في اليوم العالمي للمرأة: المرأة في تونس زمن الزعيم و زمن ما بعد الثورة أو «ذكريات الزمن القادم»

اليوم العالمي للمرأة لا يخص كل البلدان العربية او الغربية يل البلدان التي التزمت بإحترام المرأة على الأقل حتى و إن حرمتها بعض الحقوق

كنت أرى لبنان بقوانينه الطائفية في الطلاق و في الزواج مع كل الديانات تحترم المرأة حتى رجال دينها و ان رفضوا مطالبها أما في تونس لم نحصل حتى على الإحترام فما بالك ان نحافظ على مكاسب الإستقلال بعد ان كانت تونس قدوة لبنان على مستوى الأحوال الشخصية و نجد أحد مفتينا ذات مرة يقول «الزعيم الحبيب كان زعيم الإرهاب و مزق حجاب إمرأة» ما هو مردود عليه بتقاطع أكثر من إختصاص في تحليل السلوك و في التراث إذ لو إعترض على حق السفور لكان أفضل من حيث الإحترام لنفسه وللمرأة وللزعيم.
ونساء تونس يتحملن جزءا من المسؤولية زمن الزعيم و زمن بن علي و ما بعد الثورة بعد هكذا تصريح يمر مرور الكرام كأنما ينتضرن فتاوى كالتي سأسوقها لاحقا صدرت عن الأزهر كان نزار قباني محقا عندما قال قمت بثورةثقافية على مستوى تحرير المرأة و حق له ان يرتاح و أن تحمي نفسها بنفسها كذلك الزعيم عندما قال تعليم إمرأة أهم من شراء طائرة نفاثة لكنهن لم يحافظن على هذه المكاسب حتى صرن مهددات في أبسط الحقوق.
سأتحدث عن وضع المرأةفي تونس زمن الزعيم وما بعده محيلة على السياسات الاتصالية زمنه مقارنة بزمن بن علي و ما بعد الثورة و أنا دخيلة على هذا الإختصاص لكن كمتلقية مستدلة بآراء المختصين .
و ما إحداث وزارة المرأة إلا بدعة إدارية حطت من صورة المرأة بأن وضعتها مع فئات هشة كالأطفال و المسنين في حين الفئات الهشة من النساء هي من متعلقات وزارة الشؤون الإجتماعية و فوق هذا لم تنهض هذه الوزارة بهذه الفئات الهشة حتى صار إسمها أضحوكة الرعاع و هي من مخلفات مكاسب ٧ نوفمبر و قالت في ذلك مرة الأستاذة سناء بن عاشور انه يجعل من صورة المرأة عملة مربحة Qui fait de la question de la femme son credo.
أولا في تونس الزعيم هو من اعطى للمرأة مكانتها المذكورة في القرآن وقد سمعت الكثيرات من المتأثرات بالتيار الاسلامي يقلن بورقيبة لم يكرم المرأة بل الله كرم المرأة في القرآن و لكن من قام بالتنزيل الواقعي للنصوص القرآنية أقله بأن تستأذن المراة قبل تزويجها و بأن يتاح لها طلب الطلاق والحصول عليه و هو الخلع شرعا ....
أثناء أدائه لفريضة الحج في عهد الملك الشهيد فيصل بحضور الحاشية الملكية الاوصياء على الاسلام «وضع النساء على يمينه بنفس المستوى للصلاة في مواجهة الكعبة و بعد يومين سمح للنساء من كل الجنسيات بان يصلن لقبر النبي جنبا لجنب مع الزعيم وعلى مرأى من الحرس الملكي» كما أرخت لذلك الصحفية سيدة الغرياني و المديرة سابقا للبرامج السياسية و الاجتماعية والثقافية في الإذاعة والتلفزة سابقا ،ضاربا المعنى المغلوط لآية «الرجال قوامون على النساء» الذي يستغله كل متطرف ليخضع المرأة ، هذه هي المشهديات ذات المعنى الرمزي تصريحا او فعلا التي تتطلب شخصا في قامته وما قام به غيره يتبقى اقل فاعلية و ربما لم يكن ليسمح له بذلك .
