انتصار محتمل للجمهوريين في الانتخابات النصفية الأمريكية: البيت الأبيض يخشى في شلل السياسات الرئاسية المقبلة

تنظم اليوم الثلاثاء 8 نوفمبر الانتخابات النصفية التي تعقد سنتين بعد الانتخابات الرئاسية وتهم تجديد كل مجلس النواب (435) وتلث اعضاء مجلس الشيوخ

الذين يتم انتخابهم كل ست سنوات. وتشير مختلف عمليات سبر الآراء إلى انتصار جمهوري واسع في مجلس النواب ومنافسة حادة في مجلس الشيوخ في حين احتفظ في انتخابات 2020 الحزب الديمقراطي بأغلبية في مجلس النواب وبتعادل مريح في مجلس الشيوخ مكنت الرئيس جو بايدن من تمرير عديد الإصلاحات خلال سنتين في مفتتح ولايته.
المشهد الإنتخابي الحالي أظهر تجذرا للحزب الجمهوري حول المبادئ الشعبوية التي توخاها الرئيس السابق دونالد ترامب والذي تمكن من دفع عدد كبير من مناصريه للترشح لمناصب في الكونغرس وفي مختلف الولايات لتجديد الولاة وسكرتيري الدولة. ويبدو أن الحزب الديمقراطي لم يجد السبيل نحو تمرير أفكاره الجوهرية بسبب تدهور شعبية الرئيس جو بايدن والانتقادات الحادة التي تلت خروج الولايات المتحدة الأمريكية من أفغانستان وتسليم السلطة لحركة طالبان، وكذلك بسبب ارتفاع نسبة التضخم وارتفاع الأسعار مما أدى بشرائح عديدة من الناخبين للانضمام إلى الحزب الجمهوري في محاولة لتغيير الأوضاع. وهو ما يحدث عادة سنتين بعد انتخاب الرئيس إن كان ديمقراطيا أو جمهوريا.
استفتاء حول العامين الأولين لولاية جو بايدن
وتعتبرالانتخابات النصفية وهي تكميلية استفتاء على مردود السياسات الرئاسية في أول عامين من فترة ولايته، حيث يواجه الحزب الحاكم انتقادات لما لم يحقق وللسياسات التي تناهضها المعارضة وهو ما يتجسد عادة في هذه الانتخابات في كثير من الأحيان.
وقد تمكن بايدن في بداية ولايته من العمل على الحد من خطر جائحة كورونا ومن تمريرقوانين جوهرية بشأن التغير المناخي، ومراقبة الأسلحة، والاستثمار في البنية التحتية. لكن تواصل الجائحة واندلاع الحرب في أوكرانيا غيرت مجرى اٌصلاحات وأثرت سلبا على التوازنات الاقتصادية مما جعل الجمهوريين يستفيقون بعد هزيمتهم عام 2020 بالتوازي مع انخفاض شعبية الرئيس بايدن.
إمكانية أن يسيطر الحزب الجمهوري على إحدى غرف الكونغرس تفتح الباب أمام إعاقة نفوذ الرئيس بايدن لبقية فترة رئاسته. ولن تكون له نفس الظروف لمواصلة الإصلاحات المبرمجة أو المواصلة في توخي سياساته الحالية في غياب مساندة من قبل الكونغرس. وسوف يفتح ذلك بابا آخر في صلب الحزب الديمقراطي للعمل على إيجاد بديل لجو بايدن في انتخابات 2024. وإن لم يقرر الرئيس الحالي بعد دخوله في حملة انتخابية لولاية ثانية فلم يستبعد ذلك. وهي مسألة شائكة بالنسبة للحزب الديمقراطي الذي لن يراهن، حسب المعطيات الحالية، بمساندة رئيس تقدم في السن بصورة واضحة عبر خطبه المتقطعة وطريقة تنقله وحتى صمته في بعض الأحيان.
