ونصّ الاتفاق المبدئي بين تركيا ودول الاتّحاد الأوروبي –الّذي أبرم في العاصمة البلجيكية بروكسل- على التّخفيف من الأعداد الهائلة للاّجئين المتدفّقين على القارّة العجوز ، حيث يتعين إعادة كل المهاجرين القادمين إلى اليونان من تركيا، ومقابل كل مهاجر يعاد إلى تركيا يتكفل الاتحاد الأوروبي بتوطين مهاجر سوري موجود في تركيا في إحدى دول الاتحاد.
هذا وأعلن الوزير التركي المكلف بالشؤون الأوروبية، فولكان بوزكير، أمس، أن تركيا لن تعيد اللاجئين المتواجدين في الجزر اليونانية إلى أراضيها في إطار مشروع الاتفاق الذي بحثته خلال القمة مع الاتحاد الأوروبي.وقال بوزكير إن «الاقتراح الذي قدمته تركيا لا يشمل المهاجرين المتواجدين في الجزر اليونانية»، موضحاً أن الذين سيشملهم قرار الإعادة يقدرون «بعشرات الآلاف» وليس بـ«الملايين».
مقابل ذلك فقد أبدت دول الاتّحاد موافقتها المبدئيّة على مطالب أنقرة بالحصول على مزيد من الدّعم يقدّر بـ 3 مليارات يورو إضافيّة في وقت يعاني فيه الاقتصاد التركي من اهتزازات متكرّرة، بالإضافة إلى العمل على التّسريع بمحادثات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي التّي تعطلّت خلال السنوات الأخيرة.
إخلال قانوني
هذه البنود المتعلّقة بإعادة المهاجرين تحديدا، أثارت انتقادات أممية واسعة حيث اعتبرها ناقدون إخلالا بالقوانين الدوليّة وتعديا صارخا على حقوق اللاجئين فيما يشبه عملية طرد جماعية ، تتنافى والمواثيق الدولية ، حيث تقضي قواعد اللجوء الدولية بعدم إعادة اللاجئ إلى دولة غير قادرة على توفير الحماية اللاّزمة .
ومن هذا المنطلق اعتبرت منظمات حقوقية دولية أنّ الاتفاق الأخير يتعارض مع ماتنصّ عليه قواعد اللجوء الأساسية ، وهو مايهدّد بانهياره في وقت تسعى فيه أوروبا لإرساء حلّ لأكبر موجة لجوء شهدتها منذ أوائل العام المنقضي. والتخفيف من حدّ الضغط الذي نتج عنها ، حيث تزامنت هذه الموجة غير المسبوقة مع تنامي الخطر الإرهابي الذي بات يدقّ باب القارة العجوز ويقض مضجعها ، وما يمكن أن ينتج عنها من تهديد لأمنها القومي عبر تسلل إرهابيين إلى أراضيها تحت عباءة اللجوء. كماشكّك مراقبون من نجاعة الاتّفاق وإمكانيّة نجاحه في الحدّ من أعداد اللاّجئين ، حيث رأى البعض أنّ إغلاق أبواب أوروبا في وجه اللاجئين سيخلق أساليب جديدة في طرق الهجرة المتبعة عبر البحث عن خطط وطرق بديلة .
ورقة ضغط
من جهة أخرى يرى متابعون للشأن الدولي أنّ أنقرة بدورها تحاول «مساومة» أوروبا مقابل ، ضمان المزيد من الدعم المالي لتلبية احتياجات اللاجئين ،علاوة على سعيها للحصول على تسهيلات تتعلّق بتأشيرات دخول مواطنيها الى دول الاتحاد الأوروبي .
وباعتبار أنّ تركيا هي بوابة العبور الأولى للاجئين باتجاه أوروبا ، تسعى أنقرة وفقا لذلك إلى استغلال الأزمة كورقة ضغط لتحقيق أكثر مايمكن من مطالبها ، إذ من المتوقّع أن تتّجه أنظار العالم يوم 18 مارس – تاريخ انتهاء المهلة التي قدّمها الاتحاد الأوروبي لتركيا للتوصّل إلى اتفاق نهائي من شأنه الحّد من تدفّق اللاّجئين.
يشار إلى أنّ تركيا تمثّل بوّابة العبور الأولى للاجئين والمهاجرين غير الشرعيين نحو القارة الأوروبية ، حيث تقول التقارير الصادرة في الغرض أنّ أعداد اللاجئين، الذين مرّوا عبر البحر من تركيا إلى اليونان ، يتراوح بين 13 إلى 14 ألف لاجئ.
وتعدّ تركيا واليونان بوابتي العبور الرئيسيتين للمهاجرين باتّجاه أوروبا ، حيث يفسر مراقبون الضغط الأوربي تارة والمساعدات المالية تارة أخرى وسيلة أوروبية لوقف تدفّق مئات آلاف اللاجئين من مختلف الجنسيات (اغلبهم سوريون) إليها .