددا إضافيا من المقاعد لا يرتكز على المعيار الموضوعي والعادل والمنصف الذي يرتكز على عدد السكان كما يبينه الجدول المصاحب.
ويكون بهذه الطريقة القانون الانتخابي الحالي يسند دون أي أساس منطقي الى بعض الدوائر مقاعد إضافية بتعلة أن لها عدد ضئيل من السكان. كان من الأجدر في هذه الحالة تجميع بعض الولايات في دائرة انتخابية واحد للحصول مثلا على عدد أدنى من السكان يساوي 40000 لكنه يكون مسّا واضحا من العدالة والانصاف زيادة المقاعد بصفة اصطناعية فاقدة لأساس إحصائي.

يبين الجذول الآتي «قيمة» المقعد في الدوائر الانتخابية داخل التراب التونسي أين تطبق قاعدة التنفيل. يسمح بتقديم لكل دائرة انتخابية وحسب الأصوات المصرح بها في انتخابات 2014 و2019 وعدد المقاعد الحصول على العدد الذي خصص لكل مقعد عبر العملية الحسابية البسيطة : عدد الأصوات المصرح بها / عدد المقاعد المسندة.
تبرز أرقام الجدول وزن الناخب في الدوائر الانتخابية الداخلية والتباعد غير المقبول والذي يجد أسبابه في عملية التنفيل. فأين العدالة والانصاف بين مواطن ناخب قاطن في دائرة تونس 2 ومواطن آخر يقطن في تطاوين. الأول له مقعد فالمجلس النيابي لا يمكنه الحصول عليه الا عندما يجمع 20000 صوت وأما الثاني المقعد لا يساوي الا 8000 صوت. عدد الأصوات التي تفرق بين أكبر عدد من الأصوات وأصغرهم يساوي 12600 صوت وهي قيمة مقعد في سيدي بوزيد. الغريب وغير المعقول أن نائب دائرة تونس 2 وتطاوين ينتفعون بنفس حقوق النواب وصوتهم عند أخذ القرارات في المجلس لها نفس القيمة. وهو خرق للمساواة والانصاف.
بالرجوع إلى نتائج 2014 وبدون احتساب المقاعد المتعلقة بالتنفيل العملية الحسابية لعدد الأصوات المتحصل عليها / عدد المقاعد يضفي إلى الجدول المصاحب.
نلاحظ جليا أن بالتخلص من التنفيل تصبح قيمة مقعد سوسة وتوزر متساوية 17000 صوت. هذه مظاهر المساواة والانصاف. كما أن مجموعة الدوائر التي تتراوح فيها عدد الأصوات من 15 إلى 20000 أصبح تحتوي على 23 دائرة على مجموع 27 المكونة للدوائر الداخلية.

ويمكن أن يخطر على بال بعض المطلعين على هذه الدراسة أن التنفيل يمكن تبريره بغاية التمييز الإيجابي المنصوص عليه بالدستور التونسي في الفصل 12 منه : «تسعى الدولة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، والتنمية المستدامة، والتوازن بين الجهات، استنادا إلى مؤشرات التنمية واعتمادا على مبدإ التمييز الإيجابي...». يمكن الإجابة أن التمييز الايجابي محدد بميدان التنمية إذ يسمح بإسناد أكثر إمكانيات للجهات المهمشة للسماح لها بالالتحاق بركب التطور. لكن التنفيل لا يمكن في المجال الانتخابي أن يخدم هذه الغاية، الغاية التنموية. ويكون تبعا لذلك غير مبرر،

