الهجوم الروسي على أوكرانيا يدخل يومه الرابع: الأيام القادمة ستحدد مصير كييف وشكل النظام الدولي الجديد

عاشت العديد من المدن الأوكرانية على وقع الهجمات الروسية العنيفة المتواصلة، فيما يحاول الأوكرانيون الصمود دفاعا عن عاصمتهم كييف. وتبدو الساعات القادمة حاسمة في تحديد مصير أوكرانيا برمتها،

وسيتم من خلالها، تحديد خارطة العلاقات الدولية الجديدة بعد هذه العملية الروسية التي أوقعت مئات

القتلى والجرحى في صفوف الأوكرانيين .
يحاول الجيش الأوكراني صدّ هجوم القوات الروسية على ثكناته في غرب كييف، وذلك في الوقت الذي أفادت فيه تقارير بأن القوات الروسية حاولت مهاجمة محطة تدفئة وتوليد مشتركة في أقصى شمال شرق المدينة على الضفة اليمنى لنهر دنيبرو فيما تواصل القوات الروسية التقدم باتجاه كييف من الشمال الغربي والشمال الشرقي وذلك من أجل قلب نظام ما بعد الحرب الباردة .
محادثات مرتقبة
يجد الرئيس الأوكراني نفسه اليوم يواجه وحيدا كل هذا الغضب والاستماتة الروسية للدفاع عما تعتبره موسكو عمقها القومي ومصالحها الاستراتيجية وارثها السوفياتي في وجه أطماع الغرب وطموحاته. وتتطلع الأنظار الى احتمال بدء محادثات محتملة مع موسكو لوقف هذا الهجوم وذلك عبر صفقة متكاملة تتحدد من خلالها موازين القوى في تلك المنطقة .
ومن المتوقع ان تكون العاصمة البيلاروسية مينسك المكان الأرجح لإجراء المحادثات. كما عرض وزير الخارجية المجري بيتر سيارتو استضافة المحادثات في بلاده.
ويصف بوتين المقاومين الاوكرانيين بـ«النازيين الجديد» متهما إياهم بارتكاب إبادة جماعية ضد الناطقين بالروسية في شرق أوكرانيا.
ولا يعترف بوتين بأوكرانيا كدولة مستقلة بل يرى أنها جزء اقتطع من روسيا، فيما يبحث الاوكرانيون عن مصالحهم بعيدا عن الهيمنة الروسية ويتطلعون الى الانضمام الى حلف شمال الأطلسي، الأمر الذي أثار غضب موسكو .
وتبدو مشاهد الآلاف من النازحين الهاربين من الحرب والتي نقلتها عدسات الكاميرا حول العالم إحدى أخطر تبعات هذه الحرب التي يدفع ثمنها المدنيون العزّل من دمائهم ومصائرهم ومعيشتهم . فقد تحدثت مفوضية شؤون اللاجئين في الأمم المتحدة عن نزوح أكثر من خمسين الف اوكراني من بلادهم في أقل من 48 ساعة اتجه جلهم نحو بولونيا ومولدافيا كذلك المجر ورومانيا وقد أحصت المفوضية أكثر من مئة الف نازح داخل اوكرانيا.
وسمحت مولدافيا لمن فروا من اوكرانيا بعبور الحدود مع مولدافيا بشكل آمن .
ضغوطات وعقوبات
ويسعى الغرب بقيادة الولايات المتحدة كذلك الأوروبيين للضغط على موسكو لوقف هذه الحرب من خلال تسليط سيف العقوبات الاقتصادية والتي بدأت بالفعل ، على غرار إدراج البنوك الروسية في القائمة السوداء وحظر صادرات التكنولوجيا. كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف ووزير الدفاع سيرغي شويجو ورئيس هيئة الأركان العامة فاليري جيراسيموف. وكان الاتحاد الأوروبي وبريطانيا قد جمدا في وقت سابق أي أصولا لبوتين ولافروف في أراضيهما. واتخذت كندا خطوات مماثلة. و قالت كندا والولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي إنهم قد يتحركون لاستبعاد روسيا من نظام سويفت للمدفوعات العالمية بين البنوك في جولة أخرى من العقوبات التي تهدف إلى وقف الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال مسؤولون أمريكيون وأوروبيون