المصادقة على مشروع قانون القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري: «التتبعات القضائية الجادّة والإرادة في التعامل مع الهيئة قواعد أساسية لنجاعة هذا القانون»

التمييز العنصري في تونس كان قبل ثورة 14 جانفي من المواضيع المسكوت عنها تقريبا والتي يلفّها الصمت

ولكن اليوم أصبح هذا الملف مطروحا للنقاش في المنابر الإعلامية،فقد كشفت شهادات عدد من ضحايا هذه الظاهرة خاصة بسبب اللون أن المسألة إذ تواصلت بهذه الكيفية سوف يكون لها تأثيرات سلبية في المستقبل على البلاد والعباد وأن ذلك يتعارض مع حقوق الإنسان ومع الدستور والمواثيق الدولية التي صادقت عليها تونس،هنا رأت الحكومة أن يتم سنّ قانون للقضاء على كلّ أشكال التمييز العنصري فكان الأمر كذلك حيث قدّمت وزارة العلاقات مع الهيئات الدستورية مقترحا في الغرض عرض على المجلس الوزاري ومنه على مجلس نواب الشعب الذي صادق عليه في أولى جلساته العامة بعد العطلة البرلمانية.هي خطوة جيدة ولكن ما الذي يجب توفيره لنجاعة هذا التشريع؟
مشروع القانون الأساسي عدد 11 لسنة 2018 المتعلق بالقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري حظي بموافقة 125 نائبا مقابل احتفاظ خمسة بأصواتهم ومعارضة نائب وحيد،سهولة المصادقة على هذه الوثيقة من قبل النواب ربما تكون مؤشرا على عدم الطعن في دستوريتها أمام الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين ولكن هذا لا يعني التخلي عن الآجال القانونية التي تعطى للغرض.

«خطوة مهمة»
اعتبر لطفي عز الذين عضو الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب أن المصادقة على ما اسماه أول قانون متكامل يعرف و يجرم التمييز العنصري بتونس «خطوة مهمة في طريق ملاءمة المنظومة القانونية التونسية مع المعايير و الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الدولة،و تكريس تطبيقي للمبادئ الدستورية و حماية لكرامة المواطنين» وفق تعبيره ،كما قال أيضا «هي خطوة تشريعية هامة لا يمكن أن تترك أثرها المجتمعي إلاّ بانخراط فعلي و حقيقي فيها من قبل الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين و نجاعة القضاء في التتبعات طبق ما جاء في القانون و يذكر في هذا الصدد ان الفصل 101 مكرر من المجلة الجزائية الذي عرف جريمة التعذيب في القانون التونسي اعتبر التمييز العنصري سببا لتكييف أفعال الاعتداء كجريمة تعذيب ،إلاّ أن المنظومة القانونية التونسية كانت تفتقر الى تعريف قانوني للتمييز العنصري قبل مصادقة مجلس النواب بالأمس على القانون».

بين عبء الإثبات وجدية التعامل
لئن تعتبر عملية تعزيز الترسانة القانونية التونسية بقوانين جديدة ذات أهمية فإن المسألة الأهم تبقى في تفعيل تلك القوانين وكيفية تطبيقها حتى تعطي فاعليتها وتكون ناجعة ولا تبقى مجرّد حبر على ورق، بالإضافة إلى توفير الأرضية اللازمة لذلك على جميع المستويات في هذا السياق رأى لطفي عز الدين أن الثغرات في مشروع قانون القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ستكشف عند التطبيق وقال «التطبيق سيبين ذلك ولكن دائما هناك إشكال عبء الإثبات وجدية التعامل مع المشتكين من قبل أعوان الأمن عند تلقيهم للشكاية ،كما يذكر أن القانون ينص على إحداث هيئة تعنى بتفعيل هذا القانون وهنا يطرح كالعادة إشكال الهيئات و تكوينها وصلاحياتها وإرادة العمل معها و اعتقد أن هذا القانون والقضاء الذي سيتعهد بملفات تمييز عنصري والهيئة التي ستحدث كلها مؤسسات ومكتسبات مهمة للمجتمع و مكملة لعمل الهيئات القائمة بما فيها هيئة الوقاية من التعذيب وهيئة مكافحة الاتجار بالبشر والمجلس الأعلى لحقوق الإنسان والموفق الإداري وجمعيات المجتمع المدني و غيرها».

التمييز العنصري بين العقلية والقانون
التمييز العنصري ظاهرة منتشرة في عقلية الكثير من الأشخاص الذين لا يقبلون التعايش مع غيرهم بسبب لونه أو عرقه أو نسبه وهنا يطرح السؤال ما فائدة القانون إذا كان الإشكال في العقلية؟ هنا علّق محدثنا فقال «القانون خطوة في الاتجاه الصحيح كما أن هناك جزءا كاملا في القانون يتعلق بالتحسيس و المناهج التعليمية ،كما ان التتبعات القضائية الجادة من شأنها ترسيخ فكرة عدم التسامح مع الاعتداءات العنصرية مما يساهم في ترسيخ فكرة عدم جواز إتيان تلك الأفعال» وأضاف عز الدين» كل القوانين التقدمية التي تبنتها تونس منذ 2011 المسؤولية الأولى في تفعيلها ملقاة على عاتق القضاء (تعذيب،فساد،نفاذ للمعلومة،حوكمة رشيدة،عنف ضد المرأة،حماية الطفل،اتجار بالبشر).

ماهو التمييز العنصري؟
عرّف الفصل الثاني من القانون الأساسي المصادق عليه مؤخرا التمييز العنصري على أنه «كل تفرقة أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أسـاس العـرق أو اللـون أو النسـب أو غيره من أشكال التمييز العنصري على معنى المعاهدات الدولية المصادق عليها والذي من شأنه أن ينتج عنه تعطيل أو عرقلة أو حرمان من التمتّع بالحقوق والحريات أو ممارستها على قدم المساواة، أو أن ينتج عنه تحميل واجبات وأعباء إضافيّة. ويعدّ تمييزا عنصريا كل وضعية تنشأ عن أحكام أو تدابير أو معايير تبدو في ظاهرها موضوعيّة وينجر عن تطبيقها ضرر أساسه العـرق أو اللـون أو النسـب أو غيره من أشكال التمييز العنصري».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115