بعد تهديدات متتالية بوتين يغير خطابه تجاه الغرب: «لسنا مجانين. نحن نعرف ما هي الأسلحة النووية»

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء في الـ7 من ديسمبر خلال لقاء مع مسؤول في مركز حقوق الإنسان الروسي المساند للكرملين أن «المخاطر النووية في ارتفاع»

وأن لروسيا عقيدة في هذا المجال تعتبر أن السلاح النووي «وسيلة دفاعية». وأوضح أن بلاده لن تكون أول مستخدم للسلاح النووي، بل أنها سوف ترد في حالة تعرض روسيا لعدوان نووي.
وأضاف فلاديمير بوتين في اللقاء المنقول على شاشة التلفزيون:«لسنا مجانين. نحن نعرف ما هي الأسلحة النووية» مضيفا أن المخاطر مرتفعة «على ضوء النزاع بين روسيا والبلدان الغربية بشأن أوكرانيا».وجاء الرد الأمريكي مباشرة على لسان الناطق الرسمي باسم الخارجية ناد برايس الذي اعتبر أن خطاب بوتين «غير مسؤول تماما». أما الرئيس الأوكراني فلوديمير زلينسكي فقد ركز على نجاحات الجيش الأوكراني قائلا:«نجحنا في تحرير 1888 موقعا ويبقى مثل ذلك العدد من قرى ومدن أوكرانية تحت الاحتلال»، موضحا أن الحرب مستمرة لا محالة.
اعترافات روسية
واعترف الرئيس الروسي خلال اللقاء المتلفز أن «النزاع طويل» في حين أكد قادة الجيش عند اندلاع اجتياح أوكرانيا في فيفري الماضي أن الحرب ستكون قصيرة. لكن ردة فعل الجيش والشعب الأوكراني المدعومين من قبل الدول الغربية فاجأت القوات الروسية التي تراجعت عن احتلال العاصمة كييف ثم خسرت مدنا وقرى في شرق وشمال البلاد، آخرها مدينة خيرسون الإستراتيجية.
وصرح فلاديمير بوتين أن 150 ألف روسي تم تجنيدهم كجيش إضافي وأن 70 ألف منهم تم ارسالهم للدفاع عن المقاطعات الأربعة التي ضمتها روسيا في منطقة الدومباص. وهو ما يدل على عدم قدرة روسيا على تجنيد عدد 300 ألف من الجنود كما صرح بذلك بوتين من قبل بسبب فرار عدد من المجندين للبلدان المجاورة ومعارضة العائلات لعمليات التجنيد القسرية. واندلعت لأول مرة منذ بداية الحرب نقاشات حادة في التلفزيون الرسمي الروسي حول الحرب على أوكرانيا تعالت فيها بعض الأصوات المنددة بالجيش الروسي الذي لم ينجح في تحقيق انتصار واضح على الأرض.
هل هي بداية نهاية الحرب؟
خطاب فلاديمير بوتين جاء بضعة أيام بعد اعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للتلفزيون الفرنسي إثر زيارته لواشنطن أن « إحدى النقاط الأساسية التي يجب التعرض لها، كما قاله مرارا الرئيس بوتين، هي تخوفه من أن تصل منظمة الحلف الأطلسي إلى حدوده. نشر الأسلحة هي التي تهدد روسيا». وأضاف الرئيس الفرنسي: «هذا الموضوع سوف يكون ضمن آليات السلم والذي لا بد أن نجهزه: ماذا يمكننا القيام به، كيف يمكن الدفاع عن حلفائنا والدول الأعضاء، في حين نقدم ضمانات لأمن روسيا يوم تجلس على طاولة المفاوضات؟».
ولئن لاقت هذه التصريحات استنكار معارضي ماكرون الذي لم يقطع صلته بالرئيس الروسي وتحاور معه في عدة مناسبات لإقناعه بعدم الدخول في حرب، الا ان اقدامه على اعلان هذا الموقف النابع من دولة عظمى يدل على أن ضوءا أخضر سمحت به واشنطن للتحضير للخروج من حالة الحرب وتقديم «ضمانات» مقابل انسحاب روسيا من الأراضي الأوكرانية المحتلة. وهو ما يفسر أن الرئيس الروسي تعرض لما سماه «ظهور أراضي جديدة» – بمعنى احتلال المقاطعات الأوكرانية الأربع وضمها لدولة روسيا الإتحادية – وكلامه عن «بحر أوزوف كبحر داخلي» أي أنها تخضع للسيادة الروسية في حدودها الجديدة.
