من الحكم اكثر من اعلانه الدعم لحكومة الشاهد ومن قبلها حكومة الصيد، تصنيف الحلفاء كان مرده عدم نفي قادة الحزب إمكانية الخروج من الحكومة كلما طرح عليهم الامر، وهو ما قاله منذ شهر ياسين ابراهيم رئيس الحزب، لكن في تطور جديد أعلن فوزي عبد الرحمان ان حزبه لن يغادر الحكومة الا لأسباب قصوى شرحها في حواره التالي مع «المغرب»
• هناك تباين بين ما تعلنه بشان موقف الحزب من البقاء في الائتلاف الحاكم مع ما يصرح به رئيس الحزب، فهل هذا مرده تعدد الاراء ام ان الموقف تطور؟
نحن نقول نفس الشيء وكل بطريقته طبعا. ما نقوله هو ان الحزب يقوم حاليا بعملية تقييم تشمل الوضع بالبلاد منذ 2014 ومشاركات الحزب في الحكومات المتعاقبة و كذلك استشراف المراحل القادمة وتموقع الحزب. أما فيما يخص موقف الحزب من البقاء في الإئتلاف الحاكم من عدمه فهو أمر تقرره هياكل الحزب وفي قضية الحال مجلسنا الوطني وذلك بعد طرح الموضوع من طرف المكتب السياسي، وهذا أمر لم يقع الحسم فيه و نحن كحزب ديمقراطي نقر أن هناك تعبيرات مختلفة في هذا الموضوع و أن المسألة تطرح بانتظام في صلب هياكل الحزب.
أنا أعتقد أن الحزب بلغ مرحلة من النضوج الديمقراطي تجعل هذا النقاش يطرح مع جملة النقاشات الهامة في إطار من الشفافية و الديمقراطية الداخلية و أن القرار سيأخذ بعين الإعتبار مصلحة تونس أولا و حزب آفاق تونس ثانيا.
• حزبكم يقول انه قد يغادر الحكومة لأسباب كبرى فهل شرحتها؟
عملية مغادرة الحكومة و قرار عدم المشاركة فيها قرار من أهم القرارات التي يواجهها أي حزب سياسي و لذلك القول بالخروج من أجل أسباب واهية لا يستقيم، و إذا قررت الأغلبية في حزبنا ذلك فانه لن يكون قرارا إعتباطيا أو عاطفيا وإنما سيكون قرارا سياسيا له ما يدعمه من أسباب تأخذ بعين الاعتبار مجموعة من العوامل السياسية في الحزب وفي البلاد. أذكر هنا أن كل حزب سياسي يطمح أن يكون طرفا في الحكم و ذلك للتأثير على مجرى الأمور في طريق الإصلاح وحزبنا طرح في عديد المناسبات ضرورة أن تكتسب القيادة السياسية الشجاعة و الجرأة و فن القيادة لتنفيذ الإصلاحات الهيكلية الكبرى التي تحتاجها بلادنا ونحن سنكون دائما داعمين لهذا المسار. نحن حزب تقدمي تحرري ونحن لا نتفق مع الثقافة المحافظة التي لا ترى موجبا لتغيير منظومة الحكم أو المنظومة الاقتصادية والإجتماعية.
• رئيس الحزب انتقد اكثر من مرة حكومة الشاهد واعتبر انها غير جادة في الحرب على الفساد؟
نحن نقول نفس الشيء .. كل قيادات الحزب تقول أننا نساند و ساندنا منذ اللحظة الاولى حملة الحكومة على بارونات التهريب و قلنا دائما أن الحرب ضد الفساد ينبغي أن تكون في إطار خطة وطنية لمقاومة الفساد تحاسب الفاسدين وتجفف منابع الفساد و هذه الخطة هي التي ستعطي انطباعا جديا لدى الشعب في هذه الحرب ، ثانيا قلنا أيضا أن إنخراط القضاء طوعيا في هذه الحرب هو من أهم عوامل نجاحها و لقد قمنا بمبادرات هامة في هذا المجال و قلنا ثالثا أن من أهم أسباب انخراط المجتمع في هذه الحرب هي المصداقية وهذه المصداقية لن تأتي الا اذا لم نتوان في ضرب شبهات الفساد مهما كان مأتاها و مهما كان من وراءها ومهما كانت الأشخاص ، وعلاقاتهم ومناصبهم وفي هذا الإطار لا بد من تنزيل كلام رئيس الحزب. ونحن نرى اليوم أن عديد التصريحات لا ترى ذلك وهذا فيه مَس صريح من مصداقية الحملة. ونحن بقدر مساندتنا لمقاومة الفساد بكل أنواعه و أشكاله فاننا نعتقد أن ضرب المتنفذين الفاسدين هو الذي سيعطي الإشارة الحقيقية على ان هذه الحرب حقيقية و صادقة، و الغباء كل الغباء ان نعتقد ان الذكاء الشعبي العام لا يدرك ذلك.
