قال الكاتب السوري د.خيام الزعبي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الفرات السورية لـ«المغرب» أن سوريا تتعافى اليوم على الصعيدين الإستراتيجي والعسكري، مؤكدا أن الجيش السوري تمكن من بسط سيطرته شبه الكاملة على مختلف المناطق والمدن السورية وتحريرها من قبضة مجاميع «داعش» الإرهابية، في وقت سادت فيه حالة من الارتباك والقلق لدى الأطراف الداعمة لتلك الأطراف وفي مقدمتها أمريكا والعديد من الدول الغربية. وأضاف الزعبي أنّ سيناريو عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية سيحدث توازناً جديداً في المنطقة وسيحدث تغييراً مهماً في معادلة إدارة الصراعات .
وتابع الزعبي: «من الواضح الآن توفر خطة متكاملة يجري توفير الظروف المناسبة لإنجاحها لدحر الإرهاب في سوريا، ويتعاون الجميع على تحقيق ذلك’’. مؤكدا أنّ ‘’المشهد السوري على أبواب تطورات مفاجئة أولها الإعلان عن تطهير الأراضي السورية ومكافحة ما تبقى من جيوب الإرهاب والجماعات المتطرفة، وسحب البساط من تحت أقدامها بعد التقدّم الذي أحرز الجيش المدعوم بغطاء جوي روسي في ادلب ، وبذلك تتجه هذه الجماعات إلى خسارة أهم ورقة لها في سورية بعد العجز عن إيقاف العملية العسكرية التي بدأها الجيش لتحرير ادلب وإسقاط كل حسابات أمريكا والغرب وحلفائهم بشأن سوريا’’ وفق تعبيره.
وتابع الكاتب السوري ‘’في هذا السياق تخيم على محافظة إدلب وريفها حالة من الترقب الممزوج بالخوف والتخبط بين أوساط الجماعات الإرهابية وسط معلومات تتحدث عن قرب بدء الجيش السوري لعملية عسكرية واسعة، بعد أن حسمت القيادة السورية أمرها بشأن تحرير إدلب من الإرهاب حيث تعتبر إدلب مفتاح إعلان إنهاء الحرب التي شهدتها البلاد منذ سنوات عديدة.وأضاف ‘’يبدو من خلال سير الأحداث إن الجيش نجح أخيراً في كسر دفاعات جبهة النصرة وحلفائها، وتمكن من بسط نفوذه على المواقع الحيوية في ريف ادلب الجنوبي، وبذلك بات تحرير المدينة أمراً واقعاً لا مفر منه، وأصبح المسلحون أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الإستسلام والتخلي عن القتال، أو الموت المحتوم’’.
وأكد الزعبي أنّ الرسالة التي أراد الجيش السوري إيصالها: أن تحرير ادلب هو الأمر الأكثر وضوحا في تثبيت حقيقة الانتصارات وانتهاء الجماعات المسلحة وأدواتها، ويعدّ هذا الانتصار ذا أهمية لسوريا وعودة لشعلة الأمل وعنواناً لفجر جديد، كما أن تحرير إدلب يشكل بوابة جديدة لعبور الأزمة السورية وطي صفحة أخرى من كتاب التنظيمات التكفيرية وستكون بالقدر نفسه على طريق الخلاص من الإرهاب في سورية، كل هذا يؤكد بأن ادلب سوف تغادر محطات الإنتظار بسواعد جيشها ومساندة حلفائها أنه لا مجال للانكسار أو التراجع، وأن إدلب على مسافة خطوة واحدة من الحسم. وتابع «جميع المعطيات تشير إلى صمود الجيش السوري واتجاهه نحو الحسم النهائي للمعركة بعد أن أثبت صلابته وتماسكه وتمتعه بقدرات قتالية استثنائية في الميدان العسكري» وفق تعبيره.
