في التوصل إلى اتفاق بين حركة طالبان والحكومة الأفغانية يسمح باستقرار الوضع. وقد أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن أن دورة التفاوض بين الطرفين في الدوحة قد فشلت وانسحب المفاوضون الأفغان دون اتفاق واضح على المرحلة الانتقالية القادمة. ونبهت عديد المنظمات الحقوقية من الوضع الكارثي للنساء في صورة استيلاء حركة طالبان على السلطة.
في نفس الوقت ندد الرئيس الأفغاني أشرف غاني بالتدخل العسكري الباكستاني لمناصرة طالبان بمنحها دعما جويا في المناطق التي تريد التحكم فيها. وهو ما جعل البلدين يستدعيان سفرائهما «للتشاور» وذلك رمز دبلوماسي لأزمة مفتوحة تدخل فيها اعتبارات إقليمية تنبني أساسا على التحكم في طرق المخدرات التي تنتجها الجهات التابعة لنفوذ طالبان. وتعتبر اسلام اباد أفغانستان منطقة توسع نفوذها منذ اندلاع الحرب على أفغانستان عام 1979 و تشكيل تنظيم القاعدة برعاية أمريكية سعودية وبلدان أوروبا.
وقررت الدول المشاركة في التحالف الأطلسي تمكين مساعديها الأفغان -وجلهم من المترجمين – الذين شاركوا في عملياتها الميدانية والاستخباراتية من الهجرة المنظمة نحو الولايات المتحدة والدول الأوروبية. ومع حلول شهر أوت يعتقد أن تتمكن نساء ورجال المجموعات الأفغانية الداعمة من الإفلات من قبضة طالبان على أن تدخل في مرحلة الاندماج في البلدان الحاضنة.
عودة إلى الوراء في وضع النساء
منذ أن سقط حكم طالبان قامت السلطات الأفغاني المركزة على إدارة الدولة بعمليات ادماج للنساء الأفغانيات في التعليم والشغل إلى أن وصلت اليوم نسبة تعليم البنات إلى 40%. وتمكنت عديد من النساء من دخول سوق الشغل خاصة في القطاعات العمومية وفي الشرطة والجيش، وهي عمليات كان هدفها تحسين وضع النساء ورفع المظلمة عليهن الناتجة عن سياسات طالبان المرتكزة على الشريعة الإسلامية والتي أقصت النساء من التعليم ومن العمل.
ويفتح عدم توصل الحكومة الأفغانية إلى اتفاق مع طالبان الباب أمام عودة الحركة الإسلامية بثقافة العنف والموت التي أشهرتها منذ سنوات في مقاومتها للقوات الأمريكية الغازية وحلفائها الأفغان. لم ينجح المبعوث الأمريكي للمنطقة زلماي خليلزاد في تقريب وجهات النظر رغم المفاوضات في الدوحة ولقائه بالجنرال عمر جواد بجوى رئيس أركان الجيش الباكستاني. اليوم وقد أصبحت كبرى المدن الأفغانية على مشارف مقاتلي طالبان يعتقد الملاحظون أن سيناريو عام 1996 إثر انسحاب القوى السوفييتية من أفغانستان وصعود طالبان الى السلطة سوف يتكرر وتكون النساء أولى الضحايا من التطبيق الصارم والعنيف للشريعة الإسلامية على أيادي المقاتلين.
وضع إقليمي متجدد
مع قرار الانسحاب من أفغانستان وعمل الولايات المتحدة على إرساء نوع من «التفاهم» مع طلبان الذي شاركت فيه الإدارة الأمريكية منذ 2020 موعد انطلاق المفاوضات في الدوحة بين طالبان – التي لازالت واشنطن تعتبرها حركة إرهابية – وممثلي الحكومة الأفغانية المنتخبة، يدخل الوضع الإقليمي في مرحلة جديدة-قديمة أرجعت باكستان إلى حلبة النزاع. وهو ما يخدم سياسة واشنطن الحليف الأول لإسلام أباد.
بعض المراقبين العسكريين أشاروا إلى تمركز قوات للقاعدة وداعش في أفغانستان وأن مخابرات البلدان المشاركة في الحرب على أفغانستان بين 1979 و1989 تعمل على استغلال الوضع الجديد لفائدة استراتيجياتها لمقاومة المد الشيعي. صعود اليمين الديني الراديكالي إلى رئاسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية يشكل رهانا جديدا لإدارة جو بايدن التي ترغب في الرجوع إلى الاتفاق النووي مع فرض بنود تتعلق بالصواريخ البالستية. الاعتماد على مجموعات مقاتلة تحت السيطرة لبث البلبلة داخل إيران تشكل ضغطا إضافيا على إيران التي تتقاسم مع أفغانستان شريطا حدوديا هاما وتفضي إلى ارتياح المملكة السعودية دون نفقات إضافية. استراتيجية سوف تصبح النساء فيها، بكل المقاييس، ضحية جانبية في حرب إقليمية غير مضمونة.