الفعلي والحقيقي لمبدأ إستقلال القضاء وتحجير التدخل في سيره ومنح حق المبادرة التشريعية للمجلس الأعلى للقضاء لاُقتراح قوانين تتعلق بصميم إختصاصه.
قالت اميرة العمري ان الدستور التونسي رغم هناته وعلّاته فقد خوّل ضمن الفصل 62 منه حق ممارسة المبادرة التشريعية بمقترحات قوانين من قبل عشرة نواب على الأقل أو بمشاريع قوانين من رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة.
واعتبرت اميرة العمري ان البلاغ الصادر عن المجلس الاعلى للقضاء بتاريخ 23 مارس الجاري والمتعلق بإحالة مقترح قانون أساسي على السلطة التشريعية بخصوص أحكام استثنائية خاصة بآجال التقاضي أمام المحاكم مع طلب إستعجال النظر فيه ضمانا لحقوق المتقاضين في المساواة امام العدالة، كان في اطار حرص المجلس على توحيد الاجتهادات القضائية في التعاطي مع المسائل الإجرائية الطارئة لتعليق العمل بالمحاكم في إطار التوقي من انتشار فيروس كورونا الجدي.
وشددت محدثنا على ان نقابة القضاة التونسيين كانت قد طالبت مند 16 مارس الجاري، في بيان لاها، بضرورة توحيد الاجتهادات القضائية في هذا الخصوص.
واكدت ان رفض هذا مقترح القانون لعدم إختصاص المجلس الأعلى للقضاء في تقديم المبادرات التشريعية يطرح مسألتين جوهرتين تتعلق الاولى بمسألة الدور الحقيقي والفعلي للمجلس الأعلى للقضاء ، فيما تتعلق الثانية بدور الدولة بمؤسساتها وسلطاتها في حفظ الحقوق وإعلاء القيم والمبادئ الفضلى.
من جهة اخرة اكدت أميرة العمري ان الفصل 102 من الباب الخامس من الدستور التونسي المتعلق بالسلطة القضائية قد نص على أن « القضاء سلطة مستقلة تضمن إقامة العدل وعلوية الدستور وسيادة القانون وحماية الحقوق والحريات».
واعتبرت ان هذا الدور الجوهري الأخير المتمثل في حماية الحقوق والحريات يشمل بالضرورة حماية حق التقاضي وحق المواطنين في المساواة أمام القانون والعدالة
وفي إطار الأزمة الصحية العامة وأمام الظرف الإستثنائي التي تمر به البلاد التونسية تولى المجلس الأعلى للقضاء بوصفه ممثلا للسلطة القضائية الأخذ بزمام الأمور حرصا منه على حقوق المتقاضين وخشية من إهدارها وتشتتها بين اجتهادات قضائية قد تكون متباينة ومختلفة وفق تصريحها.
وشددت رئيسة نقابة القضاة علىأن الأمر لا يتعلق في الحقيقة بتجاوز اختصاص أو جهل له أو صراع على الصلاحيات التي لا يتسع الظرف العام لإثارتها والخوض فيها بل إن المسألة تتعلق في كنهها بممارسة الدور الوظيفي الحقيقي للمجلس الأعلى للقضاء والذي أقرته روح الفصول المضمنة بالدستور والمتمثلة أساسا في إقامة العدل وحفظ الحقوق والحريات.
واعتبرت ان تكييف البلاغ على أنه مبادرة تشريعية بحتة ورفض تبنيها وقبولها قد يعارض بأحكام الفصل 42 من القانون الأساسي عدد 34 لسنة 2016 المؤرخ في 28 أفريل 2016 والمتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء والذي خول للمجلس في النقطة السابعة منه إقتراح الإصلاحات الضرورية لضمان حسن سير القضاء واحترام إستقلاله.
وأوضحت بان الصلاحية وردت على إطلاقها وهو ما لا ينفي إمكانية تقديم مقترح إصلاح ضروري أمام قوّة قاهرة حفظا لحق المتقاضين وضمانا للمساواة أمام القانون والعدالة، مضيفة «فما الضّير من تبني هذا المقترح من قبل كتلة نيابية دورها الأساسي حسب الدستور هو سنّ القوانين التي تكفل تجسيد الحقوق وحفظها فعليا».
وقالت العمري ان التكييف الواقع للبلاغ من كونه مبادرة تشريعية كان يمكن اعتباره مقترح إصلاح وما على السلطة التشريعية إلا التحرك نصرة لحق هذا الشعب في المساواة أمام العدالة وفي صون حقوقه القضائية والتحرك من خلال كتلة نيابية لإصدار المقترح التشريعي مثلما خوّل الدستور.
واعتبرت ان «المسألة أعمق من تجاذبات واختصاصات، اد انها تتعلق بإعلاء الحقوق في دولة قانون باُمتياز».
كما دعت رئيسة نقابة القضاة التونسيين رئيس الجمهورية بوصفه ممثل الدولة التونسية في كلّيتها وبسلطها الثلاث إلى تعديل الدستور لتكريس الضمان الفعلي والحقيقي لمبدأ استقلال القضاء وتحجير التدخل في سيره وذلك بمنح حق المبادرة التشريعية للمجلس الأعلى للقضاء لاُقتراح قوانين تتعلق بصميم اختصاصه وبالأساس تلك الضامنة لحسن سير القضاء وتحقيق العدل والمساواة الفعلية.
واكدت ان «منح حق المبادرة التشريعية لسلطة تشريعية وتنفيذية وإنكارها على السلطة القضائية الأولى والأجدر بضمان حسن سير القضاء هو تجزؤ لمبادئ ستظل مبتورة على أرض الواقع».