كما لا تعترف رئاسة البرلمان وبرقة عموما بشرعية السويحلي ومجلسه باعتبار أن الإتفاق السياسي لم يُضمّن في الإعلان الدستوري. من جانبه يتهم الأعلى للدولة رئيس البرلمان بالإنفراد بالقرار ويرفض الأعلى للدولة تواجد القائد العام للجيش ضمن المشهد القادم، لكن فجأة تغير الحال من العداء والخلاف إلى إنسجام وتطابق في الرؤى. فما الذي تغير على الساحة السياسية؟ وإذا لم تحدث تغيرات لماذا أهدر مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة سنتين من عمر الاتفاق السياسي دون الاتفاق على تعديله ؟
واضح وجلي بأن لا جديد سياسي حدث ، فحتى مضمون خارطة الطريق الأممية ليس بجديد اذ سبق مبادرة القاهرة اجتماع الأربعين -أن طالبت بتعديل الرئاسي –إلغاء المادة الثامنة - انتخابات عامة مطلع 2018 ، ليبقى الدافع الوحيد لتقارب مجلس النواب والأعلى للدولة هو فكرة غسان سلامة المبعوث الدولي المتعلقة بعقد مؤتمر وطني جامع لكل الأطراف وبمشاركة ما بين 800 و 1000 شخصية توكل إليهم اقتراح تعديل الرئاسي وتعيين رئيس حكومة مستقّل. وهذا يعني أن المؤتمر المذكور سوف تتجاوز به الأمم المتّحدة مجلس الدولة ومجلس النواب طالما أنهما يرفضان التواصل والتّفاعل مع خارطة الطريق.
وبمجرد كشف سلامة مهام المؤتمر الوطني ظهرت التخوّفات لدى البرلمان والأعلى للدولة واستجاب كلاهما لدعوة الأمم المتحدة بعقد لقاءات تونس، وقبل مجلس السويحلي تواجد حفتر ضمن الحل السياسي وتفاعل البرلمان إيجابيا مع تفاهمات لجنة الصياغة .والأغرب من ذلك نجاح البرلمان وللمرّة الأولى في عقد جلسة بالنّصاب القانوني وتوافد أعضاء لجنتي الحوار على تونس أمس لاستئناف الحوار أو التفاوض حول باقي النقاط الخلافية بمعنى أنّ الأمور تسير وفق ما رسمه غسان سلامة وطبق الجدول الزمني المرسوم للخارطة.
اشتراطات للتوافق
بعد التوافق على مجمل النقاط الخلافية سوف تدعو رئاسة البرلمان النواب لعقد جلسة لتضمين الإتفاق السياسي بالإعلان الدستوري، ومرة أخرى سوف يحصل النصاب القانوني 134 نائب ليتضح بذلك بأن مجلس النواب والأعلى للدولة رضخا كليا لبعثة الأمم المتحدة ، بقي الإشارة فقط إلى أنّ مجلس النواب ممثلا في الرئاسة اشترطت تنفيذ الترتيبات الأمنية وبإشراف الأمم المتحدة قبل تضمين الاتفاق أيّ سحب الميليشيات وتسليم أسلحتها الثقيلة وحلول الجيش مكانها.
ووفق الخطة سوف تسلم الميليشيات المقار الرسمية والمطارات والمنافذ البرية والبحرية ،الخلاصة أن غسان سلامة وبذكاء كبير ضغط بصفة غير مباشرة على مجلس النواب والدولة بفكرة الذهاب إلى عقد مؤتمر وطني موسع والتخلي عن الجسمين الإستشاري والتشريعي وقد نجح سلامة في تحقيق توافق غاب عن المشهد الليبي منذ توقيع إتفاق الصخيرات المغربية في 17 ديسمبر2015.