وهو من أعطى من خلال مثال حياته الشخصية صورة الرجل النبيل وما قام به لا ينسى فضل زوجته الاولى حتى و ان عشق أخرى كما أرخ لذلك الأستاذ رجاء فرحات رغم أن الأستاذ أحمد القديري ذكر أن حياته مع زوجتيه لم تكن كلها وردية لكن حبذا هكذا رجل كما كنت أراه .
وهو الذي آمن بالمرأة و لم يعتبرها ناقصة عقل و أمنها على أسرار الكفاح المسلح للقيام بأخطر شىء و هو نقل المعلومات ما يفترض ذكاء و تماسكا، مقارنة بما علمت من تقنيات السرية في الكفاح الجزائري للرجال المشابه لتونس ،لتمرر الأوامر للمجاهدين من ذلك ذكر فضل المجاهدات كشاذلية بوزقرو وخديجة طوبال في رمادة في أقصى الجنوب التونسي .
وهو الزعيم المتواضع الذي قال لزبيدة بشير «هل سيقال عاشت زبيدة في زمن الزعيم ام الزعيم في زمن زبيدة « جاعلا منه لقاء السحاب و هي لازالت في طور العطاء و هو ضرب من البلاغة ومن اصعب الصيغ التي يمكن ايجادها في التعبير كان اكبر من قصيدة مدح ينظمها افضل شاعر في ادب زبيدة بشير ودرس في التواضع خاصة لمن لا يعترف بالمرأة عموما رغم أني أعترف أنه ظلم بشيرة بن مراد في مرحلة معينة رغم أعتزازه بها هو الذي لا ينكره أحد.
و قد دونت الكاتبة فتحية العروسي التي عرفته ككاتبة عامة للشبيبة النسائية ثم كنائبة جهوية مكلفة بالمرأة و كإذاعية أنه كان يستمع لأعتى الفتيات الجامعيات من أقصى المناطق الداخلية ذوات الشخصية القوية عند مطالبتهن بحقوق يكفلها القانون و الدستور بحضور الوزير المكلف حسب كل إختصاص في المسألة و يتفاعل ويقبل الشكاوى ضد مرؤوسيه من ولاة و غيرهم في حالات التقصير و يتفاعل بسرعة بعد التثبت في ما يخص مسؤوليه عند إنكشاف مساوئهم دون نكران الحقيقة و هي الخطأ في الإختيار و أعتبار ذلك إنتقاصا من شخصه رغم أن هذا كان في القاعات المغلقة و لم يكن آداء دعائيا و كتبت عن ما كان يدفع به من حلقات في البلديات وإرسال بعض الوزراء و المسؤولين للقاء الجامعيات و سماع مطالبهم المشروعة في المناطق النائية، كان نوع من النشاط الذي يأتيه و يحاول القيام به المجتمع المدني اليوم .
ردا على من آعتبر ان بورقيبة استغل ترويجه لصورة المرأة لخدمة نفسه سياسيا تقول هو الذي سلم الشهائد للباحثات الفتيات في جامع الزيتونة دون غطاء رأس و أجلسهن في الجامع دون فصل بين موضع الرجال و موضع النساء بحضور طه حسين و إمامين متضادين فكريا في بعض المسائل الامام الطاهر بن عاشور و الامام جعيط و اليوم نسمع من يستنكر دخول النساء للمقابر لحضور جنازة وليس لأداء مراسم الدفن.
حتى وان كان دفاعه عن المراة او دعمه لها نوعا من سياسة دولة او «نسوية سياسة» او «نسوية الحزب الدولة» حسب تعبير استاذتي سناء بن عاشور كنوع من التنسيب Feminisme d'Etat تخدم شخصه فذلك لم يضر بقضية المرأة حسب رأيي و ها نحن بعد 33 سنة على خروج الزعيم من الحكم لم نستطع فرض المساواة في الميراث بل و نتراجع الى الوراء إذن حبذا هكذا سياسة .
علته الوحيدة أنه كان يرفض «قتل الأب» بالمعنى النفسي اي ان يقال له آرحل و لم يكن يوما «سلطة أبوية» فحبذا هكذا سلطة أبوية اليوم وللأسف عدنا لما قبل الثلاثينات من نظرة دونية للمرأة.
