ضد القوات الروسية. وأعلن الرئيس الأوكراني فلودوميرزيلنسكي للتلفزيون أن الجيش الأوكراني الذي دخل في عمليات عسكرية مضادة في أواخر شهر أوت قد نجح في استرجاع مواقع استراتيجية قرب مدينة خاركيف وفي جنوب البلاد مما أجبر الجيش الروسي على التراجع واخلاء عدد من القرى والمدن المحتلة. واعترفت موسكو بأنها أذنت بعملية «إعادة انتشار قواتها لدعم مقاطعة دوناتسك».
وذكر الرئيس زيلنسكي أن الهجوم المضاد ضد القوة الروسية والذي انطلق يوم 6 سبتمبر قد مكن من «استرجاع مدن بلاكلياو إيزيوم و كوبيانسك». وأضاف أنه في شهر جوان الماضي كانت 20% من الأراضي الأوكرانية تحت سيطرة موسكو بما فيها القرم ودونباس. وتضع خسارة مدينة كوبيانسك، التي توجد في طريق الإمدادات للقوى الروسية، الجيش الروسي في حالة حرجة. وهو ما يعطل قدرة موسكو على تقديم دعم مادي وعسكري ولوجستي لفيالقها المقاتلة في المنطقة، الشيء الذي يمكن أن يغير موازين القوى على الأرض في الأيام القادمة.
تداعيات الهجوم الأوكراني
وأكدت المخابرات البريطانية في تغريدة على شبكة «تويتر» ما صرحت به السلطات الأوكرانية. وذكرت أنها استعادت أكثر من 3100 كم مربع كانت تخضع للقوات الروسية. وأشارت الى أن الوضع الجديد سوف يهز من معنويات قوات موسكو المقاتلة لما أظهرته من قبل من عدم رضا عن مردود القادة الميدانيين وعلى ضبابية الإستراتيجية المتبعة. وأوردت بعض التقارير العسكرية أن آلاف الجنود الروس محاصرون في مقاطعة إزيوم التي استرجعها الجيش الأوكراني.
وأقر رئيس «الجمهورية الشعبية لدوناتسك» دوني بوشيلين أن « الوضع صعب» في منطقة دوناتسك المنعزلة. وقد قررت القيادة العسكرية الروسية إعادة نشر قواتها في المنطقة لحمياتها من الهجمات الأوكرانية. وهو ما انعكس في الخرائط اليومية التي تنشرها القيادة العسكرية الروسية في أوكرانيا والتي أظهرت تراجعا في عدة مناطق في الشمال والجنوب. وقد استرجعت قوات كييف، حسب تلك الخرائط الروسية، في اقل من أسبوع أكثر مما احتلته القوات الروسية منذ شهر أفريل الماضي.
وذكرت صحيفة «الإندبندانت» الأوكرانية أن إدارة المخابرات العسكرية أكدت قرار موسكو اقالة القائد العسكري الروسي للمنطقة الغربية، رومان بردنيكوف، وهو الذي قاد الحملة الروسية في سوريا، وذلك على خلفية اخفاقه في صد الجيش الأوكراني. وكان بردنيكوف قد عين على رأس الجيش الروسي في الغرب في 26 أوت الماضي. وهو مؤشر، إذا تحقق فعلا، على الصعوبات التي يلاقيها الجيش الروسي على ميدان القتال.
الدعم الغربي
منذ أن أطلق فلودوميرزيلنسكي الحملة المضادة لاسترجاع الأراضي والمدن المحتلة من قبل الجيش الروسي لم تتمكن الصحف العالمية من الاطلاع على استراتيجيات كييف في خوض ما سمته «الحملة المضادة» ضد لجيش الروسي. ومن المؤكد أن أركان الجيش لا تزال تعمل في تناغم كبير مع قوات الحلف الأطلسي والولايات المتحدة الأمريكية و أن عددا من الخبراء العسكريين الغربيين يعملون مع الأوكرانيين على تخطيط العمليات العسكرية وضمان المعلومات الميدانية عن تحركات الجيش الروسي ومواقعه بالاعتماد على صور الأقمار الصناعية والدرون والطائرات العسكرية المحلقة فوق الأراضي الأوكرانية.
وأعلنت واشنطن يوم 8 سبتمبر منح كييف دعما ماليا إضافيا ب 1،7 ميار دولار لشراء معدات عسكرية وذخيرة تحول مباشرة لمساندة الجيش الأوكراني في حملته ضد القوات الروسية. وسوف تمكن هذه المبالغ من الحصول على 4 مدفعيات 105 ملم وصواريخ مضادة للرادارات وذخيرةو 100 ناقلة إضافة إلى 50 سيارة اسعاف، حسب ما صرح به البنتاغون. وهي معدات تابعة للجيش الأمريكي الذي قام بتحويل معدات عسكرية أخرى تابعة له في 20 مناسبة منذ بداية الحرب.
