و تعطي الحق للمشتبه فيهم ان يطلبوا الاستعانة بمحام خلال استنطاقهم ولهم ذلك بحكم القانون الجديد.
إجراءات جديدة ونقلة نوعية تفتح مجالات رحبة أمام الجميع و تقصر المسافات بين الواقع و المطلوب من ناحية حسن سير الإجراءات تكريسا و ضمانا للحقوق بمختلف مظاهرها. كما أن هذه التنقيحات تمكن من إضفاء الشفافية الضرورية لتطبيق أعمال البحث بشكل يبعدها – مثلما هو الحال في العديد و العديد من الحالات الآن- عن الشبهات و يدرأ عنها الاتهامات بالتعسف و بخرق القانون و الإجراءات. انطلاقا من اليوم لن يكون المشتبه به وحيدا أمام باحث البداية و بالتالي لن تكون هنالك في نظره على الأقل محاولات – كلام يتكرر كثيرا في الجلسات القضائية - لما يعتبره من زاويته «تحريفا للوقائع» آو «افتكاكا للاعترافات». البحث سيدور وفق التنقيح الجديد و الذي يدخل حيز التنفيذ اليوم بحضور محام لن تكون مداخلته في هذا الإطار شكلية بمعنى مقولة «ذر الرماد علي العيون» أو تطبيقا لشعار تلميع الصورة لمجريات أعمال البحث و إنما مرحلة و إجراء هامين وضروريين –إذا ما تمسك بذلك المشتبه به باعتبار تمكينه من طرف المشرع من هذا الحق- يتأسس عليهما مبدأ المواجهة في المادة الجزائية و تتمحور حولهما سلبا أو إيجابا كل أعمال التحقيق و البحث عن الحقيقة وترتيبا على ذلك إبراز عناصر الإدانة من عدمها بما يعني ذلك من تكريس لمبدإ البراءة أو لبلورة مبدإ آخر لصيق بأعمال النيابة العمومية و المتمثل في تمتع هذه الأخيرة بحق ملاءمة التتبعات.
حضور المحامي و مؤشرات الصعوبات
ما نحن بصدد التعرض إليه يمثل دون شك تغيرا جوهريا في دنيا الإجراءات الجزائية. اليوم و منذ الساعات الأولى للصباح دخلت التنقيحات الجديدة حيز التنفيذ بمعنى انه يحق لأي موقوف في مرحلة البحث الابتدائي أن يطالب بحضور محام ليسانده في عملية خضوعه للاستنطاق من طرف من هو مكلف بذلك.وهذا الأمر مفتوح بمعنى انه يطبق في أي وقت من الأوقات ليلا نهارا و في كل الأيام ، أيام العطل الأسبوعية و الأعياد الرسمية. و في صورة عدم قدرة المشتبه به إيجاد محام بنفسه فان القانون الجديد يفرض على باحث البداية الاتصال بفرع المحامين الراجع ترابيا بالنظر والذي يتولى مباشرة تعيين محام استنادا إلى قائمة استمرار وقع إعدادها مسبقا.
اليوم ينطلق كل ذلك و يتم بالتالي اكتشاف أبعاد وخفايا التنقيحات الجديدة. أسئلة فرضت نفسها ترتيبا على ذلك _ على الجميع. هل ان هنالك بنية تحتية تخول دخول التنقيحات الجديدة في أحسن الظروف و تضمن حسن تطبيقها؟ بعبارة أخري هل وقع الاستعداد بشكل كاف لهذه النقلة النوعية الكبيرة من حيث الإجراءات؟ رغم المحاولات العديدة – خصوصا من جانب هياكل المحامين و التي تولت مند مدة التطرق والإعداد للمسالة فان الانطباع العام لدي مختلف الأطراف المعنية بالموضوع يبقى سلبي الأبعاد باعتبار ما تمت معاينته من عدم توفر البنية التحتية الضرورية – أو الدنيا- لحسن ضمان حسن دخول القانون الجديد حيز التنفيذ. إشكاليات موضوعية عديدة تفرض نفسها لتأكيد هذا الواقع و الانطباع العام. الكل على بينة أن مراكز الآمن وغيرها ممن هي مرشحة لاحتواء تطبيق القانون الجديد لا تتوفر على البنية التحتية لذلك (لا وجود لمكاتب مستقلة و فضاءات تسمح بضمان حسن سير الاستنطاقات بحضور المحامي. هذا إلى جانب عدم توفر المعدات لذلك من آلات تصوير و كل ما تحتاجه هذه المرحلة .
مخاوف تداخل الأدوار و الهياكل
نقاط جوهرية أخرى بقيت هي أيضا غامضة ولا شك أن التطبيق الميداني سوف يتولى كشفها ، من ذلك مسالة تحديد مواعيد الاستنطاقات و من يتولى حسم الإشكالات المترتبة عنها في صور اختلاف الرؤى و المواقف بهذا الخصوص و مسالة الاستجابة لطلبات الدفاع أثناء الاستنطاق و غيرها من الإشكالات التطبيقية التي سيفرضها التطبيق.
هنالك لا محالة إشكالية كبرى تنبأ بها البعض وكانت الهيئة الوطنية للمحامين السباقة في الحديث عنها وتتمثل في الجانب النفساني الصرف الذي سيؤطر مرحلة تطبيق القانون الجديد ، خصوصا في مراحله الأولي. لقد «تربت» الهياكل سواء الأمنية أو القضائية آو تلك التي لها علاقة بالمحاماة على نوع من وضعية الاستقلال و الانفصال الهيكلي و المهني. سرت الأمور بالنسبة لكل هيكل على الترتيب في التعهد و التدخلات بمعني أن فترة البحث الابتدائي «منغلقة «على ذاتها ، لا يتدخل فيها المحامي والذي لا يملك إلا انتقادها في المرحلة القضائية. القانون الجديد سوف يغير كل ذلك و يتولي «فتح» هذه الهياكل علي بعضها بما يعني ذلك من تأثير علي السلوك ومنهجيات العمل و بما يعني أيضا من «تعايش» و تزامن في التدخلات. الإشكال أن ذلك سوف يؤدي حتما إلى بروز تصدعات و اختلافات. لهذه الأسباب دعت هيئة المحامين إلى ضرورة ضبط النفس والتعقل.. لكن يرى البعض أن ذلك أمر طبيعي ناتج عن حجم التغير الإجرائي الجديد و الذي مع الوقت سوف تهدأ أثاره و....الانتقادات المتعلقة به.