فضيحة تجسس نظام «بيغاسوس» الإسرائيلي: تحقيق في إمكانية التجسس على الهاتف الجوال للرئيس الفرنسي

نشرت مجموعة من 17 وسيلة اعلام عالمية من بينها صحيفة «لوموند» الباريسية و«راديو فرنسا» التي تشارك في «مشروع بيغاسوس»

تقريرا يفضح عمليات التجسس على شخصيات سياسية وصحافيين ومسؤولين حكوميين وحقوقيين في عديد البلدان. وشاركت منظمة «أخبار ممنوعة» و«المخبر الأمني» التابع لمنظمة العفو الدولية في كتابة التقرير المفصل، بعد تحقيقات دامت سنوات، حول عمليات التجسس عبر المنظومة الإسرائيلية في عشرين دولة منها المملكة المغربية والهند والمكسيك والمجر والمملكة العربية السعودية ورواندا وأذربيجان.

وحسب التقرير قامت إدارات المخابرات في البلدان المعنية بالتجسس عبر «نظام بيغاسوس» الإسرائيلي على الهواتف الجوالة لشخصيات سياسية حكومية وبرلمانية وصحفيين ومحامين وناشطين في المجتمع المدني ومعارضين سياسيين. وذكرت منظمة العفو الدولية أنها تمكنت من معاينة 50000 رقما هاتفيا في قائمات التجسس. ويأتي على رأس القائمة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزيره الأول السابق إدوار فيليب و14 وزيرا من حكومته. وهو ما فتح الباب أمام بوادر أزمة بين البلدين تحاول العاصمتان باريس والرباط التقليل من تداعياتها لما للبلدين من علاقات حميمة متطورة.

استهداف الصحافة والمعارضة والحقوقيين
ذكر التحقيق الفضيحة أن الدول التي اشترت «نظام بيغاسوس» قامت بالتجسس على الصحافة وعلى المعارضين والحقوقيين منذ 2016. ومكن النظام الإلكتروني من التجسس عن بعد على 180 صحفيا و600 شخصية سياسية و85 حقوقيين و 65 رئيس مؤسسة اقتصادية في عديد البلدان. لكن أخبار صحيفة «لوموند» ركزت على الشخصيات الفرنسية لما لها من رمزية ووقع في صفوف الفئات المعنية. وجاءت في مقدمة الضحايا أسماء مرموقة من صحيفة «لوموند» و«ذي غارديان» اللندنية و«واشنطن بوسط» وعدد من مديري وسائل الإعلام.
وذكر التقرير أن صحافيين من «لو كانارأنشيني» ومدير موقع «ميديابارت» إدويبلينال والصحفي المشاكس إريك زمور من «لوفيغارو» وصحفيين آخرين من وكالة الأنباء الفرنسية و فرانس تيلفزيون و»تس أس أف جاز» و جريدة «لومانيتي» الشيوعية تم التجسس على هواتفهم. وجاء في التقرير أن المكسيك قامت بالتجسس على 15000 رقما من بينها رقم هاتف المعارض سيسيليوبينيدا الذي تم اغتياله. كما أن المجر قامت بالتجسس على عدد كبير من الصحفيين. وأحدث نشر الخبر تعاطفا مع ضحايا التجسس وغضبا واسعا في صفوف وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية. واعتبرت أنياس كلامار، الأمينة العامة لمنظمة العف الدولية أننا «لا نتحدث هنا عن بعض الدول الصعاليك، بل عن استخدام واسع للمنظومة الإليكترونية الجاسوسة من قبل عشرين دولة على الأقل».

دور الشركة الإسرائيلية
شركة «أن أس أو» الإسرائيلية التي بعثها الثلاثي نيف كارمي وشاليفهوليو وأمري لافي تصنع نظاما إلكترونيا متطورا للتجسس عن بعد منذ 2009. وقامت الشركة، حسب ما صرح به ناطقها الرسمي، بتسويق المنظومة إلى 40 دولة في العالم و60 حريفا. وهي في مجملها تمثل الإدارات الحكومية للتجسس (51%) وأجهزة الأمن والقضاء (38%) والجيوش (11%). وتستخدم هذه الأجهزة نظام التجسس لمراقبة الإرهابيين والمجموعات الإجرامية العابرة للقارات. وهي تمكن من التنصت عن بعد للمكالمات التلفونية حال انطلاقها بدون أن يشعر الحريف بذلك. ولها قدرة فائقة على اختراق النظم المشفرة وهواتف»أندرويد» وكذلك هواتف شركة»أبل» التي سوقت فكرة أنها غير قابلة للخرق.
ومن بين الدول التي اشترت هذا النظام الإسرائيلي – المدعوم من قبل الحكومة الإسرائيلية – عدد من الدول العربية التي طبعت مع الكيان الصهيوني مثل المغرب وبعض دول الخليج. وصرح مسؤول عن الشركة الإسرائيلية أنه لا علم له بالتجسس على هاتف الرئيس الفرنسي وأن كل الدول المتعاقدة مع الشركة ملزمة قانونيا بتقديم بياناتها في صورة فتح تحقيق في عمليات خارجة عن نطاق القانون. وهو ما يمكن من ملاحقة الدول التي تخرج عن نطاق التقاعد الأصلي.

