وقد تخلل العنف بعض هذه التحركات، وذلك رفضا لحادثة مينيابوليس بولاية مينيسوتا، والتي تمثلت في قتل الشرطة لمواطن أمريكي من أصل أفريقي جورج فلويد، بعد ان جثا ضابط بركبته على عنقه.
ويرى مراقبون أن الوضع العام في أمريكا يشهد تطورات متسارعة فإلى جانب هذه الإحتجاجات التي قد تمس في جوهرها من نتائج سباق الانتخابات الرئاسية المرتقبة في الولايات المتحدة الأمريكية في شهر نوفمبر المقبل ، يعتبر مراقبون أن «زلات» ترامب قد تزايدت بعد أن اعتبر البعض تصريحه حول الحادثة «تغذية للعنف».
ففي نيويورك، تجمع آلاف المحتجين عند مركز باركليز، وألقت الشرطة القبض على عشرات المحتجين في المظاهرة الضخمة التي شهدتها منطقة بروكلين.وشارك نحو 1000 شخص في احتجاج بمدينة اتلانتنا، التي شهدت أعمال عنف، حيث اندلعت النيران في وسط المدينة قرب مقر شبكة سي.إن.إن الإخبارية.
وانتهك مئات المحتجين في مينيابوليس حظرا للتجول وتجمعوا في الشوارع حول مركز للشرطة أضرمت فيه النيران في الليلة الماضية. وفي مدينة ديترويت، انضم مئات المحتجين إلى «مسيرة ضد وحشية الشرطة» خارج مقر السلامة العامة بالمدينة ورددوا «لا عدالة لا سلام».
كما اندلعت احتجاجات مماثلة في مدن دنفر، حيث تم إغلاق أحد الطرق .وفي هيوستن ولويزفيل بولاية كنتاكي، دارت اشتباكات في الوقت الذي كان فيه عدد من السكان يطالبون بالعدالة لبريونا تايلور وهي امرأة سوداء قتلتها الشرطة داخل شقتها في شهر مارس.
وشهدت واشنطن بدورها تظاهر مئات الأشخاص، مساء الجمعة، خارج البيت الأبيض تعبيرا عن غضبهم بعد مقتل فلويد.
وخلال تجمّعهم أمام البيت الأبيض، طالب المتظاهرون بـ«العدالة لجورج فلويد»، ملوحين بشعارات بينها «توقفوا عن قتلنا» و»حياة السود مهمة».وكان ممثل للادعاء العام في ولاية مينيسوتا أعلن في وقت سابق أن السلطات ألقت القبض على ضابط الشرطة الذي جثا على عنق فلويد، وذلك بعد 3 ليال من احتجاجات عنيفة هزت مدينة مينيابوليس.
ترامب «يبرر العنف»
وفي وقت سابق، وصف ترامب في تغريدته المثيرة للجدل المشاركين في أعمال الشغب في مينياوبوليس بأنهم «مخربين»، وتوعد بأن السلطات الفيدرالية ستأخذ الوضع تحت السيطرة، محذرا من أنه «عندما تبدأ أعمال النهب يبدأ إطلاق النار» وهو بالفعل ماحصل إذ سقط قتيل في مظاهرات إحدى الولايات.
وأثار هذا الموقف العنصري انتقادات داخلية كبيرة وسط اتهامات للرئيس الجمهوري بتغذية العنف. ويأتي موقف ترامب في ظل توتر بينه وبين منصة «تويتر» للتواصل الأجتماعي والتي وضعت علامة مميزة إلى جانب تدوينات ترامب تدعو إلى ضرورة التثبت من المعلومات الواردة فيها قبل تداولها، وهو ما أثار حفيظة ترامب الذي وقع، أمرا تنفيذيا يهدف إلى إلغاء بعض جوانب الحماية القانونية الممنوحة لشركات التواصل الاجتماعي.وتتيح الخطوة للجهات التنظيمية سلطة الملاحقة القضائية لشركات مثل فيسبوك وتويتر بسبب سياسة مراقبة المحتوى على منصاتها.وقال ترامب، أثناء توقيع الأمر، إن منصات وسائل التواصل الاجتماعي تتمتع بـ «سلطة لا حدود لها». ومن المتوقع أن يفضي الأمر التنفيذي إلى اعتراضات قانونية.