ج. إعادة النظر في نسبة تمثيلية التونسيين بالخارج
تمثيلية المواطنين المتواجدين بالخارج بالمجالس النيابية ليست قاعدة عامة في الأنظمة المقارنة ولقد كرسها في المشهد التونسي الإطار القانون بمناسبة انتخاب أعضاء المجلي التأسيسي. ينص المــرسـوم عدد 35 لسنة 2011 المؤرخ في 10 ماي 2011 في فصله 31 أنه : «... يضمّ المجلس الوطني التأسيسي أعضاء يمثلون التونسيين بالخارج ...».
وتمثيلية المواطنين بالخارج في المجالس النيابية هي على عكس الفكرة الشائعة استثناء وعددها قليل ولا تكتسي هذه التمثيلية الأهمية العددية التي تم تركيزها بالجمهورية التونسية. في أوروبا مثلا فرنسا وإيطاليا والبرتغال ورومانيا هم الدول الأربع الوحيدة التي تخصص مقاعد للمواطنين بالخارج. ونسبة التمثيلية حسب عدد المقاعد المخصصة بالنظر إلى جملة المقاعد المكونة للمجالس النيابية لا تفوق في هذه الدول 1،90 % كما تبينه الأرقام المتاحة بالجدول المصاحب.

ويكون ظاهرا للعيان أن التمثيلية للتونسيين المقيمين بالخارج لا يمكن أن تتجاوز المعدل المقبول في الأنظمة المقارنة الديمقراطية وهو 2 % من العدد الجملي للمقاعد بالبرلمان. كما لا يمكن الاعتبار بالمثال اللبناني الذي يأوي على ترابه 3،7 ملايين مواطن ويتواجد بالخارج قرابة 1،3 مليون أي قرابة 40 % من جملة المواطنين اللبنانيين.
والانتخابات في الخارج برهنت على هزالة قيمة المقاعد المخصصة لها بالنسبة للدوائر الداخلية والتي تتقلص بسبب تأخر نسب المشاركة في المواعيد الانتخابية المتتالية. ويبرز ذلك الجدول المصاحب

كيف يمكن تبرير أن مقعدا على المستوى الداخلي له 14 أو 11 ألف صوت وفي المقابل المقاعد بالخارج لا تسند إلا بستة أو أربعة ألف صوت ؟ وزن المقعد الداخلي يساوي أربع مرات المقعد المخصص للتونسيين بالخارج. هذا مثال لانعدام العدل والانصاف في التمثيلية البرلمانية.
وينضاف إلى هذا التقييم الكلفة الباهظة جدا للانتخابات في الخارج والمشاكل التي تطرحها في علاقة باحترام سيادة الدول التي تنظم على ترابها هذه الانتخابات كما يسبب تهري المشاركة بهذه الدوائر إشكالية يستوجب تحليلها وإيجاد حلول تسمح بتنظيم مقبول لهطه الانتخابات كاللجوء الى التصويت عن بعد.
مع العلم أن تقليص التمثيلية للتونسيين بالخارج في الهيكل التشريعي لا يمنع تطوير وسائل أخرى للتمثيلية في إطار هياكل تمثيلية في الدولة كالمجلس الأعلى للتونسيين بالخارج.

د. المقترحات بغاية تكريس تمثيلية عادلة ومنصفة تسمح بتقليس عدد النواب
لتحقيق العدالة والانصاف في اسناد المقاعد في المجلس التشريعي يجب التخلي على القواعد التي تم وضعها في ظروف خاصة ولمجلس خاص، المجلس الوطني التأسيسي. هذه القواعد في تحديد المقاعد لم تعد صالحة لتكوين المجلس التشريعي لكنها بقيت تطبق عن طريق الفصل 163 من الأحكام الانتقالية للقانون الانتخابي.
ويمكن حوصلة هذه المقترحات في الترفيع في عدد المواطنين الذين يتم على أساسهم تخصيص مقعد من 60000 ساكن إلى 70 أو أحسن 80000 ساكن. وهو اقتراح يقلص من عدد المقاعد ويدرج البرلمان التونسي في المعدلات المعمول بها في الأمثلة المقارنة. كما يقترح التخلي خاصة على قواعد التنفيل التي تمنح لبعض الدوائر 21 مقعد إضافي وتمس من عدالة توزيع المقاعد وتعطي وزن مختلف للمواطنين متضرعين بوسيلة قانونية لا تطبق في هذا المجال وهي التمييز الإيجابي. وأخيرا التقليص من تمثيلية التونسيين بالخارج والاكتفاء بتخصيص 2% من المقاعد لفائدتهم مما يسمح بالمرور من 18 مقعد الى 4 أو 6.

