قدّم لسان الدفاع في حق العجيلي مؤخرا مطلب تخلي للمحكمة العسكرية عن الملف لفائدة القطب القضائي لمكافحة الإرهاب.
من المنتظر ان يجري قاضي التحقيق بالمحكمة العسكرية الدائمة بتونس في غضون الأيّام القليلة المقبلة مكافحة بين رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد ووزير الداخلية الأسبق محمد ناجم الغرسلي لتضارب أقوالهما في ما بات يعرف بقضية الاعتداء على امن الدولة الخارجي. علما وأن لسان الدفاع في حق العجيلي طلب من القضاء العسكري التخلي عن ملف الحال لفائدة القطب القضائي لمكافحة الإرهاب.
أمام اختلاف الروايات «المغرب» تورد لكم تفاصيل القضية على لسان الأستاذ كمال بوجاه القائم في حقّ مدير الوحدة الوطنية للأبحاث بالجرائم الإرهابية صابر العجيلي.
منطلق القضية
أطوار قضية الحال انطلقت عن طريق مكتوب تقدم به كاتب يعمل بالوحدة الوطنية للأبحاث في الجرائم الإرهابية وذلك بتاريخ 2 نوفمبر 2016الى الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بتونس.
وقد تضمن المكتوب انه خلال شهر أكتوبر طلب مدير الوحدة الوطنية للأبحاث بالجرائم الإرهابية صابر العجيلي من الكاتب(صاحب المكتوب) ملف قضية إرهابية أحيل فيها شخص يدعى مختار العرف (محل بحث آنذاك).
وبدخول الكاتب الى مكتب العجيلي وجد شفيق جراية رفقة شخص ليبي، وقد طلب منه مباشرة إمكانية الإفراج عن مختار العرف إلّا أنّ الكاتب أكد له انّه من غير الممكن.
وشدد على انه أنه أثناء حديثه مع مدير المصلحة أكّد له أنّ العجيلي أراد منه هو الأخر التدخل في ذات الموضوع. كذل الشأن مع مدير الإدارة الفرعية للأبحاث.
كما أكّد أنّ مدير الإدارة الفرعية للأبحاث أعلمه أن صابر العجيلي صديق لرفيق جراية وانّ هذا الأخير كثير التردد على الوحدة للتدخل لفائدة أطراف ليبية.
من جهته لم يول الوكيل العام لمحكمة الاستئناف اي جدية في التعامل مع المكتوب المذكور. واودعه بخزانته الى ان تم إيقاف رجل الأعمال شفيق جراية في 23 ماي 2017 وذلك على ضوء قانون الطوارئ وفق ما اكّده الاستاذ كمال بوجاه.
بطاقتا إيداع بالسجن ضدّ جراية والعجيلي
تم اثر ذلك وضع شفيق جرّاية بأحد المنازل ببئر بورقبة تابع لثكنة الحرس بالجهة. وقد وردت اثر ذلك تعليمات على الوكيل العام لإحالة التقرير المذكور على المحكمة العسكرية.
وبتاريخ 25 ماي 2017 أحيل التقرير على القضاء العسكري، من جهتها تولت إدارة القضاء العسكري صباح يوم 26 ماي 2017 إحالة التقرير الى وكيل الجمهورية لفتح بحث، وفي ذات اليوم قرّر وكيل الجمهورية فتح بحث تحقيق ضدّ كل من شفيق جراية وصابر العجيلي من أجل الاعتداء على أمن الدولة الخارجي والخيانة والمشاركة في ذلك. وفي نفس اليوم يتوجه قاضي التحقيق العسكري رفقة المساعد الأوّل لوكيل الجمهورية والكاتب للمستشفى العسكري بتونس لسماع رجل الأعمال شفيق جراية بغرفة الإنعاش وقرر آنذاك اصدرا بطاقة إيداع بالسجن في شأنه.
