من مالي وذلك اثر أزمة بين البلدين اسفرت على تعطيل العمليات العسكرية وطرد السفير الفرنسي من باماكو. وكان الرئيس الفرنسي مصحوبا في الندوة الصحفية بالرئيس السنغالي ماكي سال الذي يرأس الإتحاد الإفريقي والرئيس الغاني نانا أكوفو-أدو الذي يمثل المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال. وجاءت الندوة الصحفية بعد لقاء في باريس بين الرئيس ماكرون ومجموعة من زعماء منطقة الساحل الإفريقي الذين تداولوا حول الوضع في المنطقة وتداعيات الانسحاب الفرنسي.
وقع الاختيار على هذا الشكل في الندوة الصحفية التي ضمت زعماء من بلدان تتوخى النهج الديمقراطي لغاية عزل مالي التي تحكمها طغمة عسكرية أبطلت الانتقال الديمقراطي بانقلاب عسكري غير موازين القوى في المنطقة. وكانت السلطات العسكرية المالية قد أدارت ظهرها للتعاون مع قوات «برخان الفرنسية» التي تنشر 3000 جندي في التراب المالي لمقاومة الحركات الجهادية وقوات «تاكوبا» الأوروبية التي تساعد في تكوين الجيش المالي وتساهم في العمليات العسكرية. واستبدلت مالي المساعدة الأوروبية بقوات مرتزقة لمنظمة «فاغنار» الروسية المدعومة من الكرملين مقابل رخص استغلال بعض المواد الطبيعية المالية وتدريب وحدات عسكرية مالية وضمان أمن السلطة الحاكمة.
وخلف الحضور العسكري الفرنسي في منطقة الساحل الإفريقي، منذ 2013، 53 قتيلا من بينهم 48 سقطوا في مالي. وأعلن الرئيس ماكرون أن بلاده سوف تغلق القواعد العسكرية الثلاث التي لا تزال موجودة في مالي وذلك يتطلب من 4 إلى 6 أشهر. وأفادت هيئة الأركان للجيش الفرنسي أن بين 2500 و3000 جندي فرنسي سوف يبقون في منطقة الساحل الإفريقي وسف يقوم الجيش الفرنسي بإعادة نشر قواته في باقي بلدان الساحل الإفريقي حيث يتمتع بقواعد عسكرية في تشاد والنيجر وساحل العاج والسنغال.
قطيعة وتنديد
جاء في خطاب الرئيس الفرنسي تنديد واضح باللجوء للمرتزقة الروس الذين، حسب تقييمه، يشملون 800 شخص. وندد باللجوء للمرتزقة الذين «يعملون على استغلال البلدان كما هو الشأن في ليبيا وفي افريقيا الجنوبية». واعتبر أن السلطات المالية لا تريد تنظيم انتخابات، بل البقاء في الحكم بعد أن قامت بانقلابين عسكريين في 2020 و2021.
وحصلت باريس على مساندة الإتحاد الأوروبي الممثل في شخص شارل ميشال رئيس المجلس الأوروبي. وتعتبر أوروبا الممثلة في قوات «تاكوبا» أنها سوف تقيم مدى إمكانية مواصلة عمليات التكوين من عدمها في مالي مع إعادة نشر قواتها خارج مالي، وهو ما عبر عنه وزير خارجية أوروبا جوزيببوريل إثر الندوة الصحفية. وتبقى مسألة معاضدة قوات «مينوسما» الأممية مفتوحة. إذ تقوم فرنسا بضمان أمن القوات الأممية وعددها 13 ألف جندي. ويعتقد الخبراء العسكريون أن فرنسا لن تنسحب تماما، بل أنها سوف تبقي على قوات مخابرات للتثبت من تطورات الوضع في علاقة بأمن باقي البلدان الساحلية.
النيجر محور إعادة انتشار القوات الفرنسية
وعبر الرئيس ماكرون عن عزم فرنسا على مواصلة مقاومة الحركات الجهادية بسبب تغيير استراتيجيات القاعدة وداعش وانتقال مجموعاتها نحو جنوب وشرق المنطقة. وهو ما أسفر إلى إعادة انتشار القوات الفرنسية التي سوف تبقي على 2500 أو 3000 جندي فقط جلهم في النيجر التي أصبحت الحلقة الأساسية للقيادة العسكرية. وكان الرئيس ماكرون قد اتفق مع محمد بازوم رئيس النيجر المنتخب لتركيز القوى الفرنسية في قاعدة على الحدود مع مالي يعتبر أهم قاعدة جوية فرنسية في المنطقة وتحضن 800 جندي.
وتعتزم باريس اقتراح مساعدتها العسكرية للسنغال وساحل العاج ودول خليج غينيا وهي المناطق التي تتجه إليها مجموعات مقاتلة مسلحة تابعة لتنظيمي القاعدة وداعش والتي أصبحت تهدد استقرارها. ورغم الإرادة الفرنسية أكد الزعماء الأفارقة على صعوبة مواجهة الحركات الإرهابية والمتنقلة وفقدان الجيوش الإفريقية للقدرات القتالية الكافية والعتاد العسكري المتطور. وتلك احدى المسائل المطروحة في جدول أعمال القمة الأوروبية الإفريقية التي انتظمت في بروكسل لدراسة العلاقات المستقبلية بين الجانبين وسبل تطويرها من أجل التصدي للمخاطر الحالية والعمل على مساعدة الدول الإفريقية للخروج من الأزمة الخانقة المتأتية من مخلفات جائحة كورونا.