ويبدو، حسب بعض الملاحظين الإستراتيجيين، أن محتوى هذا الخطاب يعطي للدول الغربية حجم المطالب الروسية التي تعتبرها موسكو الحد الأدنى لإيقاف الحرب والدخول في مفاوضات سلمية. لكن المواقف الغربية ليست متناسقة. ففي نفس الوقت تواصل كييف معركتها على الميدان لاسترجاع أراضيها المحتلة وتطالب البلدان الغربية بتزويدها بأسلحة إضافية. وعمدت الأسبوع الماضي إلى قصف قاعدتين عسكريتين روسيتين في عمق 400 كم وتحطيم طائرات شاركت في القصف على مفاعلات الكهرباء والطاقة الأوكرانية.
من ناحية أخرى صرح المستشار الألماني أولاف شولتز أن الموقف الروسي الجديد هو نتيجة «الخطوط الحمر» التي وضعها المجتمع الدولي لروسيا. وذكر أن خلال زيارته الأخيرة للصين كان له وللرئيس الصيني موقفا موحدا «أنه لا يمكن استخدام الأسلحة النووية. ثم أكدت فيما بعد مجموعة الدول العشرين نفس الموقف.» واعتبر شولتز أن «الأولوية أن تضع روسيا حدا للحرب وأن تسحب قواتها. والحقيقة أن نعرف فيما بعد كيف نضمن أمن أوروبا.» وهو مقف يختلف عن الموقف الفرنسي نسبيا. أما واشنطن فلازالت على موقفها الإستراتيجي الهادف إلى إطالة الحرب واضعاف القدرات الروسية حتى لا تصبح لها إمكانيات حربية – ما عدى السلاح النووي- تمكنها من تهديد أمن أوروبا.
ضغوطات إضافية
وتزامن خطاب بوتين الجديد مع اعلان رئيسة المفوضية الأوروبية أرسولا فان در لاين عن تقديمها مقترحا لحزمة ثامنة من العقوبات على روسيا. وتهدف المفوضية فرض عقوبات مالية على ثلاثة بنوك روسية شاركت في تمويل عمليات القصف على أوكرانيا وكذلك مؤسسات صناعية حربية ونواب في الدوما الروسية وعدد من الضباط في الجيش الروسي ومنعهم من السفر للبلدان الأوروبية. ويشمل العدد الجملي من العقوبات 1241 شخصا و118 مؤسسة إلى حد الآن. وتأتي الحزمة الثامنة للعقوبات الأوروبية بعد قرار مجموعة السبعة وأستراليا فرض حصار على تزويد النفط الروسي في البحار واجبار الشركات البحرية على عدم نقل النفط الروسي عبر بواخرهم زيادة لفرض سعر أقصى للنفط حدد بقيمة 60 دولار للبرميل، وهو ما رفضته موسكو.
لكن فرض العقوبات لم ينجح إلى حد اليوم في تغيير الأوضاع على الميدان خاصة أن الإتحاد الأوروبي لا يزال يشتري المحروقات من روسيا وقد دفع هذا العام لموسكو ما يقارب 350 مليار يورو للتزود بالغاز والنفط. وهو وضع لا تريد بعض الدول الأوروبية تغييره وفي مقدمتها ألمانيا التي لم تجد إلى حد الآن بديلا كافيا للغاز الروسي. وتمسك واشنطن، من ناحية أخرى، بموقفها في سياسة حماية الاقتصاد القومي التي تستهدف المنتجات الأجنبية بما فيها منتجات أوروبا. وهي مشكلة لم ينجح إيمانويل ماكرون في حلها خلال زيارته الأخيرة لواشنطن. هذا الوضع الشائك والمعقد يحتم على الأوروبيين الوصول إلى حل جذري للمسألة الأوكرانية مع الحفاظ على روابط مقبولة مع الجارة الروسية التي لها علاقات اقتصادية وتجارية هيكلية مع أوروبا وهي التي لا ترغب في التفريط في نموها مقابل الاصطفاف وراء الحليف الأمريكي الذي يتبع استراتيجية مختلفة لا تخدم بالضرورة المصالح الأوروبية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115