هو حزب سياسي وأتباعه أهل حرب وتوسُّع ونفوذ. من التصريحات الشاذة والعدائية والجوفاء التي لا تحترم أصول التعايش ولا الحرّيات ولا حقوق الإنسان وهي كذلك بعيدة عن الصواب والمنطق السليم.
فالإسلام دين عالمي إنساني جامع علّمنا احترام كلّ الأديان وعلّمنا عدم المساس بأهلها. ومن يعتبر الإسلام مجرّد حزب فهو جاحد لحقيقة علوّ الإسلام على كلّ الديانات والأحزاب ويكفي للدلالة على نفاسته تكفّل الله بحفظه دون البقية» إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ « الحجر :9
كما أنّ الإسلامَ بطبيعتِه ليس مجرَّد دينٍ بالمعنى التقليدي أو اللاهوتي للدين، بل هو دينٌ ودنيا، وروحٌ ومادة، ونظام وعقيدة، ومنهاج شامل يقدِّم الكليّات والإشارات الضرورية لمسيرة الحضارة الإنسانية؛ حتى تحتفظ بأساليب إنسانية، وتصل إلى غايات كريمة دينًا ودنيا.فلو كان حزبا لاندثر كما تندثر الأحزاب ويندثر أصحابها. كما أنّ الإسلام ليس دينَ جنسٍ أو قوم، بل هو دينٌ عالمي يجب على المؤمنين به أن ينشروه -بمفهومه الشامل -بين الناس جميعًا، بالوسائل الحكيمة، القائمة على الحوار والبلاغ بالتي هي أحسن.
لقد كان ظهور الإسلام منعطفًا جديدًا في تاريخ الأديان والحضارات، فإن كتابًا سماويًّا ينزل في بَطْحَاء مكة الجَرْدَاء ليقول لكلّ إنسان: « اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ «العلق: 1 -لا يمكن إلا ّأن يكون بدايةَ عصرٍ جديد، هو عصر القراءة والعقل والتضخّم المعرفي.
يقول (برهولت): المؤرِّخ العالمي المشهور:
«ما من ناحية من نواحي تقدُّم أوربا إلا ّوللحضارة الإسلامية فيها فضلٌ كبيرٌ، وآثارها سمةٌ لها تأثير كبير».
فالإسلام رسالة عالمية تخاطب كلّ الناس فعندما جاء الإسلام -وهو خاتم كلّ الأديان، وآخر حلقاتها الموصولة: « إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ «آل عمران: 19 -كان ضروريًّا أن يكون عالميًّا؛ لأنّه كلمة الله الخاتمة، وحجتُه البالغة إلى يوم القيامة؛ ولأنّ طبيعة مبادئه تتجه إلى العدل المطلق، والرحمة المطلقة، وإنقاذ الناس كلّ الناس.
ومن اعتبر المسلمين أهل توسّع وحرب فهو غير منصف فالإسلام دين تكافُل وتراحُم، دين تعاطف وشفقة، دين معاملة وإحسان، ودين أخوّة شاملة بين المؤمنين بالله وإن اختلف إيمانهم بالأنبياء ورسالاتهم قال تعالى « إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ «الحجرات: 10.
ولا نظنّ أن تعاليم نبويّة إنسانية كتلك الواردة في هذا الحديث قد تشير ولو من بعيد إلى التطاحن قال نبيء العالمين صلى الله عليه وسلم «مَنْ نفَّس عن مؤمن كربةً من كرب الدنيا؛ نفَّس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومَنْ يسَّر على مُعْسِرٍ؛ يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومَنْ ستر مسلمًا؛ ستره الله في الدنيا والآخرة. والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه».
ونظنّ أن أجمل ردّ على هذه التصريحات هو أن نلتمس من صاحبها تعليق هذا الحديث النبوي في ساحات أثينا ومدن اليونان وعلى أبواب كنائسها حينئذ سيفهم الجميع حقيقة الإسلام قال صلّى الله عليه وسلم: «الخَلْقُ عيال الله؛ فأحبّ الخَلْق إلى الله مَنْ أحسن إلى عياله».