خيّبت الحركة القضائية لسنة 2017 - 2018 منذ صدورها بتاريخ 4 سبتمبر المنقضي عن المجلس الأعلى للقضاء امال الفروع الجهوية للمحامين بالمناطق الداخلية، الذين خاضوا العديد من التحركات الاحتجاجية للتعبير عن رفضهم لهذه الحركة. كما اعلنوا مقاطعتهم للسنة القضائية في انتظار ان يتمّ البتّ في الاعتراضات المقدّمة من قبل القضاة ووجود حلول ترقيعيّة للمرفق القضائي.
لكن يبدو أنّ الحركة القضائية الاعتراضية التي تولّى المجلس الأعلى للقضاء، بعد تجاذب واخذ ورد دام أكثر من شهرين، الإعلان عنها مساء أول أمس الثلاثاء لم تلاق استحسان الفروع الجهوية للمحامين بصفة عامّة.
«حركة أخرى مخيبة للآمال»
اعتبر رئيس الفرع الجهوي للمحامين بقفصة الأستاذ تيجاني عمار أنّ الحركة القضائية الاعتراضية الصادرة عن المجلس الأعلى للقضاء أول أمس الثلاثاء كانت مخيبة للآمال. وعبّر في تصريح لـ«المغرب» عن استنكاره لتعمّد المجلس مواصلة انتهاج سياسة التجاهل وغضّ النظر عن المحاكم الداخلية وعلى رأسها دائرة الاستئناف بقفصة.
وشدد محدّثنا على انّ حركة الاعتراضات لم تلب أي نقطة من النقاط التي وقع الاتفاق عليها مع مجلس القضاء العدلي والتي اتخذ فيها مجلس الفرع الجهوي للمحامين وعودا تتمثل في اصلاح ما يمكن اصلاحه وخاصة إرسال قضاة من الرتبة الثانية الى جهة قفصة. الّا أن ما وقع في الحركة هذه تمثل في نقلة قاضي من الرتبة الاولى الى محكمة بن عروس وجلب احد القضاة من الرتبة الثانية بصفة وكيل رئيس. والادهى من ذلك فقد تمت نقلة احد القضاة من توزر الى القصرين.
كما انّ وضعية حاكم ناحية توزر وقع الإبقاء عليها دون أن يتم تسجيل اي حل للمشكل، علما وان المجلس كان قد اكد لنا أثناء اللّقاء انه سيتم البت في مشكلة الحال. وشدد عمارة على انّ الفرع الجهوي للمحامين بقفصة يشكر كل من كان في المجلس الاعلى للقضاء صوته مرتفعا ووقف الى جانب المحاماة ويسجل أسفه لكل من لم يقف مع المحاماة على حد تعبيره.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد الى انّه لم يتم افتتاح السنة القضائية بمحاكم قفصة الى حدّ كتابة هذه الأسطر، وذلك استجابة الى قرار الفرع الجهوي للمحامين، الذي تمّ الإعلان عنه خلال اجتماع عقده في 11 سبتمبر الجاري، والمتمثل في إيقاف انعقاد الجلسات بجميع محاكم دائرة استئناف قفصة بداية من 18 سبتمبر الماضي الى حين التوصل الى حل جميع المشاكل المطروحة بصفة جذرية.
وكان الفرع قد طالب المجلس الأعلى للقضاء آنذاك بضرورة تصحيح الحركة القضائية لسنة 2017 - 2018 وبمراجعة التعيينات لتمكين الجهة من حقها في مرفق قضائي يخدم أبناء الجهة ويكون جزءا ورافدا من روافد التنمية.
و دعا الى وجوب تسمية رئيس دائرة شغليّة وقاضي للضمان الاجتماعي وقاضي المؤسسة وقاضي السجل التجاري وتسمية وكيل رئيس ثاني حتى لا تضطر المحكمة الى تسمية قاض غير ذي صفة وكفاءة مهنية.
انحراف بمسار المجلس الأعلى للقضاء
أصدر عدد من أعضاء المجلس الأعلى للقضاء، وهم كلّ من علي بن منصور وسعيدة الشابي ولمياء المنصوري وأسماء بن عربية وسميرة كراولي وعبد الكريم راجح ويسر الشابي بيانا عبروا فيه عن خطورة التطورات التي شهدها مجلس القضاء العدلي اثناء النظر في الحركة القضائية الاعتراضية لسنة 2017 - 2018، الامر الذي آل إلى انسحاب المحامين من جلسة يوم 3نوفمبر 2017 احتجاجا على عدم إعتماد المعايير المشترطة قانونا عند النظر في مطالب الإعتراض ومواصلة مجلس القضاء العدلي النظر في الحركة الإعتراضية في غياب من ذكر لينتهي إلى تقديم الحركة القضائية للمصادقة عليها من طرف الجلسة العامة للمجلس الأعلى للقضاء المنعقدة بتاريخ 13/ 11/ 2017 ومصادقة الجلسة العامة عليها بنفس التاريخ.
وأوضحوا بانّ المصادقة على الحركة من طرف الجلسة العامّة للمجلس الأعلى للقضاء بتاريخ 13/ 11/ 2017 لم تحرز الأغلبية المشترطة قانونا بما يمثل إعتداء على نصّ القانون ويؤشر لإنحراف خطير بمسار المجلس الأعلى للقضاء وبكينونة هذا المجلس الذي من المفترض أن يكون الأحرص على تطبيق القانون. كما شدّدوا على انه لم يقع احترام المبادىء والمعايير المنصوص عليها بالدستور والمعاهدات الدولية والقانون المنظّم للمجلس الأعلى للقضاء بما يمثل مساسا بحقوق المعترضين من القضاة، ذلك على غرار عدم مراعاة النقص الحاصل داخل المحاكم وخاصة بالمناطق الداخلية في تمييز سلبي بما يتنافى مع ما كرسه دستور 2014 من تمييز إيجابي للمناطق المذكورة على حدّ تعبيرهم .
من جهة أخرى اعتبر الممضون على البيان المذكور أن هذا الإنحراف بدور المجلس الأعلى للقضاء ترتب عنه مساس بحقوق القضاة المعترضين وتعطيل السير العادي للمحاكم وعدم الإستجابة لانتظارات المتعاملين مع مرفق العدالة بما يؤثر سلبا على الدور الحقيقي للمجلس الأعلى للقضاء .
وحمّلوا مسؤولية ذلك لكل من سعى إلى تعطيل أعمال المجلس والانحراف بدوره بما ينال من استقلال السلطة القضائية الكاملة للدفاع عن إستقلال القضاء كسلطة معدلة ضامنة للمسار الديمقراطي. .