والمتعلق بضبط إجراءات الحجر الصحي الموجه، دعا كافة القضاة الى العمل بالمذكرة الصادرة عنه في 28 أفريل المنقضي دون سواها.
عقد المجلس الأعلى للقضاء، خلال الليلة الفاصلة بين الأحد والاثنين جلسة عامة طارئة تم التطرق فيه الى تداعيات الأمر الحكومي عدد 208 لسنة 2020 المؤرخ في 02 ماي 2020 والمتعلق بضبط إجراءات الحجر الصحي الموجه والبلاغ الصادر عن وزارة العدل أول أمس الأحد الموافق لـ3 ماي الجاري.
«انحراف بالمسار التشريعي»
اعتبر المجلس الأعلى للقضاء ان الأمر الحكومي المتعلق بضبط إجراءات الحجر الصحي الموجه وبلاغ وزراة العدل يمثل انحرافا خطيرا بالمسار التشريعي.
وأكد بان الحكومة قد التجأت إلى إقحام السلطة الترتيبية العامة في مجال تسيير مرفق القضاء وهو من صميم مجال القانون على معنى الفصل 65 من الدستور وشدد على ان تنظيم مرفق العدالة لا يمكن أن يكون مطية للتدخل في تسيير هذا المرفق الذي يختص به المجلس الأعلى للقضاء طبقا لأحكام الفصل 2 من قانون المجلس الأعلى للقضاء المؤرخ في 28 أفريل 2016، اضافة الى تأهيل وزيرة العدل ضبط المراحل والشروط ومجالات الاستئناف التدريجي للعمل دون سند قانوني وفي تجاهل متعمد لوجود المجلس ومن ورائه السلطة القضائية وفق تعبيره.
إشترك في النسخة الرقمية للمغرب
«فرض سياسة الأمر الواقع»
استنكر المجلس الاعلى للقضاء، في بيان صادر عنه في ساعة متاخرة من الليلة الفاصلة بين الاحد والاثنين، المنحى الذي انتهجته الحكومة في فرض سياسة الامر الواقع، علما وان المجلس قد عبر طوال الفترة السابقة عن استعداده للعمل بطريقة تشاركية وفتح حوار جدي لضبط مجالات تدخل كل سلطة والعلاقة بينها.
كما عبر عن رفضه لما تضمنه الأمر عدد 208 من اعتداء بيّن على صلاحياته باعتباره المؤسسة الدستورية الضامنة لحسن سير القضاء واحترام استقلاله في استحضار وصفه بـ«المقيت» لصورة القضاء المستضعف ومحاولة تشتيت صفوفه والعودة به الى مربع ما قبل الثورة.
واعتبر أنّ تواتر استهداف المجلس ومحاولة محاصرة صلاحياته وتجريده من اختصاصاته يندرج «في إطار مسار يعبر عن رفض السلطة التنفيذية لأحكام الدستور وخرق لمبدإ الفصل بين السلط مما يحول دون استكمال بناء المسار الديمقراطي الذي يعتبر فيه القضاء ركنا أساسيا في بناء مؤسسات دولة القانون».
«تنبيه وتحذير»
من جهة أخرى فقد نبّه المجلس الأعلى للقضاء الحكومة من تداعيات انتهاج أسلوب تقويض مبدإ وحدة الأقضية الثلاث في تضارب مع أحكام الدستور والقانون المنظم للمجلس الأعلى للقضاء، داعيا كلا من رئيس الجمهورية بوصفه الضامن لاحترام الدستور ومجلس نواب الشعب صاحب الاختصاص الأصلي الى تحمل المسؤولية في ضمان عدم الانحراف بالوظيفة التشريعية.
ودعا المجلس القضاة الى العمل بالمذكرة الصادرة عن المجلس في 28 أفريل 2020 دون سواها ومواصلة تأمين عمل المحاكم طبق المذكرة المذكورة وكما تم عليه الأمر في كامل فترة الحجر الصحي. وحذر من من انتهاج أسلوب الضغط على القضاة في ممارسة وظائفهم القضائية بما يعتبر تدخلا صريحا في سير القضاء ومساسا باستقلال السلطة القضائية وفق نص البيان.
وشدد على ضمان الاستئناف التدريجي للعمل القضائي ومواصلة التنسيق مع سائر الأطراف وخاصة السلط الصحية العمومية المختصة والهيئة الوطنية للمحامين والهياكل الممثلة للقضاة والهياكل الممثلة لسائر المهن القضائية من خبراء محاسبين وعدول تنفيذ وعدول إشهاد، معتبرا انه في استقلال السلطة القضائية ضمان المحاكمة العادلة وحقوق المتقاضين.
دعوة للالتزام بقرارات المجلس
دعت نقابة القضاة التونسيين كافة القضاة للالتزام بقرارات المجلس الأعلى للقضاء دون سواه في كيفية ضبط سير العمل القضائي خلال فترة الحجر الصحي الموجه.
واعتبرت أن التفويض الصادر عن مجلس نواب الشعب المسند لرئيس الحكومة والذي اُقتضته الظروف الصحية العامة كان مضبوطا وضيّقا ولم يمنحه صلاحية تسيير القضاء أو التدخل في إدارته أو تنظيم اعماله والتي تعد من الصلاحيات الموكولة حصريا للمجلس الأعلى للقضاء بموجب الدستور والقانون المنظم له.
في السياق نفسه فقد عبرت جمعية القاضيات التونسيات عن مساندتها للمجلس الاعلى للقضاء بوصفه الهيئة الدستورية الوحيدة المخول لها قانونا صلاحية تسيير العمل القضائي، واعتبرت ان ما تضمنه الأمر الحكومي اعتداء على صلاحيات المجلس.