وبتاريخ 29 ماي 2017 أعطى قاضي التحقيق إنابة الى الفرقة المركزية الأولى للحرس لفتح بحث في الموضوع وأعطى تعليمات بإحالة صابر العجيلي بحالة تقديم على المحكمة. وقد تمّ إيقاف العجيلي في حدود الساعة الواحدة ليلا وتمّ إيداعه بثكنة الحرس الوطني بالعوينة وبإعلام قاضي التحقيق المتعهد طلب جلبه لسماعه مباشرة وذلك في حدود الساعة الثانية و15 دقيقة ليلا. وبسماعه أنكر صابر العجيلي ما نسب إليه من قبل الكاتب مؤكدا أن شفيق جراية لم يتول خلال شهر أكتوبر زيارة الوحدة وإنما قام بالزيارة في 29 فيفري 2016 بناءا على تعليمات من المدير العام للمصالح المختصة عماد عاشور.
تصريحات صابر العجيلي
أوضح العجيلي، لدى سماعه من قبل قاضي التحقيق العسكري، أنّ زيارة شفيق جراية آنذاك كانت على علاقة بالعمل. وأكّد أن جراية كانت بحوزته معلومات انه اثر تنفيذ الغارة الأمريكية في 19 فيفري 2016 على منطقة صبراتة الليبية وردت معلومات تؤكد أن عناصر إرهابية تستعد لشن هجوم على منطقة بن قردان، تم القضاء على 49 عنصر إرهابي وتمكّن عدد هام منهم من الفرار الّا أن الكتائب الليبية المتواجدة بالغرب الليبي تمكنت من إيقاف عدد منهم من بينهم 16 تونسي تم إيداعهم بالسجن. وشدّد على أن شفيق جراية لم يزر مقر الوحدة الا بذلك التاريخ ، مؤكدا انّ معاملته تقتصر على رؤساء المصالح والمديرين وانّ لا علاقة له بالكتبة. وأكّد في السياق نفسه انّه قد تمّ جلب مختار العرف يوم 3 أكتوبر وقد أذنت النيابة العمومية في ذات اليوم بالاحتفاظ به، وفق ما اكّده الاستاذ بوجاه.
من هو الليبي؟
الشخص الليبي الذي رافق شفيق جرّاية هو محامي، يعتبر من أعيان إحدى أهم القبائل الليبية، علما وان شقيقه مشرف على السجن المودع به 16 عنصرا إرهابيا تونسيا. اتصل هذا الأخير برجل الأعمال شفيق جراية أثناء تواجده آنذاك بتركيا.
اثر عودته للتراب التونسي، اتصل شفيق جراية بمصالح رئاسة الجمهورية واعلمها بالموضوع على أساس ان يتم ربط الصلة مع الوحدات الأمنية، الّا أنها اكدت أن الموضوع من اختصاص وزارة الداخلية.
اتصل اثر ذلك شفيق جراية بالمدير العام للمصالح المختصة عماد عاشور وطلب لقاءه ، الّا انّ عاشور رفض لقائه واتصل بوزير الداخلية محمد ناجم الغرسلي واعلمه بان جراية يريد لقاءه من أجل مواضيع في علاقة بالأمن القومي . الّا أنّ ناجم الغرسلي طلب منه عدم مقابلته الى ان تتم استشارة رئيس الحكومة الحبيب الصيد. وباستشارة الحبيب الصيد وافق على لقاء صابر العجيلي برفيق جراية وذلك نظرا لوجود مصلحة الدولة. في المقابل يؤكد عماد عاشور انّه اعلم كذلك مدير الأمن عبد الرحمان بالحاج علي بالموضوع على حد تعبير الاستاذ كمال بوجاه.
«فحوى لقاء صابر العجيلي بشفيق جراية والليبي»
اثر موافقة رئيس الحكومة التقى عماد عاشور بشفيق جراية، كما تمكن من الحصول على المعلومات التي كانت بحوزة رجل الأعمال المذكور وأحالها على المصالح المختصة للتثبت من مدى صحتها.