3. تركيز مجلس نيابي يتميز بالاستقرار السياسي
منذ تركز المجلس الوطني التأسيسي في 2011 وبعد المصادقة على دستور 2014 المجلس التشريعي الأول فالثاني في 2019 الخاصية الأولى لهذه المجالس هو تشتت المقاعد على الأحزاب المشاركة والمستقلين يمنع كل حوكمة لهذه الهياكل ويصعب فيها أخذ القرار وأحسن مثال على ذلك عدم تركيز المحكمة الدستورية.
إن الأنظمة الديمقراطية المستقرة تسمح وتشجع المشاركة السياسية وتكوين الأحزاب لكنها تدفع عبر نظامها الانتخابي لبروز أحزاب قوية وتكتلات دائمة فاعلة. هذه الأنظمة تعرف بأنها تسمح عبر نتائج انتخاباتها بإبراز حزب أو تكتل أغلبي تكون له أغلبية المقاعد ويتسنى له تطبيق برنامجه عبر حكومة يساندها ويمرر قرارتها ويراقبها. لكن الانتخابات تسمح بإفراز أيضا حزبا أو تكتلا لم يتحصل على الأغلبية ويقوم بدور المعارضة طيلة المدة النيابية في مراقبة الأغلبية والحكومة المنبثقة عنها. وعادة ما تسمح الانتخابات الموالية بالتداول على الحكم بين هذه التركيبات. يمكن ‘ذا حوصلة الأنظمة الديمقراطية المستقرة بأنها تتكون على مستور البرلمان بحزب/كتلة أغلبي وحزب/كتلة معارضة تتداول على ممارسة الحكم بمناسبة المواعيد الانتخابية وتقييم إنجازاتهم من قبل الجسم الانتخابي.

القانون الانتخابي التونسي بعد 2011 لم يسمح بتركيز هذا المكون للحياة السياسية الديمقراطية المتميز باستقراره ديمومته وسهولة حوكمة وأخذ القرار في إطار مجلسه التشريعي.
إن النظام الانتخاب التي تم اختياره بمناسبة الانتخابات لسنة 2011 هو الانتخاب على القائمات وتوزيع المقاعد بالتمثيل النسبي بأكبر البقايا. هذا النظام الانتخابي من الأنظمة التي تستعمل في عديد الديمقراطيات. هل هو أحسن الأنظمة ؟ لا يمكن الجزم بذلك لأن لكل الأنظمة محاسن ومساوي. اليوم تم الإبقاء على هذا الخيار بعد 2011 وطبق في انتخابات 2014 وفي انتخابات 2019 كما تم تطبيقه للانتخابات البلدية في 2017.
لقد سمح اللجوء إلى هذا النظام الحصول في الانتخابات المتتالية على النتائج المبينة بالرسوم والمعطيات التالية التي تبرز التشتت للأصوات وعدم الحصول على أغلبية واضحة.

 

2011 2014 2019

الحزب الأغلبي تحصل على 41% الحزب الأغلبي تحصل على 39% الحزب الأغلبي تحصل على 24%

25 قائمة ممثلة 18 قائمة ممثلة 31 قائمة ممثلة

5 قائمات تقاسمت 180 مقعد 4 قائمات تقاسمت 186 مقعد 7 قائمات تقاسمت 179 مقعد

7 قائمات تقاسمت 23 مقعد (2-5) 6 قائمات تقاسمت 21 مقعد (2-8) 7 قائمات تقاسمت 21 مقعد (2-7)

13 قائمة فازت بمقعد واحد 8 قائمات فازت بمقعد واحد 17 قائمة فازت بمقعد واحد

المشهد البرلماني في التجارب الثلاث يتميز بتشتت المقاعد وعدم بروز حزب أو تكتل أغلبي يمكن له ممارسة الحكم. المراحل الثلاث برهنت أن النظام الانتخابي كما تم ارساءه لا يمكنه ابراز أغلبية قادرة على تطبيق الخيارات التي انتخبت على أساسها تحت رقابة معارضة مهيكلة. الملفت للنظر هو أن الوضعية تعكرت من تجربة إلى أخرى. نلاحظ تقلص عدد

المقاعد لفائدة الحزب الأغلبي إذ أن في 2019 لم يفز الا بنصف المقاعد التي تحصل عليها في 2011 (من 41 إلى 24% من المقاعد).

