لأول مرة في تاريخ ألمانيا ، بالتناصف وتشمل 8 نساء و 8 رجال. وكانت «الترويكا الألمانية» قد تمكنت من الاتفاق حول برنامج حكومي يوم الإثنين 6 ديسمبر يحتوي على 177 صفحة من التوجهات العريضة التي تشكل محتوى السياسات المتبعة خلال الأربع سنوات القادمة. وينطلق مشوار أولاف شولتس على رأس الحكومة الألمانية إثر تصويت البوندشتاغ و تعيينه يوم 8 ديسمبر من قبل الرئيس الفدرالي فرانك - ولتار ستانماير.
وقد اعتبرت الصحافة الألمانية أن المستشار الجديد أظهر «قوة قرار» في تعيين أعضاء الحكومة فاجأت الجميع، حسب صحيفة «در شبيغل»، باختياره اسناد مناصب سيادية لوزيرات واختيار شخصيات برزت على الساحة الإعلامية خلال جائحة كورونا. لم تلق بعض التسميات استحسان عدد من المسؤولين داخل الحزب الاشتراكي بسبب عدم احترام توزيع المسؤوليات للانتماءات الجهوية والحساسيات السياسية المختلفة.
«زمن النساء»
وركزت وسائل الإعلام الألمانية والعالمية على التناصف في الحكومة لأول مرة في تاريخ البلاد وعلى اسناد حقائب وزارية مهمة للنساء رغم الانفتاح السابق على تولي النساء، مثل أنجيلا ميركل، لمسؤوليات عليا. وركز الإعلام الألماني على تكليف كريستين لامبريشت، وزيرة العدل السابقة، بوزارة الدفاع وكذلك تعيين نانسي فايزر كأول امرأة على رأس وزارة الداخلية. وذهب منصب وزيرة الخارجية لزعيمة الخضر أنالينا باربوك. خمس حقائب إضافية منحت لشخصيات نسائية في التربية وشؤون العائلة، والمناخ، والنمو، والإعمار. وهي مهام حيوية تتماشى والاختيارات التي رسمها الأحزاب الثلاثة للسنوات القادمة. وصرح المستشار الجديد أولافشولتس أنه «فخور بأن تصبح النساء على رأس وزارات لم تسند عادة للنساء». وكانت تعليقات الصحافة الألمانية تصب في اتجاه أن الحكومة الجديدة تمثل «زمن النساء» وأن ذلك يشكل تغييرا نوعيا على ما كانت عليه إدارة أنجيلا ميركل للشأن العام.
«قنبلة سياسية»
وتعلق التعيين الآخر الذي اعتبرته صحيفة «دي فالت» بمثابة «قنبلة سياسية» تعلق بتكليف الطبيب كارل لوترباخمن الحزب الاشتراكي الديمقراطي على رأس وزارة الصحة. ولئن اعتبر أولافشولتس أن اختياره يتماشى مع «رغبة جل الألمان» إلا أن الصحيفة اعتبرت أن «تعيين لوترباخ استفزاز حقيقي» لمواقفه من صلابة ووضوح في أجواء تفشي فيروس كورونا في كل الأوساط.
وكان الطبيب لوترباخ المختص في الأمراض المعدية قد تربع على بلاتوهات التلفزيونات الألمانية خلال الجائحة وأصبح من المختصين المشهورين في ألمانيا باقتراحاته المخالفة لما اعتمدته الحكومة من إجراءات لمقاومة الجائحة. ويعتبر لوترباخ أن مقاومة فيروس كورونا تمر حتما عبر فرض إجبارية التلقيح واتخاذ إجراءات صارمة ولو تحد من الحريات لمقاومة الفيروس. وتأتي اقتراحاته في أجواء حاشدة من المظاهرات ضد التلقيح من قبل مجموعات متزايدة في المجتمع.
برنامج للمستقبل
ويتسم البرنامج الحكومي الموقع من قبل الأحزاب الثلاثة التي تشكل الائتلاف بانفتاحه على المستقبل. إذا يركز على مقاومة الجائحة المستفحلة في البلاد والعمل الجاد للتحول الإيكولوجي بدون احداث شرخ في النسيج الصناعي الذي هو دعامة الاقتصاد الألماني. ويقترح البرنامج سياسات لفائدة الفئات الضعيفة من ذلك الرفع في الأجر الأدنى بصورة ملموسة ودعم السكن والصحّة والتعليم وهي توجّهات «اشتراكيّة» تحت رقابة الليبراليين الحريصين على عدم فرض ضرائب إضافيّة. على المستوى الخارجي، لوحظ تغيّر جوهري في إقرار الانتماء إلى اتحاد أوروبي «سياسي» مع اقتراح التحوّل إلى نظام فدرالي أوروبي وهي تغيير في المنهج الذي اعتمدته أنجيلا ميركل. ولو أنّ باقي المسائل المتعلقة بالهجرة والعلاقات مع روسيا والصّين سوف تسلك نفس المسلك السابق مع بعض التعديلات الطفيفة. الموقف الأوروبي للحكومة الجديدة سوف يعزز الثنائي الفرنسي – الألماني الذي يطمح إلى تعميق سياسة الاندماج خاصة بعد توقيع فرنسا وإيطاليا مؤخرا اتفاقا استراتيجيا في نفس الاتجاه. مع بداية رئاسة فرنسا للاتحاد الأوروبي في غرة جانفي القادم، سوف تجد الحكومة الألمانية الجديدة أوجها عديدة للتلاقي مع البرنامج السياسي الذي عبر عنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لرئاسة الإتحاد.