الإتحاد الأوروبي يشرع في نسج مشروعه الجديد: ميزانية أوروبية جماعية دون البريطانيين

إنتهت القمة الأوروبية التحضيرية الجمعة الماضي بإطلاق المشاورات في إعادة هيكلة المشروع الأوروبي

على ضوء خروج بريطانيا منه بموفى ربيع 2019. و إن حجبت المسألة السورية محتوى هذه القمة بمناداة أنجيلا ميركل و إيمانويل ماكرون الرئيس الروسي بوتين بالموافقة على نص مجلس الأمن المتعلق بوقف إطلاق النار في سوريا، فإن الدول الأعضاء بدأت فعليا في رسم الخطوط الأولى لموازنة للإتحاد الأوروبي التي تغطي نفقاته للخمس سنوات القادمة.
ثلاثة محاور في جدول أعمال الزعماء الأوروبيين تم تدارسها تعلقت بميزانية الإتحاد و توزيع مقاعد بريطانيا في البرلمان الأوروبي والقائمات متعددة الجنسيات لانتخابات عام 2019 المتعلقة بالبرلمان الأوروبي. حسب القوانين الأوروبية التي تمنع التداين لا بد للدول الأعضاء من التوصل إلى تخفيض 13 مليار يورو سنويا التي تساوي المساهمات البريطانية. وقد حصلت نقاشات داخل المجلس في هذا الشأن خرجت في عديد المرات على الأساليب التقليدية المعهودة.

احترام المبادئ و القيم الأوروبية مقابل الدعم
ذكر الرئيس الفرنسي بشدة في مداخلته أن الحق في تلقي الدعم المالي الأوروبي لا بد أن يكون مشروطا باحترام القواعد و القيم المشتركة من قبل الدول الأعضاء في إشارة واضحة لبولونيا والمجر التي يعتبرها ماكرون مارقة على الصف في خصوص احترام مبادئ الديمقراطية. واعتبر ماكرون أن «إيقاف دفع المساعدات يصبح بديهيا عندما لا يحترم البعض القيم» المشتركة. وأضاف قائلا:«عندما نفكك أوروبا، عندما نستعمل التمويلات الأوروبية للدعم المالي غير المشروع نعتبر المساهمين في التمويل أغبياء». وكان هذا الخطاب موجها للرئيسين المجري فيكتور أوربان و البولوني ماتوز مورافيكي.
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل المتعافية من مراطون تشكيل الحكومة اصطفت مع الرئيس الفرنسي في نقدها لقادة الدول الشرقية الأعضاء الذين يريدون التنصل من التزاماتهم كدول أعضاء في مواضيع اللجوء ومستوى الأجور والدعم للشركات. واعتبرت ميركل أن «التضامن لا يكون من جهة واحدة».

ملف دعم الزراعة
المحور الثاني المهم بالنسبة للدول الأوروبية هو ميزانية السياسة الزراعية المشتركة التي تخصص لها أوروبا 40 % من مجمل النفقات إضافة الى ثلث الميزانية الراجع إلى دعم الجهات و البنية التحتية و التي تستفيد منه في الدرجة الأولى دول شرق أوروبا. و كان موقف الدول المانحة مثل فرنسا و ألمانيا و هولندا حازما تجاه شرق أوروبا. مما جعل الملاحظين يرون في بداية سلسلة المشاورات بعد البريكست مؤشرا لتصدع عميق في صفوف الدول الأعضاء.
بولونيا تستوعب 80 مليار يورو من المساعدات سنويا . وهو ما يجعلهما عرضة لتقشف المفوضية الأوروبية التي لزم أن تقلص الميزانية العامة ب 13 مليار يورو سنويا. مع رغبة هذه الدول عدم الإلتزام بدولة القانون، فتحت أوروبا بابا لمحاسبة بولونيا استنادا للبند السابع لأتفاقية الشراكة الذي يمنح المجلس الأوروبي قدرة على تسليط العقوبات اللازمة ضد البلد غير الملتزم.

إنتخابات أوروبية ساخنة
انتخابات البرلمان الأوروبي المبرمجة لربيع 2019 شكلت موضوعا خلافيا آخر خلال القمة حيث لم يحظ المقترح الفرنسي بتشكيل قائمات انتخابية متعددة الجنسيات بقبول عديد الدول بما فيها الدول الشرقية التي تخشى ذوبانها في قائمات تطغى عليها الدول الأكبر عددا بالنسبة للسكان. وهو ما جعل الرئيس ماكرون يصعد في اللهجة في مواضيع احترام المعاهدات المتعلقة باستقبال اللاجئين وباحترام الموازين العامة.

لكن على صعيد آخر قبلت معظم الدول فتح باب المشاورات في الجهات في خصوص المشروع الأوروبي التي سبق و أن اقترحها الرئيس الفرنسي على نظرائه. ماكرون الذي لا يتمتع بأي نائب في البرلمان يراهن على نجاح مفترض في الانتخابات القادمة ليكون له وزن صلب البرلمان يساعده على تمرير آرائه في إعادة نحت أوروبا. في انتظار ذلك، يسعى ماكرون إلى إرجاء انتخاب رئيس جديد للمفوضية الأوروبية عوضا عن جون كلود يونكر المنقضية ولايته إلى حين ينتخب البرلمان الجديد. ولكن في هذا الموضوع أيضا لا يوجد توافق على المستوى الأوروبي. مرحلة أولى في المفاوضات سوف تكون لها بالتأكيد حلقات أخرى ساخنة لما لحجم المصالح من تأثير على القرارات المشتركة و لما للبلدان الصغيرة من تخوف من تغول الدول الكبرى على مفاصل القرار الأوروبي.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115