المملكة المغربية في قلب العاصفة
وتتصدر المملكة المغربية قمة الدول المنعوتة بالأصبع لما لحجم التجسس المقدم من قبل مجموعة الصحف التي قامت بنشر التقرير. وذكر التقرير أن هاتف الرئيس ماكرون ووزيره الأول ومجموعة من الوزراء تم ادراجها في قائمة التجسس من قبل المخابرات المغربية. وصرح قصر الإيليزي لجريدة «لوموند» أنه «إذا ثبتت هذه الأعمال فانها تعتبر خطيرة جدا. وسوف نسلط الأضواء كاملة على هذه الأنباء». وذكرت الجريدة أن الرئيس الفرنسي استعمل الهاتف الجوال المعني منذ 2017 وأن الهاتف الجوال لعمدة «إيفري سان دو ني» في الضاحية الباريسية تم إدراجه في القائمة بسبب منحة قيمتها 5000 يورو قدمها المجلس البلدي لإعانة أطفال صحراويين.
من ناحية أخرى كانت منظمة العفو الدولية قد نشرت عام 2020 أخبارا حول التجسس على الصحفي المغربي عمر الرادي عبر «نظام بيغاسوس» , هذه المرة قائمة ارقام الهواتف الجوالة أعطت مكانا لمدير أخبار اليوم توفيق بوعشرين الذي يرزح في السجن لمدة 30 عاما بتهمة الاغتصاب بعد محاكمة غير عادلة حسب منظمة العفو الدولية قام خلالها شهود عيان بتغيير شهاداتهم معتبرين أن تصريحاتهم انتزعت منهم غصبا من قبل المحققين.
وردت السلطات المغربية بالنفي لكل التهم متحدية الصحف والمنظمة الحقوقية بتقديم أي معطى أو حجة على ادعاءاتها. لكن جريدة «لوموند» أكدت ردا على الرباط أن نظام التحقق في الأخبار و التقاريرالمعتمد من قبل منظمة العفو الدولية تم تأكيد صحته من قبل مخبر المواطنة التابع لجامعة تورونتو المتخصص في نظم التجسس و في «نظام بيغاسوس» بالذات.

المملكة السعودية وتداعيات مقتل الصحفي جمال خاشقجي
الدولة العربية الثانية المدرجة في فضيحة التجسس هي المملكة العربية السعودية التي ثبت للمحققين أنها استخدمت «نظام بيغاسوس» الإسرائيلي للتجسس على هاتف الصحفي الراحل جمال خاشقجي الذي تم اغتياله في 2 أكتوبر 2018 داخل قنصلية المملكة بإسطنبول واتلاف جثته. وذكر التقرير كذلك أن هواتف جوالة إضافية على ملك أقرباء من جمال خاشقجي تم اغتيالهم يوجدون في قائمات التجسس من قبل المخابرات السعودية.
وجاء في نفس التقرير أن رجل الأعمال الأمريكي الملياردير جاف بيزوز صاحب شركة «أمازون» تم التجسس عليه من قبل المخابرات السعودية عام 2018 باستخدام النظام الإسرائيلي «أن أس أو». ونفت السلطات السعودية الأنباء المتعلقة بها ولم تؤكد شراءها للنظام الإسرائيلي.

تحقيقات ومجلس أمني فرنسي استعجالي
بعد نشر نص دبلوماسي من قبل الرئاسة الفرنسية أعلن قصر الإيليزي عن دعوة مجلس أمن خارق للعادة واستعجالي ليوم الخميس 22 جويلية من أجل «دراسة قضية «بيغاسوس» و مسألة الأمن الإلكتروني.» وهي خطوة خارقة للعادة من قبل الرئيس الفرنسي الذي عبر، شأنه شأن عدد من أعضاء الحكومة الفرنسية، عن «غضبه» من هذه الوقائع إذا ثبتت صحتها. وأعلن غابريال أتال الناطق الرسمي باسم الحكومة أن «رئيس الجمهورية يتابع القضية عن كثب وانه يأخذها موقع الجد».
وقال الوزير الأول الفرنسي جون كاستاكس أنه أذن بـ«فتح عدد من التحقيقات» من أجل توضيح قضية «بيغاسوس». وأعلن المدعي العام بباريس عن فتح تحقيق في مسألة التجسس، من قبل المغرب، على صحافيي «موقع ميديابارت». وذكرت جريدة «لوموند» أن عددا من الشخصيات المعنية مثل رئيس البرلمان الأسبق فرنسوا دي روجي وبعض الوزراء وعددا من نواب المعارضة قرروا تقديم شكايات للوصول إلى حقيقة الأمر. وبالرغم من نفيها للاتهامات و اعلان الرباط عن فتح تحقيق في الموضوع الا ان الصحف المشاركة في عملية فضح التجسس بدأت في تحقيقات إضافية منها أن راديو فرانس أشار إلى إمكانية ضلوع مدير المخابرات المغربي، عبد اللطيف حموشي المولع بالنظم الإلكترونية، في عملية التجسس في ظروف تشير إلى انتشار عمليات التنصت إلى هواتف الحاشية المقربة للملك محمد السادس. إندلاع الأزمة بداية لمسلسل اعلامي سوف تستغله الصحافة العالمية في كل البلدان المعنية من أجل القضاء على مثل هذه الأنظمة الإجرامية والتي تحد من الحريات.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115