الأدوار الخارجية
وعن تداخل الأطراف الدولية في مسار الأزمة السورية الراهنة أجاب الزعبي «منذ اليوم الأول للحرب على سوريا ادرك الجميع جيداً أن أمريكا هي التي تقود هذه الحرب على سورية، وهي التي تخطط وتنفذ عبر أدواتها المعروفة من الجماعات المسلحة الإرهابية، من المعروف أن سوريا لديها موقع إستراتيجي مهم، وهي غنية بالثروات وتمثل موقعاً مهماً في الخارطة الجيوسياسية، ولا يخفى على أحد الأطماع الاستعمارية فيها، ولهذا يتحرك الأمريكان والصهاينة وحلفاؤهم لفرض الهيمنة عليها، وخلق مبررات وذرائع من شأنها تهيئة الأرضية المناسبة التي يريدون العمل عليها، لذلك يمكن القول أنّ إمعان الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية في سياسات الإرهاب الاقتصادي ومواصلة الاحتلال الإسرائيلي الإرهابي والنظام التركي والتنظيمات الإرهابية ممارساتهم العدوانية والتدميرية تجاه سوريا يعرقل الجهود التي تبذلها لتحقيق الأمن والاستقرار.
وأضاف «ومن هنا بدأت تتكشف أبعاد المؤامرة التي حاكها الغرب وحلفاؤه ضد وحدة واستقرار سورية من خلال الدعم غير المحدود للتنظيمات المسلحة وحلفائها من القوى المتطرفة، التي أشعلت حربا بالوكالة، من أجل خدمة مصالح وحسابات أمريكا في سورية والمنطقة بأكملها، لكن سوريا بقيت، عصية على الأعداء والتقسيم من خلال الوحدة والقتال تحت خيمة سوريا الواحدة’’ على حدّ تعبيره.
عودة سوريا إلى البيت العربي
وبخصوص الحديث عن سيناريو عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية قال محدثنا أنّ الاتصالات الصادرة من دمشق وغيرها من العواصم العربية تشير إلى أن خصوم الحكومة السورية السابقين اقتربوا من التوصل إلى ترتيبات ومعطيات ذات منفعة متبادلة مع الحكومة التي تعهد بعضهم في بداية الأزمة باسقاطها، والآن ينتظرون أن تلوح قريبا في الأفق عقود إعادة الإعمار وصفقات الطاقة.وفرص تكوين روابط أقوى مع معظم العواصم العربية. وتابع محدثنا أنّ ‹›هذا يعد دليلا على نجاح الدبلوماسية السورية في ضمان تغيير وضع سوريا على الساحة الدولية، وقال:« إنّ استعادة دمشق لمكانتها العربية والدولية يعيد بريق الريادة مرّة أخرى في المنطقة كما أنها قادرة على استعادة الزمام ولململة شتات النظام الإقليمي العربي من جديد وتثبيت أركانه بالتنسيق والتعاون مع القاهرة، وإني على يقين أن خطوات عودة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين سوريا ومصر وغيرها من الدول العربية، ستترتب عنها أوضاع إقليمية جديدة، ستعيد دور دمشق الإقليمي بقوة، الذي ينعكس إيجاباً على المنطقة العربية بأسرها ويمثل عاملاً مساعداً لتخفيف الهزات التي تعرضت لها المنطقة، بما تمثله سورية من ثقل في محيطها العربي والإسلامي وبوابة الوجود العربي والقومي في المنطقة» وفق قوله .
وأكد الزعبي أنّ هناك دولا عربية عديدة من بينها الجزائر لا تخفي رغبتها ودعمها لضرورة عودة سوريا إلى مكانتها وإعادة مقعدها الشاغر في جامعة الدول العربية إليها، في خطوة دعمتها دولة الإمارات العربية المتحدة فضلا عن دول أخرى كالعراق والأردن ومصر وسلطنة عمان وتونس مما يجعل الطريق معبدا أما سوريا للعودة إلى حصنها وحضنها العربي.فضلا عن استمرار الاتصالات الهادئة بين قادة الدول العربية والرئيس الأسد بهدف الوصول إلى مقاربات جديدة تهدئ الأوضاع والخروج من الأزمة.
وشدد الزعبي على أن كل المؤشرات في الوقت الحالي تؤكد أن عودة سوريا إلى بيت العرب وشيكة وتحتاج فقط إلى بعض الترتيبات التي تتعلق عموما بالعلاقات العربية التي واجهت تحديات منذ بداية الأزمة. مشيرا إلى أنّ «عودة سوريا إلى مقعدها في جامعة ا لدول العربية سيشكل صفعة جديدة للأعداء وهو الذي يستطيع الآن أن يقيم توازناً جديداً في المنطقة وأن يحدث تغييراً مهماً في معادلة إدارة الصراعات، وعاملاً أساسياً في قيادة الدفة العربية مع نهوض مصر من جديد’’.