المتستجد انطلقت الجهات الرسمية الحكومية في البحث عن الطريق الصحيح نحو الهدف كل في مجاله،وزارة العدل من جهتها وكذلك الهياكل القضائية المتداخلة في مرفق العدالة شرعت في ما يمكن تسميته رقمنة السلطة القضائية بالاعتماد على التكنولوجيا الحديثة في تسيير الجلسات وخاصة منها الجنائية وذلك من خلال الاعداد لمرسوم في الغرض.
هذا المقترح التشريعي بادر به المجلس الأعلى للقضاء في شكل مبادرة تشريعية قدمها إلى مجلس نواب الشعب وطالب بالتسريع في تمريرها نظرا للوضع الاستثنائي وتفاديا لاشكال تجاوز القضايا للآجال القانونية التقاضي بعد قرار تعليق العمل بالمحاكم مع الحفاظ على الامور المستعجلة.
البرلمان أبدى وجهة نظره في تلك المبادرة على المستوى الإجرائي وقرر رفضها معللا ذلك بأن المجلس الأعلى للقضاء ليست الجهة المختصة لتقديم المبادرات التشريعية،موقف آثار الكثير من الجدل خلصة في صفوف الهياكل المهنية على غرار جمعية القضاة التونسيين التي أبدت استغرابها واستنكارها لهذا الموقف الصادر عن السلطة التشريعية.
الاشكال إذا لا يكمن في مضمون المبادرة بل في مسألة الاختصاص وهذا لم يفسد للود قضية حيث تحركت وزارة العدل وشرعت في الإعداد لهذا الأمر من خلال انكبابها على سن مرسوم لتعليق مختلف آجال التقاضي والطعون والتنفيذ وغيرها إلى حين انتهاء فترة الحجر الصحي الشامل الذي أعلن عنها رئيس الجمهورية منذ اسبوعين تقريبا، هذه الوثيقة تهدف اساسا للحفاظ على حقوق المتقاضين وتكريسا لمبدأ ما يسمى الأمان القانوني.
رغم الحجر الصحي الشامل وما رافقه من قرارات خاصة بتعليق العمل في المحاكم الا ان المرفق لم يتوقف تماما نتجند القضاة والكتبة والنيابة العمومية والدوائر الجنائية لتأمين الجلسات الاستعجالية والتي من أبرزها القضايا الجنائية المتعلقة بالموقوفين وذلك ضمانا لحق المتقاضين من جهة والتقليل من نسبة الاكتظاظ في السجون من جهة أخرى.
في هذا الإطار أكد سفيان السهيلي المكلف بالإعلام في وزارة العدل أن هذه الأخيرة بصدد إعداد مرسوم لإجراء الجلسات الجنائية عن بعد والخاصة فقط بالموقوفين وذلك طيلة فترة الحجر الصحي المفروض على البلاد وذلك حرصا على تحقيق معادلة التوازن بين حق الموقوفين في المثول أمام القضاء طبقا للآجال المعقولة و الحفاظ على النظام العام الصحي لكل المتداخلين في هذا المرفق بما في ذلك المتقاضين.
كما أوضح السهيلي ان التنسيق جاري بخصوص تلك المراسيم والتي سيتم صياغتها من قبل قضاة ومحامين وجامعيين وأخصائيين في القانون وغيرهم مؤكدا على تشريك الهياكل المهنية للقضاة والوزارة مستعدة لتلقي المقترحات من قبل جميع الأطراف المتداخلة في الغرض وفق تعبيره.