و في الرد على من اعتبر أن الزعيم استغل الاعلام طبعا من خلال التوجيهات و تدجين الاعلام فسأحيل على تجربة رئيسة الأرجنتين كآمرأة حضورها الاعلامي المكثف يخدم صورة المرأة قبل شخصها Cristina Kirchner في ما يخص سياستها الاتصالية طيلة فترة حكمها عندما اصبحت رئيسة جمهورية بعد تعويضها دستوريا الرئيس المتوفي بصفتها كانت نائبة له ثم بآنتخابها مباشرة اي في فترة تمتد من 2007 الى 2015 ، اذ تقول الدراسة انها قامت ب 121 تدخلا اعلاميا من عدة قنوات دام مجموعها 4600 دقيقة يعني عندما قمت بالمعادلة تبين انها تطل على شعبها بمعدل مرة كل أسبوع تدوم قرابة ساعة ، أليس هذا كأنه نوع من الحضور المكثف الإيجابي أو ضرب من التوجيهات البورقيبية من بعد آخر فقط الفرق هو أحيانا وجود محاور لرئيسة الأرجنتين .
والقانون في الأرجنتين يفرض «الأهمية المؤسساتية» كشرط لتحديد اذا كان تدخل او حوار الرئيس يستحق ان يمر عبر قناة وطنية ام لا (اي ما يسمى عندنا اعلام عمومي ) والاهم ان في عهدها تزايد عدد القنوات الوطنية و أحيل على القانون عدد 26 522 الصادر في 2009 كما هو منظم بالأمر عدد 1225 لسنة 2010 لتنظيم الاتصال السمعي و البصري ،فها هي تلميذة الزعيم لكن في الأرجنتين حتى إن كانت اليوم تواجه مساءلات كما تقتضي المسؤولية رغم مرورها بأكثر من آختبار في الديمقراطية فحبذا لو نشهد مثيلا لها في تونس بعيدا عن المتمعشات من تاريخ الزعيم.
الإعلام لم يشهد في عهده بعض المستويات الهابطة في اعلام اليوم رغم وجود هيئة تعديلية و هي الهايكا و من متعلقات الديمقراطية اليوم كما لاحظت بعد الثورة واللقاءات الدورية برئاسة الحكومة و كان ذلك كل يوم جمعة من كل أسبوع يتقدم كل وزير مرفوقا بمساعديه بحضور الصحافيين و يقدم برنامجه الاسبوعي و يقوم مساعديه بتوضيح بعض المسائل كل بحسب اختصاصه ثم تطرح عليه الأسئلة و يجيب كان ذلك تقريبا منذ منتصف 2011 الى سنة 2013 بنسق تنازلي حتى الانقراض و هو شىء محزن، لم يعد للوزراء خطة اتصالية ولم نعد نرى ندوة صحفية لأي وزير إلا عند حصول كارثة وفي سياق آخر تحدث الأستاذ وحيد الفرشيشي في محاضرة سنة 2013 و قال اننا نعيش «اعلام الفعل و رد الفعل» اذ لا يتحرك الاعلام الا تجاه ضجة و الدليل انه تبين ان اللقاءات الدورية للحكومة هي من «اعلام رد الفعل»فقط و ليس ثوابت اعلامية كما في اي ديمقراطية، ليست هذه الديمقراطية بالنسبة لي التي من خلالها يجرم الزعيم و هذا إستبلاه للمواطن بمعنى آخر أعتباره «قاصرا».
أضيف رأي الأستاذة في الإعلام سلوى الشرفي التي تحدثت إبان الثورة عن تجاهل اعلامي لرأي المشاهد في عهد بن علي وربما في عهد الزعيم اذ كلما تغير وال على سبيل المثال يصرح في الأخبار و يقال «عزل فلان و تعين فلان «ولا نعلم حسب قولها من تعين لماذا تعين و من عزل لماذا عزل» ، مثلما غير بن علي والي سيدي بوزيد في ديسمبر 2010 في إستبلاه للناس حتى في حالة قصوى و اليوم انا ارى نفس الممارسة و لا نسمع اسباب عزل الا عند حصول كارثة، و هذا خطأ اتصالي بالأساس حتى ان كان هناك موجب مشروع للعزل و للتعيين اذ لا يتحرك الاعلام الرسمي الا تجاه ضجة و هذا من إعلام رد الفعل و ليس من الثوابت الديمقراطية مساهما في انتشار الشائعات عندما نجد الإعلام الرسمي و العمومي صامتا فاتحا الباب لأي إضطراب في المجتمع كنتيحة او كرد فعل على حدث عجز عن تفسيره المواطن و آنساق وراء التأويلات .