إن هذه الخطوة قد تحدث في الأيام المقبلة بعد أن خفف مسؤولون في ألمانيا وإيطاليا من معارضتهم لإقصاء روسيا من شبكة المدفوعات الدولية الرئيسية في العالم. ومن شأن هذه الخطوة إلحاق الضرر بالتجارة الروسية وستجعل من الصعب على الشركات الروسية القيام بأعمال تجارية. ونظام سويفت هو نظام مراسلة آمن تستخدمه البنوك لإجراء مدفوعات سريعة عبر الحدود وهو الآلية الرئيسية لتمويل التجارة الدولية. وقالت رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا إن استبعاد روسيا من نظام سويفت قد يكون جزءا من جولة أخرى من العقوبات.
وقال جوزيب بوريل منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي إن قرارا بشأن استبعاد روسيا من نظام سويفت قد يصدر في «الأيام المقبلة». وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي إن استبعاد روسيا من نظام سويفت «يظل خيارا مطروحا» وأكدت على أن الرئيس جو بايدن يفضل اتخاذ خطوات بالتنسيق مع الحلفاء.
وكشفت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان، إنه تم ادراج أسماء بوتين ولافروف والأعضاء الـ 11 في مجلس الأمن الروسي، بقائمة العقوبات. وقالت الوزارة في بيانها إن «الرئيس بوتين والوزير لافروف مسؤولان بشكل مباشر عن الغزو الروسي غير المبرر وغير القانوني لأوكرانيا، الدولة الديمقراطية ذات السيادة».
الا ان ذلك -بحسب عديد المتابعين- ستكون له تبعات على اقتصاديات العالم بالنظر الى الثقل الكبير الذي تمثله موسكو عالميا، فأوروبا نفسها لن تستطيع الصمود دون الغاز الروسي الذي يدفئ القارة العجوز .
الرهان العسكري
اما عسكريا ، فقد أعلن رئيس أركان القوات المسلحة الفرنسية الجنرال تييري بورخار أن فرنسا ستنشر 500 جندي في رومانيا في إطار حلف شمال الأطلسي إثر الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال بورخار في مقابلة مع إذاعة فرنسا الدولية ومحطة فرانس 24 إن «حلف شمال الأطلسي قرر أن يعزز وجوده وأن يبعث إشارة واضحة جدا على التضامن الاستراتيجي وأن ينشر قوات في رومانيا». وأكد أن فرنسا ستُبقي أيضا، في إطار الأطلسي، على وجودها العسكري في إستونيا المتاخمة لروسيا، إلى ما بعد مارس، وذلك «في ضوء الوضع الذي يمر به الحلف الأطلسي اليوم والوضع المتأزم والحرب في أوكرانيا».
ولئن أعلن حلف الناتو عزمه نشر قوات الرد التابعة له للمرة الأولى شرقي أوروبا، على خلفية العملية العسكرية الروسية ضد أوكرانيا ، فلا يبدو ان هناك أية نية أوروبية أو امريكية للتورط في حرب أوكرانيا ، وان أقصى ما يمكن ان يذهب اليه الغرب هو العقوبات الاقتصادية او تقديم عرض على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي باللجوء السياسي ومغادرة كييف ، بحسب ما ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية ، او اضاءة معالم بريطانيا باللون باللونين الأصفر والأزرق تعبيرا عن التضامن مع أوكرانيا، وتنديد بغزو روسيا لجارتها.
وفي خضم كل ذلك، تبدو موسكو تستعد لتسجيل تقدم ميداني عسكري جديد لها ، يضاف الى جملة الحروب التي خاضتها خلال العشرية الأخيرة، وذلك بعد أن دخل بوتين بكل ترسانته وثقله العسكري في هذا الرهان العسكري ليس فقط ضد كييف بل أيضا في مواجهة محور الغرب ليقلب النظام الدولي الراهن .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115