تقييم مردود المجلس الأعلى للقضاء زمن أزمة القضاة: غياب وصمت وصفه عدد من القضاة بالسلبي والمؤسف

عاش مرفق القضاء منذ أكثر من ستة أسابيع على وقع حالة من الاحتقان ومن غضب القضاة الذين دخلوا في إضراب مفتوح احتجاجا

على ظروف عملهم وتردي وضعهم المادي، مطالب اتفقت حولها كل الهياكل المهنية من جمعية القضاة التونسيين والنقابة واتحاد القضاة الاداريين وقد اتحدت بإصدار بيانات مشتركة، ولكن هذا التوافق لم يصمد كثيرا حيث قررت الجمعية استئناف العمل بعد أن أبرمت اتفاقا مع الحكومة، ولكن بقية الهياكل كان لها موقف مخالف وواصلت الإضراب ونظمت يوم غضب دعت فيه الحكومة إلى مراجعة موقفها و ضرورة احترام قضاة تونس قبل ان تدخل في تفاوض معها والذي اسفر عن ابرام اتفاق تم بموجبه تعليق الاضراب ولكن أمام هذا؟ المشهد القاتم الذي خيّم على القطاع لأسابيع يطرح السؤال أين المجلس الأعلى للقضاء من كل هذا ؟ وما الدور الذي لعبه بوصفه الضامن لحسن سير مرفق القضاء؟.
جاءت تحركات القضاة على خلفية وفاة قاضية بفيروس كورونا المستجد وهي القطرة التي افاضت الكأس والتي كشفت عن حقيقة الظروف التي يعمل فيها القاضي وفق تعبير اهل القطاع.
وقد حصل انقسام بين الهياكل المهنية للقضاة حيث قبلت جمعية القضاة التونسيين مقترح الحكومة وتم امضاء اتفاق ثنائي في حين خيرت بقية الهياكل مواصلة التحركات ورفض بنود الاتفاق المذكور لأنه لا يستجيب وواصلت التحركات الى أنوقع الإمضاء على اتفاق آخر مع الجهات الحكومية، انقسام لك يكن بالمفاجأة ولكن الاضراب الذي خاضه القضاة ومعهم كتبة المحاكم جعل الوضع يأخذ منعرجا جديدا وصف بالخطير خاصة وأن مصالح المتقاضين تعطلت مما اثار غضبهم وحفيظتهم، وضع جعل العديد من المتابعين للشأن القضائي والمتداخلين في المرفق يتساءلون حول غياب المجلس الأعلى للقضاء وصمته تجاه هذا المشهد المحتقن.
سؤال طرحه كذلك العديد من القضاة الذين عبروا عن استغرابهم من الموقف السلبي الذي لعبه المجلس الأعلى للقضاء رغم صفته كالضامن لحسن سير مرفق القضاء فقد رأت القاضية عفاف النحالي أن المجلس مطالب بالتدخل لا يجاد ارضية للتحاور ومحاولة تجاوز الازمة ولكنه لم يقم بهذا الدور وفق تعبيرها.
هذا وقد رأى البعض الآخر من القضاة أن صمت المجلس الاعلى للقضاء ترك فراغا لم تستطع الهياكل التمثيلية للقضاة سده لأن التعامل مع الحكومة ينبغي ان يكون من المؤسسة الاكثر تمثيلية للسلطة القضائية في الدولة ولكافة المعنيين بها من محامين وعدول تنفيذ وخبراء محاسبين وجامعيين...وهو المجلس الاعلى للقضاء، فالتفاوض مع هيكل نقابي قد يغلب الصبغة القطاعية في حين ان التفاوض مع المجلس الاعلى للقضاء سيغلب مصلحة المرفق عامة وهذا هو الفرق.
من جهة أخرى دعا رئيس اتحاد القضاة الاداريين وليد الهلالي في وقت سابق المجلس الأعلى للقضاء إلى ضرورة تحمل مسؤولياته كضامن لحسن سير مرفق العدالة ولكن الاخير واصل صمته .
من جانب آخر عبر عدد هام من القضاة عن استنكارهم واستغرابهم لغياب المجلس عن هذا المشهد ووصفوا الأمر بالمؤسف وهو ان يختار المجلس لعب دور المتفرج تجاه مسألة في عمق المرفق القضائي.
ولكن هناك من نظر إلى المسألة من ناحية قانونية ورأى أن المجلس الاعلى للقضاء ولد من رحم ضعيف وهو القانون عدد 34لسنة 2016 الذي لم يعطه سوى صلاحيات استشارية، في المقابل حصر وظائفه لدى المجالس القطاعية في البت في المسارات المهنية للقضاة وفي التأديب وبالتالي لا بد من مراجعة القانون المذكور واسناد المجلس صراحة صلاحيات التفاوض لدى السلط الاخرى بخصوص الاشكالات المتعلقة بسير المرفق القضائي.
امام هذه المواقف وان اختلفت في زاوية النظر الا انها تتفق في نقطة مشتركة وهي ان صمت المجلس الاعلى للقضاء تجاه ما عاشه القضاة مؤخرا وغيابه عن الساحة من اجل تقريب وجهات النظر يعتبر نقطة سوداء في سجله.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115