أما الأستاذة فتحية السعيدي كمحللة دائمة في برنامج يضم أفضل المختصين في الاتصال وهو مونيتورينغ Monitoring ، قالت مرة من جملة ما قالت ان «المؤسسة الاعلامية تقوم بتنشئة اجتماعية» و احالت على التجربة البورقيبية ، وذكرت ان الدولة يجب ان تكون لها سياسة عمومية للاعلام ينظمها القانون و ذكرت بالمرسومين 113 و 114 كتجربة ناجحة على الأقل الزعيم كان يطل على شعبه في حضور مكثف حسب رأيي مخاطبا إياه محترما لوعيه بأسلوب يفهمه الجميع و من خلاله خدم المرأة حسب رأيي بأن مرر بالتصريح او الإيماء عدة رسائل إيجابية.
أما الهايكا نجدها مستقيلة من كل هذا لا تدعو إلى نشر المعلومة الرسمية و إحترام ذكاء المواطن في الأداء الإعلامي و التي يجب عليها ان تحمي الرأي الحر و تمنع الرداءة نجدها غالبا ما تنزعج من استعمال مكثف للغة الفرنسية من ممثلة محترمة و تحضر توقيت مبكر لمسلسل يصور تعاسة حالة المجتمع بآحترام و تحضر برنامج و أحيانا مقطع من برنامج لأن فيه سجال محترم و تترك برامج تم فيها تمرير لسقطات أخلاقية حول المرأة لو حدثت في لبنان المتحرر لقامت الدنيا و لم تقعد .
عندما هاجم شيوخ الزيتونة و غيرهم من أعيان تونس والمحافظين عموما الطاهر الحداد كانوا على مستوى أخلاقي محترم و حتى تعاملهم الفوقي مع المرأة على معنى القوامة كان فيه بعض الإحترام أما اليوم فنجد رغبة في إخضاع المرأة من طرف المهتزين نفسيا من يرغبون فقط في سحقها لفراغهم النفسي فنجد إخضاع دون قوامة و ما هكذا تورد الإبل لأنهم ليسوا حتى بمستوى الرعاة.
نعيش مع جيل أغلبه تغيب عنه مظاهر الأخلاق يحتاج إلى تأديب كنتاج لتنشئة نظام المخلوع من فراغ إعلامي ثم لبرامج نفايات بعد الثورة التي تروج لهبوط أخلاقي مع غياب الحريات الأكاديمية في حين أن تجربة التوجيهات خلقت جيلا ذهبيا حتى بعض إسلامييه يقتدي ب»ممثل بارع» في الأداء لإيصال الفكرة و ليس في تبني الفكرة حبذا هكذا ممثل في دور رئيس و أب و زوج إذا كانت تجربة أداء ناجحة جعلت الزعيم قدوة أغلب الرجال في عصره و حتى من خالفوه على مستوى الأداء على الأقل فربحنا ممثل .