يرجع ذلك إلى أن النظام الانتخابي يشجع على الترشحات الغير مسؤولة التي تشوش على الترشحات التي أدت الى الفوز بعدد مقبول من المقاعد. هذا النظام سمح في 2011 بتمثيل 25 قائمة وفي 2019 تفاقمت الظاهرة بتواجد 31 قائمة ممثلة فالمجلس التشريعي. القائمات التي تحصلت على الأقل على 10 مقاعد تقاسمت في المناسبات الثلاث قرابة 180 مقعد أي 83% من المقاعد المتاحة. أما القائمات التي شوشت على المشهد بحصولها على مقعد واحد كانت 13 في 2011 وتطور عددها إلى 17 في 2019.
عند التمعن في النتائج الوخيمة التي أدى إليها النظام الانتخابي المكرس في 2011 والذي تمادينا في تطبيقة رغم ما أدى إليه من عدم استقرار سياسي وغياب حوكمة ناجعة للحياة السياسية لا يمكن الا إقرار بلزوم تحوير النظام الانتخابي قبل سنة من انتخابات 2024 ومن المستحسن الاسراع بذلك تحسبا لإمكانية تنظيم انتخابات سابقة لأوانها للخروج من الأزمة السياسية الحالية.

بعد محاكاة ما كانت تفضي اليه الأنظمة الانتخابية الأخرى والتي تم نشرها في دراستنا السابقة تفطنا إلى ان النظام المكرس وهو الاقتراع على القائمات وتوزيع المقاعد حسب التمثيل النسبي بأقوى البقايا ليس في حدّ ذاته نظام انتخابي سيء بل اتضح أن نتائجه السلبية متأتية من أننا قررنا تطبيقه لكن بتشويهه. قمنا في 2011 باختيار هذا النظام الانتخابي المشاع في الأنظمة المقارنة لكننا «تونسناه» بجعله يمشي على رجل واحدة قمنا ببطر الثانية. إن التمثيل النسبي مع أكبر البقايا لا يطبق في العالم إلا مصحوبا بالعتبة التي تعقلن الترشحات وتسمح بإفراز قطبين أو حزبين يتداولان على السلطة. يمكن التحقق من ذلك عبر الجدول والخريطة المصاحبين.

الدولة العتبة عدد الدول
هولندا 0.67 1
الدنمارك 2 1
ألبانيا، بسني ارزقفين، اليونان، إيطاليا، موننقرو، إسبانيا 3 6
سان مرينو 3.5 1
قبرص 3.6 1

المجر، بلغاريا، النرويج، السويد، سلوفينيا 4 5

ألمانيا، أرمينيا، بلجيكيا، كرواتيا، إستونيا، جورجيا، المجر، أيسلندا، لاتفيا، ليتوانيا، مولدوفا، موناكو، بولنيا، رومانيا، روسيا، صربيا، سلوفاكيا، جمهورية التشيك، أوكرانيا 5 19
كازاكستان 7 1
لشنتتين 8 1
تركيا 10 1

تبعا لما قدمّ فإن التمثيل النسبي يكون مصحوبا في كل التجارب المقارنة بعتبة تتراوح بين أقل من واحد بالمائة والعشرة بالمائة. لكن التجارب الأكثر عددا اختارت التموقع في الوسط ومالت لعتبة 5 %. لهذه الأسباب اقترح الخبراء المكلفون بتحرير مقترح قانون للانتخابات البلدية أن تكون العتبة في تلك الحدود لكن البرلمان عدّل ذلك الرقم إلى 3 مما أدى الى تنظيم انتخابات أفرزت نفس المشهد البرلماني بانعدام أغلبية واضحة ومنه استحالة ضمان استقرار الحياة البلدية وتتالت الاستقالات وإعادة الانتخابات للبحث عن تركيبة أنجع لكن دون جدوى إذ الداء في النظام الانتخابي الذي أدرج العتبة لكن في مستوى لا يغير النتائج لأنه لا يغير طريقة الأحزاب في التفكير. لأن العتبة ليست عملية حسابية فقط. إنها حافز لعقلنة المشهد السياسي. إن وجود العتبة قبل الانتخابات يغير طريقة المشاركة في العمل السياسي من قبل الأحزاب السياسية والمستقلين. هذه التقنية تلزم الأحزاب على التكتل خاصة منها الصغيرة مما يسمح بإعادة هيكلة المشهد.
بغياب عتبة عتبة 5% عتبة 7%

