علما وأن محور هذه المباحثات -التي من المقرر عقد جولة ثانية منها- إرساء آلية بديلة لمعاهدة حظر التسلح النووي التي انسحبت منها أمريكا مع وصول الرئيس الحالي دونالد ترامب إلى الحكم.
وقال المبعوث الأمريكي لمحادثات الحد من التسلح النووي أمس الثلاثاء إنّ روسيا والولايات المتحدة تأملان في عقد جولة ثانية من المحادثات في فيينا حالما كان ذلك ممكنا من الناحية العملية ربما في أواخر جويلية أو أوائل أوت.وقالت وسائل إعلام البلدين أنّ ترامب وبوتين اتفقا على تشكيل مجموعات عمل فنية «متعددة» وإن عقد اجتماع ثان سيعتمد على حدوث تقدم في هذا الصدد.ولئن يرى مراقبون أن عدم التوصل إلى اتفاق يعوض المعاهدة المثيرة للجدل لا يعني بالضرورة حربا قائمة بين البلدين إلاّ انه سيفتح دون شك الباب أمام سباق تسلح خطير بين الدول العظمى سيحمل تداعيات خطيرة على الجانبين وحلفائهما من جهة أخرى .
وقال المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون السيطرة على الأسلحة مارشال بيلينجسلي أمس الثلاثاء إن الصين ملزمة بالانضمام إلى محادثات الأسلحة الإستراتيجية مع الولايات المتحدة وروسيا، والتي بدأت في فيينا هذا الأسبوع، على خلفية جهود بكين لتعزيز ترسانتها النووية.
وتمحورت المباحثات التي احتضنتها فيينا حول استراتيجية جديدة قد تشمل استبدال معاهدة «نيو ستارت» للحد من الأسلحة الإستراتيجية التي ينتهي العمل بها في فيفري من العام المقبل.وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وفق تقارير قد دعا الصين مرارا للانضمام للولايات المتحدة وروسيا في هذه المحادثات لكن الصين رفضت اقتراحات ترامب.وكانت الولايات المتحدة انسحبت من معاهدة مهمة للصواريخ النووية التي أبرمتها مع روسيا، واتهمت موسكو بانتهاك المعاهدة وهو أمر نفاه الكرملين.
تعقيدات جديدة
وكان إعلان الولايات المتحدة عن الانسحاب من معاهدة القوى النووية متوسطة المدى رسميا ، قد أثار الكثير من الجدل والاتهامات التي وجهتها أمريكا لروسيا بانتهاك بنود الاتفاقية الشهيرة التي تمّ توقيعها للحدّ من التسلح النووي منذ الحرب الباردة. وكان الرد الروسي قاسيا هذه المرة ،إذ أعلن الكرملين على لسان رئيس البلاد فلاديمير بوتين بدوره انسحاب موسكو رسميا من الاتفاقية ردّا على الخطوة الأمريكية متعهدا بالبدء في إنتاج صواريخ جديدة بينها واحد أسرع من الصوت.
وأثار هذا التصعيد ردود فعل دولية قلقة وسط مطالب بضرورة إرساء مبادرة جديدة لضبط التسلح في العالم، ويرى مراقبون ان انسحاب الطرفين من هذه الإتفاقية التاريخية الهامة فتح جبهة صدام جديدة بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا في وقت تتّسم فيه العلاقات بين البلدين باحتقان وتوتر مستمر. وتقضي المعاهدة الدولية التي وقعت بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية عام 1987 بحظر تصنيع الصواريخ متوسطة المدى التي تطلق من قواعد أرضية بمدى يترواح من 500 إلى 5,500 كيلومتر.
ويأتي هذا التصعيد بعد اتهامات وجهتها الإدارة البيضاوية للكرملين بانتهاك المعاهدة وتطوير صواريخ متوسطة المدى ، ويرى متابعون أن هذا الانسحاب المثير للجدل هو الثالث في سجل الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب بعد انسحابه أولا من الاتفاق النووي المبرم بين الغرب وإيران عام 2015 ثم انسحاب أمريكا من معاهدة باريس للمناخ التي وقعتها 195 دولة في العام ذاته.
ويرى مراقبون أن بوادر الفشل رافقت مباحثات فيينا وقد تؤثر بدورها على المحادثات المزمع عقدها أيضا في جويلية أو أوت المقبلين،إذ يعتمد الجانبان الأمريكي والروسي على عدة عوامل أخرى لمهاجمة بعضهما البعض بدءا بالدور الروسي الذي تلعبه موسكو في سوريا والتقارب الصيني الايراني الروسي وأيضا أزمة ضم شبه جزيرة القرم وما خلفته الخطوة من عزلة اقتصادية حادة فرضها الغرب ضد موسكو . ولعل الأهم في هذه الخطوة الأمريكية هو وجود مخاوف كبيرة لدى إدارة ترامب من اكتساب روسيا قدرة صاروخية تتيح لها شن هجوم على دول في حلف الناتو خلال فترة قصيرة وهو ما اعتبرته واشنطن انتهاكا صريحا للاتفاق المبرم منذ 31 عاما .