هيئة الحقيقة والكرامة تواصل «تمردها» على المحكمة الإدارية: هل أصبحنا في حرب تشريعات أم هي سياسة ليّ الذراع

يبدو أن القرارات القضائية الصادرة عن المحكمة الإدارية بخصوص ما يحدث صلب هيئة الحقيقة والكرامة لا تزال تلازم الرفوف ومنسية بدل تنفيذها من قبل الهيئة الإدارية وعلى رأسها سهام بن سدرين ،علما وان بداية الحكاية كانت بإعفاء زهير مخلوف من منصبه بالهيئة كنائب رئيس

ثان ومن عضويته أيضا ولكن القضاء الإداري قال كلمته وأنصف هذا الأخير ليبقى قرار المحكمة الإدارية حبرا على ورق بعد رفض رئيسة الهيئة تنفيذه بدعوى أنه لا أحد يتدخل في قرارات الهيئة. تصرفات وسلوكات صادرة عن هيئة دستورية من شأنها ان تطرح أكثر من سؤال هل نحن نسعى إلى إرساء دولة قانون ؟ أم لبناء سياسة ليّ الذراع أم نحن في حرب تشريعات؟

قانون العدالة الانتقالية بصفة عامة وهيئة الحقيقة والكرامة المنبثقة عنه بصفة خاصة ومنذ ولادتهما لم يكن لهما الصدى الايجابي المطلق في الأوساط الحقوقية وبعض الأوساط السياسية حيث اعتبروا أن المشرع فيه عديد الثغرات خاصة فيما يتعلق بالفصل 25 وعدد من الفصول الأخرى وأن الهيئة اغلب أعضائها غير مستقلين وعلى رأس القائمة سهام بن سدرين التي نصبت فيما بعد رئيسة للهيئة المذكورة

الأحكام صدرت لتنفذ؟
الاحكام صدرت ليقع تنفيذها لكن هذا المبدأ يبدو انه أصبح مجرد كلمات في السنوات الأخيرة خاصة فيما يتعلق بالأحكام التي تصدر عن المحكمة الإدارية التي عرفت بجرأتها في ذلك فعلى سبيل الذكر لا الحصر وعند العودة بذاكرتنا إلى زمن ليس ببعيد فقد قضت المحكمة الإدارية بإنصاف العقيد لطفي القلمامي الذي ورد اسمه ضمن الإطارات الأمنية التي تم عزلها من قبل فرحات الراجحي عندما تقلد منصب وزارة الداخلية والى اليوم لم يتم تنفيذ هذا الحكم البات والقائمة تطول والسبب مجهول فالجهات المعنية بالتنفيذ لم تمانع ولكنها في نفس الوقت لم تبادر بالتطبيق. الأمر هنا يختلف مع هيئة الحقيقة والكرامة التي أعلنت صراحة وتحديدا على لسان رئيس لجنة التحكيم والمصالحة خالد الكريشي في احد المحطات الإذاعية بأنه لا توجد أي هيئة قضائية فوق هيئة الحقيقة والكرامة بما في ذلك المحكمة الإدارية علما وأن هذه الأخيرة قد أصدرت حكما يقضي بإنصاف زهير مخلوف وإعادته إلى منصبه كنائب رئيس ثان لهيئة الحقيقة والكرامة وإلغاء قرار تنصيب الكريشي خلفا له.

قانون المحكمة الإدارية واضح وصريح
ما قامت به هيئة الحقيقة والكرامة بتمردها على قرار المحكمة الإدارية أثار حفيظة القاضي الإداري احمد صواب الذي قال إن الهيئة لم تحترم أحكام القضاء في 4 مناسبات وبذلك فقد خرقت القانون وخاصة قانون المحكمة الإدارية الفصل 10 الذي يقول « يعتبر عدم التنفيذ المقصود لقرارات المحكمة الإدارية خطأ فاحشا معمرا لذمة السلطة الإدارية المعنية بالأمر» وكذلك الفصل 55 الذي ينص على أن تسلم كتابة المحكمة لكل طرف صدر لفائدته حكم نسخة تنفيذية واحدة تكون محلاة بالصيغة التالية «وبناء على ذلك فإن رئيس الدولة يأمر ويأذن الوزير أو الوزراء (مع ذكر الوزارة أو الوزارات المعنية) وكافة السلط الإدارية المعنية بأن ينفذوا هذا الحكم أو القرار كما يأمر ويأذن سائر العدول المنفذين، إن طلب منهم ذلك فيما يخص طرق التنفيذ التي يمكن إتباعها طبقا لمجلة المرافعات المدنية والتجارية ضد الذوات الخاصة المعنية بالأمر، بأن ينفذوا هذا الحكم أو القرار».هذا وعبر الصواب عن استيائه من تصريحات الكريشي وقال أيضا « هيئة الحقيقة والكرامة لم تعد لها أية مشروعية، مضيفا أن هذه الهيئة ليست هيكلا دستوريا». ما يحدث اليوم يفتح الباب لطرح حزمة من التساؤلات أهمها هل بهذه الطريقة تبنى الدولة الديمقراطية واستكمال مسار العدالة الانتقالية؟ هل نحن اليوم في حرب تشريعات فالكل متشبث بقوانينه؟ ام هي سياسة ليّ الذراع وإرساء دولة اللاقانون؟

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115