حركة النهضة24% 52 حركة النهضة 38% 82 حركة النهضة 45% 97
قلب تونس 18% 38 قلب تونس 25% 55 قلب تونس31% 68
التيار الديمقراطي 11% 23 التيار الديمقراطي 7% 15 التيار الديمقراطي 6% 13

ائتلاف الكرامة 10% 21 ائتلاف الكرامة 7% 15 ائتلاف الكرامة5% 10
الحزب الدستوري الحر8% 17 الحزب الدستوري الحر 8% 18 الحزب الدستوري الحر6% 13

حركة الشعب 7% 15 حركة الشعب 6% 12 حركة الشعب4% 9
حركة تحيا تونس 6% 14 حركة تحيا تونس 3% 6 حركة تحيا تونس 3
حركة مشروع تونس2% 4

حزب الرحمة2% 4 حزب الرحمة 2
الاتحاد الشعبي الجمهوري 3 الاتحاد الشعبي الجمهوري 2 الاتحاد الشعبي الجمهوري 2

البديل التونسي 3 البديل التونسي 2
حركة نداء تونس 3 حركة نداء تونس 1
أمل وعمل المستقلة 2 أمل وعمل المستقلة 1 أمل وعمل المستقلة 1

أفاق تونس 2
الجبهة الشعبية 1 الجبهة الشعبية 1
بكلنا توانسه 1 بكلنا توانسه 1 بكلنا توانسه 1

الشباب المستقل 1 الشباب المستقل 1
المواطنة والتنمية 1 المواطنة والتنمية 1
الوفاء بالعهد 1 الوفاء بالعهد 1

بذل وعطاء 1 بذل وعطاء 1
عيش تونسي 1
الامتياز 1

الحزب الاشتراكي الدستوري 1
الخير 1
الرابطة الخضراء 1
الرجوع الى الأصل 1
حزب تيار المحبة 1

سليانة في عينينا 1
صوت الفلاحين 1
نحن هنا 1

الناخب نفسه بعتبة لها وقع لن يجازف بإعطاء صوته إلى أحزاب أو تكتل لا يمتاز بوزن سياسي كافي للحصول على مقعد في الدائرة التي يتقدم فيها خوفا من أن يكون مآل خياره الانتخابي سلة المهملات وعدم الاخذ برأيه وتوجهاته السياسية.
بغياب عتبة عتبة 5% عتبة 7%

المحاكاة التي سنقوم بها سترتكز على نتائج انتخابات 2019 بإدراج عتبة بتركيز عتبة بخمسة فسبعة بالمئة دون إدخال التغييرات المقترحة فالقسم الأول من هذه الدراسة المتعلقة بعدد المقاعد والدوائر الانتخابية. لكن القارء يجب أن يكون عالما بأن النتائج للانتخابات السابقة لا علاقة لها مع واقع النتائج التي سنتحصل عليها بإدراجنا العتبة إذ نكون قد غيبنا عامل تغيير الناخب لخيارته قبل الانتخابات من جراء وجود العتبة.

كما يجب إعلام القارء أن المحاكاة التي قمنا بها فالسابق في 2011 و2014 برهنت أن التمثيل النسبي بأكبر البقايا مع عتبة بخمسة بالمائة يفرز نتائج انتخابات مماثلة للتمثيل النسبي مع أقوى المتوسطات.

