ليــــــبيا: المبعوث الأممي يطالب بتوحيد المؤسسة العسكرية تحت قيادة «حفتر»

لم يكن مجرد تصريح عابر ذلك الذي جاء على لسان ديبورا جونز ذات يوم بقولها أن حفتر شخصية مثيرة للجدل. فالمعنية سفيرة لبلدها الولايات المتحدة لدى ليبيا وتعرف وتعلم من الميزات وشخصية حفتر ما لا يعلمه حتى الليبيين عن طبيعة حفتر كما تعرف الدوائر الأمريكية

سواء الاستخباراتية أو السياسية كل شيء عن القائد العسكري حيث استقر حفتر بالولايات المتحدة لعشرين سنة وتلقى تكوينا على يد مختلف أجهزة المخابرات الأمريكية وعودته إلى ليبيا إبان ثورة 17 فيفري كانت بإيعاز من الأمريكان.

وعلى مدى السنوات الفارطة من سقوط القذافي واغتيال اللواء عبد الفتاح يونس وخلو الساحة الليبية من الشخصيات العسكرية،ثم وبتوقيع الاتفاق السياسي جاهر حفتر بمعارضته مخرجات حوار الفرقاء بالصخيرات واشترط اعترافه بالمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق بمصادقة مجلس النواب على تلك الحكومة. موظفا الرفض شق معين لحكومة فائز السراج ، ودعم عدد من دول الجوار والإقليم وتباين المواقف الأوروبية منه ووقوف روسيا بجانبه. ومن المفارقات الغريبة أن حفتر رفض أكثر من مرة استقبال المبعوث الأممي مارتن كوبلر وبطرق مهينة أحيانا ،ورغم ذلك جاءت التصريحات الأخيرة لكوبلر المطالبة بضرورة تعيين حفتر على جيش موحد وتحت سلطة المجلس الرئاسي. ويبرر متابعون بأن مارتن كوبلر يدرك بحكم مركزه ومهمته بأن أي حل للأزمة الليبية لن يكون إلا داخل إطار الاتفاق السياسي الذي صادقت عليه الأمم المتحدة ، ومحليا أدرك كوبلر حقيقة نفوذ حفتر وهذه الرؤية هي ذات رؤية القوى الكبرى التي رأت في قوات حفتر بمثابة جيش نظامي.

لم يهدر حفتر الفرص المتهاطلة عليه فأعطى الأوامر بالزحف على موانئ تصدير النفط وقدم هدية للمجتمع الدولي بإنهاء معضلة تصدير النفط، وأفشل صفقة أبرمها المجلس الرئاسي مع المدعو إبراهيم الجضران آمر حرس المنشآت النفطية بالمنطقة الوسطى.
ما حدث في الهلال النفطي أحرج مارتن كوبلر وهو الذي نزل شخصيا لرأس لانوف رفقة السراج ليحتفلا سويا بتوقيع اتفاق فتح الموانئ مع الجضران. تجاوز كوبلر الكبوة وأصبح واقفا في صف المشير حفتر. الصورة تنطبق على المجلس الرئاسي أيضا حيث تضاربت البيانات حول سيطرة الجيش على الموانئ.

البيان رقم 1 أشار إلى وجوب محاربة قوات الجيش وصدرت تعليمات لوزير دفاع حكومة الوفاق لإعداد ما يلزم لطرد حفتر من الهلال النفطي، لكن البيانات اللاحقة كانت عكس ذلك ليشير السراج نفسه بأنه لا خلافات مع حفتر.

الملتقى السادس للجيش يورط الرئاسي
لا يختلف عاقلان بأن البوصلة مفقودة لدى الفرقاء الليبيين سياسيين كانوا أو عسكريين فكلما تظهر بوادر انفراج للأزمة ،تأتي تصريحات سياسية أو تحدث مستجدات عسكرية تعكر الأجواء وتبعد التوصل للحل المنشود . ففي الوقت الذي توقفت فيه الحملات الإعلامية المضادة لحفتر جاء ملتقى الجيش في دورته السادسة في طرابلس وبحضور المجلس الرئاسي ليصف حفتر بمجرم حرب وأنه لا مكان له بالمشهد السياسي والعسكري مستقبلا. الموقف ورط وأحرج فائز السراج وهو مطالب الآن بتوضيح موقفه وهو ما طلبه نائب المجلس الرئاسي فتحي المجبري.

المحصلة ما يجري في ليبيا عبث وتغليب للمصالح الشخصية الضيقة وكل ينطق على هواه ووفق مزاجه ولا وجود لمشروع وطني اسمه وشعاره «ليبيا فوق الكل»، بل الجميع فوق الوطن ومصالحه العليا وفي ظل التخاذل الدولي الغريب يبدو أن أزمة ليبيا السياسية سوف لن ينبلج صبحها خلال الأمد القريب. وانطلاقا من هذا المشهد يبدو أنه لا جدوى متوقعة من المؤتمرات والملتقيات الدولية حول ليبيا فلا اجتماعات وزراء خارجية دول الجوار ولا مؤتمرات نيويورك، برلين، باريس، تركيا أتت أو هي ستأتي بنتائج تذكر عدا التوصيات والبيانات.
وليس معنى هذا استحالة الحل للأزمة السياسية في ليبيا أو أنه لا أحد يجهل مكان وجود مفتاح الأزمة. فالقبائل الليبية بعقلائها وأعيانها لديهم من الحكمة ما يمكنهم من حل طلاسم الأزمة وتنقية الأجواء وتهدئة خواطر الليبيين في ساعات قليلة. لكن بسبب طول الأزمة تعمّقت جراح الليبيين؟، وأصابها التعفن وبلغت التدخلات الخارجية درجة يصعب معها انتظار دور للقبائل ولو كانت حكمة أعيانها بمستوى حكمة لقمان.

المجبري ينتقد الرئاسي
إضافة إلى تعاطفه مع حفتر على خلفية وصفه بمجرم حرب وصمت المجلس الرئاسي أمام ذلك الاعتداء على شخصية حفتر بحسب تعبير فتحي المجبري نائب رئيس المجلس الرئاسي،تعددت انتقادات المعني لأداء الرئاسي وضعفه حيث أكد المجبري بأن الساعات قليلة أمام الرئاسي لمصارحة الليبيين وإلا لن يكون له مستقبل. وكان فتحي المجبري أشار خلال تصريحات سابقة بأنه لن يتأخر في الاستقالة وتعليق عضويته بالرئاسي في حال أحس بضغوطات او تحكم في قراراته.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115