«زلات» ترامب
كما يعيش ساكن البيت الأبيض في هذه الفترة مرحلة حساسة وسط اتهامات لإدارته باعتماد استراتيجية فاشلة جعلت البلاد تتصدر قائمة الدول من حيث انتشار عدد ضحايا الوباء 104542 ألف وفاة وأيضا من حيث عدد الإصابات مليون و793530 ألف حالة من جملة أكثر من 6 ملايين حالة إصابة وهي أعلى حصيلة بين الدول.
ويتهم الأمريكيون ترامب بالتراخي في التعامل مع الوباء بعد أن قلل من شأنه في البداية قبل أن يتفشى مثل النار في الهشيم ويزيد من الضغوط المفروضة على إدارته ، إذ يرى البعض أن تباطؤ ترامب في فرض قيود شاملة في البلاد ساهم في تفشي الجائحة.
كما كشف هذا الوباء عن تدهور الواقع الصحي في أمريكا خاصة وأن هذا الملف يعد من أساسيات الحملات الإنتخابية لمنافسي ترامب .
وبسبب وباء كورونا احتدم التوتر بين أمريكا والصين بعد اتهامات من ترامب بتصنيع الصين للفيروس في مختبراتها وهو ماتنفيه بكين. وتبعا لذلك أعلن ترامب عن قطع علاقة بلاده كليا مع منظمة الصحة العالمية في خطوة أثارت انتقادات الدول الأوروبية باعتبار أن واشنطن من بين أهم الداعمين ماليا لهذه المنظمة الدولية ،وذلك احتجاجا على ما اعتبرته توطؤا بين المنظمة والصين .
وقد قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الجمعة إنه بصدد إنهاء علاقة الولايات المتحدة مع منظمة الصحة العالمية بسبب طريقة تعاملها مع أزمة فيروس كورونا، مضيفا أن المنظمة صارت دمية في يد الصين.
وخلال حديثه في البيت الأبيض مضى ترامب في تنفيذ تهديداته المتكررة بوقف التمويل الأمريكي للمنظمة والذي يصل إلى مئات الملايين من الدولارات سنويا.وقال إن منظمة الصحة العالمية فشلت في إجراء الإصلاحات التي طالب بها في وقت سابق من الشهر الجاري.
خطاب مُكرّر وتعهدات قديمة
يشار إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن في جوان المنقضي عن بدء حملته الانتخابية لفترة رئاسية ثانية 2020 وسط حشد من مناصريه في ولاية فلوريدا، وكان ترشّح الرّئيس الأمريكي الحالي متوقعا بعد انتزاعه الفوز في مرة اولى من منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون . ويرى مراقبون أنّ ترامب سيسعى خلال حملته الانتخابية الثانية الى التركيز على الملفات التي طرحها قبل توليه الرئاسة والتي لم تشهد حسما على غرار ازمة الهجرة غير الشرعية والجدار الحدودي مع المكسيك.
ويرى متابعون أن الانتخابات المقبلة التي ستجري بعد اربع سنوات من العهدة الرئاسية الاولى لترامب، انها تأتي في شكل استفتاء على انجازات ساكن البيت الابيض وتقييم لسياسة ادارته الداخلية والخارجية خلال عهدته الاولى التي شهدت مدا وجزرا كبيرين. ويهدف الجمهوريون الى انجاح ترامب رغم الانقسامات الداخلية التي باتت تقسم حزب رئيس البيت الأبيض ، في ظل أزمة كبرى عاشها الحزب وكانت سببا في استقالة عدد لا يستهان به من حكومة ترامب بين مستشارين وزراء ومسؤولين مقربين من إدارته .
كما تزيد الاحتجاجات في البلاد وصعوبة السيطرة على الوباء من صعوبة المهام المطروحة أمام الرئيس الجمهوري الحالم بعهدة رئاسية ثانية.