الاحتجاجية من أجل التصدي لقانون المالية لسنة 2019. كما تمسكوا برفضهم القطعي للفصل 33 المتعلق برفع السر المهني.
حالة من الاحتقان والتشنج داخل صفوف المحاماة. تنديد واستنكار لما آلت إليه الأمور في ما يتعلق بقانون المالية لسنة 2019 من جهة ومشروع القانون المنقح لقانون مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال من جهة أخرى. اتهامات بـ«التجويع» واتباع «سياسة التفقير» و«الفشل» وجهت الى الحكومة وعلى راسها رئيس الحكومة يوسف الشاهد.
شعارات عديدة رفعت، أثناء الوقفة الاحتجاجية التي حضرها عدد هام من المحامين بالزي الرسمي وحاملين الشارات الحمراء صباح أمس الخميس ببهو قصر العدالة بتونس، من بينها «لا لتركيع المحاماة» و «لا لاملاءات صندوق النقد الدولي» و«لا لخرق السرّ المهني» و«السر المهني خط احمر» و«المحامي لن يكون واشي»... وغيرها من الشعارات الرافضة لخرق السر المهني.
«أزمة لن تمر»
اعتبر العميد عامر المحرزي ان «المحاماة تعيش حاليا أزمة مستفحلة، لو مرت سينهدم السقف على كافة القطاع، حيث ستنعدم الضمانات للمواطن في ان يلتجئ الى محامي يضمن له سرية العلاقات بينهما وسرية الوثائق التي سيأتمنه عليها وسرية ما سيقع تداوله في ما بينهم.
ودعا العميد، خلال كلمة ألقاها، جميع المحامين الى توحيد الصف للتصدي لقانون المالية لسنة 2019 وما ورد به من خرق والانضباط لقرارات الهياكل.
من جهة أخرى اعتبر العميد أن «قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال لسنة 2015 استباح حرمة المحاماة وأصاب القطاع في المقتل» على حدّ تعبيره.
وأكد المحرزي أنّ «هياكل المحاماة ستتصدى لكل القوانين التي تغتصب حق المواطن في ان تكون علاقة امان بينه وبين لسان الدفاع، وذلك خاصة مع اشتراك المحاماة مع باقي المهن الحرة المعنية في إطار الاتحاد التونسي للمهن الحرة. وقد تمّ الإجماع على ان هذا القانون لن يمر، مؤكدا ان هناك خطوات تصعيديّة سيتم إقرارها للتصدي لهذا القانون غير الدستوري».
وشدد العميد على أنّه سيتم التصدي كذلك الى ما وصفه بـ«مصيبة اتفاقية التبادل الحر» تحرير الخدمات بين غرب قوي مؤطر لديه التكوين والكفاءات التي ترافقها الدولة لكي تؤدي أعمالها وبين خدمات في دول ضعيفة تقوم الدولة بضربها بسلسلة من القوانين.
واكد المحرزي ان الهيئة، وعلى ضوء ما تمّ اقراره خلال ندوة الفروع، اتخذت العديد من الإجراءات الاخرى، حيث انه لا يمكن للمحامي ان ينوب الدولة والمؤسسات العمومية والحال ان الدولة تعاديه وبصراحة، وعلى هذا الأساس تقررت مقاطعة قضايا الدولة والمؤسسات العمومية كمقاطعة التساخير والاعانات العدلية والدوائر الجنائية، وشدد في السياق نفسه على ان المحامي لن يكون شاهد زور ولن يكون متواطئا مع «حكومة تسعى الى افشال جهده وتعمل على شل حركته والتضييق عليه».
«فشل الحكومات»
من جهته اعتبر رئيس الفرع الجهوي للمحامين ان المحاماة لم تعهد في تاريخها ومنذ 120 سنة ان تكون موظفة لفائدة اي حزب سياسي مهما كان حجمه ومهما كانت قوته في هذا الوطن سواء قبل 2011 او بعدها.
واعتبر لطفي العربي انّ المعركة الحالية التي يخوضها أصحاب العباءة السوداء، لن تركع الى اي حزب او لون سياسي، بل انها ستبقى وفية لرسالة المحاماة.
