و لا ندري كيف يمكن له خلال الأيام القليلة المتبقية في أن ينجح فيما فشل فيه لمدة 50 يوما منذ تسلمه خطاب التكليف.
• الجملي : الوهم الكاذب لحكومة مستقلة
في نظام برلماني
يشاع أن السيد الحبيب الجملي كان منقطعا عن الحراك السياسي لمدة سنوات ومعتكفا في ضيعته يمارس الفلاحة حتى جاءه خطاب التكليف. وقد يفسر هذا جهله بالنظام السياسي والواقع السياسي في تونس وكأنه قادم من كوكب آخر. و إلا فكيف نفسر دعوته و إصراره على تشكيل حكومة مستقلة عن الاحزاب ( إضافة مصطلح الكفاءات من باب التحسين اللفظي فقط) في نظام برلماني يرتكز على تواجد الأحزاب في البرلمان. فكيف تطلب من كتلة برلمانية لحزب سياسي ان تصوت لحكومة لم تشترك لا في صياغة برنامجها ولا في تحديد تركيبتها. وكيف تطلب من الأحزاب أن تمنح الثقة و تتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية لحكومة ليست جزءا منها و ليس لها فيه تمثيلية وزارية تليق بوزنها البرلماني. ربما توقف الزمن السياسي لدى السيد الحبيب الجملي عند الحكومة المستقلة للمهدي جمعة و التي انبثقت عن الحوار الوطني في ظرف سياسي خاص. ثم لنفترض ان الحكومة مرت بأغلبية ضعيفة ومشتتة و غير متحزبة فكيف سيضمن السيد الجملي تمرير قوانين الحكومة في البرلمان و كيف سيضمن انضباط النواب الذين صوتوا على الحكومة.
لا شك ان السيد حبيب الجملي «أضاع الطريق» الصحيح و اتبع منهجية مغلوطة في كيفية تشكيل حكومة في نظام برلماني يعتمد على الأحزاب بإصراره على ان تكون الحكومة مستقلة عن الأحزاب. و تتحمل حركة النهضة المسؤولية الكاملة على هذا الاختيار الفاشل و الذي أضاع أسابيع ثمينة على البلاد وستترتب عنه نتائج سلبية على جميع المستويات.
• نحو حكومة الرئيس : أغلبية برلمانية متماسكة و حكومة سياسية
يبدو من التمشي الذي سلكه السيد الحبيب في الشهرين الماضيين أنه غر في السياسة و ليس له أدنى اطلاع على كيفية إدارة الأوضاع في انظمة سياسية شبيهة (مثل إيطاليا) و أن تعيينه كرئيس حكومة خطأ فادح. ربما كان يسعى لتشكيل حكومة مستقلة عن الأحزاب حتى يضمن التحكم في أعضاء الحكومة و الحال أنه يعرف أن وزراء سياسيين يخضعون لأحزابهم أكثر من خضوعهم لسلطته هو شخصيا. و لكن هذا قد يفسر و لكن لا يبرر المنهجية الخاطئة التي اتبعها.
ومن الواضح أن محاولته اقتربت من الفشل وأن الاوضاع تتجه نحو تحمل الرئيس قيس سعيد مسؤوليته الدستورية في تعيين رئيس للحكومة يسعى لنيل ثقة البرلمان.
و يعتمد تشكيل الحكومة في نظام برلماني على اتفاق بين 3 أو أربعة أحزاب تشكل أغلبية برلمانية (حوالي 140 نائبا) و تتفق على تشكيل حكومة ائتلافية و أغلبية برلمانية. ثم تتفق بعد ذلك على برنامج عمل يتم صياغته و التوقيع عليه علنا ثم الاتفاق على رئيس حكومة توافقي ينفذ ذلك البرنامج ثم يتم توزيع الوزارات على الأحزاب حسب حجم كل حزب. و المهم أن تواصل الأغلبية البرلمانية تماسكها و وحدتها لتمرير القوانين التي تقترحها الحكومة و الضرورية لسير أعمالها. قد يتهم البعض هذا التمشي بالمحاصصة. و لكن المحاصصة هي جوهر الديمقراطية. فهي تتناقض مع احتكار السلطة السياسية ( الذي يسعى إليه الحبيب الجملي) وتقسمها بين الفئات والطبقات الاجتماعية وبين الأحزاب السياسية التي تمثل تلك الطبقات و الفئات.
السيد الجملي شكر الله سعيك...كفى إضاعة للوقت على البلاد !!
بقلم: عبد المجيد المسلمي ( تحيا تونس)