او مايعرف اعلاميا بجماعة الحوثي ، في خطوة زادت من تفجّر الوضع الأمني في صنعاء وأدخلت البلاد في نفق مُعتم عنوانه الاقتتال والفوضى السياسية والأمنية . وتأجّج الصراع امس بين مسلحي جماعة «الحوثي» من جهة، وحلفائهم من قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح من جهة أخرى، جنوبي العاصمة اليمنية صنعاء، وذلك بعد محاولة الحوثيين اقتحام
منزل العميد طارق محمد عبدالله صالح (نجل شقيق صالح)، إلا ان الهجوم قوبل برد عنيف .
ويأتي اشتعال الموقف حاليا نتيجة تراكم الخلافات بين حلفاء الامس لعدة اسباب اهمها القيادة السياسية في العاصمة صنعاء ، إلا ان هذه المواجهات تم تأجيلها مرارا باتفاقات هشة كانت فيها مواجهات الامس القشة التي قصمت ظهر البعير .
اذ سيطرت القوات التابعة لصالح اثر ذلك على مناطق شرقي العاصمة، وعلى النقاط العسكرية والبنوك وغيرها من المؤسسات الحساسة وأيضا عدة مديريات في محيط العاصمة صنعاء في خطوة كبيرة على مسار الانقلاب على حلفاء صالح وهم جماعة الحوثي .
وأشارت وسائل اعلام الى أن العشرات من رجال القبائل المحيطة بالعاصمة، في طريقهم لمعاضدة «القوات الجمهورية»، في إشارة إلى القوات التي يقودها طارق صالح.وانتشر مئات من مسلحي جماعة «الحوثي» وقوات صالح في الأحياء السكنية المحيطة بالحي السياسي، ومُنع المرور من أغلب الشوارع التي تربط الأحياء الجنوبية بوسط المدينة، نتيجة المعارك المستمرة التي خلفت قتلى وجرحى.
كما دعا الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح امس السبت التحالف العربي بقيادة السعودية إلى أن «يوقفوا عدوانهم وان يرفعوا الحصار» عن اليمن، متعهدا بفتح «صفحة جديدة» معهم بعد سنتين من المواجهات والتحالف مع الحوثيين . وهو ما اعتبره مراقبون محاولة من صالح لكسب التأييد الاقليمي والدولي وبالتالي ضمان مكان في المشهد السياسي اليمني الراهن.
السعودية بدورها ابدت ترحيبها وثقتها بأن «زعماء حزب المؤتمر الشعبي العام بزعامة الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح سيعودون إلى «المحيط العربي».ويرى متابعون ان ماحصل مؤخرا في اليمن يندرج ايضا في اطار الحرب الخليجية ضد ايران باعتبار ان طهران هي الداعم الاول عسكريا وسياسيا لجماعة «انصار الله» او جماعة الحوثي وهو مايفسّر هذا الترحيب السعودي بخطوة صالح الاخيرة التي انقلب فيها على حليفه السابق. ويرى شق من المحللين ان ماتشهده اليمن اليوم من تصعيد كبير هو تطبيق لسيناريو سعودي كانت الرياض تنوي تطبيقه في لبنان بعد اعلان الحريري استقالته من رئاسة الحكومة الا ان هذا الاحتمال فشل بعد تراجع الاخير عن استقالته.
انقلاب الحلفاء
من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني فهد العميري لـ«المغرب» أن ما يجري في اليمن هو أن صالح يستعيد المواقع والمناطق التي سلمها للحوثيين إبان انقلابهم على الشرعية ، مضيفا أن صالح يؤكد أنه من قاد الانقلاب وسهل للحوثيين اجتياح المحافظات وإسقاط الدولة ، معارك بين الحوثيين وصالح ترتب عنها استعادة نظام الرئيس السابق للكثير من المواقع في العاصمة ومحافظات أخرى وبنفس الطريقة التي سلم لهم فيها هذه المواقع على حد تعبيره.
وعن اسباب انقلاب حلفاء الامس على بعضهم اجاب العميري انّ شعور الحوثيين بالقوة جعلهم يتمادون في سعيهم لإذلال صالح ومؤيديه إلى حد السيطرة على جامع الصالح ومحاولة اقتحام منزل طارق صالح ابن اخ صالح ومقربين آخرين ،أيضا تم التنكيل بالمؤيدين لصالح واقصائهم من مواقع عسكرية ومدنية كثيرة في المؤسسات التابعة للميليشيا ،ناهيك عن محاولة كل طرف تمثيل محور الانقلاب في اي تسوية قادمة فسعى كل منهم للفتك بالآخر إضافة إلى ازدياد عوامل الشك وانعدام الثقة من قبل كل طرف بالاخر ولا يستبعد أن يكون هناك صفقة سياسية إقليمية ودولية هيأت البيئة لاندلاع المواجهات وانقلاب حلفاء الأمس على بعضهم وفق قوله.