واعتبر ان قانون لمالية لسنة 2019 لم يستهدف أصحاب المهن الحرة ومن بينها المحاماة فحسب، وانّما جاء ليضرب المقدرة الشرائية للمواطنين بصفة عامة ولعل التحركات الاحتجاجية للمواطنين بمختلف الجهات التونسية خير دليل على ذلك.
وشدد رئيس الفرع على أن جميع الحكومات المتعاقبة فشلت فشلا ذريعا في إصلاح الاقتصاد التونسي، ولذلك التجأت الى الاعتداء على المحاماة وذلك في محاولة منها لإخضاعها، لكن المحاماة ستظل صامدة ولن تركع لايّ جهة مهما كان حجمها.
«أزمة ثقة بين المحامي والحريف»
من جهته فقد أكد الأستاذ ياسين اليونسي رئيس الجمعية التونسية للمحامين الشبان أنّ قانون المالية وتحديدا في فصله 33 ألزم أصحاب المهن الحرة بخرق السر المهني. وأوضح بان المحامي مطالب وفق القانون المذكور بخرق السر المهني في صورة ما إذا طلبت منه إدارة الجباية ذلك.
وفي صورة ما إذا امتنع المحامي عن إفشاء السرّ المهني، فانه ستتم معاقبته جزائيا طبقا لأحكام الفصل 16 من مجلة الإجراءات الجبائية وذلك بتغريمه بمبلغ مالي يتراواح ما بين 1000 و10000 دينار.
واعتبر اليونسي أن مسالة الحال ستخلق أزمة ثقة بين الحريف والمحامي أو الخبير المحاسب التونسي. في المقابل سيلتجئ المواطن الى المحامي الأجنبي، في إطار اتفاقية التبادل الحر المبرمة منذ 2009، مما سيؤثر على قطاع المحاماة التونسية بصفة عامة.
وأوضح اليونسي أنّ اتفاقية التبادل الحر، المبرمة منذ 2009، والتي من المنتظر أن تنطلق في مارس 2019 بتونس، تخوّل للمحامي الأجنبي (الفرنسي أو الألماني أو الايطالي) الاستقرار في البلاد التونسية وممارسة المهنة. ونظرا لان المحامي الأجنبي غير مشمول بقانون المالية التونسي لسنة 2019، فان المواطن سيلتجئ الى المحامي الأجنبي.
أمّا في ما يتعلق بمشروع القانون المنقح لقانون مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال والذي تضمن هو الاخر رفع السر المهني للمحامين طبقا لقرار «الغافي» ، فقد أكد اليونسي أن جمعية المحامين الشبان كانت قد اطلعت على قرار مجموعة العمل المالي «الغافي» وتبين انه لا يوجد أي فصل يوجب رفع السرّ المهني.
وكانت مجموعة العمل المالي «الغافي» قد دعت، في اجتماعها يوم 27 جوان 2018 بباريس، تونس الى استكمال خطّة العمل من خلال إدماج العمال والمهن غير المالية المحددة في المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وإصدار النصوص الترتيبية لمهنة المحاماة ومواصلة إبراز فعالية في معالجة التصاريح بالعمليات المسترابة من خلال إتمام تركيز النظام المعلوماتي للجنة التونسية للتحاليل المالية.
أين القضاة؟
عبر رئيس الجمعية التونسية للمحامين الشبان عن استغرابه من عدم مساندة القضاة او إبداء رأيهم في مسالة رفع السر المهني، خاصة وانّ المسالة تتعلق بخرق واضح للدستور والقانون على حدّ تعبيره. ودعا في هذا الإطار كافة الهياكل المعنية الى إصدار بيانات في الغرض.
مواصلة التحركات
تنطلق المحاماة التونسية اليوم الجمعة الموافق لـ21 ديسمبر الجاري في اعتصام بمقرات المحاكم. كما انهم سيقاطعون التساخير والإعلانات العدلية والحضور لدى باحث البداية ولدى الدوائر الجنائية بكافة أطوارها.
وفيما يتعلق بالتصعيد في التحركات الاحتجاجية، فقد طلب عدد من المحامين من الهيئة الوطنية اعلان العصيان الجبائي.