و تقصدا لما به تفصح الأحوال عن معانيها و هي في حلها و ترحالها ..أخذا بناصية الفن و هو يعلي من شؤون و شجون شتى..هو الكائن يحمل قلبه في الدروب يحاول ما تداعى به من خوف و شغف و ألم ...و أمل قديم معتق يفضي الى الراهن في ارباكاته و انكساراته حيث التلوين مجال قول مفتوح على الأساطير و الموحش و المبهج في سير المخلوقات ...
إنها فتنة الحكي الجمالي في عالم معطوب منذ القدم و مفعم بعناصر السقوط المريع وفق تداعيات من أمزجة و قيم معكوسة و رداءات سائدة و من ثمة و في هذا الحكي و بحسبه لم يبق غير ...الحلم..نعم الحلم هذا ابن النوم ..و اليقظة ..و ليس من مجال غير المواءمة الرائقة في سمو ذهني و ابداعي بين الواقعي و المتخيل و الأسطوري كحامل للاعتمالات و العواطف و ما يتطلبه كل ذلك من نظر عميق في تأويل لى يخرج عن جماليات شتى هي محصلة الفن ..و الفنان .
والحلم هنا ذهب ليكون عنوانا لافتا محيلا الى قراءات مولدة و متحركة في حدث فني جمالي بمضامين لها من عطور الشعر نصيبها المتخير.. مورفيوس احالة ضمن الأساطير الإغريقية إلى إله الأحلام و باعتبار كونه أحد أبناء هيبنوس إله النوم..حيث كان يعتقد أنه يأخذ شكلاً آدميًا ويظهر للناس في نومهم...و من هذا الاطار و غيره كان الفن و ما يزال يتطلب الحلم الشاسع لتغذية الخيال و الذات لأجل الابداع و التجدد و اعادة النظر تجاه الأشياء و ابتكار صياغات أخرى و مختلفة للمرغوب في قوله و استدعائه جماليا و أدبيا بما يحيل الى المنجز في خصوصياته التي منها و هذا الأهم ابداعيته.
هكذا نلج عوالم التجربة المفضية الى معرض مهم للفنانة التشكيلية و الباحثة شيماء الزعفوري التي خلصت في معرض جامع لحيز لافت من أعمالها الفنية الى فكرتها الفنية حيث اللوحات في تعدد أحجامها و أشكالها تجتمع في السياقات المذكورة و عليها و بها لتفضي الى هذا العنوان الدال اسطوريا و أدبيا و جماليا الذي اتخذته كتعلة عميقة للقول برغباتها تجاه الفن و الكامنة فيه نبشا و اجتراحا و توغلا في ...الحلم..هذا الذي أرهق الانسان و الكائنات..الكل حلم و يحلم..حيث يبقى الفن هذا الملاذ الممكن للحفاظ على الحلم و لشحنه و للقول بوجهه.. اننا نتقصدك و نحبك أيها الحلم..لا تتركنا يا حبيبنا الحلم..نحن هنا سيدنا الحلم... والفنانة شيماء الزعفوري متحصلة على الدكتوراه في علوم و تقنيات الفنون سنة 2019 بتونس العاصمة و درست بالمعهد العالي للفنون و الحرف بصفاقس و تدرس حاليا بالمعهد العالي للفنون و الحرف.
معرض به أعمال هي ثمار سنوات من البحث و التفكير حيث الجمال الخفي و البين و التقنيات في بهاء توظيفها ليلنس المتلقي هذا النزوع تجاه تيارات السوريالية و التكعيبية الى جانب بروز حال القسوة و تبين مظاهرها بيسر و هو ما يطلبه جانب من مضمون اللوحات على غرار الوحشية...عالم و مزيج من الأحاسيس تزخر بها أعمال مختلفة لشيماء الزعفوري في احالة الى عنفوان الوعي و الادراك ساعات انجاز العمل الفني في سياقاته هذه بين الثقافي و لاجتماعي و الانساني و الوجداني و الحضاري وفق المألوف و المختلف و الثابت و المتحول ..
هكذا هي التجربة ضمن هذا السياق من المعرض الفردي لشيماء الذي حوى (22) عملا فنيا بنباهة من الاحساس و بجمالية تعمل ضمنها و تواصل فيها في شواسعها من الرمزي و الأسطوري و اليومي فكأننا تجاه ملحمة ملونة تستدعي الأسطوري لتدعم قولها في هذا الراهن المربك و الموحش و لعل ما يحدث لغزة و شعب فلسطين المقاوم و الصامد امام صمت كوني مريب من قبل آلة الابادة الصهيونية حيث بشاعة الأفعال ..شكل مجالا قديما متجددا من فعل الطغيان و الخراب الانساني الذي و اجهه الفن و الملاحم بالادانة جماليا و وجدانيا و هذا المعرض في حيز مهم منه كان ضمن هذا السياق أو تزامن معه و لكنه يعيد للذاكرة الفنية فعل الوعي و دور الفن في مواساة الانسان..