وبعد الثورة صرنا نرى بدعا مستوردة كموضوع الختان لا كـ«فرض بل مكرمة» كتطور إيجابي في التفكير من نكد الدهر، بما أن في الشرق قديما أعتبر عرفا واجبا لم يحرمه الأزهر عندما كان الأزهر يزمجر بفتاويه و سوق الجواري منتصب على بعد أمتار منه كل خميس و فيه المسلمات اما المسلمات المحصنات فجاء من الأزهر من آرتأى لهن فرض الختان في التسعينات وهؤلاء هم» الشيوخ المعجونة لحاهم بغبار التاريخ» كما يقول نزار قباني الذي قام بتأديب المرأة في نصف قصائده و أسوق الشيخ جاد الحق جاد الحق إمام الأزهر في التسعينات الذي كان تكفيريا يفتي بقتل الكافرين طبعا المرتدين و يطالب في شأنه بقانون بل و طلب بفتوى من الحكومة سن قانون يقضي بإعدام من يعترض على الختان بل و حتى الإمام طنطاوي بقي ١٤ سنة إماما للأزهر حتى أعتبر أن الختان ليس من الإسلام و لم يصدر فتوى تحرم تطبيقه و أسوق الشيخ المصري يوسف البكري خارج الأزهر ،و بعد فتوى الإمام طنطاوي الحاسمة، الذي أعتبر إجتهاد طبيب مصري عندما قرر في قرار إداري يلزم المستشفى الذي يعمل فيه إحالة اي فتاة ايا كان سنها تأتيه في حالة نزف من الختان على النيابة العمومية مصنفا الأمر كجريمة عنف شديد ليسد الفراغ التشريعي الذي ليس إلا صمت من المشرع وأعتبر أنه يحرض على الفسق برسم محاميي الحسبة في مصر من طلقوا بحكم قضائي أكثر من مفكر من زوجته بعد تكفيره لأنه طالب فقط بال»الدولة المدنية» و محامي الحسبة ممن أرادوا محاسبة الفنانات على لباسهن في سهرات مخصوصة لآرتداءه ....وبعد الثورة نجد من يجهر لا فقط يعتبر أن الأم العازبة عاهرة دون تفصيل في حين الشيخ عائض القرني من السعودية صرح في لقاء مع داوود الشريان منذ ٢٠٠٨ ان الفتاة التي تخطئ خارج إطار الزواج لا يجب فضحها لبراءتها بل يجب سترها لأن الله أمر بالستر و الجهر بوصمها هو فضيحة و لم يعتبر طيلة اللقاء أنها تصنف تحت وصم معين دون تخصيص.
و اليوم بعد مدرسة الرقاب التي كان الحشد لإغلاقها فرقعة إعلامية إستغلتها أطراف لتبييض صفحة صمتها سنوات و سنوات عن الإنفلات الديني نجد اليوم مدرسة المهدية التي أضاء حولها النائب المتميز أولاد جبريل الذي يصارع وحده محل «النيابة العمومية» مثيرا الدعاوى من تلقاء نفسه كما هو مفترض من وكيل الجمهورية الذي لا يستطيع أن يكون شاملا لكل شىء و ما النواب إلا مساعدين في هذا الشأن وبما أن أغلب النواب لا يقومون سوى بالدعاية السياسية داخل مجلس نواب الشعب لا نتفطن للمصائب إلا مصادفة اذ تحدث عن أفغنة التعليم» فبعد التعليم الزيتوني الذي هو على علاته في ما يخص النظرة للمرأة نجد أنفسنا نتجه الى التعليم الأفغاني و الذي حظرت له المدارس القرآنية التي أغلبها ليست إلا قواعد لإنتاج الإرهاب ألم تنشأ طالبان في أفغانستان بـ«مدارس الحديث» و حرمت التعليم و العمل على المرأة حتى بزي يحجب هويتها تماما و جعلتهم أقوى من آلة الحرب الأمريكية من حيث التعصب أسوق ما قالته قاضية فيدرالية امريكية عن كذبة أوباما و نشر الديمقراطية في سياق آخر «ها قد أخرجت جندك من أفغانستان وخرجت لك طالبان من تحت الأرض وعادت تحارب من جديد ماذا قدمت».
