القضاة غاضبون: «نحن لا نمارس السياسة ولا ننتمي الا للرداء الأسود»

عبر، مئات القضاة، أمس الاثنين عن تمسكهم بمواصلة الإضراب العام عن العمل ورفضهم القطعي للاتفاق الممضى الجمعة الفارط بين الحكومة وجمعية القضاة التونسيين.

ودعوا الحكومة إلى مراجعة موقفها وتدارك الامر.

وقد رفع مئات القضاة، صباح أمس الاثنين، امام قصر العدالة بتونس العديد من الشعارات الداعية الى استقلال القضاء من بينها «سلطة سلطة قضائية حق حق موش مزية» و«القضاء لا يهان يا حكومة اللجان» و«القضاء سلطة دستورية وليست وظيفة عمومية» ووقفة صامدة، نفّذها صباح أمس عدد هام من القضاة. وقفة رفعوا شعارات كـ«رفع اليد على القضاء» و»إعلاء القانون الذي يطبق على الجميع على حد السواء»...

أصوات رافضة للتجاهل الذي أبدت السلطة التنفيذية وللاتفاق الذي تم امضاؤه بين جمعية القضاة والحكومة.

بين «السلطة القائمة» و«السلطة الدائمة»
ندد المحتجون بتصرفات جمعية القضاة التونسيين التي خضعت لاملاءات السلطة التنفيذية على حد تعبيرهم، دون الرجوع الى المعنيين. ودعوا رئيس الجمعية الى الاعتذار من القضاة، مشددين على ان الامر لا يتعلق بأشخاص وانما يتعلق بمصلحة المرفق القضائي بصفة عامة والنأي بالسلطة القضائية عن التجاذبات السياسية والمصالح الضيقة وبناء سلطة قضائية جدية ناجزة وفاعلة.

وفي هذا الاطار قال عميد المحامين السابق بشير الصيد، خلال حضوره لمساندة نقابة القضاة التونسيين صباح امس ، اثناء تنفيذ الوقفة الاحتجاجية أنه من غير المقبول اليوم الحديث عن سلطة قضائية مستقلة فاعلة وناجزة وقادرة على مكافحة الارهاب ومكافحة اخطبوط الفساد بهذه الظروف المادية والمعنوية للقضاة.
ودعا الصيد القضاة الى التمسك بمطالبهم من أجل بناء سلطة قضائية فعلية، مهابة وقادرة على تطبيق القانون دون خوف من اي جهة او شخصية مهما كانت. وعبر عن مساندته المطلقة لهم.

في السياق نفسه، توجه احد القضاة إلى الحكومة قائلا «اذا كنت أنت سلطة قائمة تتحكم فيها الاحزاب، فالقضاء سلطة دائمة تتحكم فيها ضمائر القضاة والقانون. واذا كان ولاؤك الى أجندات ومصالح شخصية، فولاء القضاة فقط للقانون وللوطن وللشعب، والدليل على ذلك ان الأحكام القضائية تصدر باسم الشعب لا باسم الأحزاب او غيرها».
وشدد المحتجون على أنهم لا يريدون «سلطة قضائية عاجزة وبائسة بل أنهم متمسكون بإرساء سلطة قضائية قوية وفاعلة قادرة على تطبيق القانون على كافة الأشخاص مهما كانت صفاتهم أو انتماءاتهم».

من جهتها ، قالت أميرة العمري رئيسة نقابة القضاة «نحن لا نمارس السياسة ولا ننتمي الا للرداء الاسود. وعلى السلطة التنفيذية ان تحترم القضاة وتمكنهم من الامكانيات القانونية اللازمة من اجل بناء سلطة قضائية مهابة وقادرة على ضمان حقوق وحريات الاشخاص ووضع حد لاخطبوط الفساد والجرائم الارهابية».
ودعت العمري الحكومة الى ضرورة مراجعة موقفها واستدراك الامر.

مطالب بـ«رحيل الحكومة»
وجه المحتجون جملة من الرسائل إلى الحكومة، دعوها من خلالها الى الرحيل. واعتبروا ان الحكومة التي تتفاوض ليلا عن المال لا يمكن ان تكون جادة في محاربة الفساد، مشددين على ان «جسد القضاء العليل أياديه لازالت تقتص».

واستنكروا التفاوض مع مستشار رئاسة الحكومة، مؤكدين أن «القضاء سلطة ولا يمكن لهذه السلطة ان تتفاوض الّا مع رئيس الحكومة باعتباره يمثل السلطة التنفيذية أي مفاوضة الند للند».

وشدد القضاة على انهم «سيحكمون بسيف القانون على رقاب كل الفاسدين وان تونس لن تكون دار ذل وانما ستكون دار كرامة وان القضاء التونسي سيظل قويا ولن يخضع ولن يذبح». واكدوا بان «القضاء لن يكون كما يريدون قضاء يحكم فقط على المواطن العادي وانما سيكون قادرا على الحكم على رؤوس الاموال والحيتان الكبيرة دون خوف او ارتجاف».
وفي رسالة وجهت الى رئيس الجمهورية قالت إحدى القاضيات «اذا أردت سيدي الرئيس القضاء على الغرف المظلمة وعلى السياسة التي دخلت للمحاكم يجب أن تكون في صف القضاة، لان ذلك لن يتحقق الا بقضاء مستقل فاعل وناجز، فالإرادة السياسية لا تريد قضاء مستقلا والدليل على ذلك أزمة المحكمة الدستورية التي لم يتم إرساؤها منذ 7 سنوات».

من جهته دعا اتحاد قضاة المحكمة الادارية في جلسته العامة العادية المنعقدة اول امس الاحد المجلس الأعلى للقضاء، بوصفه الجهة القائمة على ضمان حسن سير القضاء واستقلالية السلطة القضائية، إلى الاضطلاع بدوره في حسن تمثيل القضاة والاهتمام بمشاغلهم، والتنسيق مع رئاسة الحكومة وباقي السلط القائمة بالدولة، لتقريب وجهات النظر بين الحكومة والهياكل الممثلة للقضاء والتوصل إلى حلول تراعي المطالب المشروعة للقضاة وحق المتقاضين والمحامين وكافة الجهات ذات العلاقة بمرفق القضاء في استئناف العمل بالمحاكم في أسرع الآجال.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115