قال الإعلامي والمحلل السياسي مصطفى الطوسة في حوار لـه مع «المغرب» أنّ عدم الدخول في مواجهة عسكرية يعني أنّ التشنج والتوتر على الحدود الروسية الأوكرانية سيظل سيد الموقف ريثما تتوصل وساطة ربما أوروبية إلى نزع فتيل الأزمة من خلال ضمان أنّ أوكرانيا لن تكون عضوا في حلف الأطلسي.
وأضاف أنّ «بايدن يعتبر فلاديمير بوتين خصمه العسكري وان الصين خصمه الاقتصادي والاستراتيجي» بالتالي يريد ساكن البيت الأبيض من خلال عملية شدّ الحبال أن يظهر للعالم -والأمريكيين خاصة- أنّه قادر على الدخول في عملية تحدّ من أجل إظهار قوة أمريكا ودورها في المنطقة.
• أولا لو تقدمون لنا قراءة في تطوّرات الأزمة الروسية الأوكرانية ،وماهي احتمالات نشوب حرب بين الطرفين ؟
يبدو أنّ النبرة الحربية والمأساوية تأتي من جانب الإدارة الأمريكية مقارنة بدول الإتحاد الأوروبي ذلك ان الإدارة الأمريكية وانطلاقا من تقارير استخباراتية خاصة بها تعتقد أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستعدّ لاجتياح أوكرانيا وبالتالي نشوب الحرب .
هذه الفرضية التي تحدث عنها جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأمريكي لا نجد صداها في دول الاتحاد الأوربي خاصة منها الدول التي قامت بوساطة مع بوتين وهي فرنسا وألمانيا ويوجد في العواصم الأوروبية انطباع حول وجود تشنج لكننا لسنا على وشك الدخول في حرب ومواجهة عسكرية ساخنة .
التساؤل المطروح حاليا: ماهي المقاصد التي تقف وراء الموقف الأمريكي بتصعيد اللهجة وممارسة لهجة تخويف وهي تصرفات وصفتها الدبلوماسية الروسية بأنها استفزازية وأنها «نوع من الهذيان السياسي»؟. ما الهدف من هذا الموقف الأمريكي الذي يتهم صراحة بوتين بأنه سيقوم بحرب ضد أوكرانيا ؟ هل ان القصد التصعيد الإعلامي واتخاذ نبرة مأساوية من أجل منع بوتين من اتخاذ هذه الخطوة العسكرية، أم أنّ هناك سياسة وأخرى تتبعها واشنطن لإبراز قدرتها وإظهار أنها مستعدة لكل السيناريوهات بما في ذلك المواجهة العسكرية وحسب قراءة أولية في هذه الأزمة نتبيّن أن الحليف الأمريكي زعيم منظومة الحلف الأطلسي يقرع طبول الحرب ويتبنى لغة حربية أكثر من حلفائه الأوروبيين.
• هناك من يرى أن الصدام قائم أساسا بين أمريكا وروسيا ،كيف ترون العلاقات الروسية الأمريكية وانعكاس ذلك على الأزمة الراهنة؟
نعم المواجهة حاليا بين الولايات المتحدة وروسيا ومنذ وصول جو بايدن إلى الحكم في أمريكا كانت هناك لغة تحد تجاه فلاديمير بوتين وتجاه موسكو، بالمقارنة مع سياسة المهادنة والى حدّ كبير التواطؤ في العلاقات الأمريكية الروسية التي لاحظناها في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب .
ويعتبر بايدن أن خصمه العسكري هو فلاديمير بوتين وان خصمه الاقتصادي والاستراتيجي الصين ويريد بايدن من خلال عملية شدّ الحبال أن يظهر للعالم وللأمريكي بالخصوص أنّه قادر على الدخول في عملية تحدّ من أجل إظهار قوة ودور أمريكا في المنطقة .
لذلك رغم أنه يقتصر في الحديث عن عقوبات اقتصادية حاسمة ضدّ موسكو إلا أنّ مواجهة التحدي مع فلاديمير بوتين قد يكون هدفها الأساسي بعث رسائل لقوى أخرى تتحدى الولايات المتحدة الأمريكية، وأقصد بذلك الصين التي تتحدى واشنطن في منطقة الـ«الأندو باسيفيك -ando pacific» بطريقة شمولية في الاقتصاد العالمي، هل يريد بايدن أن يكشر أنيابه تجاه بوتين لتفهم الصين مدى استعداده للدخول في مواجهات سياسية واقتصادية وعسكرية هامة؟ يمكن القول أنّ هذه هي الرسالة التي يمكن أن نستنتجها من هذه المواجهة الروسية الأمريكية.