وفي تونس قبل الإنفلات في المدارس القرآنية و الخطب التحريضية بدأت الأمور تخرج عن السيطرة منذ السنة الأولى للثورة و أبواق الجوامع تصدح صباحا مساء بأعلى صوت خارج مواقيت الصلاة في أغلب الأماكن الشعبية بما يتجاوز إحتمال البشر قبل مواقيت الصلاة بوقت طويل في مناطق مكتظة بالمنازل المسافة بينها و بين الجوامع قصيرة و لا يحدث توزيع متكافؤ للصوت بما يحدث أذى سمعيا يستحيل معه التركيز حتى في معاني الآيات فما بالك النائم و من يدرس ومن يشتغل و تصبح صندوق تردد لذبذبات مؤذ لم نشهده في الـ«مدينة المقدسة» بنموذجيها في «مكة المكرمة» و لا في «قم الإيرانية» في حين حتى الحفلات وهي مناسباتية لها ضوابط في الصوت والوقت وعندما تزيد الأمور عن حدها الشرطة كانت تتدخل للضبط فأين هم من هذا هل السلطات البلدية والأمنية تخاف ان تتهم بالكفر او صدقت أن ضبط الأمر هو كفر بحق و هذا لا يعني سوى نقمة يتم تغليفها بطابع تقوى من طرف القائمين على هذه الجوامع ، في حين من أراد التصوف فليتصوف في صومعته او مغارته كما هو معمول به في كل الأديان ولا يزعج الإنسان بل أن التصوف محمود وهو منهم براء لأن المتصوفة عرف عنهم السماحة المبالغ فيها للأسف و هؤلاء ليسوا إلا منافقين ولو عاد المتصوفة لحاربوا سماحتهم، هذه الأبواق الصارخة في الجوامع و غيرها من الأماكن ليست إلا مرآة عاكسة لفراغ في النفوس يتطلب علاج نفسي لأن قطار التربية فاتهم ولم يدرسوا باب تأديب الرجل و يريدون تطبيق باب تأديب المرأة و ذلك ذكرني بكتاب الأستاذة رجاء بن سلامة «بنيان الفحولة» هذه حقيقة علمية فأين الأطباء النفسيون من هذا ولمَ لم يتدخلوا مثلما تدخل اليوم عدة أطباء مقدمين إجتهاداتهم في الجائحة فلم لم يقدموا إجتهاداتهم حول ظاهرة الصخب دافعين السلط للتحرك كي يكون الإنسان قادرا على مواجهة باقي أنواع الصخب المفروضة عليه في العمل بما أننا لا نعيش في عالم من الملائكة و هذا طبيعي.
يعني لم نعد لزمن الثلاثينات بل لما قبل الثلاثينات ربما زمن الدولة الحفصية الذي بعده مباشرة توقفت الحدود يعني على من يدينون الزعيم أن يخجلوا و أتبنى ما قالته الدكتورة السعودية هند المطيري و هي شاعرة منقبة لم تعاد يوما النظام الرجعي و لكن رفعت صوتها و أسمت قصيدتها «ثورة الربيع القلبي» و أسمتها أيضا «ويح القبيلة» إحتجاجا على العادات المارقة عن أخلاق القبيلة و لم تكفر بل منعت فقط من إلقائها في المعارض و تعتبر رأئدة الغزل النسائي في السعودية و آحتجت و تظلمت لأمير مكة بما انها من هناك و منعت فيها و صرنا نعيش اليوم آفات القبيلة في الدولة التونسية الأشبه بقرية متخلفة ؛
وأدركت أن القبيلة وهم وأن رجال القبيلة كانوا
يدوسون أعرافها يفعلون الفواحش والموبقات الذميمة
وأن قوانينهم من قشور وقش وأن حبال التقى عندهم
من خيوط رميمة
و قالت أيضا :
وما منعتني حماقات قومي أن أتطهر من عرفهم
وكنت السميعة كنت العليمة!!!
في حين أن مفكراتنا حتى ان لم أتفق معهن في مسائل كنائلة السليني ، آمال القرامي ، سناء بن عاشور و رجاء بن سلامة سلوى الحاج و غيرهن يكفرن و أحيانا يظطرهن الأمر للتجول بحماية أمنية و لا نجدهن في التلفاز و أغلب الظن مغيبات .
وغيرها الشاعر السعودي جاسم الصحيح الذي لم يعاد النظام الرجعي يوما و لكن كان له ديوان كامل كل قصائده إستعارات دينية بل و يسميه عند الحضور في الإذاعات والقنوات الفضائية «التناص القرآني» من ذلك قوله:
أحببتُ يا شيخَ الطريقةِ.. فانصرف عنِّي لأبلغَ وحدةَ الأديانِ
أحببتُ يا ساعي البريدِ.. أَلَا ترى كلَّ المجرَّةِ أصبحتْ عنواني؟
و يمر بكل هدوء و هو كأنما يبشر بدين جديد في المقطع المذكور دون ان يكفر او تقام ضده قضية حسبة او يحاكم تحت مسمى الأخلاق الحميدة او النظام العام او التجديف او إزدراء الإديان او غيرها من التهم المرادفة للكفر رغم ان كل ما يقوله هو عن المرأة بعيدا عن الوصف الحسي المعهود في السعودية بل بنفس صوفي كما في البيتين المذكورين و لم يعتبر مروجا لحركة باطنية كما هو متعارف عليه في تصنيف الطرق في السعودية و يقول في قصيدة أخرى جاعلا المرأة بنفس مستوى الحديث الصحيح و ما يوازيه من الوحي في غيرها من القصائد.