على ضوء النتائج المبينة يمكن تقديم التعليق والاستنتاجات التالية :

- انعدام العتبة يشجع كل الراغبين في المشاركة في العملية الانتخابية والترشح لها مما يؤدي إلى ارتفاع عدد القائمات الممثلة بالبرلمان ويشتت تبعا لذلك الأصوات عند اتخاذ القرارات السياسية. إن عدد القائمات الممثلة بالبرلمان كانت في 2019 ومن جراء غياب العتبة مرتفعا يساوي ثلاثون قائمة. وتبين المحاكاة عبر تركيز عتبة بخمسة بالمئة إلى تقليص العدد الى ثمانية عشر فقط أي قرابة نصف المنظومة السابقة. أما في حالة اختيار عتبة سبعة بالمئة يكون عدد القائمات الممثلة فقط عشرة أي ثلث ما كانت عليه بدون اللجوء الى عتبة. وتكون عدد القائمات الممثلة أقل من ذلك من جراء الوقع على المترشحين الذين لا يدخلون المعركة الانتخابية عندما لا تكون لهم أي فرصة للحصول على مقعد بالمجلس النيابي.

- من جهة أخرى خاصية التمثيل النسبي عند غياب العتبة هي التمثيليات التي لا تؤدي الا إلى التشتت وعدم بلورة استقرار يسمح بالعمل الجاد والمسؤول. ويبرز ذلك خاصة في فوز عدد كبير من القائمات بمقعد واحد. ففي 2019 وبانعدام العتبة احتضن المجلس النيابي 16 مقعد لفائدة 16 قائمة أي ما يقارب 7,3% من مجموع المقاعد. ويتقلص العدد للقائمات المتحصلة على مقعد واحد إلى النصف بثمانية قائمات فقط عند تركيز عتبة بخمسة بالمئة. أما إذا رفعنا في العتبة إلى سبعة بالمئة تنفرد قائمتان فقط بمقعد واحد بالمجلس النيابي. ويمكن أن نتوقع أن انعكاس إرساء العتبة قبل الانتخابات سيؤدي إلى غياب كلي لهذه الظاهرة بانعدام الترشحات الفلكلورية الغير مسؤولة.

- كما أن ظاهرة أخرى ستتقلص وهي عدد القائمات المتحصلة على أكثر من مقعد لكنها لا ترتقي إلى عشرة مقاعد تسمح لها بتكوين كتلة برلمانية قادرة في إيصال صوتها والتأثير في أخذ القرارات. ففي 2019 وفي وضعية غياب العتبة كان عدد القائمات المتحصلة على مقعدين إلى حدود تسعة يساوي سبع قائمات. تبرز المحاكاة أن تركيز عتبة بخمسة بالمئة يقلص العدد إلى أقل من النصف لينحصر في أربع قائمات وتسمح العتبة بسبعة بالمئة بالحصول على ثلاث قائمات فقط في هذه الوضعية.

- مع العلم أننا إذا جمعنا القائمات المتحصلة على أقل من عشرة مقاعد ومن بينها المتحصلة بمقعد واحد فيكون المشهد أكثر وضوح : بدون عتبة 23 قائمة أما إذا أدرجنا عتبة بخمسة بالمئة ننزل إلى 12 قائمة وفي حال اللجوء إلى عتبة بسبعة بالمئة نكتفي بخمسة قائمات فقط التي يمكن أن تندثر من جراء وقع العتبة على منع الترشحات الفلكلورية والغير مسؤولة.

- أما في خصوص القائمات المتحصلة على الأقل على عشرة مقاعد التي تسمح إذا بتكوين كتلة برلمانية فعددها يبقى مستقر وغير متأثر بإرساء العتبة وقيمتها. تبعا لنتائج انتخابات 2019 التي دارت في غياب عتبة تحصلت سبع قائمات على عدد من المقاعد يسمح لها بتكوين كتلة برلمانية. نلاحظ أنه بتركيز عتبة بخمس بالمئة يتقلس العدد الى ستة وبالترفيع فيها لسبع بالمئة يتقلس العدد الى خمس قائمات.

- على مجموع الثلاثين قائمة الممثلة في مجلس نواب الشعب تطبيقا لنتائج انتخابات 2019 التي دارت دون عتبة هنالك عشرة قائمات فقط لا تنسحب من المشهد في حالة تركيز عتبة بخمسة أو سبعة بالمئة.