اما فيما يتعلق بمستقبل المشهد فقال العميري ان «استعادة صالح للمدن والمحافظات والمعسكرات التي سلمها أنصاره للحوثيين ، فهم الان يستعيدون تلك المواقع بذات الطريقة السهلة التي سلموها للميليشيا وتقوقع الحوثيين فس مناطق محدودة من صعدة وما جاورها وللأسف يبدو أن حلفاء صالح في الشرعية وتحديدا الاخوان المسلمين لن يستغلوا هذه الفرصة وليس في نيتهم تحقيق حسم عسكري أو التقدم في جبهات القتال ، وأخشى ما أخشاه أن تتجه البلاد إلى حل سياسي يعيد اليمن إلى ما قبل ثورة 11 فيفري 2011 والذي بموجبه ستخدم اليمن أربع خمس سنوات لتعود الحرب مجددا بالاشتعال ،كون بناء الدولة المدنية الحديثة هو السبيل الوحيد لنزع فتيل الحرب في اليمن».
وبخصوص رد حكومة هادي المتوقع اجاب «ان لم يكن هناك حسم عسكري او حل سياسي يقوم على تجريد ميليشيات صالح والحوثي من السلاح وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وبناء الدولة المدنية الحديثة فلا جدوى من كل الحلول السياسية ، حكومة الشرعية متمسكة بالمرجعيات الثلاث لإقامة اي حل سياسي ولا يمكن القبول بأي حلول سياسية دونها غير أن الوضع سيكون مهيأ بشكل كبير للحلول السياسية خاصة وبوسع صالح تقديم التنازلات للنفاذ من العقوبات المفروضة عليه ومقربين منه من قبل مجلس الأمن».
وعن ما يتم تداوله بخصوص محاولة صالح بهذه الخطوة كسب تأييد المجتمع الدولي مجددا والعودة الى المشهد اليمني اجاب العميري «بالتأكيد هو يبعث لهم برسالة مفادها قدرته على تقليم الدور الإيراني في المنطقة غير أن عودته الى المشهد اليمني لن تعمل سوى إلى تعزيز عوامل الانقسام والتشظي والحروب ، ولا استبعد وجود تنسيق مع التحالف».
نبذة عن الصراع اليمني
يشار الى انّ الأزمة اليمنية (بدأت مع ثورة الشباب اليمنية ضد الرئيس علي عبد الله صالح، الذي ترأس اليمن لأكثر من 33 سنة. بعد أن ترك صالح السلطة في أوائل عام 2012 كجزء من إتفاق بوساطة بين السلطة الحاكمة، وجماعات المعارضة، بقيادة نائب الرئيس حينها عبد ربه منصور هادي، الذي صارع من أجل توحيد المشهد السياسي المنقسم في البلاد، ودرء التهديدات من كل من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب والحوثيين، الذي كان قد خاض نزاع صعدة لعدة سنوات.وفي عام 2014، شن المقاتلون الحوثيون معركة صنعاء (2014)، ودخلوا في مفاوضات مع الرئيس هادي حول «حكومة وحدة وطنية» مع الفصائل السياسية الأخرى، فيما واصل الحوثيون ممارسة الضغط على الحكومة حتى ضعفت.
إندلعت الاحتجاجات الشعبية في أوائل 2011، بقيادة أحزاب المعارضة الإسلامية والإشتراكية، وإنضمت إلى الإحتجاجات جماعات متمردة مثل الحوثيين والحراك الجنوبي وردّ الرئيس صالح بحملات قمع عنيفة، تفككت خلالها البلاد تقريباً إلى حرب أهلية شاملة، كما انضم قادة عسكريون بوحداتهم العسكرية إلى المحتجين، إبتداء من شهر مارس.كاد صالح أن يقتل عندما إنفجرت قنبلة في مسجد كان يصلي فيه هو والعديد من كبار المسؤولين في الحكومة، في 3 جوان، وعلى ما يبدو أنها كانت محاولة إغتيال فاشلة. في حين كانت حالته خطرة، تعافى صالح وعاد للعمل في 23 سبتمبر بعد عدة أشهر من العلاج الطبي في السعودية. وكان نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي خلال فترة غيابه «رئيسا بالوكالة»، التقى هادي مع المعارضة حينها وأعرب عن انفتاحه على الإصلاحات السياسية. ومع ذلك، قال هادي انه رفض فكرة إجبار صالح على التنحي من السلطة دون موافقته.
ضغط مجلس التعاون الخليجي على صالح من أجل تنحيته، بعد أسابيع من عودته من المملكة العربية السعودية، وافق صالح أخيرا في 23 نوفمبر على الاستقالة مقابل الحصانة. وكجزء من الصفقة، وافقت المعارضة للسماح لعبد ربه منصور هادي ليكون مرشحاً توافقياً لرئاسة الجمهورية في 2012.
وتبعا لذلك تحالف صالح مع الحوثيين للسيطرة على مساحات كبيرة من اليمن في 2015 وأيضا بغرض محاربة القوات اليمنية المدعومة من السعودية. وكانت صنعاء قد سقطت في أيدي الحوثيين في سبتمبر 2014 ولكن السعودية اسست تحالفا عسكريا مع دول عربية تحت اسم «عاصفة الحزم» في مارس 2015 ومن بعدها عملية «إعادة الأمل». وحاول صالح مع الحوثيين التغلب على هذا التحالف العسكري بقيادة السعودية، ولكن التحالف بين صالح والحثويين كان مصيره الفشل بسبب الاقتتال الدائم بينهم والتنافس على الهيمنة على العاصمة والمراكز المأهولة في اليمن.