ملأتِني بكِ حتى مَسَّني خَجَلٌ من فرطِ ما غازلَتْني أَعْيُنُ الناس كلُّ النساءِ أحاديثٌ بلا سَنَدٍ وأنت.. أنتِ .. حديثٌ لابنِ عبَّاسِ
نموذجان سقتهما لم يتصادما مع النظام كلجين الهذلول من حاربت نظام الوصاية و رائف البدوي من نقد الخلفاء لكن كانا بالجرأة الكافية في التمرد على العادات في علاقة بالمرأة كثرتهم تفرض تحولا في القيم في السعودي و تكرس تربية جديدة تجعل المرأة لا تحتاج القانون إلا في حالات قليلة وهو البلد الذي نتجاوزه بسنوات ضوئية و في تونس ترسانة قانونية كرسها الزعيم و في النهاية لا تكاد المرأة تتنفس إن كانت استاذة القانون و المحامية و النائبة في البرلمان لا تجد فيها ما تدافع به عن نفسها فنجد الأمن لا يكاد يلتفط أنفاسه من ملاحقة المغتصبين و القتلة و مرتكبي العنف الشديد بحق المرأة فهل سيجد الوقت ليجد ليحمي المرأة من العنف او التحرش اللفظي عدا ان بعض القائمين على مرفق الأمن من يعتبروا حداثيين و الكثير منهم من مخلفات تنشئة بن علي «أفكارهم تتقاطع مع داعش» حسب تعبير العميد خليفة الشيباني في ما يخص نظرتهم للمرأة.
اليوم بعد الثورة بدل التقدم وجدنا أنفسنا نتأخر ولم يكن لنظام بن علي الفضل بل كان السبب في التصحير الفكري في شتى الميادين و لا أقصد تجفيف المنابع بل خيار غلق الزيتونة من طرف الزعيم الحبيب بآستشارة العلامة الفاضل بن عاشور و دائما كنت أقول العلامة لأنني أكره كلمة شيخ و قلة من كانوا برتبة علامة من مشى في جنازته النساء أكثر من الرجال على كثراهم من حقق كتب الشعراء من الشرق و الغرب و تقريبا عاش مأساة الحداد اذا غلق الجامع من حيث عدم مواكبته لباقي علوم العصر و مواصلة العطاء في كلية الزيتونة هو الذي أعطى لتونس الدفع للتقدم في زمن بورقيبة وبفضل ذلك الزمن رجاله و تلاميذه نتعلم منهم و لم يكن بورقيبة مسؤولا عن جهل الكثير من شعبه بحقائق تاريخية وبمسائل علمية تم التعتيم عليها قصدا منذ الإنقلاب.
الحالة اليوم هي حالة أمن قومي عندما يتم إخضاع جزء من نصف المجتمع و تكميم الجزء الآخر من هذا النصف و مطلوب من الرجال إما الإلتزام بأخلاق الجاهلية الأصيلة و نتحمل باقي العلات وإما الإلتزام بأخلاق الإسلام و نتحمل صرامته في مسائل أخرى أما إنتقاء العلل في الزمنين و خلطها والسير بها بدعوى الإسلام فهذا لا يغني سوى انهم من المتأسلمين .
المرأة تضطهد حتى في الدول الغربية بدرجة أقل التي لم تتأصل فيها مبادىء الانسان الكونية منها بعض البلدان التي تميز إلى اليوم حتى في نفس النوع الاجتماعي لكن تونس دانت قبل سويسرا تسمح للمرأة بالتصويت في الانتخابات تونس جعلت المرأة قاضية قبل تولي المرأة لهذا المنصب في أمريكا و كانت نساء تونس في مستوى ثقة الزعيم
قرأت تدوينة أعجبتني كثيرا للأستاذ عدنان منصر يقول فيها «سال قيس بن الملوح انت مع بني العباس ام مع بني أمية فقال انا مع ليلى» قد تبدو طريفة رغم أن المرأة زمن الخلافة العباسية في الشرق و الأموية في الأندلس كانت لها بصمتها، لكن هذه التدوينة ذات معنى عميق اتبناه كتبت عنه الكثير المؤرخة فاطمة المرنيسي فالمرأة التي سيرت ممالك و دول كانت تجارب ناجحة اكثر من تجارب الرجل و لم تأتي فضائع الرجال في أغلب الحالات.
