وجهة نظر: دروس من عملية بروكسال

مرة أخرى يضرب الإرهاب بقوة في قلب القارة الأوروبية. وعاد العرب والمسلمون ليحبسوا أنفاسهم من جديد من تداعيات هذه العملية. أما الأوروبيون فأصبحوا يتساءلون عن مستقبل الأمن والديمقراطية في بلدانهم. فهل تشكل عملية بروكسال منعطفا في السياسة الأمنية الأوروبية،

خاصة بعد تقرير كاميرون ولائحة الكنغرس الأمريكي حول الإخوان المسلمين؟ وهل تتجه أوروبا نحو فرض استراتيجية داخل الاتحاد الأوروبي تتعلق بكيفية التعامل مع المسألة الدينية والجاليات المسلمة في أوروبا؟ و ما تأثير ذلك على تياري الإسلام السياسي والإسلام الجهادي في أوروبا؟ وأخيرا هل تتمكن الجاليات المغاربية في أوروبا من خلق لوبيات تتصدى لانتشار ظاهرة الإرهاب في صفوف أبنائها وتتولى الدفاع عن حقوقها المشروعة أمام الحكومات الأوروبية؟

 

السياسة الأمنية الأوروبية الجديدة بعد عملية بروكسال
بين أحداث باريس في نوفمبر 2015، وأحداث بروكسال الإرهابية في مارس 2016 دخلت أوروبا مرحلة الحقبة الأمنية بامتياز وتكثفت اجتماعات وزراء الداخلية الأوروبيين لضبط خطط طوارئ تجاه استفحال الظاهرة الإرهابية في القارة العجوز. ففرنسا رغم تراجعها عن قانون سحب الجنسية عن مزدوجي الجنسية المتهمين في قضايا الإرهاب فإنها كثفت من إجراءات الملاحقة والمراقبة اللصيقة للمهاجرين، وألمانيا أكبر دولة متحمسة لقبول المهاجرين، اتفقت مع الأتراك على إيقاف موجات الهجرة، في حين أعلنت عدة دول في أوروبا الشرقية عن غلق حدودها تماما أمام المهاجرين. وبعد عملية بروكسال الأخيرة تعالت الأصوات لتشديد إجراءات الحصول على تأشيرة شنغان. لكن لا أحد من المسؤولين الأوروبيين تحدث عن الأسباب التي أدت إلى استفحال الظاهرة الإرهابية في أوروبا، وأساسا تداعيات الحرب في سوريا وفشل سياسة الإدماج للجاليات العربية والمغاربية في المشهد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الأوروبي. وهو ما يجعل الإجراءات الأوروبية المتخذة مؤخرا في مجال الأمن غير قادرة على تحييد الظاهرة الإرهابية. ونؤكد مرة أخرى أن مقاربة الأمن الشامل (تشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والدينية) التي تعمل تونس وبلدان عربية أخرى على انتهاجها، هي الكفيلة بتخليص أوروبا من مخاطر الإرهاب. ويعرف الأوروبيون أن أمثال صلاح عبد السلام والبكراوي والعشراوي هم نتاج سياسة التهميش التي تعيشها الجاليات المغاربية، رغم أن هذا لا يبرر طبعا أي عملية إرهابية. لكن الحل لن يكون إلا بمعالجة الأسباب الحقيقية للعنف والإرهاب. إن تشديد الإجراءات الأمنية على المطارات الأوروبية أمر جيد ولكن التشديد على مراقبة جيوب الفقر والتهميش داخل أوروبا لا يقل أهمية. وأعتقد أن العقيدة الأمنية الأوروبية يجب أن تقوم مستقبلا على 3 عناصر:

- أولا: خلق وكالة أمن قومي على المستوى الأوروبي تُنسّق بشكل وثيق مع العالم العربي والإسلامي في كل ما يتعلق بالجانب الاستخباراتي
- ثانيا: تطوير التشريعات بين أوروبا والعالم العربي والإسلامي في مجال تسليم الإرهابيين والتحقيق المشترك وتسهيل إجراءات

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115