- أما في خصوص النسبة المئوية التي تحصلت عليها القائمة الأولى فالفرق شاسع بين الحالات الثلاث. في انتخابات 2019 وبدون عتبة تحصل الحزب الأغلبي على %24أي ربع المقاعد وهي نسبة لا تسمح الى القائمة من فرض أغلبيتها المحدودة وتبقى إذا خاضعة لإملاءات القائمات التي تساندها لتكوين أغلبية حاكمة. أما بنسبة 5% فعدد المقاعد للقائمة الأولى يرتفع إلى 38 مقعد وتمنحها عتبة سبعة بالمئة ما يقارب نصف المقاعد أي 54% منها. مع العلم أن عقلنة الترشحات في حال تركيز العتبة الأخيرة سيؤدي دون شك إلى التكتلات وتقليس الترشحات الغير جادة ويسمح للحزب الأول الحصول على الأغلبية المطلقة من مقاعد البرلمان.

- القائمة الثانية التي من المفروض القيام بدور المعرضة لا يكون لها وزن حقيقي في وضعية انعدام العتبة كما هو الحال في انتخابات 2019 أين تحصلت على %18 فقط من مجموع المقاعد. أما العتبة بخمسة بالمئة فتمنح القائمة الثانية ربع المقاعد أي 25% منها. والعتبة بسبعة بالمئة فتسمح للقائمة الثانية بانتزاع ثلث المقاعد والتمتع بوزن مؤثر في البرلمان إذ يسمح بتعطيل القرارات الهامة التي تستوجب التصويت بالثلثين. وتكون القائمة الثانية في هذه الحالة قادرة على لعب دور المعارضة.
3. ما هي نتائج هذه المقترحات على المشهد البرلماني

القائمة المقاعد %

حركة النهضة 60 38,5
قلب تونس 45 28,9
الحزب الدستوري الحر 15 9,6
ائتلاف الكرامة 12 7,7
التيار الديمقراطي 8 5,1
حركة الشعب 8 5,1
حركة تحيا تونس 3 1,9
البديل التونسي 1 0,6
المواطنة والتنمية 1 0,6
الوفاء بالعهد 1 0,6
حزب الرحمة 1 0,6
الاتحاد الشعبي الجمهوري 1 0,6
المجموع 156

تبعا لما تم بيانه ولبلوغ الأهداف المرجوة من المحاكاة التي تم القيام بها على نتائج الانتخابات التشريعية لسنة 2019 وهي ضمان أكثر عدالة وإنصاف في تمثيلية الناخبين والضغط على عدد المقاعد المخصصة بمجلس نواب الشعب وبعد ذلك السماح لإسناد المقاعد من ابراز قائمة أغلبية يتسنى لها ممارسة الحكم وتطبيق وعودها الانتخابية عبر حكومة تقوم بدعمها وقائمة ثانية تلعب دور المعارضة الفعال لتتمرس على الحكم وتتهيأ لأخذ المشعل والتداول على السلطة.
إن تجميع هذه المقترحات :

- اسناد مقعد لكل 80000 ساكن طبقا للمعايير والمعدلات للأنظمة المقارنة،

- التخلي على قاعدة التنفيل لفائدة بعض الدوائر تعللا بضعف عدد سكانها،

- الحدّ من عدد المقاعد المخصصة للتونسيين بالخارج إلى خمسة،

- وإدراج عتبة انتخابية بستة بالمئة.
بالقيام بالمحاكات دون إمكانية إدراج التأثير المسبق للمقترحات على الترشحات للانتخابات نتحصل على النتائج التالية :

⋅ الاستنتاج الهام والأول هو أن عدد المقاعد بمجلس نواب الشعب يتقلس من 217 إلى 156 وهو حجم يمكن حوكمته ويتناسب مع عدد المواطنين والمعدلات المقارنة في المجالس النيابية. وهو تقليس عدد المقاعد بواحد وستين مقعد وهو ما يساوي تقريبا 30% من جملة القواعد أي ثلث التركيبة الحالية لمجلس نواب الشعب.

⋅ الملاحظة الثانية هي تقليس القائمات الممثلة إلى 12 فقط مع العلم أن عتبة خمسة بالمئة تحدّ عددهم الى 18 قائمة. ونذكر أن ادراج العتبة يكون له وقع قبلي على النتائج إذ تتغير الترشحات وتمنع تقدم قائمات صورية فلكلورية ... وهو مل يؤدي إلى تقليس أكبر لعدد القائمات الممثلة في المجلس النيابي.