وبعد التثبت من جدية المعلومات اتصل بصابر العجيلي واعلمه ان شفيق جراية واحد المحامين الليبيين لديهم بعض المعلومات في علاقة بالأمن القومي للبلاد خاصة. واعلمه انه نظرا لكون اللّييبي محامي معروف ومن قبيلة هامّة لا يرغب في القدوم الى الوحدة وطلب منه على هذا الأساس أن يلتحق بهم بأحد المقاهي الّا أن العجيلي رفض ذلك. وشدد على انّه طالما انّ الموضوع يتعلق بالعمل فعليهما ان يتواجدا بمقر الوحدة. وبعد اخذ وردّ تمّ إقناعهما بالقدوم الى مقر الوحدة.
نظرا لكون صابر العجيلي حديث العهد بالوحدة وانّه ليس على دراية كافية بالعناصر الإرهابية والتونسيين المتواجدين بليبيا اتصل آنذاك بمدير الإدارة الفرعية للأبحاث على أساس أنّ هذا الأخير على معرفة بالعناصر الإرهابية.
تمّ عقد الاجتماع، وأعلمهم آنذاك بمسألة العناصر الإرهابية التونسية الـ16 المتواجدين بأحد السجون بليبيا وللتثبت من صحّة المعلومات طلب مدير الإدارة الفرعية للأبحاث من المحامي أن يمدّه ببعض أسماء العناصر الإرهابية المذكورة.
ووفق ما اورده الاستاذ بوجاه فان المحامي الليبي تولى مباشرة الاتصال بشقيقه الذي مكّنه من بعض الأسماء من بينهم حمزة الجريء. طلب آنذاك مدير الإدارة الفرعية أن يجري محادثة مع الجريء مباشرة عن طريق الهاتف للتأكد من جدّية المعلومات ونظرا لتصنيف هذا الأخير لدى الوحدات الأمنية، وبعد توليه طرح جملة من الأسئلة على العنصر الإرهابي المذكور، تمّ التأكد من صحة المعلومات.
اثر انتهاء الجلسة تولى صابر العجيلي إعداد تقرير مفصّل قام بتقديمه الى المدير العام للمصالح المختصة عماد عاشور، مفاده انه قد تمّ انتداب المحامي الليبي وشفيق جراية وأنه قد تمّ تكليف مدير الإدارة الفرعية للأبحاث لمتابعة الموضوع.
«بالحاج خالي الذهن خلال الاستماع الاوّل»
استمع قاضي التحقيق بالمحكمة العسكرية الى مدير الأمن عبد الرحمان بالحاج علي وأكّد أنه خالي الذهن تماما وانه ليس لديه أي علم بالموضوع، من جهته أكّد ناجم الغرسلي وزير الداخلية آنذاك ما ورد على لسان صابر العجيلي وعماد عاشور.
وبإعادة سماع مدير الأمن للمرة الثانية على التوالي أكد انّ المقصود من انكاره خلال المرة الأولى هوانه لم يباشر الموضوع ولكنه علم ان عملية استقطاب المحامي الليبي كللت بالنجاح. كما أنكر الحبيب الصيد علمه بهذا اللقاء، ومن المنتظر ان يتم اجراء مكافحات بينه و بين محمد ناجم الغرسلي.
نتائج بعض الاختبارات
أكد الاستاذ بوجاه أن الاختبارات المجراة على الهواتف الجوالة لكل من شفيق جراية وسائقيه ومدير أعماله انّه خلال الفترة التي تواجد فيها مختار العرف موقوفا بالوحدة منذ 3 الى 15 أكتوبر لم يتمّ تسجيل دخول اي منهم او حتى الاقتراب من مقرّ الوحدة بالقرجاني.
رئيس المصلحة يكذّب
بعد استكمال الأعمال على مستوى فرقة الحرس الوطني، أثبتت ان رئيس المصلحة كذّب ما ورد بالمكتوب (منطلق الابحاث)، وأكد انّ ما ورد بالمكتوب لا اساس له من الصحة. وشدد على ان صابر العجيلي كان قد سأله عن كافة الاطراف المتورطة في القضية، مشيرا الى ان مختار العرف يعتبر اضعف حلقة في قضية الحال. موضحا أن العجيلي لم يطلب منه بأي طريقة كانت إمكانية الإفراج عن العرف.