• أي دور يلعبه حلف الناتو في المشهد الحالي ؟
يعيش الحلف الأطلسي مرحلة حرجة لأنه يعي تماما أن لديه الوصفة السحرية لإيقاف هذا التشنّج وهذا التوتر وهذا السباق نحو الحرب ونحو المواجهة العسكرية . هذه الوصفة السحرية تتمثل في الإعلان على عدم النية ضم أوكرانيا إلى حظيرته والى عائلته الأطلسية. هذا هو الشرط الأساسي المطلوب من قبل فلاديمير بوتين.. لكن لسوء حظ الأخير رغم أنّ كل القوى المكوّنة للحلف الأطلسي تعي تماما أن إمكانية ضمّ أوكرانيا خط أحمر صعب لا يمكن تجاوزه ، إلاّ أن العائلة الأطلسية لا يمكن لها تقديم هذا التعهّد الخطي فهذا يعني أنها ترضخ للشروط والضغوط الروسية لذلك ستبقى في منطقة رمادية لا هي تضمّ أوكرانيا للحلف الأطلسي ولا هي ستمتنع رسميا عن ضم كييف .. ومن ثمة بما أننا لم ندخل في مواجهة عسكرية سيبقى التشنج والتوتر على الحدود الروسية الأوكرانية سيد الموقف ريثما تتوصل وساطة أوروبية إلى نزع فتيل الأزمة عبر ضمان أن أوكرانيا لن تكون عضوا في حلف الأطلسي.
• كيف ترون تأثيرات العقوبات التي هددت بها الولايات المتحدة وأوروبا موسكو؟
عندما نقرأ المواقف الأمريكية والأوروبيّة لا نجد أثرا لمقاربة عسكرية ولحرب مع روسيا.. يتحدث الكل عن فرض عقوبات اقتصادية صارمة.. يبدو أن زيارة المستشار الألماني الى البيت الأبيض وخلال الاتصالات بين الأوروبيين والأمريكان تم فيها التوصل إلى صيغة هذه العقوبات الاقتصادية التي من المفترض أن تكون موجعة للإقتصاد الروسي . أولها إخراج موسكو من منظومة ‹›سويفت البنكية الدولية›› التي تتعامل بالدولار . إخراج روسيا من هذه المنظومة قد يتسبب لها في خسائر اقتصادية موجعة جدا اما العقوبة الثانية التي يخشاها الجميع والتي ستكون لها هزّات على مستوى الإقتصاد العالمي تجميد أنبوب «نورد ستريم 2» الذي يورد الغاز الروسي إلى أوروبا .. هذا القرار وهو قرار خطير ستكون له انعكاسات على الإقتصاد الروسي وستكون له تأثيرات على دول أخرى تبحث عن موارد أخرى للغاز غير الغاز الروسي من اجل الحصول على الكهرباء ..وهذا يعطينا لمحة عن المتغيرات الإستراتيجية والجيو-استراتيجية التي يمكن أن تتسبب فيها هذه الخطوات.
إدارة بايدن والاتحاد الأوروبي مستعدان لاتخاذ هذه الخطوات التي يعتبرانها رادعة لبوتين، السؤال المطروح الآن هو هل يخشى بوتين مثل هذه القرارات أم أنه سيتحداها ويقوم باجتياح جزء من أوكرانيا دون أن يكترث بهذه العقوبات الإقتصادية؟.
الإعلامي والمحلل السياسي مصطفى الطوسة لـ«المغرب»: «امتلاك الناتو للوصفة السحرية لإيقاف التصعيد وهي التعهّد بعدم ضمّ أوكرانيا إلى عائلته الأطلسية»
- بقلم وفاء العرفاوي
- 11:28 15/02/2022
- 756 عدد المشاهدات
• «تكشير بايدن عن أنيابه تجاه بوتين لتفهم الصين مدى استعداده لشنّ مواجهات سياسية واقتصادية وعسكرية هامة»