«منكرو الانتخابات» والخطر على الديمقراطية
وتصاعدت في الأسابيع الماضية حدة التوتر بين المعسكرين الجمهوري والديمقراطي مع اقتراب موعد الانتخابات النصفية. وتابعت وسائل الإعلام الأمريكية حرص ترامب في استراتيجيته لمساندة من يُعرفون بـ «منكري الانتخابات» في خوض غمار الانتخابات. ويزعم هؤلاء، بدون تقديم أي دليل على ذلك، أن انتخابات عام 2020 تم تزويرها وهو ما حرم ترامب من إعادة انتخابه. ووقف ترامب إلى جانب المرشحين المنتمين إلى «منكري الانتخابات» في أريزونا مع المرشحة كاري ليك وفي نيفادا مع المرشح جو لومباردووفي عدد من الولايات التي زارها خلال الحملة الانتخابية. وفتح ترامب منصة التواصل الاجتماعي التي أسسها تحت اسم «تروث سوشيال» لمساندة مرشحيه والدفاع عن فكرة القيام بانتخابات رئاسية جديدة على الفور.
واعتبر الديمقراطيون أن هذا التوجه خطر على الديمقراطية بسبب عمليات العنف السياسي التي استهدفت زوج نانسي بيلوزي رئيسة البرلمان وعدد من المسؤولين على مكاتب الإقتراع وتهديدهم بالقتل من قبل ناشطين يدعمون دونالد ترامب. وهو ما أكده الرئيس الأسبق باراك أوباما الذي شارك في الحملة الانتخابية منبها بضرورة التصدي لهذا النهج الخطير الذي أصبح يهدد النظام الديمقراطي في الولايات المتحدة الأمريكية. وأشارت عديد المقالات النابعة من المؤسسات الجامعية أن خطر تضليل الناخبين والتشكيك في العملية الانتخابية – التي هي أساس الديمقراطية – أمر حقيقي وخطر داهم في صورة نجح دونالد ترامب في مخططته للعودة إلى سدة الحكم عام 2024. وتؤكد دراسات أخرى أن هنالك داخل الحزب الجمهوري تيار معاد لدونالد ترامب أخذ في الصعود بعد نجاح والي فلوريدا دي سانتيس (المنافس لدونالد ترامب) في مقاومة جائحة كورونا وفي إنعاش اقتصاد الولاية. ولئن أظهرت دراسة ميدانية أن 51% من أعضاء الكونغرس يعتقدون أن انتخابات عام 2020 تم تزويرها فإن الانقسام داخل الحزب الجمهوري لن يكون عائقا أمام نجاحه في الانتخابات النصفية.
مستقبل التوازنات
إن صدقت بيانات مؤسسات سبر الآراء فإن الديمقراطيين سوف يجدون أنفسهم أمام خسارتين. الأولى تتعلق بفقدانهم السيطرة على الكونغرس لمدة سنتين قادمتين أعلن قادة الحزب الجمهوري أنهم سوف يفتحون ملفات ساخنة مثل مساءلة الحكومة حول الأزمة الاقتصادية والتضخم المالي والسياسة النقدية المتبعة وأسباب جائحة كورونا والتخلي عن الاستثمار في الطاقة البديلة. أما الخسارة الثانية فتتمثل في استيلاء الجمهوريين على مناصب سكرتير الدولة للانتخابات في الولايات التابعة للحزب الجمهوري وهو المنصب الذي يقر نتائج الانتخابات. لا يخفى أن كل النزاعات في الانتخابات الماضية مرت عبر موافقة سكرتير الدولة في كل الولايات على النتائج، ففي صورة تقلد «منكري الانتخابات» هذا المنصب سوف يكون لدونالد ترامب جيش من المساندين في مفاصل عملية الانتخاب تمكنه من تقديم ترشحه وخوض الانتخابات الرئاسيّة المقبلة مع حظّ وافر في استغلال المؤسسة الانتخابية لصالحه. وفي حالة فشل الجمهوريون في بعض الولايات سيعلن بعضهم من الموالين لدونالد ترامب عن عدم قبولهم مجددا بنتائج الانتخابات. وهو مؤشر واضح على التهديدات العالقة بالنظام الديمقراطي في الولايات المتحدة الأمريكية الذي سوف تكون له تداعيات على النظام الدولي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115