دعت جمعية القضاة التونسين الى تنفيذ إضراب عام حضوري غدا الخميس في مختلف محاكم البلاد التونسية.
أثار التأخير في نشر الحركة القضائية -التي أعلن عنها المجلس الاعلى للقضاء منذ 29 اوت 2019 - بالرائد الرسمي حالة من الاحتقان والغضب في صفوف القضاة خاصة منهم الذين اعترضوا على هذه الحركة وكذلك القضاة الجدد الذين تمّ الحاقهم بالمحاكم خلال السنة القضائية الحالية.
«انطلاق التحركات الاحتجاجية»
جمعية القضاة التونسيين، وبعد تأكدها من تعمّق أزمة «الحركة القضائية» وعدم وجود نية واضحة لإصلاح الأمر وإنهاء هذه الأزمة، قررت صباح أمس الثلاثاء الدخول في تحركات احتجاجية ستنطلق بتنفيذ إضراب عام حضوري غدا الخميس 26 ديسمبر الجاري وفق ما أكده رئيس الجمعية أنس الحمادي لـشالمغرب».
وأوضح محدّثنا ان المكتب التنفيذي لجمعية القضاة، طبقا لتفويض المجلس الوطني الطارئ للجمعية والقاضي بملاءمة التحركات الاحتجاجية بما يتناسب مع تطور الأوضاع، ونظرا إلى عدم توضح أي أفق مؤسسي لحل هذه الأزمة، فقد قرر دعوة عموم القضاة العدليين والإداريين والماليين إلى تنفيذ إضراب عام حضوري يوم الخميس 26 ديسمبر 2019 على أن يقع تحديد بقية التحركات الضرورية وفق ما يتطلبه الوضع بناء على تفاعل كل الجهات المعنية مع مطلب القضاة المشروع بإمضاء ونشر الحركة القضائية عاجلا ودون مزيد التأخير. كما ستتولى جمعية القضاة عقد ندوة صحفية في الغرض.
وفي السياق نفسه دعا أنس الحمادي مختلف الجهات المعنية الى ضرورة حلّ هذه الأزمة التي أصبحت تهدّد مرفق العدالة بصفة عامّة، مشددا على انّ الجمعية لن تتوانى عن تصعيد تحركاتها الاحتجاجية في صورة ما لم يتم انهاء هذه المسألة وحلّها.
آثار سلبية لتأخير نشر الحركة
من جهة أخرى، قال أنس الحمادي انّ الجمعية كانت منفتحة على مختلف الجهات المعنية. كما أنها ساهمت في حوار بنّاء، انعقد في قصر الرئاسة بقرطاج، بخصوص التأخير في إصدار الحركة القضائية جمع بين كل من رئيس الجمهورية قيس سعيد وحضره رئيس حكومة تصريف الأعمال يوسف الشاهد ورئيس المجلس الأعلى للقضاء يوسف بوزاخر ووزير العدل محمد كريم الجموسي وعدد من ممثلي المجالس القضائية الثلاث ومن القضاة السامين بوزارة العدل ومن ممثلي الهياكل القضائية.
وأوضح مصدرنا بانّه قد تمّ التداول والتباحث وتطارح الأفكار واستعراض مختلف الآراء ووجهات النظر حول السلطة الترتيبية للمجلس الأعلى للقضاء في ضبط الوظائف القضائية طبق المقتضيات الدستورية والقانونية.
كما تمّ التأكيد على ضرورة إنهاء هذه الأزمة التي اثرت سلبا على سير العمل بالمحاكم وتسديد الشّغورات بها وشرعية الأعمال القضائية التي ينجزها القضاة موضوع الحركة القضائية غير المنشورة وعلى استقرار أوضاع القضاة المادية والمعنوية والمهنية والعائلية، وعلى ضمانات استقلاليتهم من حيث حقوقهم في الاعتراض على قرارات الحركة القضائية والطعن فيها.
ذلك الى جانب الوضعية المادية الحرجة للقضاة الجدد وبقائهم دون رواتب لمدة 5 أشهر تقريبا، أنجزوا خلالها أعمالهم بكل جدية ومسؤولية. واعتبر محدّثنا ان وضعية الحال غير مسبوقة وغير مقبولة ولا يمكن أن تمتد في الزمن لمساسها بالأمور المعيشية اليومية للقضاة وعائلاتهم ولنيلها بصفة جوهرية من مبدأ الأمان المالي للقاضي.
«على الجهات المعنية تحمّل المسؤولية»
دعا أنس الحمادي كلا من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والمجلس الأعلى للقضاء، الى تحمّل مسؤولياتهم تجاه الأزمة التي يمرّ بها مرفق القضاء حاليا وضرورة وضع حدّ لهذه الإشكالية التي أصبحت تهدد سلامة سير القضاء وتهدد استقرار الأوضاع المادية والمعيشية للقضاة، مؤكدا على وجود حالة من الغليان والاحتقان في صفوف القضاة.
وقال في السياق نفسه «كنا ننتظر ان يتم إصلاح الأمور وانهاء هذه الازمة في منطلق الاسبوع الجاري على اقصى تقدير، لكن تمسك المجلس الاعلى للقضاء بالسلطة الترتيبية وتواصل رفض رئيس الجمهورية الإمضاء على الحركة حال دون ذلك».
وكانت السلطة التنفيذية قد تقدمت خلال الجلسة التي جمعتها برئيس المجلس الاعلى للقضاء والهياكل القضائية بمقترح حلّ تمثل في استيعاب القرار الترتيبي الذي أصدره مجلس القضاء العدلي في ما يتعلّق بالخطط القضائية التي أحدثها بأمر حكومي. لكن المجلس الاعلى للقضاء، خلال جلسته العامة الطارئة، تمسك بصلاحية السلطة الترتيبية الخاصة. واكّد بأنه المعني الوحيد بكلّ ما يتعلّق بالمسار المهني للقضاة حسب دستور 2014 الذي أسند الاستقلالية للسلطة القضائية وللقانون المنظم لها.