• حلفاؤكم يتهمونكم بانكم تمارسون الابتزاز السياسي، واعنى نداء تونس والنهضة، فما ردكم عليهم؟
لست على علم أن النهضة أو النداء وجهوا لنا هذه التهمة. أدرك ان هناك بعض التصريحات المتشنجة في بعض الأحيان مردها اختلاف في أمر من الأمور و هذه التصريحات لا تلزم الا أصحابها. نحن لسنا في قطيعة مع الاحزاب المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية و لو اننا ننتقد بعضا من المواقف التي نرى انها لا تذهب في الاتجاه الصحيح. لقد انتقدنا مؤخرا موقف الحزبين في عملية التحالف بينهما و عبرنا عن موقفنا من ذلك وسمعنا رد الاحزاب على ذلك ، ثم راينا كيف أفضى هذا التحالف الى بعض الاتفاقات في مجلس نواب الشعب مما يجعل طرحنا السياسي من عملية إدارة التحالف حول حكومة الوحدة الوطنية مسالة في غاية من الأهمية ووجب على الحزبين توضيحها لكل شركائهم و للراي العام ايضا.
• بعض من في الحزب يعتبر ان مواقفكم غير ملزمة لهم؟
لقد سبق و ان قلنا في عديد المناسبات أن حزب نداء تونس فشل في إدارة تحالف الاحزاب سواء مع حكومة السيد الحبيب الصيد او في ادارته في صلب حكومة الوحدة الوطنية و نحن تفهمنا ان المشاكل الداخلية لهذا الحزب هي التي اثرت سلبا في ذلك مما اثر سلبا في معاضدة الحكومات ومساندتها. وكنا من الداعين الأوائل لحزام سياسي مساند ولتنسيق مسبق بين الاحزاب. ولكن مع الأسف ، خيرت الاحزاب التنسيق الثنائي او عدم التنسيق المسبق، ومن الطبيعي جدا اننا لن نعتبر هذه المواقف ملزمة لنا. نحن متمسكون بكل الاتفاقات المسبقة طبعا ومتمسكون بمساندة الحكومة في المشاريع التي يقع التوافق حولها.
• هناك من يشر الى خلافات او تباينات جوهرية في الحزب بين تيار انت تمثله واخر يمثله ياسين ابراهيم؟
نحن نتفق على ضرورة ان يلعب حزبنا دوره كاملا في هذه المرحلة من تاريخ تونس، و متفقون على دور الحزب و متفقون على برامجه و رؤاه ومتفقون على أهم القضايا التي تهم التونسيين ومتفقون على القيم التي يجب ان نتحلى بها في آدائنا السياسي العام، و متفقون على كيفية إدارة الاختلاف بالتوافق او بآليات الديمقراطية الداخلية، فنحن اذا متفقون على اهم ما يهم الحزب وسياساته. وهذا الأهم.
• لوحتم سابقا بالانسحاب من الحكومة ان قررت النهضة والنداء نقل تحالفهما الى مرحلة جديدة تصبحون انتم فيها تابعا للأغلبية؟
لقد سبق و ان ذكرت ان هذا التحالف بين الحزبين هو تحالف بين مرجعيتين محافظتين (ولست أتكلم على المحافظة القيمية). نحن نعتقد ان تحالف «المحافظين الجدد» لا يخدم مصلحة البلاد ولا مستقبلها الذي يحتاج الى رؤية ومشروع طموح يعيد التفاؤل و الأمل .. مشروع مبني على تنمية قدرات هذه البلاد بشريا، واقتصاديا وتنمويا. ونحن نحتاج الى تكسير كل مرجعيات الوهن والتفاوت والتواكل والتسيب والانتهازية والزبونية والفساد في سبيل ان تصبح تونس بلد الجميع وبلد الرخاء وبلد الحريات .. كل الحريات.
نحن سندافع على هذا المشروع الحضاري مع كل من يتقاسمون معنا كليا او حتى جزئيا هذا الطرح و سنكون ضد كل مدافع عن نظرية «ليس في الإمكان اكثر مما كان» وخاصة المنتفعين بوضع التفاوت المريع السائد. ونحن سنبقى في الحكومة لا من اجل الكراسي ولكن من اجل ان نشارك في هذا البناء.