يعيش الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري منذ انعقاد مؤتمره الوطني الخامس عشر خلال شهر ماي 2013 تحت شعار «انها الامانة» حالة من الحراك الدائم والنشاط المتواصل في اطار رؤية اصلاحية شاملة ومنهجية عمل جديدة تعكس حرصا كبيرا وارادة حقيقية على تجسيم الشعارات التي رفعها الفلاحون والبحارة من اجل اعادة الاعتبار الى قطاع الفلاحة والصيد البحري والى هذه المنظمة الوطنية العريقة بعد عقود من التهميش والتدجين وترسيخ حريتها واستقلاليتها وتجذير الممارسة الديمقراطية في هياكلها وتفعيل دورها في النضال النقابي والعمل التنموي
وقد حرصت قيادة الاتحاد على لفت نظر الساسة و صناع القرار في البلاد الى ان المنظمة الفلاحية هي طرف اجتماعي وشريك اساسي في بناء هذا الوطن و ادارة الشان العام والمساهمة بفعالية في تحقيق الاستقرار السياسي والامني للبلاد وتجسيم الاستحقاقات الاقتصادية والاجتماعية و نددت عاليا بكل السياسات والاساليب التي تستهدف عن قصد او عن غير قصد اقصاء المنظمة الفلاحية وتغييبها عن دائرة المشاركة في كل ما يهم الشان الوطني
ورغم الاجراءات التي تتخذ من حين الى اخر الا انها في اغلبها لم ترق الى مستوى انتظارات الفلاحين والبحارة مما جعل الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري يتخذ قرارا بتنظيم يوم غضب فلاحي يوم 2 سبتمبر 2015 توج بالاعلان عن عديد القرارات التي لم يقع للاسف تجسيم الا القليل منها
وامام الوضع الصعب الذي يمر به قطاع الفلاحة والصيد البحري حاليا والاشكاليات التي تواجهها مختلف قطاعات الانتاج وتواصل تردي اوضاع المنتجين وتفاقم خسائرهم قرر المكتب التنفيذي الموسع للاتحاد الملتئم يوم 15 فيفري 2017 تنظيم تحركات احتجاجية في كامل ولايات الجمهورية و دعوة الفلاحين الى عدم جني وجمع المنتوجات الفلاحية ومقاطعة تزويد الاسواق بها ايام 4 و 5 و 6 مارس 2017 وبرمجة تنفيذ يوم غضب وطني يوم 8 مارس وذلك تعبيرا عن استياء المنظمة الفلاحية بكل هياكلها ومنظوريها من تغاضي الحكومة عن تعهداتها والتزاماتها السابقة وعدم جديتها في التعاطي مع الملفات الحارقة للقطاع وتجسيم الاجراءات المتخذة يوم 3 سبتمبر 2015 وما ورد في وثيقة اتفاق قرطاج على غرار تفعيل صندوق الجوائح الطبيعية ومعالجة المديونية واصلاح منظومات التامين والتمويل والتغطية الاجتماعية و غياب اجهزة الارشاد والتكوين والاحاطة وهيكلة الاراضي الدولية الفلاحية ومسالك التوزيع ومسالة التوريد اضافة الى ملفات الصيد البحري .
وان هذا القرار الذي اتخذه الاتحاد والمتمثل في تنظيم تحركات احتجاجية سلمية والذي وصفته بعض الاطراف بانه ذو منحى تصعيدي خطير ليس اعلان حرب على اي احد او رغبة في تصفية حسابات ضيقة و انما يصب في مجرى النضال النقابي وممارسة اليات الضغط المشروعة دفاعا عن قطاع الفلاحة والصيد البحري وذودا عن مطالب الفلاحين والبحارة وعن حقوقهم المهضومة .ولعل اكبر دليل على ذلك ان منظمتنا الفلاحية تفاعلت ايجابيا مـع موقـف السيـد رئيـس الحكومـة الـذي اذن بالاســراع بعقـد اللجنـة المشتركـة 5 + 5 التي انبثقت عنها عديد القرارات التي اعتبرها المكتب التنفيذي الموسع للاتحاد هامة لكنها غير كافية وقرر على ضوئها تعليق الاحتجاجات.