كما أرسلت بريطانيا 120 حافلة لوجستية لنقل المدرعات. ووعد النرويج بمد كييف بما يقارب 160 صاروخا مضادا للدبابات من طراز «هيلفاير» ونظارات ليلية. من ناحيتها قررت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك القيام بزيارة مفاجئة يوم السبت الماضي للعاصمة الأوكرانية كييف من أجل دعم أوكرانيا. وصرحت للصحافة أن «ألمانيا سوف تواصل تقديم الدعم لكييف كلما اقتضت الحاجة لذلك بمدها بالأسلحة والدعم الإنساني والمالي.»
بالتوازي مع تصريحات البنتاغون، أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أن «دعم أوكرانيا لحقها الأساسي في الدفاع عن نفسها لن يضعف» وذلك على هامش اجتماع نظم في قاعدة رامشتاين العسكرية التابعة للجيش الأمريكي في ألمانيا أين تدار عمليات الدعم والتنسيق بين الحلفاء الغربيين. وشارك في الاجتماع المخصص لدراسة الوضع في أوكرانيا 50 ممثلا على الدول الداعمة الحليفة لكييف.
أصوات تنادي بوتين بالتخلي عن منصبه
أما على الصعيد الداخلي الروسي فإن تصريحات الرئيس فلاديمير بوتن في مدينة فلاديفوستوك جاءت معاكسة لما تقوله السلطات الأوكرانية والغربية. وعبر بوتن عن عزم روسيا على المضي في مخططاتها وحذر من مغبة حصول «كارثة» في محطة زابوريجيا النووية ردا على مطالبة الرئيس الفرنسي بسحب العتاد العسكري والأسلحة منها. ولازال بوتن يتمتع بدعم من الرأي العام الروسي حسب ما ورد في آخر سبر للآراء قامت به مؤسسة ليفادا التي أشارت إلى أن 75% من المستجوبين يدعمون الجهد العسكري الروسي حسب سبر آراء نشر في غرة سبتمبر (45% منهم يدعمون بدون تردد و30% بشيء من الاحتراز) وأنه، في المقابل، 44% يرغبون في الدخول في محادثات سلام.
ومع تواتر الأنباء حول الصعوبات الاقتصادية التي تراكمت في قطاع الصناعة، وخاصة صناعة السيارات والمعدات العسكرية، جراء سلسلة العقوبات الغربية، أطلق يوم الجمعة 9 سبتمبر بعض نواب المجالس البلدية في كل من موسكو وسان بطرسبورغ نداء للرئيس الروسي فلاديمير بوتن للتخلي عن مهامه، في خطوة غير مسبوقة. وأوردت وسائل الإعلام الغربية أن ديميتري باليوغا المستشار البلدي في سان بطرسبورغ الذي أطلق النداء في تغريدة على شبكة تويتر اعتبر أن فلاديمير بوتن مسؤول على «وفاة رجال روس وعلى الركود الاقتصادي الوطني وعلى هجرة الأدمغة من روسيا وعلى توسع منظمة الحلف الأطلسي نحو الشرق». وذكرت نفس الصحف أن الموقعين على النداء تم استدعاؤهم من قبل الشرطة للتحقيق معهم في المسألة.
وتأتي هذه الوقائع في ظروف يشهد فيها المجتمع الروسي انقساما حادا بين مساندي الحرب الذين هم في غالبيتهم في المناطق الداخلية للبلاد وفي القرى ويتواجد المعارضون يتواجدون في المدن الكبرى. ولو أن استطلاعات الرأي تشير إلى مساندة عريضة للحرب فإن التراجع المسجل في الاستطلاع الأخير يمكن أن ينذر بتحول في الرأي العام الداخلي سوف يشجع في الأسابيع المقبلة على تغيير استراتيجيات الكرملين تجاه الحرب في أوكرانيا والدخول في مفاوضات سلم من أجل الحفاظ على ما اكتسبته موسكو في «الحملة الخاصة» في أوكرانيا.
الجيش الأوكراني يستعيد 40 موقعا عسكريا من الروس في أقل من أسبوع: استرجاع مدن استراتيجية قرب خاركيف
- بقلم زين العابدين بن حمدة
- 09:50 13/09/2022
- 718 عدد المشاهدات
أعلنت السلطات الأوكرانية عن استرجاع أكثر من 40 موقعا كانت محتلة من القوات الروسية بعد أن أطلقت هجوما معاكسافي شمال وجنوب أوكرانيا