يعد ضغطا على الأعمال القضائية ومساسا بمبدأي استقلال القضاء وإنفاذ أحكامه وقراراته.
أفادت جمعية القضاة التونسيين أن قرار فتح البحث التحقيقي ضد كل من الرئيس السابق للفرع الجهوي للمحامين بسوسة وكاتبته العامة السابقة وكل من سيكشف عنه البحث من أجل إقامة شهادة نص فيها على أمور غير حقيقية بصفة مادية واستعمال تلك الشهادة طبق الفصل 199 من المجلة الجزائية بناء على شكاية تقدم بها أحد المحامين بسوسة، كان على اثر تقديم شكاية من طرف أحد المحامين بسوسة بتاريخ 27 ماي 2019 ضدّ المعنيين بالأمر تتضمن اتهامهما بتعمد افتعال وثائق وهمية بغرض تضخيم الأعمال التي باشراها دون سند قانوني.
وأكدت في بيان لها أن القرار الصادر من طرف الوكيل العام جاء بعد استنفاد كافة المحاولات الصلحية بين كافة الأطراف وفي إطار ما اقتضاه الفصل 46 من المرسوم عدد 79 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة والذي نص على أنه إذا وقعت تتبعات جزائية ضد محام يتم إعلام رئيس الفرع الجهوي المختصّ حينيا ويحال المحامي وجوبا من طرف الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف على قاضي التحقيق.
وقد استغربت الجمعية ما ورد في بيان الفرع الجهوي للمحامين بسوسة من «أن قرار فتح البحث التحقيقي يعكس الرغبة في المسّ بدور هياكل مهنة المحاماة وتشويه سمعتها والحال أن الحق في التقاضي حق دستوري مخول لكافة المواطنات والمواطنين وأن الغاية من فتح الأبحاث التحقيقية هي كشف الحقيقة باعتبار أن الجميع متساوون أمام القانون ولا أحد فوق المساءلة».
وشددت على مهنيّة الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بسوسة وحسن إدارته لمهامه، مشيرة إلى أن الوكيل العام قد أكد أن «علاقته مع عموم المحامين و تحديدا مع رئيس الفرع الجهوي السابق والكاتبة العامة السابقة يسودها الاحترام المتبادل وأن ذلك لا يعدّ مانعا من تطبيق القانون»، مشيرة الى أنها ستتولى متابعة تطورات الملف المحتملة واستعدادها للدفاع عن استقلال القضاء واستقلالية القرارات القضائية وحمايتها من كل الضغوطات والتأثيرات.
كما عبّرت عن تضامنها مع الوكيل العام بسوسة، ودعت كافة القضاة المباشرين بدائرة قضاء محكمة الاستئناف بسوسة إلى عدم الانسياق وراء محاولات استفزازهم وممارسة مهامهم بطريقة عادية وبكامل الحياد والاستقلالية وفي نطاق الإجراءات القانونية ومبادئ المحاكمة العادلة وما تقتضيه مصلحة المتقاضين.
من جهة أخرى فقد استنكرت الجمعية ما اعتبرته «أسلوب المغالطة» المعتمد صلب بيان الفرع الجهوي للمحامين بسوسة تجاه شخص الوكيل العام من خلال التشكيك في نزاهته وادعاء استهدافه لهياكل المحاماة، معتبرة أن ما اتُخذ من خطوات احتجاجية في علاقة بممارسته لصلاحياته القانونية يعد ضغطا على الأعمال القضائية ومساسا بمبدأي استقلال القضاء وإنفاذ أحكامه وقراراته ولا يمكن القبول به وفق نص البيان.
وعبرت عن استغرابها الشديد من خروج بيانين ،عن كل من الفرع الجهوي للمحامين بسوسة وعن الهيئة الوطنية للمحامين، عن قواعد الخطاب المؤسسي وتبنيهما نهج التصعيد والتشنج بعيدا عن قواعد الاحترام الواجب للسلطة القضائية وآليات التعامل السليم بين المشرفين على المحاكم وهياكل المحاماة في مرحلة دقيقة تمر بها البلاد تستدعي توحيد الجهود والتخلي عن أية ممارسات تزيد في تأزيم الأوضاع وتغذية التجاذبات القطاعية العقيمة المضرة بالمصلحة الوطنية.