وان الادعاء بان كافة اعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري ينتمون الى حزب حركة النهضة امر يجانب الحقيقة ويخالف الصواب وهو بالتالي مردود على اصحابه وباطل .فانا احد اعضاء المكتب التنفيذي لست منتميا الى حركة النهضة بل هناك تنوع في الحساسيات الفكرية والقناعات الايديولوجية والتوجهات الحزبية وهذا حق طبيعي لا يمكن ان نؤاخذ السادة اعضاء المكتب التنفيذي او نلومهم عليه باعتبارهم مواطنين تونسيين قبل كل شيء لان المهم هو ما نص عليه النظام الاساسي للاتحاد من انه لا يمكن الجمع
بين المسؤولية الحزبية والمسؤولية النقابية .فالكل يجمعهم قطاع الفلاحة والصيد البحري و ضحوا بمواقعهم المغرية ورتبهم المتقدمة وتخلوا عن مناصبهم داخل احزابهم واثروا النضال تحت خيمة منظمة وطنية عريقة دفاعا عن القطاع وعن مصالح الفلاحين والبحارة اولا واخيرا .
وان اعضاء المكتب التنفيذي الوطني وانا احدهم بقدر اقتناعهم باهمية الدور المنوط بعهدة رجال السياسة وقادة الاحزاب في صنع القرار وضبط الاستراتيجيات الكبرى والسياسات العامة والتفاعل مع مشاغل المهنيين فانهم حريصون على الناي بمطالب الفلاحين والبحارة عن اي مزايدة سياسية او اي تجاذب حزبي والسمو بها فوق كل خطاب ايديولوجي بل انهم يرون انه من حق الاتحاد بل من واجبه ان ينتقد السياسات الخاطئة المتبعة ويكشف عن اخلالاتها ونقائصها ويدعو دوما ودون تردد الحكومة ووزارة الاشراف الى تحمل مسؤولياتهما كاملة في الايفاء بالوعود والاسراع باصلاح هذا القطاع بشكل هيكلي وشامل والاستجابة لطلبات المهنيين وتشريكهم في اتخاذ القرار ومراعاة مصالحهم وذلك بغض النظر عن الاسماء و مهما اختلفت وتباينت الانتماءات الحزبية والايديولوجية للمسؤولين ...فالاتحاد التونسي
للفلاحة والصيد البحري لا ينحدر في نضاله النقابي الى مستوى المطالبة باقالة احد اعضاء حكومة انبثقت عن وثيقة اتفاق قرطاج التي كان طرفا في التوقيع عليها لاسباب حزبية او دوافع سياسية بل انه يناضل بشكل مبدئي من اجل التعبير عن رفضه المطلق لسياسة التسويف والمماطلة واللامبالاة التي ماانفكت تنتهجها الحكومات المتعاقبة و يعمل على الانتصار لقضايا الفلاحين والبحارة والدفاع عن حقهم في الحياة الكريمة وعن مطالبهم وهو يناضل ايضا من اجل التنديد بالاجحاف والتهميش الذي عانى منه ومايزال قطاع الفلاحة والصيد البحري طوال عشرات السنين وهو ما فوت على بلادنا فرصا ثمينة لتحقيق الامن الغذائي ودفع التنمية الجهوية والتشغيل خاصة في المناطق المحرومة باعتبارها جهات فلاحية بامتياز .
واننا في الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري نؤكد دوما على ان النهوض بقطاع الفلاحة والصيد البحري يظل شانا وطنيا ومسؤولية مشتركة يتقاسم اعباؤها الجميع وامانة ينبغي ان تتحملها كل القوى الحية في البلاد وفي مقدمتها الاحزاب السياسية والمنظمات الوطنية وسائر الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين