أمس الخميس اتفاقا مع رئاسة الحكومة، وطبقا لذلك سيستأنف القضاة بمختلف الأسلاك اليوم الجمعة عملهم في كافة المحاكم.
شهر ونصف من الإضرابات، شهد خلاله المرفق القضائي شللا تاما في مختلف محاكم البلاد التونسية وفي مختلف الأسلاك: العدلي والإداري والمالي. شهر ونصف، عبرت فيه مختلف المنظمات والجمعيات الوطنية منها والدولية، عن مساندتها المطلقة لمطالب القضاة الرامية إلى بناء سلطة قضائية مستقلة فاعلة وناجزة، سلطة قضائية قادرة على مكافحة الإرهاب والقضاء على إخطبوط الفساد.
«اتفاق يليق بالقضاة»
مفاوضات على مدى يومين انتهت امس الخميس بإمضاء اتفاق وصف بـ«التاريخي» بين الهياكل القضائية ورئاسة الحكومة. اتفاق قال رئيس اتحاد القضاة الإداريين وليد الهلالي انه يضمن حقوق وحريات القضاة بمختلف، اتفاق يليق بالقضاة ويدفعهم للقيام بالمهام الموكولة لهم في ظروف معقولة.
وفي تصريح لـ«المغرب» اكد وليد الهلالي،ان الهياكل القضائية قد لمست منذ اول امس ارادة جدية من قبل الحكومة من اجل انهاء الازمة التي مر بها المرفق القضائي منذ اكثر من شهر ونصف.
واعتبر محدّثنا أن هذا الاتفاق كان نتيجة تضافر الجهود بين مختلف الهياكل المعنية، مشيرا الى ان ما يتم الترويج له من وجود إشكالات بين جمعية القضاة والنقابة لا اساس له من الصحة، مشيرا الى ان «الاتفاق الذي توصلت له الجمعية الأسبوع الفارط لم يرض جميع القضاة، لذلك عبروا عن رفضهم للاتفاق وتمسكوا بمواصلة الإضراب».
وشدد الهلالي على ان الاتفاق الحالي قد لاقى رضا كافة القضاة، وطبقا لذلك فان المحاكم الإدارية والمالية والعدلية ستفتح ابوابها غدا لمباشرة أعمالها وتلافي ما تراكم من ملفات خلال فتة الاضراب التي خاضها القضاة للدفاع عن جملة من المطالب التي تضمن حقوقهم وحرياتهم وستنعكس إيجابا على حقوق وحريات المتقاضي والمرفق القضائي بصفة عامة.
«جزء من الحل»
من جهة أخرى، قال وليد الهلالي ان الاتفاق الذي توصل اليه القضاة مع الحكومة يظل جزءا من الحل للازمة التي يمر بها المرفق، خاصة وان اعوان وكتبة المحاكم يخوضون كذلك تحركات احتجاجية من أجل مطالب مشروعة.
وأكد الهلالي ان الهياكل القضائية قد تطرقت، أمس الخميس، أثناء مفاوضتها مع الحكومة الى وضعية أعوان العدلية، حيث تم التأكيد على انه يستحيل القيام بعمل قضائي دون كتبة واعوان العدلية. وأوضح مصدرنا انّ الحكومة قد ابدت تفهمها لمطالب اعوان وكتبة المحاكم، وانها مستعدة للتفاوض معهم من أجل إيجاد حل للازمة التي يشهدها المرفق.
وأفاد محدثنا انه من المنتظر ان تتقدم الهياكل القضائية العدلية والإدارية والمالية بمشاريع قوانين في الغرض طبقا لما تم الاتفاق عليه كل في اطار اختصاصه. وشدد رئيس اتحاد القضاة الإداريين على ان «القضاة مستعدون اليوم لمباشرة مهامهم بكل جرأة وشجاعة وفي كنف الاستقلالية التامة والحياديّة، اليوم أصبح القاضي قادرا على تطبيق القانون على كافة الأشخاص على حد سواء».
غياب جمعية القضاة عن المفاوضات
اعتبرت جمعية القضاة التونسيين ان الاتفاق الذي تم إمضاؤه في 18 ديسمبر2020 مع الطرف الحكومي والذي وقعت صياغته من الأطراف المتحاورة كان «خيارا مسؤولا اختتم مسار تفاوض طويل وأقرّ من خلاله الأرضية التي سيقع البناء عليها لإصلاح القضاء وحفظ كرامة القضاة وحياتهم في ظل أزمة مستفحلة يمر بها القضاء والوطن وذلك دون الجنوح إلى خيار تأبيد الأزمة في هذا الظرف الدقيق إعلاء لمصلحة القضاء ومصلحة الوطن.
واكدت في بيان صادر عنها مساء امس الخميس، أنه بعد اكتمال مسار التفاوض وإمضاء اتفاق وصفته الحكومة بالنهائي والانطلاق الفعلي في تنفيذ بنوده ودعوة الجمعية لعموم القضاة لاستئناف العمل بداية من 21 ديسمبر 2020 إيفاء بالتزاماتها، فقد دُعيت مساء أول أمس في شخص رئيسها إثر اتصال في حدود الساعة العاشرة ليلا من المستشار السياسي لرئيس الحكومة لإمضاء اتفاق ثان بعد اتفاق 18 ديسمبر 2020 دون أن تعلم مسبقا من الطرف الحكومي بوجود مسار تفاوض على تفاوض لم يقع إطلاع الجمعية عليه ودون اطلاعها على مضمون الاتفاق الثاني المتعلق بتحسين الظروف المادية للقضاة، خاصة أنه تعلق حسب ما وقع تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي باقتراح جمعية القضاة التونسيين الذي قدمته للحكومة في المسار التفاوضي الأول مع شرح الأسباب بتاريخ 9 ديسمبر 2020 وإحالته كتابيا على رئيس الحكومة والتفاوض بشأنه لمدة أسبوع كامل مع كل من رئاسة الحكومة ووزارة المالية والمرصد الوطني للجباية والذي انتهى إلى رفض قبوله بتاريخ 16 ديسمبر2020 لأسباب قانونية واستبداله بخيار ثان يوفر حلولا دائمة للمطالب المشروعة للقضاة.
وشدد المكتب التنفيذي للجمعية على أنه «لم يعلم بإعادة التفاوض إلا عبر وسائل الاعلام والبيانات الصادرة عن الهياكل المشاركة في المفاوضات الثانية والحال أن الجمعية كانت أول طرف تحمل مسؤولية فك الأزمة من خلال مسار تفاوضي شفاف وتشاركي يراعي مصلحة القضاء والمصلحة الوطنية العليا في إيقاف شلل مرفق العدالة وبأنه بسعيه لمعرفة تفاصيل حول مضمون الاتفاق الثاني لم يتمكن من ذلك».
مطالب بنشر مضمون الاتفاق
اكدت جمعية القضاة التونسيين انها «لا تعارض أي مكسب من شأنه التحسين الفعلي والحقيقي للوضع المادي للقضاة باعتباره من مقومات استقلالهم، وأنها اذ تتمسك باتفاق 18 ديسمبر 2020 وبالالتزامات الحكومية طبق ذلك الاتفاق ومواصلة العمل عليه إعلاء لقيم الدولة وما تفرضه من مسؤوليات، فإنها تشدد على أن الجمعية بصفتها مسؤولة عن تمثيل القضاة وعن الدفاع على مصالحهم المادية والمعنوية كالدفاع على استقلال القضاء لا يمكنها أن تكون طرفا مصادقا في ختام اتفاقات تُعقد في ظروف ملتبسة وغامضة تمس من مصداقية القواعد الواجب مراعاتها في أصول التفاوض مع الحكومات فضلا عن التباسها بإشراك هياكل لم تنخرط مطلقا في تحركات القضاة التي انطلقت منذ 16 نوفمبر 2020 ولا تملك من واقع التمثيلية القانونية والانتخابية شيئا وهو ما يُقوّض مبدأ الثقة العامة في مؤسسات الدولة».
وأوضحت الجمعية انها قد قامت بـ»اعلام الجهة الحكومية بناء على كل هذه الانحرافات المريبة بالمسارات التفاوضية التي تزعزع الثقة العامة في مؤسسات الدولة وفي مصداقية الطرف التنفيذي رفض الإمضاء على اتفاق ثان لم يشارك في المفاوضات التي أقرته ولم يُمكّن من الاطلاع على فحواه وتفاصليه ولإخلاله بأخلاقيات المسارات التفاوضية».
وطالبت في هذا الاطار الحكومة بنشر مضمون ما تم إمضاؤه امس الخميس مع بقية الهياكل القضائية لبيان محتواه والإطلاع على تفاصيله. ودعت عموم القضاة العدليين والإداريين والماليين إلى استئناف العمل طبق الدعوة الموجهة إليهم من جمعية القضاة التونسيين، مؤكدة متابعتها لمخرجات الاتفاق الممضى في 18 ديسمبر 2020 وتنفيذها بالجدية المطلوبة طبق آجالها المحددة ولكلّ مكسب يُحسّن من الأوضاع المادية للقضاة مع العمل على مراقبة وتقييم كل مرحلة منها داخل هياكل جمعيتهم واتخاذ ما يلزم من قرارات بخصوص ذلك في إبانها.
المرفق القضائي «يستعيد عافيته»: بعد شهر ونصف من الإضرابات الحكومة تستجيب إلى طلبات القضاة
- بقلم فتحية سعادة
- 09:59 25/12/2020
- 818 عدد المشاهدات
أمضت الهياكل القضائية: نقابة القضاة واتحاد قضاة محكمة المحاسبات واتحاد القضاة الماليين والقاضيات التونسيات