المشكلة ليست السنوات العشر المشكلة أن الثورة نعمة كان يجب بعدها تصحيح ما كان معوجا و لكن بقي على حاله لا أكثر و لا أقل فقط صار مكشوفا ،و ليست العلة في الإسلاميين فقط فهم في حياتهم نجد في المثير منهم بعض الإنظباط في علاقاتهم بالمرأة بل في المختلين و المهتزين من يتوسلون الأفكار التقليدية للإسلاميين لخدمة مصالحهم يعمي من مصلحة الإسلاميين مسحهم لأنهم هم من سيقودونهم للمحرقة الثانية .
إن المجد للزعيم و للشهداء على مر تاريخ تونس من حرروا تونس لتبدا مسيرة تحرير المرأة المستمرة الى اليوم لذلك على الرئيس اليوم إن كان يريد حقا تكريس ما عاش حياته على العمل به من إحترام و دعم للمرأة أن يوجه إنذارات ultimatum لبني جنسه كي يحترم المراة هذا أقله لم ننتظر مدة سنوات وصوله للرئاسة ،و هو منا، هباءا و له من القانونيين من يستطيعوا تصحيح ما ما فسد طيلة عقود في ما يخص المرأة هذا أقله و ذات مرة أصدر السادات قانونا سماه قانون العيب في علاقة بالإنحطاط الأخلاقي لبعض المعارضين رغم أنه لم يكن محقا في كل مبرراته و اليوم ليت الرئيس يصدر أمر العيب decret du Honte و ليسdecret de la honte في ما يخص المرأة و ليس «الأمر الرئاسي المعيب» كي لا يستغل الأغبياء صيغي بعيدا عن الشكلانية القانونية التي تضر أكثر مما تنفع و لنسميها مجازا «السلطة المفاجئة» للرئيس « le pouvoir imprévu» حسب تعبير الكاتب الهادي الجلالي في إنتظار تعديل دستوري يحول النظام السياسي من «برلماني» الى «رئاسي» لأن الوضع صار معيب لصورة تونس و يسمي من حق فيهم هذا التصنيف كما للرئيس سلطات تسمح له بإصدار أوامر decrets يسمي فيها المسؤولين السامين و المتحصلين على الرتب الرفيعة ان كان بعض الرجال يأتون العيب و لا يخجلون ليس لهم ان يعترضوا على تسميته بمسماه و ليس بالتشهير بل الوقاحة ان لا يكونوا شاكرين فراغات القانون الذي لا يسمح بتوصيف الفعل حسب قوالب الجرائم المتعارف عليها و تفاخرهم بالعيب على صفحات التواصل الإجتماعي و عليه ان يستعين في ذلك بالقانونيين في إختصاص القانون الإداري و لننتفع بغياب محكمة دستورية كان يمكن أن تستغل ضدنا ربما مع دستور ٢٠١٤ في تقييد سلطات الرئيس المحكمة التي كانت ستكون غير مربحة لنا على مستوى إلغاء قوانين غير دستورية تؤذي المرأة لأن القوانين الجيدة موجودة لكن العلة في الوعي و التطبيق .
و أقول دائما ذكريات الزعيم مع المرأة في تونس و ما حققته هي ذكريات الزمن القادم الذي أطمح له لإعادة تلك الأمجاد التي لم نحافظ عليها.
كما تقول أستاذتي منى كريم كشعار في كامل تدويناتها و أتبناه «لا للرداءة لأن التربية قبل التعليم و إلا سننتج «مجرمين محترفين».
• تنوية: أضع المراجع بالإسبانية تحت رقابة أساتذة اللغة لمزيد التدقيق :
------------
https://www.infobae.com2015/05/22/1730276-cristina-kirchner-hablo-mas-4600-minutos-las-121-cadenas-nacionales-que-p
Https://cbaglobal.com.ar/cristina-2-0-un-analisis-de-la-comunicacion-gubernamental-desde-las-cadenas-nacionales/

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115