⋅ الملاحظة الثالثة هي أن القائمات المتحصلة على عدد من المقاعد أقل من عشرة والذي يسمح بتكوين كتلة برلمانية تقلص إلى ثماني قائمات بمجموع 24 مقعد وهو ما يساوي 15 فقط بالمئة من مجموع المقاعد المتاحة. وهو ما يسمح بتركيز حياة برلمانية بمشاركة فعالة لأربع كتل التي يمكنها نظريا الانصهار بمرور الزمن في كتلتين برلمانية.

⋅ الملاحظة الرابعة هي أن القائمة المتحصلة على المرتبة الأولى والثانية تحصلوا على تقريبا 40 بالمئة من المقاعد و30 بالمئة للثانية. هذا التوزيع لا يسمح لقائمة واحدة بالانفراد بالقرار وتستحق القائمة الأغلبية إلى 16 مقعد إضافي للحصول على أغلبية التصويت في المجلس كما أن الحزب الثاني بحصوله على %28,8 إذا ما يقارب نسبة تعطيل أخذ القرارات الهامة بأغلبية الثلثين. هذه الوضعية تسمح بتكوين حزب أغلبي وحزب معارض بمرور الزمن ونجاح أو إخفاق تطبيق خيارتهم السياسية يتداولون بمناسبة الانتخابات على الحكم.

هذا التوجه المقترح يتطلب إصدار القانون الذي يسمح طبقا للفصل 106 من القانون الانتخابي بتقسيم الدوائر الانتخابية ويُضبط عدد مقاعدها والذي يحتوي على عدد السكان الذي يسمح بإسناد مقعد وتوزيع المقاعد بالخارج وتعديل الفصل 107 من القانون 16 لسنة 2014 لإدراج العتبة. يكون إذا الحوار حول ثلاثة فصول فقط سهلة الصياغة إذا توفرت الإرادة السياسية لتمريرها :

فصل وحيد لقانون ضبط المقاعد : يُضْبط عدد أعضاء مجلس نواب الشعب وعدد المقاعد المخصّصة لكلّ دائرة انتخابيّة على قاعدة نائب بالنسبة لكلّ ثمانين ألف ساكن.
كما يضمّ مجلس نواب الشعب خمسة أعضاء يمثلون التونسيين بالخارج بمقعد على الدوائر التالية : فرنسا 1، فرنسا 2، إيطاليا وألمانيا، العالم العربي وباقي العالم والقارة الأمريكية وباقي أروبا.

فصل 107 جديد من القانون 2014 : يجرى التصويت على القائمات في دورة واحدة، ويتمّ توزيع المقاعد في مستوى الدوائر على أساس التمثيل النسبي مع الأخذ بأكبر البقايا.
إذا ترشحت على مستوى الدائرة أكثر من قائمة، يتم في مرحلة أولى توزيع المقاعد على أساس الحاصل الانتخابي.

يتم تحديد الحاصل الانتخابي بقسمة عدد الأصوات المصرح بها على عدد المقاعد المخصصة للدائرة.
لا تحتسب الأوراق البيضاء والأصوات الراجعة للقائمات التي تحصلت على أقل من 6% من الأصوات المصرّح بها على مستوى الدائرة في احتساب الحاصل الانتخابي.

لا تدخل في توزيع المقاعد القائمات المترشحة التي تحصلت على أقل من 6% من الأصوات المصرّح بها على مستوى الدائرة.
ويسند إلى القائمة عدد مقاعد بقدر عدد المرات التي تحصلت فيها على الحاصل الانتخابي.
وتسند المقاعد إلى القائمات باعتماد الترتيب الوارد بكل منها.

وإذا بقيت مقاعد لم توزع على أساس الحاصل الانتخابي، فإنه يتم توزيعها في مرحلة ثانية على أساس أكبر البقايا على مستوى الدائرة. وإذا تساوت بقايا قائمتين أو أكثر يتم تغليب المترشح الأصغر سنا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115