صالح يدعو لحوار مع دول الجوار
طالب الرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح في كلمة بثتها قناة «العربية» القوات الموالية له إلى رفض دعوة الحوثيين.
وكان زعيم جماعة أنصار الله الحوثية، عبد الملك الحوثي، قد دعا امس السبت، صالح وحزبه، إلى الحوار لوقف الاشتباكات الدائرة بين الطرفين في العاصمة صنعاء.وقال صالح في كلمته المتلفزة إن الشعب قام بانتفاضة ضد عدوان الحوثي». ودعا صالح إلى الحوار مع دول الجوار وفتح صفحة جديدة، كما دعا إلى وقف إطلاق النار.
التحالف بقيادة السعودية يدعو اليمنيين لدعم «انتفاضة» صنعاء
أكدت قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن في بيان أصدرته، امس السبت، أنها «تراقب عن كثب أحداث اختلاف طرفي «الانقلاب» الجارية في صنعاء وكافة محافظات اليمن».
وقال البيان الذي نشرته وكالة الأنباء السعودية «واس» إن هذه الخلافات «تظهر وبجلاء الضغوط التي كانت تمارسها الميليشيات الحوثية التابعة لإيران، وسيطرتها بقوة السلاح على قرارات ومصير ومقدرات الشعب اليمني العزيز مما أدى إلى انفجار الوضع بين طرفي الانقلاب.»
وأكد البيان «ثقة التحالف بأن استعادة أبناء حزب المؤتمر الشعبي زمام المبادرة وانحيازهم لشعبهم اليمني وانتفاضته المباركة ستخلص اليمن من شرور الميليشيات الإيرانية الطائفية الإرهابية، وعودة يمن الحكمة إلى محيطه الطبيعي العربي الخالص.»
وشدد على «وقوف التحالف بكل قدراته في كافة المجالات مع مصالح الشعب اليمني للحفاظ على أرضه وهويته ووحدته ونسيجه الاجتماعي في إطار الأمن العربي والإقليمي والدولي .»
توسع نطاق المعارك في صنعاء
توسع نطاق المعارك امس السبت، بين مسلحي جماعة «الحوثي» من جهة، وحلفائهم من قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح من جهة أخرى، جنوبي العاصمة اليمنية صنعاء..وكانت المعارك قد اندلعت في وقت مبكر من فجر امس.وسمع دوي انفجارات، بعد أن دخلت الدبابات وصواريخ الكتف إلى ساحة الاشتباكات، حسبما أفادت مصادر عسكرية في صنعاء.وقال مصدر في قوات صالح ، إنهم سيطروا على مناطق شرقي العاصمة، وعلى النقاط العسكرية المقامة على الطريق الرابط بين محافظتي صنعاء وذمار.
وقال المصدر مفضلاً عدم ذكر اسمه، «جميع النقاط العسكرية من نقيل يسلح (بين صنعاء وذمار) حتى معسكر 48 جنوبي صنعاء، تحت سيطرتنا».وأشار أن العشرات من رجال القبائل المحيطة بالعاصمة، في طريقهم لإمداد «القوات الجمهورية»، في إشارة إلى القوات التي يقودها طارق صالح.
وانتشر مئات من مسلحي جماعة «الحوثي» وقوات صالح في الأحياء السكنية المحيطة بالحي السياسي، ومُنع المرور من أغلب الشوارع التي تربط الأحياء الجنوبية بوسط المدينة، نتيجة المعارك المستمرة.
وشوهدت سيارات الإسعاف بالإضافة إلى عربات مسلحة تابعة للحوثيين، تعود إلى حي «الجراف» شمالي المدينة، الذي يمثل معقل جماعة الحوثيين.من جهة أخرى، تحاصر المعارك الآلاف من سكان الأحياء الجنوبية في المنازل، وحتى اللحظة لم يتمكنوا من النزوح.
وتأتي هذه التطورات بعد ساعات فقط من إعلان وزارة الدفاع في حكومة «الحوثيين» والرئيس السابق علي عبد الله صالح، غير المعترف بها دوليا، توقف المواجهات وإزالة أسباب التوتر بين الطرفين.
جماعة الحوثي
« إعلان حزب صالح الحرب يستوجب التأديب»
وصف قيادي كبير في جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن امس السبت إن إعلان الحرب من قبل حزب المؤتمر الشعبي العام بزعامة الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، بأنه وقاحة تستوجب التأديب.
وأوضح القيادي الحوثي حسين العزي ، في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أنّ «بيان حزب صالح كشف عن مرتزقة جدد لا أكثر، وأنّ إعلانهم الحرب من عمق العاصمة التي حافظ على أمنها كل الشرفاء طيلة ثلاث سنين، وقاحة تستوجب التأديب حقاً ولن تمرّ، وسيتصدى لها كل الحريصين على شرف القضية من أنصار الله ومن المؤتمر ومن كل القوى الوطنية».